شولتس وترامب.. هل ينجحان بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟

شولتس وترامب.. هل ينجحان بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية؟


في خضم تطورات الحرب الروسية الأوكرانية، يبدو أن الخريطة الأوروبية قد تطرأ عليها تغيرات مفاجئة، وتحديدًا في الموقف الألماني تجاه الصراع، قبل تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض في يناير المقبل.
وعلى عكس النهج الأمريكي البريطاني المُتبع حاليا، أعلن المستشار الألماني أولاف شولتس، عن عدم إرسال جنود للحرب ضد روسيا، وأن بلاده ستلعب دورًا كبيرًا في مناقشة الضمانات الأمنية لأوكرانيا، بالتعاون مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وكشف شولتس، أنه أجرى محادثتين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، واتفقا فيما بينهما على ضرورة تنسيق مواقفهما بشكل وثيق بشأن الصراع في أوكرانيا، وأن ألمانيا خلال الفترة المقبلة ستلعب دورا مهما في ضمان أمن أوكرانيا، لذا فأنها لن ترسل جنودها إلى هذه الحرب.
في السياق ذاته، قال بوريس بيستوريوس، وزير الدفاع الألماني، في تصريحات لصحف مجموعة «فونكه» الألمانية الإعلامية: «أريــــد أن أوضح شيئاً واحداً بشأن الصراع الروسي الأوكراني.. فما دامت هذه الحرب لم تنتهِ، لن يكون هناك جنود ألمان على الأراضي الأوكرانية».
وأكد وزير الدفاع الألماني، أن برلمان بلاده هو الجهة المنوطة بها اتخاذ مثل هذا القرار في كل الأحوال، وأن ألمانيا باعتبارها أكبر دولة عضو في الناتو وأكبر اقتصاد في القارة العجوز، لا يمكنها أن تقف جانباً دون تدخل.
من جانبه، قال المرشح لمنصب المستشار الألماني وزعيم حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي فريدريش ميرتس، إن وجود الجيش الألماني لحفظ السلام في أوكرانيا عقب وقف إطلاق النار، يجب أن يتم بالتنسيق مع روسيا وألا يتعارض معه.
وفي نوفمبر الماضي، كشف المكتب الصحفي لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسية، أن الغرب يعتزم نشر ما يسمى بفرقة حفظ السلام في أوكرانيا لاستعادة القدرة القتالية للبلاد، وهو ما اعتبره روسيا «احتلالا فعليا للأراضي الاوكرانية». 
وعلى هذا التراجع في الموقف الأوروبي بشأن الصراع الروسي الأوكراني، أجمع الخبراء في الشؤون الروسية، أن هذه الخطوة لها دلالات مهمة قد تتعلق باهتمامات أوروبا ليس بسبب فرض السلام كما تزعم ألمانيا أو أمريكا، ولكن بسبب الحاجة الأوروبية لإمدادات الغاز المسال بعد النقص الحاد الذي ما زالت تعاني منه.

فرص النجاح
ويرى ديميتري بريجع، مدير وحدة الدراسات الروسية في مركز الدراسات العربية الأوراسية، أن المستشار الألماني شولتس يمكن أن يكون له دور في إنهاء الصراع في أوكرانيا، مضيفا «لكن لا أعتقد بأنه سينجح، لأن دول الحياد هي التي يمكن أن تنجح في هذا الملف مثل دول الخليج».
وأضاف الخبير الروسي لـ»إرم نيوز»، أن ألمانيا لن تكون حيادية في وقف الصراع بين روسيا وأوكرانيا، خاصة وأنها تدعم كييف بالسلاح والأموال.
وأوضح بريجع أن تدخل ألمانيا ومحاولاتها إنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا يرجع إلى كونها أكثر الدول التي قد تتضرر من تصعيد الصراع بين روسيا وحلف الناتو وستكون في وجه المدفع الروسي، خاصة وأن ألمانيا لديها تجربة مريرة أيام الحرب العالمية الثانية وتقسيمها إلى ألمانيا الشرقية تتبع الاتحاد السوفيتي وألمانيا غربية تتبع المعسكر الغربي.
وأشار إلى أن الأيام المقبلة ستشهد تصعيدا كبيرا بين روسيا وأوكرانيا وتزايدا في العمليات الإرهابية داخل روسيا وفي أوكرانيا، مع مزيد من الاستهدافات الروسية لمحطات الكهرباء ومراكز صنع القرار  السياسي والعسكري في كييف.
وأكد بريجع، أن الأيام المقبلة ستكون الأصعب على الإطلاق في المواجهات بين روسيا وأوكرانيا.

الغاز الروسي
وقال الدكتور آصف ملحم، مدير مركز «JSM» للأبحاث والدراسات، إن المستشار الألماني شولتس أشار إلى إنهاء الحرب بطريقة غير مباشرة في لقاء مع إحدى الصحف المحلية في ألمانيا، على الرغم من أن الرئيس ترامب مقتنع بأن أوكرانيا يجب أن تكون قوية، وأنه تم الاتفاق بينهما حول تنسيق الصراع في أوكرانيا.
وأكد ملحم لـ»إرم نيوز»، أنه من المتوقع أن يكون هناك موقف أمريكي ألماني مشترك بشأن هذا الصراع، خاصة بعد ارتفاع التحدي الأوكراني لروسيا في الأسابيع الأخيرة، وأن هذا ظهر بوضوح في رفضها لتمرير الغاز الروسي عبر أراضيها.
وأشار  إلى وجود تدخل من الولايات المتحدة، وبالتحديد من ترامب في هذا الملف بالضغط على ألمانيا من أجل إعادة تأهيل خطوط غاز السيل الشمالي على أن تقوم الولايات المتحدة بنفسها بالاستثمار في هذا المشروع، لذا فإن المحادثات بين ترامب وشولتس مرتبطة بشكل أكبر في ملف الغاز، على حد قوله.
وقال ملحم، إنه لا يعتقد أن تكون محادثات ترامب وشولتس لها علاقة بشكل مباشر بوقف الحرب في أوكرانيا، بدليل ما قامت به كييف من ابتزاز روسيا برفض استقبال الغاز الروسي عبر أراضيها، وإشارة الرئيس بوتين في المؤتمر الاقتصادي للاتحاد الأوراسي الذي عقد في لينينغراد، إلى أنه اقترح بأن تشتري شركات أخرى الغاز لتمريره عبر أوكرانيا.