من طفل الشوارع إلى الرئاسة:
عودة لولا دا سيلفا: قيامة رجل بتسع أرواح...!
-- قرار المحكمة العليا أعاده إلى المسرح، وسياسيًا تغيّر كل شيء
-- لولا هو المرشح الوحيد القادر على هزم بولسونارو في انتخابات 2022
-- تطور مذهل، يعيد إحياء هذا الوحش السياسي الذي اعتبره الجميع ميْتا سياسيًا
ألغى قرار للمحكمة العليا جميع التهم الموجهة إلى الرئيس البرازيلي السابق. إنه الآن في أفضل وضع لهزم جايير بولسونارو عام 2022.
مثل القط الأسطوري، علينا أن نصدق أن الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أو “لولا” (2003-2010) يملك تسع أرواح. ففي تطور مذهل، تم إحياء هذا الوحش السياسي.
ففي وقت ليس ببعيد، كان بالنسبة للجميع في عداد الأموات سياسيًا، إلى أن قررت المحكمة العليا البرازيلية، التي تنظر في جميع القضايا المتعلقة بفضيحة الفساد لافا جاتو، الاثنين 8 مارس، إلغاء جميع الإجراءات التي بدأت منذ عام 2015 ضد مؤسس حزب العمال.
وهكذا، فإن جميع الاتهامات التي وجهها القاضي السابق سيرجيو مورو على مدى ست سنوات أصبحت باطلة. فحسب هذا الأخير (أصبح فيما بعد وزير العدل لفترة قصيرة عند بولسونارو وفقد اليوم مصداقيته على نطاق واسع)، تلقى لولا رشاوي من شركة النفط بتروبراس في شكل أربعة عقارات، دون تقديم أي دليل على الإطلاق.
أربعة عشر إجراء آخر مفتوح هي أيضا عرضة للفسخ. ففي هذه القضايا، كان على القضاة الأحد عشر في المحكمة العليا التحقق مما إذا كان القاضي السابق مورو قد تصرف بحيادية أو من أجل تحطيم مسيرة لولا بشكل دائم. لذلك ربما لا يكون القاضي غير سعيد برؤية هذه الإجراءات تنطفئ ...
الرئيس السابق، الذي أمضى 580 يومًا في السجن من 2018 إلى 2019، يستعيد جميع حقوقه المدنية، ويصبح مؤهلاً مرة أخرى لمنصب سياسي، بما في ذلك رئاسة الجمهورية.
«سياسيًا، هذا يغير كل شيء: وفقًا لاستطلاع نُشر في نهاية الأسبوع الماضي، فإن لولا هو المرشح الوحيد القادر على هزم الرئيس جايير بولسونارو في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2022”، يلاحظ المدير التنفيذي للمرصد السياسي لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في معهد الدراسات السياسية بباريس. وفي حال فوزه في الاقتراع، فسيكون ذلك تحولًا هائلاً، إلى جانب بعث يشبه المسيح تقريبًا، ستضاف إلى الأسطورة الثرية أصلا لهذا الحيوان السياسي الذي سبق أن مات عدة مرات، قبل أن يعود إلى الحياة، وصولا إلى ذروة السلطة.
حياته الأولى: لولا غارقا في البؤس. هو السابع من بين ثمانية أشقاء، ولد عام 1945 لعائلة فقيرة في بيرنامبوكو، في منطقة نوردست. لحسن الحظ، نجا من حالته عندما كان رضيعًا، على عكس أربعة من إخوته وعدد لا يحصى من الأطفال الصغار في مسقط رأسه الذين يعانون من فقر مدقع. حتى على مستوى قريته المتواضعة، تعتبر عائلة لولا محرومة، ونادرا ما يكون لدى الأشقاء ما يكفي من الطعام. في السابعة من عمره، قررت والدة الرئيس المستقبلي الهجرة إلى الجنوب للاستقرار في ساو باولو على أمل مستقبل أفضل. رحلتهم بالحافلة، مع الصغير لولا ماسكا بتنورة والدته، تنتمي إلى الأسطورة “اللولية».
الحياة الثانية: طفل الشوارع. في الوقت الذي تعمل فيه والدته كمعينة منزلية، يقوم لولا بعدد من الوظائف الهامشية التي تمنعه من الالتحاق بالمدارس العادية. بائع برتقال، تلميع أحذية، عامل يومي: في الضاحية الصناعية لمدينة ساو باولو الكبرى، يساهم الشاب نوردستين بكل الوسائل في دخل الأسرة المتواضع.
