صحيفة الفجر من النشأة إلى الاحتفال باليوبيل الذهبي
احتفال جريدة الفجر باليوبيل الذهبي يعكس مدى الجهد والصبر والمثابرة والإصرار على الاستمرار في التطور، وبما يحقق الديمومة في العمل الدائب الذي جسد روح الإماراتي الواعي بشؤون وطنه، فالإمارات منذ خمسين عاماً كانت تبدأ أولى خطواتها نحو التنمية الشاملة، ومد جسور العلاقات مع دول الجوار والعالم، وصب اهتمام رجال الأعمال آنذاك في استثمار رأس المال في المشاريع الناجحة التي تسهم في الدخل الوطني، ولاستقطاب أيد عاملة مدربة من الخارج بهدف التطوير والتقدم.
في الوقت نفسه كان هناك رجال الاقتصاد يفكرون أن يستثمروا في الفكر، والوعي، ونشر الثقافة ضمن سلسة مشاريع استثمارية أخرى ستساعد الدولة على النمو والازدهار، وأن يشارك الدولة في البناء بعيداً عن فكرة المكاسب المادية بقدر الولاء والانتماء، وحب الوطن، فتأسيس الصحف والمجلات غالباً ما يكون مصدره الدول، وذلك لارتفاع التكلفة، وعدم وجود عائد يعود بالربح على المؤسس إلا الدعم من الدولة كل عام، ومن رجال الأعمال من تستوقفه المشاعر وتحثه الوطنية وتجذبه أقوال القيادة الرشيدة، ليصبح ترساً في حلقة كبيرة من عجلة التنمية الفكرية والثقافية، وكل منهم يقدم خدماته حسب رؤيته وخبرته في مجالات الحياة، لكن كان هناك رجل اقتصاد يرى أن الاستثمار في العقول والتنوير خير من التجارة والمكاسب المادية، لأن خلق كوادر من المواطنين وتأهيلهم لخوض غمار التنمية يعد مكسباً غالياً ونفيساً، ثم إن الرؤية في هذا الوقت كانت تصب في التكاتف، وتقديم كل شئ من أجل نجاح الاتحاد، ورفعة الإمارات تحت راية واحدة.
نقطة تحول
لقد سطر سعادة /عبيد حميد المزروعي، الكلمات سالفة الذكر في مذكراته التي تحمل عنوان " وقائع الزمان وأعمدة البنيان" متأثراً بأحاديث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد – طيب الله ثراه – التي أدلى بها في الصحف والمجلات العربية، حيث كان له لقاء في عام ١٩٦٩م نشرته مجلة
"آخر ساعة" المصرية، حول مستقبل الصحافة وحرية الرأي في أبوظبي، بمناسبة إصدار صحيفة "الاتحاد " في العام نفسه، قال فيه: " إن مسؤولية الصحفي ضخمة ليس أمام شعبه فقط ولكن أمام العالم كله وأمام التاريخ، وليس كل إنسان بقادر على تحمل مسؤولية العمل الصحفي مهما كان مركزه، لأن أداء الواجب الصحفي كما ينبغي يتطلب قدرات وطاقات خاصة، لأن الصحفي هو الشخص الذي يكشف كل شيء في أي مكان أمام الناس، ويقدم الحقائق التي تهدي الحاكمين إلى مواطن الشر والضعف، وكذلك إلى نواحي الخير والقوة".
بهذه الكلمات المأثورة، تأثر عبيد حميد المزروعي، وعلم مدى تأثير الكلمة باعتبارها إحدى القنوات المهمة التي تسهم في زيادة نسبة الوعي القادرة على تحريك الفعاليات المجتمعية والتبشير بقيمة المعتقدات الروحية والخلقية، كما تساهم في تكوين رأي يستفيد منه متخذو القرار وإصدار الأوامر التي تؤدي إلى خدمة الفرد والمجتمع، وباتت فكرة تأسيس جريدة تراوده بشدة، فذهب إلى القراءة، ودراسة الفكرة من خلال المخطوطات التي تم نشرها من قبل، وجد أن الإماراتي قبل الاتحاد أصدر عدة صحف ومجلات.
صحف ما قبل اتحاد الإمارات
ذكر الكاتب عبد الله النويس في كتابه " الإعلام في دولة الإمارات " أن أول إصدار جريدة في الإمارات كان عبارة عن مخطوطة بعنوان"عمان" أصدرها المرحوم إبراهيم محمد المدفع، من الشارقة في العام ١٩٢٧م، والمدهش أنها كانت تكتب باليد ويصدر منها عدد محدود، وفي عام ١٩٣٣م أصدر جريدة أخرى اسمها "صوت العصافير" وفي العام ١٩٦٥ م أصدرت دبي مجلة "أخبار دبي" ، ثم انتقلت الإمارات إلى مرحلة النهضة الشاملة مع قيام دولة الاتحاد.
