مخلب إيطالي ضد فرنسا

صعود ميلوني ينهي شهر العسل بين روما وباريس...؟

صعود ميلوني ينهي شهر العسل بين روما وباريس...؟

-- يرفض حزبها منح فرنسا شيكا على بياض بشأن مسائل المالية والدفاع والعدالة والتجارة وسياسات الهجرة
-- عدم الثقة في باريس لا يزال قائما بين أتباع الحركات السيادية


  إذا لم تكن الرومانية المنتخبة، في الماضي، لطيفة مع فرنسا، فقد أصبحت نبرتها أكثر لينا واعتدالا منذ أن توقعت استطلاعات الرأي فوزها في الانتخابات المقبلة.

   النظرة الزرقاء الثاقبة، والصوت الحاد، والشخصية القوية: قد يضطر الفرنسيون إلى التعود على صورة جيورجيا ميلوني.
فوفقًا لاستطلاعات الرأي، فإن الرومانية البالغة من العمر أربعين عامًا، وفراتلي دي ايطاليا (يمين ما بعد الفاشية) يمكن أن يتصدروا التصويت مساء الانتخابات التشريعية في 25 سبتمبر الجاري، وربما يسيطرون على الحكومة الإيطالية المستقبلية. بما يسدل الستار نهائياً على “شهر العسل” بين باريس وروما تحت رعاية رئيس الوزراء المنتهية ولايته ماريو دراجي.

    أغلبية على اليمين في إيطاليا، السيناريو ليس جديدًا وعواقبه معروفة مسبقا بشكل أو بآخر. منذ أكثر من عقد، أملاها سيلفيو برلسكوني، “كانت العلاقات مهذبة، ولكنها ليست سلسة بشكل خاص”، يذكّر جان بيير دارنيس، المتخصص في العلاقات الفرنسية الإيطالية بجامعة كوت دازور، وتفجرت في 2018-2019، مع “رابطة سالفيني الذي أشعل كل النيران ضد فرنسا».

    وإذا كان من الواضح عدم استبعاد مشاركة الكابيتانو في السلطة التنفيذية المستقبلية، فإن الأغلبية التي تقودها جيورجيا ميلوني لن تؤدي إلى “حكومة استفزاز وقطيعة، بل إلى حكومة يمين موسع ومحافظ، تحترم معنى التحالفات الدولية وموقع إيطاليا في أوروبا”، يرى الباحث.
وهذه نتيجة، حسب قوله، لـ “العمل الكبير من اجل نيل الاحترام” الذي قامت به رئيسة فراتلي دي إيطاليا على الساحة الوطنية والدولية.
   يبدو بعيدا زمن الهجمات الشرسة للسياسية الرومانية ضد جارتها الفرنسية. في 2018 ..
 على سبيل المثال، اتهمت جورجيا ميلوني الفرنسيين بقصف ليبيا “لأنه أزعجهم أن إيطاليا تتمتع بعلاقة مميزة في قطاع الطاقة مع القذافي، مما يعرضنا لفوضى الهجرة التي نجد أنفسنا فيها”.

 أو للتنديد بقوة على شاشة التلفزيون، في العام التالي، بالدمار الذي لحق بفرنك المجموعة المالية الأفريقية، (“عملة استعمارية”) كما أعلنت، والاستغلال الاقتصادي لأفريقيا من قبل فرنسا، تدعمها صورة طفل من بوركينا فاسو في منجم ذهب.
   وإذا كانت النغمة قد هدأت نسبيًا اليوم، فإن عدم الثقة في باريس لا يزال قائما بين أتباع الحركات السيادية.

 وهكذا كانت حركة فراتلي دي إيطاليا القوة البرلمانية الوحيدة التي رفضت، الربيع الماضي، التصويت لصالح المصادقة على معاهدة التعاون الثنائي للكويرينال، مقارنة النص بـ “شيك على بياض لفرنسا بشأن مســـــائل الماليـــــــة والدفاع والعدالة والتجارة وسياسات الهجرة”.
 وبشكل منتظم، في الاجتماعات، لا تتردد في توجيه أصابع الاتهام إلى شهية الشركات الفرنسية للـ “ميدن ايتالي” والترويج للدفاع عن “المصالح الوطنية».

     في منتصف شهر أغسطس، جويدو كروسيتو، المؤسس المشارك لفراتلي دي ايطاليا، والمقرب لزعيمة اليمين المتطرف، انزعج من المكانة المتزايدة التي يحتلها كريدي أغريكول في القطاع المصرفي الإيطالي. “إذا كانت ميلوني عقلانية كما يبدو أنها تســــــعى الى إظهاره، وإذا كانت تريد طمأنة الأسواق والدوائر الصناعية، فسيتعين عليها تهدئة هذا النوع من الكلام”، يحــــذر الباحث جان بيير دارنس.

صلاتها بمارين لوبان
وماريون ماريشال
   من جهة الدعم في فرنسا، لا تزال جورجيا ميلوني متحفظة تمامًا في الوقت الحالي. وعلى عكس ما يظهره ماتيو سالفيني بانتظام لصداقته لمارين لوبان وقربه السياسي من التجمع الوطني (الذي تحالفت معه الرابطة في البرلمان الأوروبي ضمن مجموعة الهوية والديمقراطية).
   ومع ذلك، تتقاسم رئيسة فراتلي دي ايطاليا عددًا من التحديات المشتركة مع النائبة المنتخبة الفرنسية: فرض نفسها كامرأة في عائلة سياسية ذكورية للغاية، أو السعي لبناء طبقة حاكمة ذات مصداقية، قادرة على طمأنة الناخبين والشركاء الأجانب، أو حتى العمل على “نزع الشيطنة” عن حزبيهما.

   «هناك تواز في تطور هذين الحزبين المتطرفين اللذين يرغبان اليوم في الاتجاه نحو المحافظة”، يقر الباحث من جامعة كوت دازور. لكن لا يوجد تقارب سياسي. لأنه، في مسار سعيهما لنيل الاحترام، سيكون تقاطعهما مشكلة. سيكون الأمر أشبه بإعادة تكوين نوع من معسكر المرعبين”، يحلل جان بيير دارنيس.

    النتيجة: بعد أن أظهرت دعمها لرئيسة الجبهة الوطنية في الماضي، فضلت جيورجيا ميلوني الانسحاب مساء الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية الفرنسية لعام 2022. لقد اعتبرت انه لا يمثلها أي من المرشحين للدور النهائي، مسجّلة ابتعادها عن عائلة التجمع الوطني من خلال التذكير بانتمائها إلى معسكر “المحافظين والإصلاحيين” “مشككون في أوروبا أكثر “اعتدالاً” على الساحة الأوروبية. كما لا يوجد تقارب مع إريك زمور أيضًا، على الرغم من بعض التقارب الأيديولوجي -حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية أو موضوع الهجرة -الذي ينسبه إليهما بعض المراقبين. ولن يغير الاتفاق السياسي، الذي يرمز إليه الثنائي الفرنسي-الإيطالي ماريون ماريشال -فينتشنزو سوفو “عضو البرلمان الأوروبي والمنشق الشاب عن الرابطة ليلتحق بفراتلي دي ايطاليا”، أي شيء. والكارثة الانتخابية المزدوجة لمرشح استعادة فرنسا! تولت إنهاء العمل.