محلل سياسي: في حال قدمت بكين مساعدات عسكرية لموسكو قد تدفع بحرب عالمية

صحف عالمية: لقاء روسي صيني يثير مخاوف أمريكا.. ورحلة أوروبية «حاسمة» لبايدن

صحف عالمية: لقاء روسي صيني يثير مخاوف أمريكا.. ورحلة أوروبية «حاسمة» لبايدن


هيمنت الزيارة المرتقبة لكبير الدبلوماسيين الصينيين، إلى روسيا على عناوين الصحف العالمية، بالتزامن مع مزاعم أمريكية حول نية بكين تزويد موسكو بـ”مساعدات عسكرية فتاكة”؛ ما أثار المخاوف حول مستقبل الحرب في أوكرانيا.
وسلطت الصحف الضوء على رحلة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى بولندا، والتي تأتي أيضًا قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى للحرب الأوكرانية، وسط تقارير تكشف أن الزيارة ستكون “حاسمة لرئاسة بايدن” في وقت تشهد فيه الولايات المتحدة انقسامًا سياسيًّا.
وتطرقت الصحف للشأن التركي، وقالت إن البلاد باتت “مسرحًا لنفوذ عالمي” فيما يتعلق بالمساعدات، وذلك في خضم الكارثة الإنسانية التي سبَّبها الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا وراح ضحيته أكثر من 46 ألف شخص.

لقاء روسي صيني
في خضم مزاعم أمريكية حول اعتزام الصين إمداد روسيا بمساعدات عسكرية “فتاكة”، سلطت صحيفة “وول ستريت جورنال” الضوء على زيارة صينية رفيعة المستوى، إلى موسكو؛ ما يثير مخاوف واشنطن من مستقبل الحرب في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن زيارة كبير الدبلوماسيين الصينيين وانغ يي، إلى العاصمة الروسية اليوم تؤكد عمق العلاقات بين البلدين، وتشير إلى الأهمية التي توليها بكين وموسكو للعلاقة التي نمت بشكل كبير في مواجهة العداء المتزايد للغرب وإعادة الاصطفافات الجيوسياسية التي يقودها الصراع في أوكرانيا.
وتأتي الزيارة في نهاية جولة أوروبية لكبير الدبلوماسيين الصينيين، والذي أعلن السبت، في “مؤتمر ميونيخ للأمن”، أن بلاده “ملتزمة بالسلام في أوكرانيا ومتشوقة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية مع العالم الخارجي” بعد 3 سنوات من العزلة جراء وباء كورونا.
ورأت الصحيفة أن زيارة وانغ إلى موسكو تمثل تباينًا مع التوترات الجديدة في العلاقات الأمريكية الصينية في أعقاب قرار واشنطن بإسقاط ما زعمت أنه منطاد تجسس صيني مشبته فيه، مشيرة إلى أنها تأتي بعد لقاء وانغ ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، السبت على هامش “مؤتمر ميونيخ للأمن».
وتأتي زيارة وانغ قبل أيام قليلة من الذكرى السنوية الأولى للحرب الروسية الأوكرانية.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، يعتزم إلقاء خطاب “كبير” أمام مجلس الاتحاد الروسي، إذ من المتوقع أن يولي فيه اهتمامًا خاصًّا للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة إن الحرب عمَّقت من عزلة روسيا في العالم، وزادت من اعتمادها الاقتصادي على الصين؛ ما منح الأخيرة رصيدًا ثمينًا في تعزيز أولوياتها الجيوسياسية.
وأضافت أنه منذ أن أعلن الزعيم الصيني شي جين بينغ، ونظيرة الروسي عن شراكة “بلا حدود” عشية الحرب، سعت بكين إلى حل وسط بشأن الصراع، لكنها تمتنع عن إدانة الحرب.
ونقلت الصحيفة عن تيمور عمروف، الزميل في “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” قوله: “ليس من المستغرب أن نرى وانغ في أوروبا يقول شيئًا غامضًا حول مبادئ السلامة الإقليمية والقانون الدولي. وخلال وجوده في موسكو، سيتحدث عن أشياء معاكسة، مثل مواجهة الهيمنة الأمريكية».
وكان بلينكن صرَّح الأحد، أن بلاده لديها معلومات تفيد بأن الصين “تفكر في تقديم دعم فتاك” لموسكو في حربها ضد أوكرانيا، محذرًا من عواقب مثل هذه الخطوة، دون تقديم أي دليل حول هذه المزاعم.
وأشارت الصحيفة، إلى أن زيارة وانغ إلى موسكو قد تمهّد الطريق أمام الزعيم الصيني لزيارة مماثلة في وقت لاحق من العام الجاري، وهي قمة من شأنها أن تظهر العلاقة بين بوتين وشي؛ “وهي علاقة شخصية وثيقة ترسخ العلاقات الثنائية بين البلدين».
في غضون ذلك، حذر محلل سياسي أمريكي من أن الصين – في حال قدمت مساعدات عسكرية لموسكو - قد تدفع بالصراع الروسي الأوكراني إلى “حرب عالمية حقيقية”؛ ما يثير مخاوف الولايات المتحدة كونها أكبر داعم لكييف فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية والمادية.
وقال توماس فريدمان، وهو كاتب عمود بارز في صحيفة “نيويورك تايمز”، إن الصين تود أن تطول الحرب “لأنها تبقينا (الولايات المتحدة) مستنزفين ونحن نحرق كل أسلحتنا ومخزوننا العسكري».
وأضاف فريدمان: “هذه إشارة سيئة للغاية لتايوان أيضًا».