وفي العام ١٩٧٠ صدرت صحيفة "الخليج" في إمارة الشارقة على يد الشقيقين تريم وعبد الله أبناء عمران تريم، وبدأت يومية بهدف الدعوة لقيام وحدة بين الإمارات، وكانت تطبع في الكويت ثم صارت تطبع بالإمارات، وشهد العام ١٩٧٣ إصدار صحيفة "الوحدة" وكانت دورية أسبوعية، وبعد شهرين تحولت إلى يومية وأسسها السيد راشد بن عويضة القبيسي، وهذا وإن دل فيدل على وجود كوادر على قدر كبير من المعرفة والثقافة والاطلاع على ما يجري في العالم من تطور ملحوظ ،خصوصاً في مجال الصحافة والإعلام.
توهج فكرة تأسيس جريدة
بعد الاطلاع على الماضي ودراسة الحاضر، بدأت تبرز عند عبيد حميد المزروعي فكرة تأسيس جريدة تصدر من أبوظبي، وفي منتصف العام ١٩٧٤ كانت الفكرة نضجت، ودخلت حيز التنفيذ، حيث وضع الخطط والمناهج لتحقيق الهدف، ونقطة الانطلاق الحقيقية كانت بلقاء راشد عبد الله النعيمي، وكيل وزارة الإعلام والثقافة، ثم لقاء الشيخ أحمد بن حامد وزير الإعلام والثقافة الذي دعم الفكرة وأسند العمل إلى عبد الله النويس مسؤول الإعلام، الذي ساهم في إصدار رخصة صحيفة "الفجر".
في نهاية العام ١٩٧٤م حصلت الفجر على تصريح بالإصدار، وقد منحت الوزارة مقراً للجريدة في إحدى البنايات، بالإضافة لمنحة مادية للاستمرار، وقد اختير الصحفي أحمد نافع مديراً للتحرير، وهو شقيق الكاتب الصحفي إبراهيم نافع رئيس تحرير جريدة "الأهرام" المصرية أنذاك، وقد أسند إليه تعيين محررين، وكوادر بشرية لهم خبرة في مجال الصحافة، حيث كان عبيد المزروعي رئيس التحرير بناء على القانون، وضم تبويب الجريدة أبواباً متعددة منها الأخبار المحلية والعالمية والاقتصادية، والثقافة، والدينية، والتراثية، والأدبية، بالإضافة إلى الفن والرياضة إلى جانب الإعلانات، وتم الاتفاق على طباعتها في الكويت وأن تصدر أسبوعياً، وكان فريق العمل في السنوات الأولى من إصدارها كل من: أحمد نافع، محمد العكش، محمود السعدني، عدلي برسوم ، عبد الفتاح الفيشاوي ، أسامة عجاج، وحيد أباظة، شمس الدين الضعيفي، علي كوهيه، خيرة الشيباني، محمد غباش، هندي غيث.
في الحقيقة أن كل اسم مما ذكر كفيل بإقامة صحيفة بمفرده، وهذا لثقل خبراتهم واحترافهم الكتابة والإعلام والصحافة، وكل هؤلاء أسماء مشهورة ولها وزن في الوطن العربي، فالشاهد من هذا الوجود يعطي انطباعاً جيداً عن مؤسس الصحيفة، وقطعاً تمكن من طرح وجهة نظره التي توافقت مع كل هذه الأسماء، خاصة وأن الكاتب الصحفي محمود السعدني كان له مؤلفات مشهورة في الوطن العربي.
إصدار العدد الأول
صدر العدد الأول من جريدة الفجر في يوم الاثنين ١٧ مارس ١٩٧٥م الموافق ٥ ربيع الأول ١٣٩٥ هجرية، أسبوعية بحجم كبير كالصحف العادية ٤٥×٦٠ سم، عدد صفحاتها ٨ صفحات واحيانأً تزيد في حال وجود مناسبات وفعاليات وطنية أو اقتصادية، وصاحب الامتياز ورئيس تحريرها عبيد حميد المزروعي، تهتم الجريدة بأخبار المال والاقتصاد حتى أنها تميزت من بين الصحف بهذه الصفحات الاقتصادية، أخذت نبرة هادئة في معالجة القضايا والموضوعات، مع تميز الإخراج، وسلامة الحروف، وحرصها على استخدام الخط الفارسي، والثلث في العناوين الرئيسة.