تُرك لمصيره “القط” لولا، ذكي بما يكفي للهروب من مخاطر المدينة الكبيرة. وفي عطلات نهاية الأسبوع، يذهب إلى المانغروف لصيد السرطانات، ثم إلى الغابة لجمع الحطب. وفي سن الرابعة عشرة، وجد وظيفة “عامل” في مكتب، وتلقى أول قسيمة راتب بالشكل المناسب.
الحياة الثالثة: العامل. في سن السادسة عشرة، ترك لولا المدرسة إلى الأبد عندما وجد وظيفة في مصنع للصلب في ساو باولو... عمل خطير. عام 1964، عندما بلغ من العمر 19 عامًا، فقد إصبعًا قطع بواسطة آلة. تسلم تعويضا من الشركة، مبلغ كان كافيا لشراء قطعة أرض صغيرة وسيارة لوالدته.
الحياة الرابعة: الزعيم النقابي. منذ عام 1966، بعد فترة من البطالة، أصبح لولا، الذي لا يزال يعمل في صناعة الصلب، نقابيًا، يتردد على النشطاء الشيوعيين، وتسلق مراتب النقابات المهنية عندما اشتدت الديكتاتورية البرازيلية، على وجه الخصوص، منذ عام 1968.
ظهرت مواهبه كزعيم تدريجيا، وخلال الإضرابات الكبرى 1979-1980، سُجن. اقترب من المثقفين (مثل عالم الاجتماع الرئيس المستقبلي فرناندو إنريكي كاردوسو) والحركات الاجتماعية وعلماء دين متحررين، شارك لولا في تأسيس حزب العمال. وانتهت الديكتاتورية التي بدأت عام 1964، عام 1985.
الحياة الخامسة: المرشح الرئاسي. عام 1989، ترشح لولا لأعلى منصب في الدولة. مرشح عن حزب العمال، واجه معارضة من الاستبلشمنت الذي يعتبره يساريًا خطيرًا. وانحازت قناة جلوبو تي في القوية “للبلاي بوي” فرناندو كولور دي ميلو. متورطًا في فضيحة فساد، استقال هذا الأخير دون استكمال فترة ولايته. وترشّح لولا مرة أخرى عام 1994 و1998، وفي كل مرة يُهزم من قبل الاشتراكي الديمقراطي فرناندو هنريكي كاردوسو.
الحياة السادسة: رئيس. الترشح الرابع هو الترشح الإيجابي! في الأول من يناير 2003، تولى الرئيس العامل منصبه في جو من الابتهاج في برازيليا، العاصمة التي تصورها المهندس المعماري أوسكار نيماير. رئيس الفقراء، ساعده وضع اقتصادي استثنائي مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية (النفط والمعادن وفول الصويا) مما سمح له بوضع سياسة اجتماعية سخية. وبفضل برنامج بولسا فاميليا، خرج عشرات الملايين من البرازيليين من براثن الفقر. إن ارتقاءهم الاجتماعي يسمح لهم ببلوغ وضع البرازيليين الفقراء، وبالنسبة للبعض، الاندماج في الطبقة الوسطى.
الحياة السابعة: رجل النفوذ. في مواجهة الحظر الدستوري على الترشح لولاية ثالثة على التوالي، دفع لولا، في ذروة شعبيته، “رئيسة وزرائه” ديلما روسيف، الشخصية التي تنقصها الكاريزما، إلى الرئاسة عام 2011.
خلف الكواليس، كان القط الذكي يقدم المشورة ويحرك الخيوط. وبينما كانت فضيحة الفساد الضخمة لافا جاتو، التي شمل تبتروبراس وعشرات السياسيين من جميع الآفاق، تدمر المشهد السياسي، استنفرت المعارضة قواها لإسقاط ديلما روسيف. في أغسطس 2016، بعد عام ونصف من إعادة انتخابها، صوّت الكونغرس على قرار العزل الذي استنكره أنصار لولا ووصفوه بـ “الانقلاب المؤسسي».
الحياة الثامنة: السجين. نجح القاضي سيرجيو مورو، من منطقة كوريتيبا (جنوب)، الذي حفزته نجاحاته القانونية وسانده الرأي العام المحبط من حزب العمال، نجح في توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق وسجنه. أرمل -توفيت زوجته ماريسا عام 2017 -واجه محنة السجن للمرة الثانية في حياته. يناير 2019، أصبح جايير بولسونارو أول رئيس يميني متطرف للبرازيل منذ الديكتاتورية (1964-1985)، واعتُبر حينها الرئيس السابق ميتًا سياسيًا بشكل دائم. إلا أن قرار 8 مارس 2021 أعاده إلى المسرح، وفي عمر 75 عامًا، يمكن لـ “القط” لولا، التفكير في بدء ... حياة تاسعة.
