صلابة «نسور قرطاج» الدفاعية تطير بهم إلى النهائيات

صلابة «نسور قرطاج» الدفاعية تطير بهم إلى النهائيات

من قلب مالابو عاصمة غينيا الاستوائية، انتزع المنتخب التونسي بطاقة التأهل إلى نهائيات كأس العالم 2026 لكرة القدم، للمرة السابعة في تاريخه والثالثة تواليا، بعد عودته بانتصار قاتل ومتأخر بهدف نظيف أحرزه البديل محمد علي بن رمضان في الدقيقة الرابعة من الوقت بدلا من الضائع ضمن منافسات المجموعة الثامنة من التصفيات الإفريقية.
ويدين المنتخب التونسي بانتصاره هذا المولود من رحم المعاناة، في المقام الأول، إلى صلابة منظومته الدفاعية بقيادة نجم مواجهة مالابو الأول، حامي العرين، أيمن دحمان الذي حافظ على نظافة شباكه للمباراة الرابعة تواليا في التصفيات، بعدما كان زميله بشير بن سعيد قد قام بالأمر عينه في الجولات الأربع الأولى منها، ليصبح بذلك "نسور قرطاج" إلى جانب ساحل العاج، المنتخبين الوحيدين اللذين لم يتلقيا أي هدف في التصفيات الإفريقية حتى الآن. وأعاد التألق الدفاعي إلى الأذهان بعضا من ذكريات عمالقة الدفاع التونسي في تسعينات القرن الماضي وبداية الألفية الجديدة، مثل المدرب الحالي للمنتخب، الدولي السابق سامي الطرابلسي، منير بوقديدة، الراحل الهادي بالرخيصة، خالد بدرة وراضي الجعايدي وغيرهم، إضافة إلى حراس مرمى كبار من طينة شكري الواعر وعلي بومنيجل.
استهل المنتخب التونسي مشواره في التصفيات تحت إشراف مدربه السابق جلال القادري الذي قاده في الجولتين الأوليين منها، قبل أن يخلفه منتصر الوحيشي في الجولتين الثالثة والرابعة، وصولا إلى تعيين الطرابلسي لقيادته في الجولات الأربع الأخيرة.
لكن تولي ثلاثة مدربين المهمة، لم يهزّ الصلابة الدفاعية، على الرغم من تغيير أسماء عناصر المنظومة الدفاعية بين مباراة وأخرى. ويعود الفضل في عدم اهتزاز شباك تونس إلى الحارسين دحمان وبن سعيد، ومعهما زملائهم في خط الدفاع ياسين مرياح، منتصر الطالبي، علي العابدي، وجدي كشريدة، حمزة المثلوثي، ديلان برون، محمود غربال، مرتضى بن وناس ويان فاليري، وقد كان لكل من هؤلاء مساهمة طوال مشوار التصفيات الذي استهلته تونس بالانتصار برباعية نظيفة على سان تومي وبرينسيبي على ملعب حمادي العقربي في 17 تشرين الثاني-نوفمبر 2023. وإلى جانب حارسي المرمى والمدافعين، كان للقيام بالواجبات الدفاعية للاعبي الوسط مساهمات واضحة في تأمين نظافة الشباك، وهي مهمات أنيط بها عيسى العيدوني، الياسي السخيري، فرجاني ساسي، بن رمضان، حمزة رفيعة، نادر الغندري وأنيس بن سليمان منذ بداية التصفيات وصولا إلى حجز بطاقة التأهل. برز خلال مشوار تونس في التصفيات، إلى جانب صلابتها الدفاعية، تنوّع أسلحتها الهجومية، إذ لم يتألق اسم بعينه في الطريق إلى بلوغ النهائيات، بل تناوب 10 لاعبين على تسجيل أهدافها الـ13 في 8 مباريات حتى الآن.
وترك خمسة لاعبين يشغلون مراكز هجومية بصمتهم من بين اللاعبين العشرة على قائمة هدافيها، هم المخضرم يوسف المساكني من العربي القطري بهدفين، حمزة المستوري من دينامو محج قلعة الروسي بالرصيد عينه، إضافة إلى سيف الدين الجزيري من الزمالك المصري والياس عاشوري من كوبنهاغن الدنماركي والياس سعد من أوغسبورغ الألماني بهدف واحد لكل منهم.
وكان لافتا أن الأهداف الستة الأخرى، أي ما يقارب نسبة 50% من الأهداف المسجلة، حملت توقيع لاعبي الوسط بن رمضان (2)، رفيعة (1)، ساسي (1)، فراس بن العربي (1)، إضافة إلى المدافع مرياح (1). كما كان لافتا مساهمة الظهير الأيسر العابدي الناشط في نيس الفرنسي، على صعيد الصناعة بتقديمه تمريرتين حاسمتين، إضافة إلى جناح مانشستر يونايتد الإنكليزي السابق حنبعل المجبري بتمريرة حاسمة واحدة، ومثلها للمهاجم فراس شواط صاحب التمريرة الحاسمة في الانتصار على غينيا الاستوائية الاثنين.
تعكس هذه الأرقام العمل الجماعي المُنجز والأجواء الإيجابية التي نجح الطرابلسي والجهاز الفني المساعد، بإرسائها داخل غرف الملابس، إلى جانب مدير المنتخب، المهاجم الدولي السابق زياد الجزيري صاحب الأهداف الدولية الـ11 في 60 مباراة. وقال الجزيري بعد انتزاع بطاقة التأهل من مالابو إن المجموعة الحالية من اللاعبين مميزة فنيا وقادرة على الذهاب بعيدا، مؤكدا أن الأجواء إيجابية داخل المنتخب، لكن الظروف تقتضي مضاعفة الجهود ومواصلة العمل بدلا من التمادي في الفرحة ببلوغ النهائيات.
ويُعتبر وجود الجزيري المشارك في كأس العالم 2002 و2006، كأس القارات 2005، وكأس أمم إفريقيا 2000 و2004 و2006، عاملا مهما مساعدا للاعبين خلال نقل خبرته الدولية وتجربته إليهم.
وهو الأمر الذي أكّده بن رمضان صاحب هدف التأهل "قال لي زياد "الجزيري" إنني سأحرز هدف التأهل"، مضيفا "كلنا مجموعة واحدة، اللاعبين والمدرب والجهاز الفني وقد أسعدنا الجمهور التونسي".
وتابع حول الهدف الذي يعكس جماعية وإنكارا للذات من زميله شواط "عندما استلم فراس شواط الكرة في اللحظات الأخيرة، عرفت أنه سيفوز بالمواجهة الثنائية أمام لاعب غينيا الاستوائية، فتقدمت ووضعت نفسي في موقع سانح للتسجيل وقدم لي تمريرة حاسمة رائعة".