بايدن في رحلة أوروبية
في سياق متصل، اعتبرت صحيفة “بوليتيكو” الأمريكية أن زيارة بايدن المقررة إلى بولندا الاثنين، “إحدى اللحظات الحاسمة في رئاسته”، إذ يتوجه الرئيس الديمقراطي إلى عتبة الحرب الروسية الأوكرانية في جزء مضطرب من أوروبا.
وذكرت الصحيفة أن بايدن يتوجه إلى أوروبا في رحلة تهدف إلى “إظهار التحدي” بعدما أعلن منذ عام تقريبًا أن واشنطن ستدعم كييف حتى اللحظات الأخيرة.
وأشارت إلى أن زيارته تتصادف أيضًا مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للحرب.
ورأت الصحيفة الأمريكية، أن رحلة بايدن “معقدة ومحفوفة بالمخاطر”، قائلة إنه مع استمرار القتال في أوكرانيا، يخشى كلا الجانبين من المحيط الأطلسي (الولايات المتحدة وبولندا) من أن روسيا تجد موطئ قدم لها على عتبة دولة عضو في “الناتو».
وقالت الصحيفة إن بايدن يزور المنطقة المضطربة في وقت يعتقد فيه المسؤولون الأمريكيون أن الدفاعات الأوكرانية باتت على وشك الانهيار أمام هجمات روسية لا هوادة فيها، من المتوقع أن تزيد في الأيام المقبلة.
وأضافت الصحيفة أن بايدن يعاني من فترة رئاسية مضطربة للغاية بسبب الانقسام السياسي الذي أعقب انتخابات التجديد النصفي للكونغرس وشهدت سيطرة جمهورية على مجلس النواب، إذ أعرب الجمهوريون عن عدم نيتهم إرسال مساعدات إضافية إلى كييف.
وأبلغت مصادر مطلعة صحيفة “بوليتيكو” أن بايدن سيؤكد ،خلال زيارته، حاجة الغرب للبقاء في مسارهم الداعم لأوكرانيا. وقالت المصادر – التي طلبت عدم الكشف عن هويتها – إن بايدن سيلقي خطابًا “مهمًّا للغاية”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
في المقابل، قالت الصحيفة الأمريكية إن الخطاب الذي سيلقيه بايدن سيأتي في وقت لا تزال روسيا تسيطر فيه على أكثر من 20% من أوكرانيا، كما إن بوتين لا يُظهر أي علامات للتراجع عن تعهده بالسيطرة على “كامل أوكرانيا».
وأوضحت الصحيفة، وفقًا لتقديرات استخباراتية أمريكية، أن بوتين يعوّل على ميزتين حاسمتين في هذا الشأن؛ هما القوة البشرية وعامل الوقت الذي قد ينتج عنه تراجع الدعم الغربي لأوكرانيا وحدوث انقسامات بين الحلفاء.
واعتبرت الصحيفة أن التحدي الأصعب لبايدن سيكون طمأنة الحلفاء حول مواصلة دعم أوكرانيا وعدم السماح لروسيا بالانتصار، وذلك في وقت يصعّد فيه نظيره الروسي من نبرته المعادية للغرب، وينتظر أيضًا أن تحقق قواته انتصارًا رمزيًّا قبل خطابه المرتقب.
وصرحت المصادر للصحيفة بأن البعض في إدارة بايدن يعتقد أن بوتين سيواصل الهجوم - ويمكن أن يطلق تعبئة عامة أخرى للجيش - حتى الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة العام المقبل، “على أمل أن يتم فوز مرشح آخر أقل اقتناعًا بالقضية الأوكرانية».
وعلى سبيل المثال، دعا الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب - الذي من المقرر أن يخوض السباق الرئاسي المقبل - علنًا إلى إنهاء الحرب فورًا لمنعها من التصعيد. كما تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى تراجع استعداد الناخبين الأمريكيين لإرسال مساعدات عسكرية لكييف، بحسب “بوليتيكو».