كما خرج رئيس التحرير بكتابة
المقال الافتتاحي على النحو التالي:
" إننا في الفجر نقدم للأصدقاء بكل تواضع ثمرة جهد، وعرق، وليس ثمرة مال وثراء، فإن صحيفتنا في رقة الفجر، وصفائه، خرجت إلى النور بعد جهد متواضع على أكتاف مجموعة من الشباب المؤمن بأن الصحافة رسالة، وليست تجارة، ويؤمنون أن الفجر في بداية الطريق، ويؤمنون بأنهم سيقطعون الطريق بسرعة العصر، حتى تصبح الفجر في أعلى المنابر الصحافية وأقواها، ومع العدد الأول لابد أن نقدم الشكر لأسرة جريدة الاتحاد، والزملاء في جريدة الوثبة، ولو لم تكن تجاربهم ما كانت الفجر.
تبويب الفجر
في بداية الانطلاقة كان عدد صفحات جريدة الفجر ثمانية صفحات، على النحو التالي:
الصفحة الأولى خصصت لأهم الأنباء المحلية والعربية، وفي وقت متقدم من إصدارها صارت تنشر الأخبار العالمية.
والصفحة الثانية للأخبار الثانوية نقلأً عن الصحف الأخرى، ولموضوعات العرب، والأفارقة.
أما الصفحة الثالثة خصصت لتحقيق عن قضية داخل الدولة، والصفحة الرابعة للموضوعات الداخلية التي تمس حياة المواطنين والمقيمين.
أما الصفحة الخامسة فتضم الاقتصاد.
السادسة خصصت للقضايا الدولية.
الصفحة السابعة للشؤون الرياضية في الوطن العربي والعالم، وفيها عمود رياضي بعنوان ثابت «كلام في العارضة» موقع باسم عطعوطة (المحرر الصحفي محمد طعيمة).
الصفحة الأخيرة تضم موضوعات عامة فنية وأدبية وبها عنوان ثابت بعنوان ( كلمات مضيئة) وتضم حكايات فيها عظة، وكاريكاتير ساخر على بعض العادات الاجتماعية، بالإضافة إلى أخبار خفيفة من حول العالم ، والترويسة كانت أسفل الصفحة.
وعندما أصبح عدد صفحات الجريدة ١٦ صفحة اهتمت بنشر بعض الصفحات المستعارة من المجلات المصورة مثل الأخبار المصورة عن الفنون التشكيلية، وتتوسع في صفحة الطفل والمجتمع، وشؤون المرأة وتحقيقات وقضايا عالمية كما تزداد صفحة الرياضة إلى صفحتين، وباب للتسالي، وقصة خبرية، كما اتخذت نهجاً متبعاً في بعض الصحف العربية، بأنها لم تصدر في الإجازات الرسمية، ويوم الجمعة من كل أسبوع، حتى تحولت الإجازة الرسمية للدولة يوم الأحد فصار يوم عطلتها مع الإجازة الرسمية، كما هو الحال في جريدة الأخبار المصرية التي تعطل يوم السبت من كل أسبوع، وتصدر مكانها جريدة أخبار اليوم التي تصدر السبت من كل أسبوع.
تحول الفجر لجريدة يومية
ظلت صحيفة الفجر تصدر أسبوعياً على مدار ثلاث سنوات، وفي العام 1978م قرر المؤسس رئيس التحرير أن تكون يومية، علماً أن الجهد سيتضاعف، والنفقة المادية سترتفع جداً، فضلأً عن النقل إلى مقر جديد مستقل، وتصاحبها مطبعة جديدة خاصة بطباعتها في أبوظبي لتصبح الفجر لها مطبعة خاصة بها، والمبنى فخم مستقل يضم كل الخدمات الإعلامية، وخلال هذه السنوات تغير الكثير من المحررين، ذهب عنها البعض ودخل عالمها البعض، وكل من مر على الفجر أضاف لها وأضافت له، فالفجر كانت بمثابة البوابة الصحفية لكل صحفي مجتهد له بصمة إعلامية اتخذ الإمارات ملاذاً له ومكاناً للعمل، فالفجر تستقبل الكفاءات من الدول العربية بهدف التطوير واستقطاب الأفكار، لم تغلق بابها أمام مبدع أو صاحب قلم وفكر، كانت الأولى في احتضان كل فئات الإبداع، وركيزة عند كل مبدع يرى في نفسه القدرة على العطاء، كثير من الكوادر الصحفية الذين تقلدوا مناصب في صحف قومية ومجلات في الإمارات من الجنسين انتموا إلى الفجر وتخرجوا فيها، ومازالوا يذكرون فضل الفجر عليهم ويفتخرون بأنهم مروا على الفجر في مقتبل عملهم ، ومدى صقل مواهبهم في دار الفجر صاحبة الجلالة.
