صبر الأوروبيين بدأ ينفد...ما نفع اتفاق نووي جديد مع إيران؟

صبر الأوروبيين بدأ ينفد...ما نفع اتفاق نووي جديد مع إيران؟


تناول الباحث المتميز في “معهد غيتستون” الأمريكي كون كوغلين ما يبدو أنه بداية نفاد صبر الأوروبيين تجاه انتهاكات إيران للاتفاق النووي. حين يبدأ الاتحاد الأوروبي بتحذير آيات الله من أن الاتفاق وصل إلى “منعطف حرج”، فهذا يعني إشارة واضحة إلى أن السلوك العدواني لطهران في ما خص نشاطاتها النووية سيجعل آمال الرئيس جو بايدن بإعادة إحياء الاتفاق شبه مستحيلة. ويضيف كوغلين أن الاتحاد الأوروبي كان مناصراً متحمساً للاتفاق منذ التوقيع عليه سنة 2015 حتى عندما ظهرت أدلة دامغة على أن إيران تخرق بنوده.

إخلاص
ظهر إخلاص الأوروبيين للاتفاق المعيوب حين حاولت بروكسل تأسيس آلية خاصة بها للتجارة مع طهران كي تتمكن الشركات الأوروبية من التعامل التجاري معها دون التعرض للعقوبات الأمريكية. فشلت المبادرة في نهاية المطاف بما أن أصحاب الشركات والأعمال كانوا أكثر قلقاً من العقوبات الأمريكية بالمقارنة مع رغبتهم بالتجارة مع إيران.
على الرغم من ذلك، اندفعت بروكسل للدفاع عن الاتفاق النووي إلى درجة أنها أعربت عن أملها بإعادة إحياء الاتفاق حتى قبل تنصيب بايدن. وقال الممثل الأعلى للسياسة الخارجية الأوروبية جوزيب بوريل في بيان هذا الشهر: “نرحب بالتصريحات الإيجابية للرئيس المنتخب بايدن حول خطة العمل الشاملة المشتركة، ونتطلع قدماً للعمل مع الإدارة المقبلة”. وأضاف بوريل أن الاتحاد الأوروبي دعم “الديبلوماسية المكثفة بهدف تسهيل العودة الأمريكية إلى خطة العمل الشاملة المشتركة وعودة إيران إلى التنفيذ الكامل” للاتفاق النووي.
ضربة
تلقت الحماسة الأوروبية المطلقة للاتفاق النووي ضربة بارزة نتيجة للسلوك الإيراني العدواني بشكل متزايد على المستوى النووي إلى درجة اضطرار بوريل للاعتراف بأن الاتفاق وصل إلى “منعطف حرج”. في الأسابيع الأخيرة، أعلنت إيران أنها بدأت تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% مقتربة من النسبة التي تخولها إنتاج أسلحة نووية. كذلك، أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أنها ستستأنف العمل على إنتاج معدن اليورانيوم. يمثل هذان التطوران خرقاً واضحاً للاتفاق النووي. فهو ينص على إبقاء نسبة التخصيب عند حدود أدنى من 3.7% كما على منع إيران لفترة 15 عاماً من “إنتاج أو حيازة معدني البلوتونيوم أو اليورانيوم أو سبائكهما».

تحذيرات بالجملة
أثار إعلان إيران أنها تمضي في إنتاج معدن اليورانيوم رداً غاضباً من وزراء خارجية بريطانيا وفرنسا وألمانيا الذين أصدروا بياناً مشتركاً في وقت سابق من هذا الشهر حذروا فيه من عدم وجود استخدام مدني موثوق به لهذا العنصر ومن أن “إنتاج معدن اليورانيوم له تداعيات عسكرية خطيرة محتملة».
وذكر كوغلين أيضاً موقف الاتحاد الأوروبي الذي أطلق أبرز إدانة حتى اليوم لانتهاكات إيران الصارخة للاتفاق. وأصدر بوريل بياناً حذّر فيه من أن “التطورات المقلقة للغاية على الجانب النووي... تخاطر بتقويض الجهود الديبلوماسية، بما فيها جهودنا، لتسهيل العودة الأمريكية إلى خطة العمل الشاملة المشتركة».

سؤالان محوريان
يوضح الكاتب أنه حين تصل منظمة ملتزمة بالكامل بالاتفاق النووي كالاتحاد الأوروبي إلى مرحلة التعبير عن مخاوف جسيمة بشأن تجاهل إيران المتعمد لبنود الاتفاق، فهذا يثير أسئلة عن إمكانية إدارة بايدن لإعادة إحيائه. من جهة ثانية، اختار بايدن لإدارته عدداً من الشخصيات التي خدمت في إدارة أوباما والتي ساعدت في التفاوض على الاتفاق المعيوب الأساسي. الآن، لا يستطيع أكثر المتحمسين للاتفاق أكانوا في الولايات المتحدة أم في الاتحاد الأوروبي الاحتفاظ بأمل إنقاذ الاتفاق مع طهران طالما أن آيات الله مصممون على تجاهل التزاماتهم الدولية.
ومن بين الأسئلة الأهم بحسب كوغلين: ما الذي يدفع أياً كان إلى الاعتقاد بأن إيران ستلتزم باتفاق جديد أكثر من التزامها بذاك القديم؟ ولماذا الدخول أساساً في اتفاق مزيف جديد؟