قال المراسل ستيفن ديلاهانتي إن أكثر من مليون شخص في شمال شرق سوريا مهددون بتفش واسع لفيروس كورونا، بعدما قطعت المجموعات المدعومة من تركيا إمدادات المياه عن منطقة هي أصلاً متضررة بشدة من نزاع استمر ما يقارب العقد من الزمن.
وكتب في صحيفة “بايلاين تايمس” البريطانية الشهرية، أن القوات التركية بدأت باحتلال المناطق السورية المحاذية لحدودها بعدما انسحبت منها الولايات المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وتشمل المنطقة محطة مياه علوك في الجانب الشرقي من مدينة رأس العين، التي تشكل مصدراً ضخماً للمياه التي يستخدمها سكان العديد من المناطق المحيطة مثل الحسكة وتل تمر إضافة إلى مخيمات النازحين.

استهداف تركي ممنهج
منذ بداية السنة، قطعت المجموعات المدعومة من تركيا المياه عن المنطقة بشكل متكرر وطردت العمال من المحطة لتعزيز نفوذها أثناء مطالبتها السلطات الكردية المحلية بتأمين الكهرباء لمناطقها. ووثق مركز معلومات روج آفا غير الربحي الاستهداف الممنهج للبنى التحتية الصحية والمائية من قبل قوات الاحتلال التركي.
يعني غياب الاعتراف الدولي بمنطقة الإدارة الذاتية أن منظمة الصحة العالمية، ترفض دعمها بطريقة مباشرة. وحتى الجمعة الماضي، تم الإبلاغ عن وفاة بسبب فيروس كورونا إضافة إلى حوالي 12 إصابة، لكن النقص في منشآت الكشف الصحي يرجح أن يكون الرقم الفعلي أعلى بكثير.

قدرات طبية ضعيفة
عقب الحرب على داعش والاحتلال التركي، بقي مستشفيان سليمان من القصف من أصل 11 كما لا يزال هنالك 26 مركزاً صحياً عاملاً من أصل 279. ولا يوجد في المنطقة سوى خمسة أجهزة اختبار للكشف عن الإصابة بالفيروس. كذلك، ليس هنالك سوى جهاز تنفس واحد لكل 10 آلاف شخص وتتوقع السلطات الكردية وفاة ما لا يقل عن 10% من الموجودين في مخيمات اللاجئين ومراكز الاعتقال.

«لن نموت عطشاً»
شرحت الرئيسة المشاركة لمديرية مياه محافظة الحسكة سوزدار أحمد أن الإدارة تعمل على محطة بديلة للاستخدام حين تقطع تركيا المياه من علوك.
وقالت: “نهدف إلى حفر 50 بئراً. رغم أنها لا تستطيع أن تكون بديلاً لعلوك بشكل كامل، لن يخاطر شعبنا بالموت عطشاً. حفرنا بئراً للاختبار ووجدنا أن المياه تطابق المعايير الدولية للشرب.
لكن هذا المشروع سيكون قادراً على إنتاج 30% فقط من قدرة علوك التي تخدم 1.2 مليون شخص. إنها بديل مؤقت، في الوقت الذي تقطع فيه تركيا تدفق المياه».

فقر مائي
تنصح منظمة الصحة العالمية بتأمين عشرين لتراً من المياه للفرد الواحد يومياً، لكن سكان المنطقة حصلوا على سبعة لترات للفرد يومياً حتى قبل تفشي الجائحة.
وأضافت أحمد أن “المحافظة على النظافة هي أساس حماية أنفسنا من فيروس كورونا. إذا لم تكن هنالك مياه، ولا يستطيع الناس التنظيف فهذا يخلق فرصة ليتفشى فيروس كورونا في منطقتنا. بدأنا عمليات كبيرة من التنظيف والتطهير حين ظهر فيروس كورونا في المنطقة، لكن لسوء الحظ ليس لدينا ما يكفي من الماء لمواصلة هذه الجهود بمجرد توزيعها على الجميع في المنطقة المتضررة».
أضاف ديلاهانتي أن هيومن رايتس ووتش دعت السلطات التركية إلى فعل ما بوسعها فوراً لاستكمال إمداد المنطقة بالمياه من خلال محطة ضخ علوك.
وقالت إن فشل السلطات التركية في تأمين الإمدادات المناسبة من المياه إلى المناطق التي يسيطر عليها الأكراد في شمال شرق سوريا، يقوض قدرة الوكالات الإنسانية على الاستعداد وحماية المجتمعات الضعيفة خلال أزمة كورونا الجديد.
وقال نائب مدير برنامج الشرق الأوسط في المنظمة مايكل بايج إنه “وسط جائحة عالمية ترهق الحوكمة المعقدة وأنظمة البنية التحتية، قطعت السلطات التركية إمدادات المياه عن المناطق الأكثر تعرضاً للضغط في سوريا».

خرق القانون الدولي
لم ترد الحكومة التركية على طلب الصحيفة الحصول على تعليق حول الموضوع. لكن وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان وقوانين الحروب، على جميع الأفرقاء المنخرطين في الحرب حماية كل الوسائل التي لا يمكن الاستغناء عنها لنجاة المدنيين من بينها تلك الضرورية لتأمين النظافة وتوزيع المياه.
ويجبر القانون الدولي لحقوق الإنسان الحكومات وسلطات الأمر الواقع على احترام حق الناس في الوصول إلى المياه النظيفة.

جريمة حرب
دعا الباحث في مركز روج آفا للمعلومات توماس ماكلور منظمة الصحة العالمية للعمل مباشرة مع الإدارة الذاتية لتوفير أجهزة الاختبار والتنفس والسماح للمنظمات غير الحكومية العاملة في مجال الإغاثة بالوصول إلى خطة الاستجابة الإنسانية العالمية لمكافحة الجائحة.
وقال: “على تركيا وقف قطع تدفق الماء من محطة علوك للمياه فوراً تاركة ما يصل إلى مليون شخص بلا إمكانية وصول إلى مياه شفة نظيفة، لأن هذا يشكل جريمة حرب وسيفاقم تأثير فيروس كورونا في المنطقة»