ملحق فجر الشعراء
مع بداية إصدارها يومياً أضيف للعدد ملحق أدبي بهدف الاهتمام بالأدب، والثقافة، والشعر الفصيح، والنبطي، وكانت تشرف على هذا الملحق المهم الأديبة التونسية خيرة الشيباني، وبعد فترة من إصدار ملحق "فجر الشعراء" الذي ذاع صيته وخلق جواً من المتابعة الدائبة والمثمرة، فالملحق معني بنشر القصائد، وصور الشعراء، مما جعل الأدباء والشعراء يتهافتون لنشر إبداعاتهم المختلفة، فالتنوع الثقافي مطلوب، واختلاف المدارس والمنهج يجعل التفاعل أكثر جدية، ومن هنا استلم تحرير الملحق الشاعر "سالم بن سيف الخالدي"، وفي إدارته للملحق تم نشر إبداعات لنخبة ممتازة من شعراء قصيدة الشعر النبطي.
ساهم الملحق في شهرة العديد من الشعراء فمنهم من تحولت قصائدهم من قصائد منشورة تقرأ، إلى أغانٍ يغنيها المطربون على مسارح الدولة، فلو لم يكن الملحق ما كانت القصيدة لتتحول نغماً.
الفاينانشل تايمز
النجاح والتطور يحتاج دائما لأفكار حديثة تتماشى مع العصر، ولكي تنفرد الفجر بالصدارة ويصبح لها تواجد مميز بين الصحف الإقليمية كان لابد من التواصل مع وكالة الأنباء الإماراتية "وام" بهدف إرسال الأخبار والتقارير المتعلقة بتحركات الحكام، والمراسيم، وتوجيهات الحكومة المعلن عنها، وللحصول على مادة خبرية من صحيفة عالمية تخص المنطقة العربية والأحداث العالمية، كان ينبغي أن توقع الفجر اتفاقية تعاون مع جريدة "الفاينانشل تايمز" التي تصدر في لندن، وأوجه التعاون بدأت بإرسال مقالات اقتصادية لتنشر ،وليطلع القارئ على أهم الأحداث العالمية في مجال المال والاقتصاد، خصوصاً وأن دولة الإمارات من الدول الناشئة ، وتحتاج لبيانات ومعلومات تخدم الصالح العام، وتضع المستثمرين على خريطة العالم الاقتصادية، ونشر الأخبار الداعمة للاستثمار مما يؤدي إلى تجنب المخاطر، أو التقدم في مجال معين تحتاجه البشرية في الوقت الحالي أو في المستقبل. فالفجر أبدعت في هذا الجانب الحيوي من جوانب الاقتصاد، واستفاد الكثير من رجال الأعمال من هذه الأخبار، فكانت بمثابة مؤشر يومي يفيد المستثمرين، وفي الحقيقة أن المحررين قاموا بدور جبار في نقل المعلومات وصياغتها بأسلوب سلس لتصل إلى القارئ جاهزة بدون جهد أو استفسار، فتحقق في عرض الخبر كل جوانبه مما قطع طريق الأسئلة ، فكل شيء تم تغطيته والإجابة عنه.
وهذه الخطوة تطلبت من إدارة الجريدة تعيين فريق من المحررين باللغة الإنجليزية بهدف ترجمة الأخبار والمقالات لتنشر في الجريدة، وتحظى باستحسان الجمهور، وتأييد الفكرة التي أصبحت بعد ذلك موجودة في الصحف المحلية الأخرى.
النظام الإداري
منذ إنشاء الجريدة وتكوين الهيكل التنظيمي للكوادر البشرية، والتسلسل الإداري منتظم إلا بإضافة محررين وخروج آخرين، واستمر الوضع في استقرار لفترة طويلة بين تغيير بعض الأسماء وثبات البعض، فمن الذين تواجدوا منذ النشأة إلى العام ١٩٩٩ وشهدوا إنجازات الفجر ، عبد الفتاح الفيشاوي، محمد العكش، شمس الدين الضعيفي، وانضم لهؤلاء الدكتور شريف الباسل في العام 1987، ولم تتوقف الجريدة يوماً عن الإصدار إلا في الإجازات الاعتيادية، وتصدر بعدد صفحاتها المحدودة أبيض وأسود، بنفس التبويب، والشعار، وتوزيعها مستمر على جميع إمارات الدولة.
