يواصل الآلاف من الليبيين الخروج في مظاهرات حاشدة
صحف عربية: أبعاد ثورة الغضب على حكومة السراج
يواصل الآلاف من الليبيين الخروج في مظاهرات حاشدة جابت شوارع العاصمة طرابلس للتعبير عن غضبهم من الأوضاع المزرية التي تعيشها ليبيا، بسبب تحكّم الميليشيات بمصير البلاد، والفساد في حكومة طرابلس، فيما دعت الأمم المتحدة حكومة الوفاق إلى إجراءتحقيق فوري وشامل في الاستخدام المفرط للقوة ضد المتظاهرين.
ووفقاً لصحف عربية صادرة أمس الثلاثاء، أعلن السراج عن تعديلات وزارية عاجلة في حكومته، بينما كثف المغرب والجزائر حديثاً من جهودهما لاستضافة المحادثات الليبية.
غضب متصاعد
وفي التفاصيل، قالت صحيفة “البيان” الإماراتية، في افتتاحيتها، أن الأوضاع المزرية التي تعيشها ليبيا، بسبب تحكّم الميليشيات بمصير البلاد، والفساد في حكومة طرابلس، أخرجت الناس إلى الشوارع، رفضاً لهذه الممارسات التي ألقت بهم في فم الفقر والفاقة”، مشيرةً إلى أن “نار انتفاضة الزاوية انتشرت بسرعة في هشيم سلطة حكومة الوفاق، فعمّت التظاهرات مصراتة وصبراتة فالعاصمة طرابلس، في ثورة غضب شعبية عارمة».
وتؤكد هذه الانتفاضة أن الليبيين فاض كيلهم بسبب تردّي الأوضاع المعيشية، حيث إن المتظاهرين يشددون على النأي بأنفسهم عن أي توجّه سياسي أو تبعية لأي طرف، كما جاء في بيان لهم، مشيرين إلى أن دواعي انتفاضتهم حقوقية بحتة، كما طالبوا بالحفاظ على وحدة التراب الليبي، وإخراج المرتزقة، وانتزاع حقوق الشباب، وتفعيل القانون، وإنهاء حكم وسيطرة الميليشيات، ورفض التدخل الخارجي.
ودعت الصحيفة، إلى عدم مقابلة الاحتجاج بإطلاق الرصاص على المحتجين العزّل الذين يقاسون تردّي الخدمات العامة والفساد والضغوط الاقتصادية، بل إعطاؤهم فرصة للتنفيس عن غضبهم والنظر في مطالبهم المشروعة.
تعديل وزاري
أعلن رئيس حكومة الوفاق فايز السراج نيته إجراء تعديل وزاري عاجل، خاصة ما يتعلق بالوزارات الخدمية، مؤكداً أن اختيار الوزراء الجدد سيكون على أساس الكفاءة والقدرات وطهارة اليد.
ومن جهته، اعتبر رئيس مجلس النواب الليبي المنتخب المستشار عقيلة صالح، أن ما حدث في طرابلس اعتداء غير مبرر وإساءة استعمال للسلطة بحق المتظاهرين السلميين، فيما دعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لإجراء تحقيق فوري وشامل في استخدام القوة ضد متظاهرين في طرابلس.
التطورات الليبية الأخيرة
واتفق المجلس الرئاسي ومجلس النواب الليبي في بيانين متزامنين، على الوقف الفوري لإطلاق النار، وأفاد بيان رئاسي بأن “تحقيق وقف فعلي لإطلاق النار يقتضي أن تصبح منطقتا سرت والجفرة منزوعتي السلاح، وتقوم الأجهزة الشرطية من الجانبين بالاتفاق على الترتيبات الأمنية داخلها».
وتعقيباً على اتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع الرئيسيان في ليبيا، أكد الكاتب أحمد يوسف أحمد، في صحيفة “الاتحاد” الإماراتية، أن “العامل الرئيسي اتفاق وقف اطلاق النار بين الجانبين، هو صلابة الموقف العربي في مواجهة العدوانية التركية وأدواتها”، مضيفاً أن تركيا تعودت على ألا تواجه ردود أفعال لأفعالها، وتصورت أن تدخّلها في ليبيا سوف يمر بالطريقة نفسها، غير أنها واجهت اعتباراً من يونيو الماضي موقفاً عربياً صلباً تمثل أولاً في “إعلان القاهرة” لتسوية الصراع، ثم إعلان الرئيس السيسي أن سرت والجفرة «خط أحمر» بتنسيق وتأييد كاملين من الإمارات والسعودية».
