رمضان في سوريا

غابت السكبة وحضر الراوي مع الحلويات الدمشقية والعرق سوس والجلاب

غابت السكبة وحضر الراوي مع الحلويات الدمشقية والعرق سوس والجلاب


عندما تذكر سوريا على مسامعنا نذوب عشقا في حضارتها الإسلامية ورحيق زهورها المنبعثة من كل مكان فيها، فنجان القهوة الصباحي والافطار الجماعي والصحبة الطيبة، سوريا اصرت أن تكون اللغة العربية لغة الدراسة بالطب، سوريا الجمال الطبيعي والدراما التاريخية وفنانيها الكبار نراهم وقد انتشروا في الوطن العربي بإبداعهم المتميز سوريا التجارة والاستثمار بلد شعبه يعشق الحياة ويعمل بجد وبفكر واعي ومدروس سوريا ستعود يوما لعصرها الذهبي وتضمد جراحها وتبني جسور المجد بسواعد أبنائها لتصبح كما كانت قوية لها وزنها في ميزان العالم
مدنها العتيقة تشهد على نضج فكر أهلها وأدباءها شكلوا وجدان الشعب وصنعوا التاريخ حتى بعد ان تركوها اثبتوا أنهم مازالوا أحياء قادرون على ممارسة حياتهم وفرض آمالهم في الإبداع ففي كل مكان قلب نابض بالموهبة مستمر في تقديم أحلامه مهر للحياة حتى لما هل رمضان في مناخ استثنائي كان لها رأي أخر
تروي الإعلامية السورية المتميزة ميرفت العلي بأن السوريين يستقبلون رمضان بالتهليل والابتهاج والزينة التي تعمُّ أرجاء المُدن كافةً لتنير أضواء احتفاءا بهلال رمضان المبارك، ورغم الحرب والحصار إلا إنّ كل العادات الشعبية التقليدية المتوارثة لم تتغير فيه، فما زالت أحياءُ القيمرية والميدان تكتظُّ بالناس من أجلِ شراء حلويات رمضان الدمشقية كالقطايف والعوامة والكُنافة وحلاوة الجبن والبرازق والعجوة والغريبة والكعك التماري، كما أننا لا ننسى مشروبات رمضان من عرق السوس، الجلاب والتمر الهندي
كما لا يغيب عنا مشهد موائد رمضان التي تنظمها الجمعيات لسائر المحتاجين لتناول الإفطار الجماعي، الذي يعزز روابط المحبة والتسامح والتقارب الاجتماعي، فهناك من يبادر في أماكن أخرى حيث يدعو بعض الأصدقاء بعضهم البعض لتناول وجبة الإفطار سويا، أما في منازلهم أو بالخيم الرمضانية التي يقضي فيها أغلب السوريون أوقاتهم حيث يتسامرون ويسمعون إلى الحكواتي وأغاني الفلكلور الجميل إلى حين سماع صوت المسحراتي والتي جرت العادة الرمضانية به، وأما تقليد المشاركة الأكثر شيوعاً في سوريا خلال شهر رمضان هو “ السكبة “ وهي عبارة عن تبادل بعض الأطعمة بين الجيران وخاصة قبل آذان المغرب
ويضيف الفنان السوري القدير محمد قنوع قائلا السوريون يستقبلون رمضان كعادتهم بالبهجة والفرح والسعادة لأنه شهر عبادة الله وطاعته ، تلك الطاعة التي اقتصرت كغير العادة على صلاة باتت في المنازل وليس الجوامع، التي أصبحت مهجورة بسبب إغلاقها حرصاً على التباعد الاجتماعي تلبية لما أوصت به  منظمة الصحة العالمية لتوجب حذر الإصابة بمرض كورونا، كما توقفت عادة “ سكبة رمضان “ من التبادل بين الجيران خوفاً من العدوى،  وهذا يؤلمنا ويعكر صفو نفوس السوريون التي خلت أسواقهم من روادها بسبب قرار إغلاق المطاعم والمحلات التجارية بالإضافة إلى حظر التجوال الذي يبدء مع آذان المغرب وينتهي في الصباح، كما تغيب المسحراتي عن إيقاظهم كما جرت العادة بالسابق ولكن مع كل هذا فإن هذه الجائحة الملعونة لم تمنع أهالي الخير من استمرار عطاءهم ومحبتهم ومساعدتهم للمحتاجين، فما زال توزيع الوجبات الغذائية الرمضانية مستمراً ولكن دون أي تجمعاً يُذكر أو يُشهد، بل اقتصر على التوزيع المنزلي من أجل سلامة المواطنين كافة
وبعد أن تقدم الفنان محمد قنوع لشعبه بمباركة الشهر وتوجه ليسأل الله العلي القدير أن يزيل هذا الغّمَ عنا وعن سائر البلاد ، وأن تعود الحياة طبيعية كما كانت لسابقِ عهدها، سوريا رغم الحرب لم تشهد خلوّ شوارعها من الناس والآن باتت تشهده في ظل وجود هذا الوباء الذي بدل عادات وتقاليد كانت تمارس في أجواء من المرح السرور في الشوارع واليوم اكتفت سوريا بإحياء الطقوس الخاصة بالمنازل وحفلات السمر الداخلية وفي محيط الأسرة
ش