زيارات الفجر الخارجية
مرافقة القيادة الرشيدة في السفريات الرسمية للدولة أمر مهم واستراتيجي، حيث رافقت الفجر متمثلة في رئيس تحريرها عبيد حميد المزروعي، المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، في العديد من السفرات الرسمية إلى مصر، لندن، سوريا، بنغلادش، كينيا، الهند، المغرب وباكستان، وكانت كل زيارة خارجية تستغرق عدة أيام، ومن وقت لآخر كان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان يجتمع مع الصحفيين ليتحدث عن مجريات الأمور، وآخر المستجدات ونتائج الزيارة، كما كان يطلب من الصحفيين إبداء الرأي في الموضوعات التي يطرحها ويتحدث عنها، والزيارات إلى الخارج كانت فرصة ذهبية لإجراء حوارات صحفية مع رؤساء الدول والمسؤولين الكبار، لنشرها في الفجر مما جعل الجريدة تعلو خصوصاً وأن اللقاءات حية مع المسؤول، وليست منقولة من وكالات الأنباء المحلية أو العالمية.
مدير تحرير
في عام ٢٠٠٢ تم تكليف الدكتور شريف الباسل بمنصب مدير تحرير الجريدة، بعد أن صبغ بصبغة العمل الصحفي في جريدة الفجر على مدار سنوات، عمل فيها بجد واجتهد في نشر أخبار، وتحقيقات حصرية للجريدة، وعمله المتميز ما دفع الإدارة لإسناده هذا التكليف، خاصة أنه وهو محرر كان حريصاً على كتابة الخبر، أو التحقيق، ومراجعته، وصفه، والوقوف على رسمه، وتصميمه في الصفحة بنفسه، وقلما لو استدعى مصور الجريدة لتغطية فاعلية أو مؤتمر، كان هو من يصور الحدث ويحدد الصورة التي ستنشر مع المحتوى الصحفي، وذكر أن هذه الممارسة تعلمها من صحفي إنجليزي شاهده في مؤتمر يصور الحدث ثم يكتب الخبر ويرسله إلى صحيفته.
اليوبيل الفضي
مر على إنشاء جريدة الفجر ٢٥ عاماً، وحان الاحتفال بمرور ربع قرن من الجهد والمثابرة والنجاح، صفحات الجريدة تنطق بالأخبار والأشخاص الذين نشرت فيها حواراتهم وإبداعاتهم على مدار هذا الزمن، فلو أن شاباً بلغ هذا العمر لكان يافعاً قوياً يتمتع بقدرة ذهنية عالية متطورة في العلم ،خبير في مجاله، هكذا جريدة الفجر كوادرها البشرية جنود وقفوا في صفوف الحق، والكلمة الصادقة، والتروي في اتخاذ القرار، ونهج أسلوب الرصانة والحكمة.
احتفلت جريدة الفجر باليوبيل الفضي، تحت رعاية سمو الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، وزير الإعلام والثقافة في ذلك الحين، وبحضور سمو الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وسعادة راشد عبد الله النعيمي، والشيخ فاهم القاسمي، والسادة/ عوض بن محمد العتيبة، محمد بن هندي، أحمد جمعة الزعابي، راشد بن عمران، خلف بن أحمد بن خلف العتيبة وخلفان الرومي.
وعلى هامش الاحتفال باليوبيل الفضي، لم تنس الإدارة تنظيم حفل لتكريم الموظفين والعاملين بالجريدة، لتقدم لهم كلمة شكر وعرفان على الجهد المبذول في تحقيق التميز والنجاح، خاصة وأن التكريم شمل الصحفيين والإداريين والعمال في المطبعة، التي تم شراؤها من ألمانيا، وأعرب العاملون والموظفون عن امتنانهم، وحبهم للعمل في جريدة كبيرة وعريقة.
ملحق يومي
حرصت جريدة الفجر منذ نشأتها على تقديم كل ما هو جديد ومبتكر للقراء، فمجرد أن عرض مدير التحرير على الإدارة فكرة الملحق اليومي بشكل مميز وتبويب رائع، طلب سعادة عبيد حميد المزروعي منه تقديم المقترح بالمحتوى، ودراسة الجدوى، وبالفعل عندما استكملت الفكرة صارت على الواقع ملحقاً مميزاً، يضم الأخبار الخفيفة، والفن، والرياضة، وأخباراً منوعة من جميع أنحاء العالم، مع نشر موضوعات ثقافية وأخرى عن الصحة، والطب، وأيضا عن الرشاقة، والأناقة، بالاضافة إلى الفن العربي ، والأجنبي، والعلوم، والتكنولوجيا الحديثة، وصورة طبيعية كبيرة في آخر صفحة، وركن الأطفال يضم قصة قصيرة للأطفال، وركن لنشر صور الأطفال مع ذكر الاسم والموهبة، وبهذه الفكرة تصبح صفحات الجريدة أكثر من 28 صفحة، ومع عمل استبيان خرجت النتائج أن القارئ والجمهور المستهدف سعداء بهذه الوجبة الثقافية التي تصلهم يومياً ويعمل عليها نخبة من المحررين والمصممين والمترجمين لتخرج بهذا الشكل المتقن.