------------------------------
-- لولا هو المرشح الوحيد القادر على هزم بولسونارو في انتخابات 2022
-- تطور مذهل، يعيد إحياء هذا الوحش السياسي الذي اعتبره الجميع ميْتا سياسيًا
ألغى قرار للمحكمة العليا جميع التهم الموجهة إلى الرئيس البرازيلي السابق. إنه الآن في أفضل وضع لهزم جايير بولسونارو عام 2022.
مثل القط الأسطوري، علينا أن نصدق أن الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، أو “لولا” (2003-2010) يملك تسع أرواح. ففي تطور مذهل، تم إحياء هذا الوحش السياسي.
ففي وقت ليس ببعيد، كان بالنسبة للجميع في عداد الأموات سياسيًا، إلى أن قررت المحكمة العليا البرازيلية، التي تنظر في جميع القضايا المتعلقة بفضيحة الفساد لافا جاتو، الاثنين 8 مارس، إلغاء جميع الإجراءات التي بدأت منذ عام 2015 ضد مؤسس حزب العمال.
وهكذا، فإن جميع الاتهامات التي وجهها القاضي السابق سيرجيو مورو على مدى ست سنوات أصبحت باطلة. فحسب هذا الأخير (أصبح فيما بعد وزير العدل لفترة قصيرة عند بولسونارو وفقد اليوم مصداقيته على نطاق واسع)، تلقى لولا رشاوي من شركة النفط بتروبراس في شكل أربعة عقارات، دون تقديم أي دليل على الإطلاق.
أربعة عشر إجراء آخر مفتوح هي أيضا عرضة للفسخ. ففي هذه القضايا، كان على القضاة الأحد عشر في المحكمة العليا التحقق مما إذا كان القاضي السابق مورو قد تصرف بحيادية أو من أجل تحطيم مسيرة لولا بشكل دائم. لذلك ربما لا يكون القاضي غير سعيد برؤية هذه الإجراءات تنطفئ ...
الرئيس السابق، الذي أمضى 580 يومًا في السجن من 2018 إلى 2019، يستعيد جميع حقوقه المدنية، ويصبح مؤهلاً مرة أخرى لمنصب سياسي، بما في ذلك رئاسة الجمهورية.
«سياسيًا، هذا يغير كل شيء: وفقًا لاستطلاع نُشر في نهاية الأسبوع الماضي، فإن لولا هو المرشح الوحيد القادر على هزم الرئيس جايير بولسونارو في الانتخابات الرئاسية في أكتوبر 2022”، يلاحظ المدير التنفيذي للمرصد السياسي لأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي في معهد الدراسات السياسية بباريس. وفي حال فوزه في الاقتراع، فسيكون ذلك تحولًا هائلاً، إلى جانب بعث يشبه المسيح تقريبًا، ستضاف إلى الأسطورة الثرية أصلا لهذا الحيوان السياسي الذي سبق أن مات عدة مرات، قبل أن يعود إلى الحياة، وصولا إلى ذروة السلطة.
حياته الأولى: لولا غارقا في البؤس. هو السابع من بين ثمانية أشقاء، ولد عام 1945 لعائلة فقيرة في بيرنامبوكو، في منطقة نوردست. لحسن الحظ، نجا من حالته عندما كان رضيعًا، على عكس أربعة من إخوته وعدد لا يحصى من الأطفال الصغار في مسقط رأسه الذين يعانون من فقر مدقع. حتى على مستوى قريته المتواضعة، تعتبر عائلة لولا محرومة، ونادرا ما يكون لدى الأشقاء ما يكفي من الطعام. في السابعة من عمره، قررت والدة الرئيس المستقبلي الهجرة إلى الجنوب للاستقرار في ساو باولو على أمل مستقبل أفضل. رحلتهم بالحافلة، مع الصغير لولا ماسكا بتنورة والدته، تنتمي إلى الأسطورة “اللولية».
الحياة الثانية: طفل الشوارع. في الوقت الذي تعمل فيه والدته كمعينة منزلية، يقوم لولا بعدد من الوظائف الهامشية التي تمنعه من الالتحاق بالمدارس العادية. بائع برتقال، تلميع أحذية، عامل يومي: في الضاحية الصناعية لمدينة ساو باولو الكبرى، يساهم الشاب نوردستين بكل الوسائل في دخل الأسرة المتواضع.
تُرك لمصيره “القط” لولا، ذكي بما يكفي للهروب من مخاطر المدينة الكبيرة. وفي عطلات نهاية الأسبوع، يذهب إلى المانغروف لصيد السرطانات، ثم إلى الغابة لجمع الحطب. وفي سن الرابعة عشرة، وجد وظيفة “عامل” في مكتب، وتلقى أول قسيمة راتب بالشكل المناسب.
