صحف عربية: ليبيا على صفيح الميليشيات... وفيروز «سفيرة» لبنان إلى العالم ومنقذته

صحف عربية: ليبيا على صفيح الميليشيات... وفيروز «سفيرة» لبنان إلى العالم ومنقذته


يوحي الاستعراض العسكري للميليشيات المسلحة الذي رافق عودة رجل تركيا فتحي باشاغا إلى العاصمة طرابلس، باحتمال تصعيد بين وزير الداخلية “الموقوف” ورئيس حكومة الوفاق فايز السراج والميليشيات المؤيدة للطرفين.
وحسب صحف عربية صادرة، أمس الاثنين، تمثل الزيارة المرتقبة الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان الحدث المرتقب خاصةً بعد الموعد على “فنجان قهوة” مع فيروز أيقونة لبنان.

ترقب حذر
تناولت صحيفة “العرب” اللندنية الترقب الحذر والتوجس في ليبيا من ردة فعل الميليشيات الموالية لوزير الداخلية “الموقوف” في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا، بعد الاستعراض العسكري لهذه الفصائل التي تنتمي إلى مصراتة، أثناء استقبالها باشاغا لدى عودته من تركيا.
وأفادت مصادر إعلامية للصحيفة بأن من المتوقع أن يمثل باشاغا أمام التحقيق، بعد اتهامه بتجهيز انقلاب ضد السراج، بدعم من تركيا بعد زيارة باشاغا ورئيس المجلس الأعلى للدولة الإخواني خالد المشري إلى أنقرة قبل أيام، دون التنسيق مع السراج.

صراع الإخوان
من جهتها أشارت صحيفة “عكاظ” إلى أن الخلاف بين السراج وزير داخليته يهدد بتعميق الخلافات داخل الحكومة الإخوانية المدعومة من تركيا، والمتذرعة بشرعية أممية، مضيفةً أن صراع القوى الدائر في ليبيا بين رئيس حكومة الوفاق الإخوانية، ووزير داخليته ليس بالصراع الهين كونه صراعاً له مدلولات مهمة، بغض النظر عن من يقف مع السراج، أو ضده، ومن يقف مع وزير داخليته، أو ضده.
وتابعت الصحيفة، أن انطلاق الصراع بين الميليشيات في ليبيا، يعني ورطة في تبرير مفهوم “الشرعية”، أيا كان المنتصر فيه، كما أنه يعني ورطة سياسية للأتراك، بعد تدخلهم في ليبيا،”لدعمم الشرعية في طرابلس”، كما يدعون.

من جهة اخرى فيروز التي يبدأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيارته إلى بيروت بلقاء معها هي سفيرة الفن اللبناني إلى العالم التي يلتقي اللبنانيون من كل الطوائف والانتماءات السياسية حول صوتها وأغانيها.
ورغم ابتعادها كلياً عن الأضواء منذ سنوات وتوقّفها عن إحياء حفلات، لا يزال صوت فيروز الاستثنائي، باعتراف خبراء عالميين، يرافق ملايين الأشخاص عبر العالم، هي التي غنّت للحب والوطن والحرية والقيم.

تجاوزت شهرة فيروز، المرأة النحيلة البنية والباردة الملامح، واسمها الحقيقي نهاد حداد، حدود البلد الصغير، وجذبت معجبين من كل أنحاء العالم. وتعدّ من آخر جيل الكبار في العصر الذهبي للموسيقى العربية في القرن العشرين.
في لبنان، رفضت فيروز أن تُجرّ إلى خصومات سياسية أو دينية لا سيما خلال سنوات الحرب الأهلية (1975-1990)، وتصدّرت أغنياتها الإذاعات المتناحرة على جانبي خطوط القتال.
بالنسبة إلى كثيرين، يعدّ الاستماع إلى أغاني فيروز بمثابة طقس يومي شبيه بالصلاة. وبالنسبة إليها، فالغناء بحدّ ذاته فعل صلاة.

في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” في أيار/مايو 1999، قالت بعد حفلة أحيتها في مدينة لاس فيغاس الأميركية رداً على سؤال حول جديتها المفرطة على المسرح، “إذا نظرتم إلى وجهي عندما أغني، سترون وكأنني غير موجودة».
وتابعت “أرى الفن على أنه صلاة. لست موجودة في كنيسة، لكنني أشعر كما لو أنني فيها، وفي هذه الأجواء لا يمكنني الضحك».
وكانت باستمرار شبه جامدة على المسرح، فيما حركة واحدة أو ابتسامة خجولة منها كفيلة بإشعال حماسة جمهورها.
ولدت فيروز في قرية الدبية في منطقة الشوف الجبلية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر 1934، لوالد يعمل في مطبعة ووالدة اهتمت برعاية الأسرة المكونة من أربعة أولاد. وانتقلت العائلة في وقت لاحق للإقامة في حي زقاق البلاط في بيروت.