الملحق الاقتصادي
وجد مدير التحرير، أن الجريدة تحتاج إلى إضافة ملحق اقتصادي لخدمة القراء من جهة، والانفراد بهذا العمل من جهة أخرى، وبدوره رئيس التحرير عبيد حميد المزروعي أيده في الانطلاقة القوية ليصبح ملحقاً قوياً يضم الأخبار الخاصة بالمال والأعمال، وتغطية الفعاليات الاقتصادية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، ومتابعة حثيثة لحركة الاقتصاد العالمي والمشاريع الجديدة التي تخدم البشرية.
كما تسلط الضوء على رجال الأعمال ومشاريعهم الناجحة، والمشاريع الناشئة، ومنتهية الصغر بهدف دفع عجلة الإنتاج، وتشجيع الاستثمار في دولة الإمارات، وجذب رؤوس الأموال الخارجية لما تنشره الجريدة من مؤشرات إيجابية بناءً على التقارير، والأخبار المتداولة في سوق المال والأعمال.
شعار جديد
ظهرت جريدة الفجر بشعار جديد تم تصميمه بجهد كبير من مدير التحرير الدكتور شريف الباسل، لتتحول كلمة الفجر من الخط النمطي العادي إلى شكلها الحالي ليتماشى مع المتغيرات السريعة، فكتبت كلمة الفجر بأسلوب رسم الخط الطولي، وقد لاقى الشكل الجديد استحسان القراء وأصبح معلقاً في الصورة الذهنية للجمهور، وهذا التبديل ليس لمجرد التغيير العشوائي، ولكن جاء التغيير ليكون مرحلة ثانية من مراحل تطوير الجريدة والإعلان بأنها ليست نمطية، ولكنها متحررة لديها الوعي الكافي لدراسة متطلبات كل مرحلة.
الحاسب الآلي
الزيارات المتكررة للخارج من قبل إدارة التحرير مع القيادات الرشيدة، أو تلبية دعوة لتغطية فعاليات دولية، شاهدت الإدارة في بعض الصحف بالخارج استخدامهم الحاسب الآلي في العمل الصحفي، ووجد أن الأجهزة توفر الوقت والجهد ومخرجاتها تفوق التوقع من الدقة والمهارة، فما كان من مدير التحرير إلا أن أدخل الأجهزة الحديثة من الحاسب الآلي إلى الجريدة، استخدم الحاسوب في جميع مراحل التحضير من كتابة الخبر، أو النص، والمحتوى، إلى التصحيح والصف، والتصميم، الذي بات متقدماً، وتعد الفجر الجريدة الوحيدة في هذا الوقت التي تمتلك هذه التقنية قبل صحف قومية كبرى، وهذا يرجع إلى إيمان رئيس التحرير، مؤسس الجريدة بضرورة التطور والسعي قدماً نحو الانفراد من أجل تحقيق أفضل منتج، ومن جهة أخرى إيمانه بالتخصص وترك الأمور الإدارية، والفنية للمتخصصين، ولو لم يكن يؤمن بالفكرة ما فكر،ولا دبر، ولا سعى لتحقيق التميز، فجريدة الفجر دائماً تبحث عن كل ما هو جديد، وما يخدم العملية التحريرية التي تريح القارئ.
الألوان
ظلت جريدة الفجر تُطبع بالأبيض والأسود فترة طويلة، حتى طلت على القراء بمظهرها الجديد بالألوان، وهذه المرحلة تعد طفرة تحسب لإدارة الجريدة، أن تصبح الجريدة التي يصل عدد صفحاتها كحد أدنى ٢٨ صفحة بغلاف ملون، وبملحق يومي ملون الغلاف أيضاً، بالإضافة إلى صدور العديد من الملاحق الملونة بكامل صفحاتها كان حلماً بعيد المنال، لكن فور الشعور بإمكانية تنفيذ الخطة تم طباعتها، وأسعدت الكثير من القراء، فالصورة مريحة للعين، وواضحة للقارئ ومبهجة لصاحب الصورة، تدعوه للاحتفاظ بالصحيفة في مكتبته أو على الأقل، قص النص مع الصورة.
تطور كبير حل على الجريدة بما فيها من محتوى، فالألوان منحت الجريدة قوة، وأثارت حفيظة الصحف المنافسة، وتظل الفجر في المقدمة دائماً والسبب تجاوز المألوف، والانفراد بالسبق ليس الصحفي وحسب، ولكن بالخطط الاستراتيجية للتغيير، والقفز نحو القمة المهنية في الشكل والمضمون.