وأردف الكاتب قائلاً “من المؤكد أن الإدارة الأمريكية والقوى الأوروبية وروسيا قد لعبت دوراً مهماً في تسهيل التطورات السابقة، لكن لولا التصدي العربي السابق لاقتصرت المعادلة على تفاهمات تضمن مصالح الأطراف الخارجية أساساً على نحو ما يحدث في سوريا».
وأشار إلى أن الطريق ليست ممهدةً لتسوية سريعة، مضيفاً أن “شيطان التفاصيل موجود كالعادة: كيف تتشكل قوة شرطة وطنية؟ وما مرجعية الانتخابات وضماناتها؟ وما مصير ميليشيات الإرهاب؟ ناهيك بالقضايا المعقدة كوضع سرت والجفرة المختلف عليه بين طرفي الصراع الليبيين الرئيسيين، وكذلك حراسة المنشآت النفطية، وموقف مجلس الدولة الإخواني الذي يتحدث عن فرض سيطرة حكومة السراج على كامل ليبيا! والأهم من ذلك كله مصير العدوانية التركية التي ستحاول أن تصل بالمماطلة والخداع إلى ما لم تصل إليه بالقوة، ومن هنا ضرورة التسلح بأقصى الحذر».
تنافس جزائري مغربي
ومن جهة أخرى، كثف المغرب والجزائر حديثاً من جهودهما لاستضافة المحادثات الليبية ما يعكس تنافساً غير معلن بين البلدين بشأن السيطرة على الملف الليبي، ففي حين نجحت الرباط في استضافة رئيس مجلس النواب عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري ما أثار تكهنات بقرب انطلاق محادثات الصخيرات 2، لا تزال الجزائر تحاول إقناع الأطراف الليبية.
وبهذا الخصوص، قالت صحيفة “العرب” اللندنية، إن “الجزائر عرضت مجدداً، على أطراف النزاع الليبي، احتضان حوار بين الفرقاء للتوصل إلى حل سلمي للأزمة، في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار من قبل المجلس الرئاسي ومجلس النواب».
وذكرت خارجية الجزائر أنه خلال مؤتمر برلين أكدت استعدادها لاحتضان حوار شامل بين الأشقاء الليبيين، ينطلق بوقف إطلاق النار بهدف الوصول إلى حل سلمي يحفظ مصالح ليبيا والشعب الليبي الشقيق”، مشيرة إلى مساعيها منذ بداية النزاع إلى التحرك على كافة المستويات، الإقليمية والدولية، لإيقاف النزيف والحد من مخاطر الأزمة على أمن واستقرار المنطقة، كما دعت إلى التنسيق مع دول الجوار وبرعاية الأمم المتحدة، بهدف إطلاق حوار شامل ودون إقصاء بين مختلف الفرقاء.
ويأتي ذلك في وقت يدفع فيه المغرب نحو “الصخيرات 2” جديد، يكون الاتفاق الأول مرجعيته وأساسه، وقالت الصحيفة بهذا الشأن إن “مبادرة الجزائر قد تعمق التوتر القائم في العلاقات الجزائرية – المغربية منذ عقود بسبب النزاع على الصحراء المغربية”، مضيفةً أن المبادرة الجزائرية أثارت جدلاً واسعاً بخصوص “افتكاك” دور الوساطة في الأزمة الليبية التي تكفل بها المغرب بعد احتضانه لمحادثات اتفاق الصخيرات في العام 2015. ويسعى المغرب إلى استعادة دوره كوسيط في الأزمة الليبية، وهو الدور الذي لعبه في التوصل إلى اتفاق الصخيرات الذي ينظر إليه على أنه اتفاق قادر على حل الأزمة الليبية لو تمّ تطبيق كامل بنوده، وخاصة ما يتعلق بالجانب الأمني وإنهاء معضلة الميليشيات.
وأشارت الصحيفة إلى أن المملكة المغربية تعتبر وسيطا مُحايدا لا يميل إلى أي طرف من أطراف الأزمة الليبية، الشيء الذي يجعله مُرشحا مثاليا للوساطة، أو لاحتضان محادثات جديدة.