خلال الحلقة الشبابية دور السياسات في حماية الطبيعة
شباب الإمارات يناقشون تعزيز دور الدولة في حماية الطبيعة والكائنات المهددة بالانقراض محلياً وعالمياً
انطلاقاً من حرصهم على طرح رؤيتهم وتقديم الحلول المبتكرة في العديد من الملفات الحيوية التي ترتبط بمستقبل الإمارات والعالم، ناقش شباب الإمارات أمس سبل وآليات تعزيز دور الإمارات في الجهود الدولية لحماية الطبيعة والكائنات المهددة بالانقراض في الإمارات والعالم خلال حلقة شبابية افتراضية بعنوان “دور السياسات في حماية الطبيعة - تصور الشباب للحياة بعد كوفيد 19” التي نظمتها المؤسسة الاتحادية للشباب بالتعاون مع جمعية الإمارات للطبيعة عبر برنامج زووم.
وشهدت الجلسة حضور معالي رزان خليفة المبارك المرشحة لرئاسة الاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة، وليلى مصطفى عبداللطيف المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة، والدكتور فريدريك لوناي المدير العام لصندوق محمد بن زايد للمحافظة على الكائنات الحية، بالإضافة إلى عدد من الشباب من مختلف إمارات الدولة.
وناقشت الجلسة الدور المحوري العالمي الذي تلعبه دولة الإمارات في الحفاظ على الأنواع المهددة بالانقراض، خاصة مع التعافي الناجح للأنواع على حافة الانقراض، وذلك من خلال جهودها التي تلعبها انطلاقاً من كونها مركزاً عالمياً للتجارة الدولية في الحد من التجارة غير المشروعة للحيوانات البرية الحية. وتناولت الجلسة كيفية تعزيز دور الإمارات كأحد أبرز اللاعبين الدوليين في هذا المجال، وكيفية مشاركة الشباب في جهود حماية الطبيعة وضمان بقاء الكائنات الحية.
وقالت معالي شما بنت سهيل المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب رئيسة مجلس إدارة المؤسسة الاتحادية للشباب: “إن القيادة الرشيدة حريصة على مشاركة الشباب الإماراتي في دعم جهود دولة الإمارات في الحفاظ على الطبيعة والكائنات الحية المهددة بالانقراض والتي تتجلى في التعاون مع مختلف المنظمات العالمية المعنية والدول الصديقة، ودورنا هو أن نلقي الضوء على تلك الجهود أمام الشباب الإماراتي من أجل إعدادهم لتولي هذا الملف في المستقبل واستكمال جهود الدولة والنجاحات التي أحرزتها في هذا الصدد محلياً وعالمياً، وكذلك المساهمة الفاعلة في تحقيق أهداف التوازن البيئي والحفاظ على كوكب الأرض».
وأضافت معاليها: “يمتلك الشباب الإماراتي المعرفة والعلوم والخبرات التي تؤهلهم للعب دور أكبر بجانب شباب العالم في الحفاظ على الطبيعة، وإبراز دورهم في إيجاد الحلول وتقديم الرؤى العملية التي تبرز جهود الإمارات وتعزز قوتها الناعمة في جميع أنحاء العالم».
وقال سعادة سعيد النظري مدير عام المؤسسة الاتحادية للشباب: “نحرص في المؤسسة الاتحادية للشباب على إشراك الشباب الإماراتي لمناقشة مختلف الموضوعات التي تحظى باهتمام محلي وعالمي، من أجل تشجيعهم على التفكير النقدي والمزيد من البحث والدراسة والعمل على إيجاد حلول لمختلف التحديات، وذلك في إطار استراتيجية المؤسسة إلى تأهيل الشباب ليكونوا قادة في المستقبل».
وأضاف سعادته: “إن الشباب الإماراتي له دور مهم في مختلف القضايا التي تحظى باهتمام دولة الإمارات، ويتمتع بثقافة العمل بروح الفريق الواحد مع مختلف شباب المنطقة والعالم. ولعل قضية المحافظة على الطبيعة من أهم الملفات المطروحة، والتي يتطلع من خلالها الشباب الإماراتي إلى المساهمة برؤية مبتكرة لدعم هذا الملف الحيوي الذي يؤثر على حياة الكائنات الحية والبشر».