الموقع الالكتروني
شعر رئيس التحرير ومدير التحرير الذي أخذ على عاتقه التطوير أسلوب حياة، أن الصحف المطبوعة في خطر بسبب عزوف القراء عن شراء الصحف الورقية والاعتماد على الأخبار الواردة من القنوات الفضائية والمواقع الأجنبية، ففكر في تأسيس موقع الكتروني يليق بالجريدة ويكون نواة لنشر الأخبار والفيديوهات به، وبالفعل بدأ العمل على ترتيب الموقع، وبعد تصميم أكثر من موقع اختير التصميم الحالي على أسس، ومعايير دولية، ومن أهم هذه المتطلبات أن يكون موقعاً سهل التصفح، والتنقل، وطبع الخبر والاستفادة من المعلومات، مع تدوين عدد المشاهدات، والقراءات، واستقبال رسائل استرشادية تدعم التطوير، والتحسين الدائمين.
جاء الموقع الإلكتروني في وقت انتشرت فيه ظاهرة البحث عن الأخبار في المواقع الأجنبية، والمواقع الأخبارية، التي تم ترخيصها مؤخراً، وهذه المواقع والتطبيقات تأخذ معلوماتها وأخبارها من الصحافة المحلية والعالمية، وتبث على المباشر باستمرار، مما يفقد الصحف المطبوعة جزءاً من رونقها، لأن الخبر قد سبق ونشر في وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات قبل الجريدة التي تصدر في اليوم التالي، لذلك كان على إدارة الفجر أن تعي هذا التغير المباغت لمجال الصحافة الورقية.
انطلق الموقع الإلكتروني لجريدة الفجر ليصبح واحداً من أهم المواقع التي يعتمد عليها في مصداقية الخبر، فانتشار الأخبار المفبركة على مواقع التواصل الاجتماعي تتسبب في تشتيت الرأي العام وتكدر التعايش السلمي، مما جعل الصحف الورقية على مستوى الوطن العربي تأخذ هذا المأخذ، وتصمم مواقع تنشر فيها الأخبار السليمة والصحيحة على لسان المسؤولين، وهذا بهدف البقاء على الساحة ، واستقطاب فئة الشباب الذين يعكفون عن قراءة الصحف الورقية، ويعتمدون على الهواتف النقالة، ويأخذون المعلومات بدون عناء، لذلك فطنت الفجر لهذه الجزئية تماماً، وصارت كتابة الأخبار تتماشى مع أخبار المواقع، بمعني أن الخبر تقلص في إسهاب الكتابة، وصار عدد كلماته لا تتجاوز المائتي كلمة تخفيفاً على القارئ، وأخبار تقل عن هذا العدد حتى تصلح لنشرها على صفحات الجريدة بالتواصل الاجتماعي (انستجرام، واكس، وفيس بوك)، إدراكاً من الإدارة أن هذه الخطوة استباقية لأخذ مكان ضمن الخريطة الإلكترونية الحديثة.
لقاءات قوية
التقى رئيس التحرير عبيد حميد المزروعي رؤساء دول أثناء مرافقة المغفور له الشيخ زايد طيب الله ثراه، وزيارة دول عربية وآسيوية وأوربية، وجاء التكليف لمدير التحرير باستكمال هذا المشوار، بالزيارات المكوكية لدول العالم والتواصل مع المسؤولين في الدول الصديقة وإجراء حوارات صحفية معهم في القصور الرئاسية، أحياناً تكون الزيارة ضمن وفد صحفي من الدولة، وأحيانا تكون على نفقة الجريدة، أو دعوة حصرية للفجر من زعماء ورؤساء ووزراء دول.
إن لقاءات رؤساء دول ورؤساء حكومات وشخصيات عربية ودولية، منحت الفجر ثقلاً بين هذه الدول الأجنبية، خاصة وأنها تحمل اسم دولة بحجم الإمارات، فالصحافة تعتبر السفير الناعم للدول، والمرآة الحقيقية لنقل الأخبار الصادقة التى تخدم في النهاية متخذي القرار، وتعددت اللقاءات والمقابلات التي تم نشرها، إما باللقاء المباشر، أو عبر الهاتف، وزارت الفجر العديد من دول العالم بهدف نقل آراء المسؤولين، وتوطيد العلاقات بين الدول، حيث أن الصحافة الوطنية من دورها مد جسور التقدير والاحترام بين الدول.
ملاحق اليوم الوطني
طبعت الفجر ملاحق خاصة بالفعاليات الوطنية كاليوم الوطني، التي خصصت له ملحقاً خاصاً متضمنأً كلمات التهنئة من كبار المسؤولين في الداخل، والخارج، وكذلك القراء، وهذا الملحق يعبر عن ولاء الجريدة ومؤسسها والقائمين عليها لدولة الإمارات، ومدى اهتمام فريق العمل وحرصهم على بث روح الأخوة بين النفوس، ومشاركة جميع أفراد المجتمع هذا العرس السنوي الذي يجدد فيه الشعب ولاءه للقيادة الحكيمة وانتماءه للوطن.