في نهاية الأربعينات، اكتشف المؤلف الموسيقي محمد فيلفل الذي كان يبحث عن أصوات جميلة للانضام إلى كورس الإذاعة اللبنانية، موهبة فيروز. وضمّها إلى الكونسرفاتوار لتتعلّم أصول الموسيقى والغناء . وأُعجب المدير الموسيقي للإذاعة آنذاك حليم الرومي بجمال صوتها واقترح عليها اسمها الفني فيروز.
في كواليس الإذاعة، تعرّفت فيروز على عاصي ومنصور الرحباني، المؤلفين الموسيقيين اللذين عرفا في وقت لاحق، خصوصا معها، شهرة واسعة، وارتبط فنهما بشكل جذري بلبنان، فبات جزءا لا يتجزأ من تراثه.
وتعاونت فيروز مع الأخوين رحباني اعتباراً من مطلع الخمسينيات. وأثمر ذلك مجموعة واسعة من الأعمال الغنائية والمسرحية والأفلام السينمائية التي جمعت بين الألحان الشرقية والفولكلور اللبناني والأنغام الغربية.

ويحافظ عدد كبير منها على نضارته رغم مرور الزمن.
وغنّت فيروز لشعراء كبار، من الأخطل الصغير إلى سعيد عقل الذي لقبها بـ”سفيرة لبنان الى النجوم”، مروراً بجبران خليل جبران والياس أبو شبكة. كما لحّن لها عبد الوهاب وفيلمون وهبه وزكي ناصيف.
وشكلت مع الأخوين الرحباني علامة فارقة في مهرجانات بعلبك الشهيرة ولُقبت بـ”عمود بعلبك السابع».
في منتصف الخمسينات، تزوجت فيروز من عاصي الرحباني وأنجبا أربعة أولاد، هم زياد، وليال التي توفيت عام 1987 بعد سنة من وفاة والدها، وهلي وريما.
يقول مقربون منها إنها مرّت بمآس كثيرة على الصعيد الشخصي، من وفاة ابنتها الى إعاقة نجلها هلي، لكنها حافظت على خفّة ظلها في مجالسها الخاصة والعائلية.
وتقول الصحافية ضحى شمس التي عملت معها لفترة طويلة “في الحقيقة هي بعيدة كل البعد عن الصورة الباردة التي تعكسها على المسرح. هي مضحكة جداً متى أرادت».

ماكرون وفيروز
وفي الشأن اللبناني تحدثت صحيفة “الأنباء” اللبنانية عن الحدث المرتقب والزيارة الثانية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى لبنان خلال أقل من شهر، بدايةً من بيت الفنانة فيروز، التي ارتبط صوتها بلبنان واللبنانيين.
وأشارت مصادر للصحيفة إلى أن قرار الرئيس ماكرون، قوبل باحترام اللبنانيين وتقديرهم وحبهم، على عكس موقفهم من الطبقة السياسية الحاكمة، معتبرين أن رمزية اللقاء يمكن اختصارها بالقول إن “فرنسا برتبة رئيس، في ضيافة فنانة أسطورة برتبة وطن».
وتابعت الصحيفة، أن ماكرون وفي زيارته الأولى للبنان انتقل من المطار مباشرة الى حيث بيروت المنكوبة، أما في زيارته الثانية فسينتقل من المطار إلى روح بيروت، فيروز.

فيروز آخر ما تبقى
وفي سياق زيارة ماكرون، قال غسان شربل في صحيفة “الشرق الأوسط” إن ماكرون بزيارته بيت فيروز، أراد تذكير اللبنانيين بالجسر الأخير الذي عاند العواصف، جسر فيروز، الوحيد الباقي، بعد أن انهار أكثر ما كان يجمع بين اللبنانيين.
وختم الكاتب قائلاً: “في المئوية الأولى للبنان الكبير يقف اللبنانيون عراة من كل أحلامهم. الدولة جيفة. الدستور ممسحة. القانون خدعة. التعايش رحلة على زجاج مطحون. المسؤولون جثث بكمامات.
لم يبقَ من لبنان الكبير إلا ثريا معلقة فوق الفراغ الهائل. إسوارة في يد القرن الذي ضاع. لم يبقَ إلا فيروز. النبع الوحيد الذي لم تنجح الحروب في تبشيعه. الغيمة الوحيدة التي تعد بالمطر. المنديل الأخير الذي يمسح دموع المهاجرين».