حاكم عجمان يؤدي صلاة الجنازة على جثمان الشيخة عائشة محمد خلف
شلّت فرنسا وعطلت الحياة.. ما هي حركة «لنغلق كل شيء»؟
تحت شعار «مقاطعة وعصيان وتضامن»، انطلقت حركة «لنغلق كل شيء» عبر وسائل التواصل الاجتماعي بهدف شل فرنسا يوم 10 سبتمبر- أيلول.
ويؤكد القائمون على هذه المبادرة، التي يشرف عليها 20 شخصا وفقا لصحيفة «لوباريزيان»، أنهم مستقلون عن الأحزاب السياسية والنقابات.»
ويبدو أن مشروع الموازنة الذي قدمه بايرو أيقظ شعورا بالظلم الاجتماعي لدى فئة من الفرنسيين. وفي هذا السياق المتشنج، دعا أصحاب المبادرة إلى «إغلاق شامل وغير محدود للبلاد في 10 سبتمبر-أيلول» قبل أسابيع قليلة من طرح مشروع الموازنة أمام الجمعية الوطنية.
فرنسيون يشعرون
بأنهم «تركوا لمصيرهم»
على موقعها الرسمي الذي حذف في وقت لاحق، تتضمن مبادرة «لنغلق كل شيء» مطالب مختلفة: تكثيف الاستثمار في القطاع العام، ووقف إلغاء الوظائف، والإبقاء على كل أيام العطل الرسمية.
لكن هذه الحركة لا تستهدف الحكومة فقط؛ إذ تهدف التعبئة إلى مقاطعة المتاجر الكبرى مثل كارفور وأمازون وأوشان «التي تستفيد من خفض الضرائب وتتلقى مساعدات عمومية مع الضغط على موظفيها»، وسحب الأموال من البنوك الكبرى «المتواطئة في المضاربة، وسياسة الهدم الاجتماعي» و»الاحتلال السلمي للأماكن الرمزية، مثل محافظات الشرطة ومقرات البلديات».
وحصل منشور مرتبط بالدعوة عبر وسائل التواصل الاجتماعي على أكثر من مليون ونصف المليون مشاهدة حثت مساندي «لنغلق كل شيء» إلى «مقاطعة شاملة والوقوف في وجه عصابة منظمة تمارس الابتزاز».
وقال المنشور في 10 سبتمبر-أيلول: «لن ندفع ولن نستهلك ولن نعمل وسنبقي أطفالنا معنا، سلطتنا الوحيدة هي المقاطعة الشاملة». وتسعى الحركة إلى جعل التحرك جماعيا من خلال إنشاء صناديق دعم للمضربين، وتنظيم مجالس في الأحياء، ودعم من ينفذ عمليات عصيان.
من المحتمل أن الغضب من فكرة إلغاء يومي عطلة كان من أهم الدوافع لدعوات التظاهر وفق بول سميث رئيس قسم اللغات الحية في جامعة نوتنغهام البريطانية، الذي يوضح «أن سبب هذه الحركة أوسع من ذلك، إنها تتعلق بفكرة أن الناس تركوا لمصيرهم». وفق موقع «فرانس 24».
«الأمر يتعلق بالدعوة إلى إعادة توجيه الاهتمام السياسي لأزمة كلفة المعيشة، وشعور الناس بأنهم غير ممثلين بما يحدث في البرلمان» يقول من جهته آندرو سميث.
«السترات الصفراء»
وتعيد هذه المبادرة إلى الأذهان مظاهرات «السترات الصفراء» التي انطلقت في فرنسا عام 2018 ضد الترفيع في أسعار المحروقات التي استقطبت عشرات الآلاف من المحتجين الذين انتابهم شعور بغياب العدالة الاقتصادية.
ولم تكن مظاهرات «السترات الصفراء» مرتبطة بأي حزب أو نقابة وليس لها زعيم. واتخذت السترة الصفراء التي يشترط القانون الفرنسي وجودها في السيارات، رمزا لها.
فيما يتعلق بالأهداف المادية، حققت مظاهرات السترات الصفراء نجاحا جزئيا كان أهم تجلياته الترفيع في الحد الأدنى للمعاشات.
أما «لنغلق كل شيء» فإنها ليست متواجدة إلى حد الآن إلا على المنصات الرقمية. إلا أن تنظيمها بطريقة أفقية وغير هرمية وحالة الغبن العام في فرنسا تجاه السلطات ولهجتها الصدامية، تعد من النقاط التي تجعلها متشابهة مع حركة «السترات الصفراء».
من يقف وراء المبادرة؟
في الوقت الذي يقول فيه أصحاب مبادرة «لنغلق كل شيء» إنهم غير مسيسين، فإن عدة أسئلة بشأن مُنشئها ما تزال غامضة.
أول منشور يدعو للتحرك في 10 سبتمبر-أيلول ظهر في مايو-أيار الماضي قبل طرح ميزانية بايرو ونشرته مجموعة مناهضة للحكومة تدعى «Les Essentiels France».
ولا توجد معلومات كثيرة حول من يدير هذه المجموعة وتوجهاتها فيما يقول أندرو سميث «من الحكمة أن نكون متيقظين لاحتمال وجود تلاعب بالرأي العام، خصوصا من أطراف قد تكون لها مصالح خارجية».
وصعدت هذه الدعوة إلى الواجهة بعد إعلان بايرو عن مشروع الميزانية، عندما سارعت وجوه من اليمين المتطرف إلى دعم التحرك. بعد ذلك، حصلت الدعوة على مساندة أوسع من الأحزاب اليسارية وعلى رأسهم زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلنشون.
ميول يسارية
«تماما مثل السترات الصفراء، توجد رغبة من الناس في محاولة افتكاك قدر من الفعل السياسي» يقول أندرو سميث. ويشير استطلاع نشر مركز الدراسات الفرنسي «مؤسسة جان جوراس» نتائجه الاثنين، إلى ميول يسارية لمساندي المبادرة.
ومن بين 1000 شخص استُطلعت آراؤهم في منتصف أغسطس-آب، فإن 69% منهم قالوا إنهم صوتوا لصالح ميلنشون في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية لسنة 2022.
وقال 2% منهم فقط إنهم صوتوا للرئيس إيمانويل ماكرون و3% لصالح مارين لوبان «اليمين المتطرف» في الاقتراع نفسه.
وأشار تقرير «مؤسسة جان جوراس» إلى أنه بالرغم من تشابه جلي لدعوة «لنغلق كل شيء» مع حركة «السترات الصفراء» إلا أن أنصارها يركزون على انعدام الأمن الاقتصادي و»تسييس أكبر ورغبة في التحرك باسم المصلحة الجماعية».
ويخلص بول سميث إلى القول إنه، بالمقارنة مع إضراب عمالي عادي، فإن تحركات 10 سبتمبر-أيلول «أقل إحاطة وتنظيما، وهو ما يجعل إيقافها أمرا صعبا جدا».