صراع نفوذ بتركيا
اعتبرت صحيفة “التايمز” البريطانية أن تركيا باتت مسرحًا لـ”صراع نفوذ عالمي” بعد كارثة إنسانية أعقبت الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق في تركيا وسوريا قبل نحو أسبوعين وأسفر عن مصرع أكثر من 46 ألف شخص وإصابة عشرات الآلاف وتشريد الملايين.
وتحت عنوان “صراع نفوذ تحت الأنقاض”، قالت الصحيفة البريطانية إن العديد من دول العالم قد عمل على “تسييس” المساعدات الإنسانية التي بعث بها إلى تركيا من أجل السيطرة على “الجسر الذي يربط بين الشرق والغرب”، في إشارة إلى روسيا والصين والولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة إنه بينما تعد تركيا عضوًا في “الناتو”، يستغل الرئيس، رجب طيب أردوغان، دور بلاده التاريخي كـ”جسر” يربط بين الشرق والغرب لتعميق العلاقات الودية مع الدول التي تقاوم النفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط؛ ما يصب في مصلحة كلّ من روسيا والصين، وأيضًا إيران.
من جهة أخرى، أشارت الصحيفة إلى أن أرمينيا - وهي حليفة روسيا التي استاء شعبها بشدة من تركيا بسبب (مزاعم) “مذابح” أجدادهم في سنوات الإمبراطورية العثمانية - قد أرسلت أيضًا مساعدات إلى أنقرة، في محاولة للتقرب مع الحكومة التركية التي تدعم جارته المتحاربة معها، أذربيجان، عسكريًّا واقتصاديًّا.
وأضافت الصحيفة أن العواقب السياسية الأكثر أهمية للزلزال قد تكون داخلية، حيث دمر الزلزال منطقة أديامان التي تقطنها أغلبية كردية، وجعل الحياة هناك معدومة. وقالت الصحيفة إنه مع مواجهة أردوغان للانتخابات الرئاسية في مايو المقبل، ستلعب الولاءات الكردية دورًا مهمًّا، خاصة بعد استجابة متأخرة للزلزال الذي دمر المنطقة من قبل الحكومة.
وفي هذا الشأن، قالت الصحيفة البريطانية إن “مؤسسة بارزاني الخيرية” – التابعة لمسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان العراق السابق - قد سارعت أيضًا لاستغلال الموقع، حيث أنشأت مركزًا كبيرًا للمساعدة في منطقة أديامان الكردية، وذلك على الرغم من أن البرزانيين متحالفون مع الغرب، ومعارضون سياسيًّا وتاريخيًّا لـ”حزب العمال الكردستاني” الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية.
وأوضحت الصحيفة أن بارزاني يعد حليفًا وثيقًا لتركيا، وأردوغان على وجه الخصوص، مشيرة إلى أن المساعدة التي أرسلتها مؤسسته الخيرية تعتبر “علامة على صداقة قديمة».
وقال أحد مسؤولي مؤسسة بارزاني لصحيفة “التايمز” إن المساعدات ليست قضية سياسية (كونها وجهت لمنطقة كردية)، وأضاف: “سنقدم مساعدات إنسانية إذا حدث الزلزال في إسطنبول أو في أي مدينة أخرى. ومع ذلك، لا يمكننا تجاهل أن شعب أديامان أكراد مثلنا».