رئيس الدولة يتلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الســوري تبـادلا خلالـه التهانـي بعيـد الأضحى
أول رئيس حكومة عراقي يترك منصبه قبل نهاية ولايته
عبد المهدي.. مارس مهمته وسط حقل من الألغام
من عادل عبد المهدي، سيذكر تاريخ العراق الحديث رئيس حكومة مستقلا وصل إلى الحكم بديموقراطية توافقية كشخصية قادرة على الإمساك بالعصا من النصف داخلياً وخارجياً في بلد كان حينها مزهواً بالنصر على تنظيم داعش، وخرج حاملاً وزر عهد انتهى دامياً بمقتل متظاهرين، وعملية اغتيال أجّجت التوتر في المنطقة.
وعبد المهدي البالغ من العمر 77 عاماً، الذي تسلّم منصبه في تشرين الأول-أكتوبر 2018، صاحب باع طويل في السياسة العراقية. وهو رجل اقتصاد ولد لعائلة في بغداد جذورها في الناصرية التي عاشت قبل أشهر ليالي دم ونار، وعارف بدهاليز الأوساط الدبلوماسية، وكان أمامـــــه مهمة رسم مستقبل العــــراق على مــــدى أربـــع سنوات. لكنه أصبح في كانون الأول-ديسمبر 2019، أول رئيس حكومة يترك منصبه قبل نهاية ولايته، في عراق ما بعد العام 2003، تاريخ الإطاحة بصدام حسين.
كانت لعبد المهدي انتماءات سياسية متعددة خلال عقود معارضته في المنفى لنظام الراحل صدام حسين.
وكان من المرتقب أن يكون جسراً بين قوى عدة، من المؤيدين لإيران صاحبة النفوذ الكبير في العراق، ومن حلفاء الولايات المتحدة، وأنصار استقلال القرار السياسي للبلاد، إضافة إلى الأكراد الذين يتنازعون مع بغداد عائدات النفط.
استقال عبد المهدي تحت ضغط المتظاهرين الذين يربطونه بفضيحة عمرها عشر سنوات، متهمين أعضاء من فريق أمنه الشخصي بارتكاب جريمة دامية في أحد مصارف بغداد. ولكن أيضا بضغط من المرجعية الشيعية الأعلى في البلاد وحلفائه من الحشد الشعبي الذين دعوا إلى “التغيير».
وكان عبد المهدي، كما يقول منتقدوه، الحلقة الأضعف في وجه الأحزاب التي كانت تحاول تشديد قبضتها على دولة ينخرها الفساد والمحسوبية.
ويقول أحد كبار المسؤولين الذين عملوا لفترة طويلة مع عبد المهدي “إنه يحب الإجماع ويكره اتخاذ قرارات جذرية».
لكن في مواجهة عشرات آلاف المتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع، “كان مقتنعا بأن عليه أن يقاتل ضد انقلاب».
ويضيف المسؤول “كان (عبد المهدي) يعلم بأنه لا يستطيع أن يكون ثورياً” وتمسك بحلفائه السياسيين لأن ليس لديه أي حزب أو دعم شعبي.
عرف رئيس الحكومة المستقيل السياسة على يد والده الذي كان وزيرا في عهد الملكية التي سقطت عام 1958 في العراق. فانضم في بداياته إلى حزب البعث الذي أوصل صدام حسين إلى سدة الحكم في أواخر السبعينات.
وبعد ذلك، صار معارضاً شرساً لنظام صدام، أولاً في صفوف الشيوعيين، ثم ب”سيف” الإسلاميين، في منفاه بين سوريا ولبنان، قبل أن يعود إلى بغداد بعد سقوطها في أعقاب الغزو الأميركي للبلاد في العام 2003. في تلك المرحلة، صار عبد المهدي قياديا بارزا في المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، وهي حركة أسسها محمد باقر الحكيم، وكان حينها رفيقاً لزعيم منظمة “بدر” هادي العامري.
بعد كل تلك التجارب، انسحب عبد المهدي من التشكيلات السياسية، وقدم نفسه كمستقل.
ويقول أحد المسؤولين السابقين طالباً عدم كشف هويته إن تلك التنقلات الكثيرة في السياسة “تقول إن عبد المهدي يريد شيئاً واحداً فقط: السلطة».
بعد استقالته، بقي عبد المهدي رئيس حكومة تصريف أعمال لأكثر من خمسة أشهر، مع فشل شخصيتين قبل رئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، بتشكيل حكومة.
وكانت حكومة عبد المهدي شاهدة على عملية اغتيال الأميركيين للجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في بغداد. وكان الرجلان من المفاوضين الرئيسيين لتأمين بديل له.
بدأ مشوار عبد المهدي في السياسة العراقية كعضو في مجلس الحكم الموقت الذي شكلته القيادة العسكرية الأميركية بعد العام 2003، ثم اختير لفترة وجيزة وزيرا للمالية في الحكومة الانتقالية، قبل أن يصبح نائبا لرئيس الجمهورية بعد أول انتخابات متعددة الأحزاب في العراق العام 2005.
في العام 2014، عين وزيرا للنفط في حكومة رئيس الوزراء آنذاك حيدر العبادي، لكنه استقال من المنصب بعد عامين.
في 25 تشرين الأول/أكتوبر، ومع تسلمه منصبه، أكد رئيس الحكومة المستقيل الذي يتحدث الفرنسية والإنكليزية بطلاقة، أن كتاب الاستقالة “في جيبه”. لكنه لم يخرجه إلا بعد شهرين من الاحتجاجات التي أسفرت عن مقتل أكثر من 400 شخص.