الحياة الثالثة: العامل. في سن السادسة عشرة، ترك لولا المدرسة إلى الأبد عندما وجد وظيفة في مصنع للصلب في ساو باولو... عمل خطير. عام 1964، عندما بلغ من العمر 19 عامًا، فقد إصبعًا قطع بواسطة آلة. تسلم تعويضا من الشركة، مبلغ كان كافيا لشراء قطعة أرض صغيرة وسيارة لوالدته.
الحياة الرابعة: الزعيم النقابي. منذ عام 1966، بعد فترة من البطالة، أصبح لولا، الذي لا يزال يعمل في صناعة الصلب، نقابيًا، يتردد على النشطاء الشيوعيين، وتسلق مراتب النقابات المهنية عندما اشتدت الديكتاتورية البرازيلية، على وجه الخصوص، منذ عام 1968.
ظهرت مواهبه كزعيم تدريجيا، وخلال الإضرابات الكبرى 1979-1980، سُجن. اقترب من المثقفين (مثل عالم الاجتماع الرئيس المستقبلي فرناندو إنريكي كاردوسو) والحركات الاجتماعية وعلماء دين متحررين، شارك لولا في تأسيس حزب العمال. وانتهت الديكتاتورية التي بدأت عام 1964، عام 1985.
الحياة الخامسة: المرشح الرئاسي. عام 1989، ترشح لولا لأعلى منصب في الدولة. مرشح عن حزب العمال، واجه معارضة من الاستبلشمنت الذي يعتبره يساريًا خطيرًا. وانحازت قناة جلوبو تي في القوية “للبلاي بوي” فرناندو كولور دي ميلو. متورطًا في فضيحة فساد، استقال هذا الأخير دون استكمال فترة ولايته. وترشّح لولا مرة أخرى عام 1994 و1998، وفي كل مرة يُهزم من قبل الاشتراكي الديمقراطي فرناندو هنريكي كاردوسو.
الحياة السادسة: رئيس. الترشح الرابع هو الترشح الإيجابي! في الأول من يناير 2003، تولى الرئيس العامل منصبه في جو من الابتهاج في برازيليا، العاصمة التي تصورها المهندس المعماري أوسكار نيماير. رئيس الفقراء، ساعده وضع اقتصادي استثنائي مع ارتفاع أسعار السلع الأساسية (النفط والمعادن وفول الصويا) مما سمح له بوضع سياسة اجتماعية سخية. وبفضل برنامج بولسا فاميليا، خرج عشرات الملايين من البرازيليين من براثن الفقر. إن ارتقاءهم الاجتماعي يسمح لهم ببلوغ وضع البرازيليين الفقراء، وبالنسبة للبعض، الاندماج في الطبقة الوسطى.
الحياة السابعة: رجل النفوذ. في مواجهة الحظر الدستوري على الترشح لولاية ثالثة على التوالي، دفع لولا، في ذروة شعبيته، “رئيسة وزرائه” ديلما روسيف، الشخصية التي تنقصها الكاريزما، إلى الرئاسة عام 2011.
خلف الكواليس، كان القط الذكي يقدم المشورة ويحرك الخيوط. وبينما كانت فضيحة الفساد الضخمة لافا جاتو، التي شمل تبتروبراس وعشرات السياسيين من جميع الآفاق، تدمر المشهد السياسي، استنفرت المعارضة قواها لإسقاط ديلما روسيف. في أغسطس 2016، بعد عام ونصف من إعادة انتخابها، صوّت الكونغرس على قرار العزل الذي استنكره أنصار لولا ووصفوه بـ “الانقلاب المؤسسي».
الحياة الثامنة: السجين. نجح القاضي سيرجيو مورو، من منطقة كوريتيبا (جنوب)، الذي حفزته نجاحاته القانونية وسانده الرأي العام المحبط من حزب العمال، نجح في توجيه الاتهام إلى الرئيس السابق وسجنه. أرمل -توفيت زوجته ماريسا عام 2017 -واجه محنة السجن للمرة الثانية في حياته. يناير 2019، أصبح جايير بولسونارو أول رئيس يميني متطرف للبرازيل منذ الديكتاتورية (1964-1985)، واعتُبر حينها الرئيس السابق ميتًا سياسيًا بشكل دائم. إلا أن قرار 8 مارس 2021 أعاده إلى المسرح، وفي عمر 75 عامًا، يمكن لـ “القط” لولا، التفكير في بدء ... حياة تاسعة.
------------------------------