افتتحت ليلى مصطفى عبداللطيف الجلسة بالترحيب بالحضور والتأكيد على الجهود التي تبذلها جمعية الإمارات للطبيعة بالتعاون مع مختلف الجهات المحلية والعالمية المعنية وتبادل الخبرات من أجل الوصول إلى أفضل آليات الحفاظ على الطبيعة والحياة البرية في دولة الإمارات والعالم. مشيرة إلى أن أزمة انتشار وباء كورونا المستجد “كوفيد 19” كان له العديد من التأثيرات والفرص التي ينبغي أن نستغلها لصالح الطبيعة والحياة البرية وبناء منظومة عالمية جديدة تضع الطبيعة على رأس أولوياتها من أجل حياة الإنسان والكائنات التي تعيش على كوكب الأرض.
وخلال الجلسة، قامت معالي رزان خليفة المبارك إن دولة الإمارات تعد نموذج عالمي يحتذى به في الحفاظ على الطبيعة والحياة البرية، حيث تعمل القيادة الرشيدة على ترسيخ مبادئ المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان يؤمن بأن الطبيعة هي جزء من إرث الإمارات وحافظ على مقومات الطبيعة حتى أثناء بناء المدن الحديثة وتشييد المشروعات الوطنية.
وقالت معاليها: “تمتلك القيادة الرشيدة الرؤية الحكيمة نحو الحفاظ على الطبيعة وتؤمن بأن العدالة بمفهومها الشامل تعني العدالة الاجتماعية والعدالة للطبيعة. ونحن دورنا أن نغرس هذا المبدأ في نفوس الشباب والأجيال القادمة، وترسيخ مفهوم أن الإنسان والطبيعة ليسا بمعزل عن بعض، وأن الطبيعة هي الضامن لدوام صحتنا وعافيتنا، لأن أغلب الفيروسات والبكتيريا التي أصابت البشر خلال العقود الأخيرة كانت نتاج عبث الإنسان بالحياة البرية».
وأضافت معاليها: “إن العالم الجديد بعد أزمة كورونا ينبغي أن يعي أن الاقتصاد وصحة الإنسان مرتبطان بالطبيعة، ويجب أن تكون الطبيعة محوراً للاقتصاد الجديد. بالإضافة إلى ذلك ينبغي تفعيل آليات الدبلوماسية الخضراء والتي ترتكز على إدارة منظومة التعاون الدولي من أجل توحيد الجهود وخلق نظام متكامل قائم على مبادئ احترام الطبيعة وعدم هدر الموارد والحفاظ على البيئة والحياة البرية».
وتابعت معاليها: “إن الشباب تقع عليهم مسؤولية كبيرة ولهم دور محوري في قيادة منظومة العمل الجديدة للحفاظ على الطبيعة والحيوانات المهددة بالانقراض من خلال جهود بسيطة منها تغيير أنماط الاستهلاك تجاه المنتجات التي تعتمد على مواد مصنوعة من أعضاء الحيوانات وموارد الطبيعة، وكذلك عليهم تبني مفهوم الوظائف الخضراء التي تحافظ على البيئة ولا تتسبب في هدر الموارد على المدى الطويل».
كما نوهت معاليها إلى أن هناك العديد من الجهود المبذولة في العالم للحفاظ على البيئة والطبيعة، وأنه قد اثبتت التجارب والدراسات أن المناطق الت تمت إدارتها بواسطة المجتمعات المدنية أظهرت نتائج أكثر إيجابية تجاه الطبيعة والحياة البرية، وهو ما ينبغي من خلاله تفعيل دور الشباب في هذا الإطار.
ومن جهته، أكد الدكتور فريدريك لوناي إن نحو 8 مليارات شخص يعيشون في العالم ويتشاركون معاً الطبيعة، وهناك الكثير من يظن أنه بمعزل عن الطبيعة ولا يتأثر بها، مشيراً إلى أن الواقع غير ذلك تماماً فالطبيعة والبشر متحدان ويتأثران ببعضهما البعض.
وقال لوناي: “إن الإنسان هو من يحتاج الطبيعة وليس العكس، فالطبيعة قادرة دائماً على التعافي. ولكن ينبغي علينا أن نعطي للطبيعة الوقت والمساحة والمكان للتعافي والتأقلم مع المتغيرات التي يصنعها الإنسان مثل التغيرات المناخية والكوارث الطبيعية المصاحبة لأنشطته الصناعية والاقتصادية».
واستشهد لوناي بدولة الهند التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار شخص، ولكنهم يحترمون الطبيعة وفق عاداتهم وتقاليدهم، حيث أوضح أن الهند تمتلك نحو 18% من النمور في العالم، وفي بعض الدول هي مهددة بالانقراض، موضحاً إن المحافظة على الطبيعة لابد وأن تكون ثقافة نابعة من الشعوب الذين ينبغي أن يدركوا أنهم جزء من تلك المنظومة وليسوا خارجها.