آراء الكتاب
خصصت جريدة الفجر صفحة تتلقى إبداعات الكتاب تحت عنوان" آراء الكتاب" حيث تنشر يوم الأثنين من كل أسبوع تضم عدداً من الكتاب الموهوبين في الأدب والشعر، بحد أقصى ١٠ كتاب في الصفحة ولا يتخطى المقال أو القصيدة ٣٠٠ كلمة لإعطاء أكبر عدد ممكن من المشاركة، وهذه الصفحة اعتبرتها إدارة الجريدة امتداداً لملحق فجر الشعراء، الذي توقف من سنوات، والحقيقة أن الصفحة منذ نشأتها من أربعة أعوام تقريباً ساهمت في صنع كتاب حقيقيين لهم كتب ودواوين نشرت في معارض الشارقة الدولي للكتاب، وأبوظبي الدولي للكتاب، ويقوم على إعدادها منذ هذا الوقت الكاتب أسامة عبد المقصود، بتكليف من الإدارة وذلك لما لهذه المبادرات من أهمية كبرى في خلق مناخ مناسب لاكتشاف المواهب وحث القارئ على أن يصبح كاتباً في عالم الأدب والصحافة.
تدريب الطلبة
وتعزيزاً لدور جريدة الفجر تجاه المجتمع، قامت بتدريب طلبة إعلام من جامعة ليوا، وجامعة الإمارات، وجامعات الدولة، وبعض المدارس، بهدف خلق جيل جديد يعرف قيمة الكلمة، ويتعلم كيفية كتابة الخبر، والتصوير، والتصميم والإخراج، وذلك لصناعة كوادر بشرية مواطنة تسهم في عملية التنمية المستدامة وبناء إنسان واع ومتفتح قادر على تحليل الأخبار، وتحليل الصورة وعدم الوقوع في فخ الأخبار المغلوطة التي تتسبب أحياناً في دمار العقول وتلوث المفاهيم.
كما شجعت الفجر طلاب كليات الإعلام المشاركة بكتابة المقالات بهدف التدريب وتصحيحها لهم للتدريب العملي، وكانت أبواب الفجر مفتوحة أمام المتفوقين من الطلبة للعمل في صالة التحرير، كما قام مدير التحرير بزيارة الكثير من الجامعات منها، جامعة الإمارات للتكنولوجيا "ليوا" حاليا وقدم ورش عمل في كيفية إصدار مجلة، وكتابة الرسائل، والأخبار، والفرق بين التحقيق ،والتقرير، وغيرها من أشكال عمل التحرير.
توزيع الجريدة
سعى مدير التحرير أن تكون آلية التوزيع حول الإمارات بأسلوب يجمع بين التوزيع الذاتي وأيضا كبرى شركات التوزيع في الامارات، فاقتــرح على المؤسس أن يكون للجريــدة أسطـــولها من ســيارات التوزيع الرئيسة وموزعون بسيـارات صغيرة لداخل المدن، وجاءت الفكرة متطابقة مع فكرة المؤسس وقت فضل أن يكون للفجر مقر خاص بها ،ومطبعة خاصة بها، وتم بالفعل توفير احتياجات التوزيع الذاتي من أسطول مع الاستعانة أيضاً بالشركة الموزعة.
الختام
وضعنا هذا التقرير بين يد القارئ ليعلم أن الجريدة التي يقرأها في ساعة كان وراء تنفيذها جيش من الكوادر البشرية، والآلات الحديثة، لتخرج في النهاية بهذا الشكل، كما أن الوقت الذي يعمل فيه الجميع كخلية نحل يستغرق أكثر من ١٨ ساعة عمل مستمر، من لحظة وجود الحدث إلى كتابته، وتصحيحه، والتقاط الصور الخاصة به ،وتصميمه، وتجميعه في (ماكيت)، ووصوله للمطبعة، وخروجه كصحيفة متكاملة وتجميعها في شكل حزمة وتحميلها في السيارات، وتوزيعها، كل هذا الوقت يحتاج إلى جهد كبير من فريق العمل، ويهون هذا الجهد والتعب في سبيل توصيل المعلومة السليمة، والكلمة الصادقة للقارئ المتميز الذي توجه له إدارة الجريدة أرق التحيات، والتقدير لأن بدونه ما كانت الجريدة تحتفل اليوم باليوبيل الذهبي.
المصادر
كتاب وقائع الزمان وأعمدة البنيان- الكاتب عبيد المزروعي - ص ٢٣٠
الحوار منشور في كتاب الفرائد ج٣ ص ١٧
كتاب الإعلام في دولة الإمارات تأليف عبد الله النويس