وأشار لوناي إلى أن الإنسان استهلك الطبيعة والحياة البرية من خلال المنتجات والسلع التي تعتمد على المواد الطبيعية، بجانب استغلال الموارد في توفير الطعام وتوليد الطاقة. مؤكداً أنه لا مانع من استغلال الطبيعة ولكن ضمن نهج مستدام يراعي حقوق الكائنات الحية في العيش وسط بيئتها الطبيعية.
وتابع لوناي: “إن على الحكومات حول العالم أن تعمل على منح الطبيعة الوقت الكافي والمكان المناسب للتعافي من خلال التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية وتغليظ عقوبات التعدي على الحياة الطبيعية والبرية، بجانب تقليل استهلاك الموارد وإيجاد بدائل مصنعة أكثر مرونة في الاستخدام وتكون صديقة للبيئة”. مشيراً في هذا الصدد إلى أن أغلب أنماط الاستهلاك ليست تقليدية، بل إنها حديثة وليست ضرورية نظراً لارتباطها بأنماط الأكل والموضة والرفاهية في العصر الحديث.
كما أشار لوناي إلى أن تعامل الإنسان مع الثروة الحيوانية لابد أن يتغير، ويبغي التوجه إلى تناول الخضروات وبدائل غذائية بنسبة أكبر على حساب اللحوم، وكذلك ينبغي تغيير ثقافة الاستحواذ على أكبر عدد من الماشية، لأنها في بعض المجتمعات تعتبر ثروة ووجهة اجتماعية ومظهراً للتفاخر.
وشارك الشباب الحضور في الجلسة من خلال استعراض التحديات التي خلفتها أزمة كورونا “كوفيد 19” في العالم، مثل توقف النشاط الاقتصادي وما صاحبه من انتشار للفقر والتباعد الاجتماعي، وتغير أنماط الاستهلاك. حيث أكد الحضور على أهمية دور الشباب من رواد التواصل الاجتماعي في تغيير أنماط استهلاك المجتمع لتكون أكثر مراعاة للطبيعة والبيئة.
كما شارك الشباب بطرح مجموعة من الحلول للتحديات بعد أزمة كوفيد 19 من أجل تعزيز الحياة البرية منها، استغلال الطائرات بدون طيار على نطاق واسع لمراقبة الطبيعة والحياة البرية والإبلاغ عن أية أنشطة غير مشروعة والإنذار في حال وقوع الكوارث الطبيعية، بجانب ضرورة تسهيل الدول الحصول على البيانات والوصول إليها في كل دول العالم من أجل تبادل الخبرات والحلول لصالح الطبيعة، بالإضافة إلى التوجه نحو التعافي الاقتصادي من خلال تطبيق آليات الاقتصاد الأخضر، وتعزيز دور التكنولوجيا في الحد من هدر الموارد، والتوجه نحو الوظائف الخضراء في سوق العمل.
كما أشار الشباب إلى مجموعة من الحلول التي من الممكن تطبيقها في دولة الإمارات لتعزيز دورها في الحفاظ على الطبيعة منها، التوسع في زراعة أشجار المانجروف في الطرقات السريعة ووسط الأحياء والمدن الجديدة وبطول سواحل الدولة للمحافظة على البيئة ولتكون موطناً للطيور المهاجرة.
كما أشار العديد من الشباب إلى إن الحفاظ على الحيوانات البرية هي أولوية لحكومة الإمارات، وينبغي إتاحة الفرصة للشباب في المشاركة في تصميم وتنفيذ حملات مجتمعية لرفع وعي أفراد المجتمع تجاه البيئة والطبيعة وتغيير أنماط استهلاكهم. بالإضافة إلى التوسع في إنشاء المحميات الطبيعية، وإقرار قوانين للحفاظ على الحيوانات البرية، والاستثمار في البحث العلمي لإيجاد حلول علمية لتعافي الطبيعة والعناية بالحيوانات المهددة بالانقراض، والاستثمار في الاقتصاد الأخضر، وإقرار قوانين بحظر تداول المنتجات التي تعتمد بصورة كبيرة على الموارد الطبيعية التي تهدد الحياة البرية في الإمارات والعالم، وخلق منظومة غذاء مستدامة لإطعام السكان الذين تتزايد أعدادهم بوتيرة سريعة، ودعم الأعمال التي تمارس أنشطتها وفق نهج مستدام يراعي مستقبل الطبيعة والحفاظ على كوكب الأرض.