«إمستيل» تزود «متحف زايد الوطني» بـ 24 ألف طن من حديد التسليح خلال مرحلة البناء
غياب روبيو عن مباحثات الكرملين.. تهميش أم توزيع إستراتيجي للأدوار؟
في خطوة غير معتادة في الدبلوماسية الأمريكية، برز جاريد كوشنر صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلى صدارة المفاوضات مع روسيا، بينما وُضع وزير الخارجية ماركو روبيو على هامش العملية، رغم اطلاعه الكامل على مجريات المحادثات. وأثارت الخطوة الأمريكية العديد من التساؤلات عن سبب تفضيل ترامب لصهره على وزير الخارجية في ملف شديد الحساسية يتعلق بحرب أوكرانيا ومساعي السلام مع موسكو، ويبقى السؤال الأبرز، هل يمكن لكوشنر بصفته وسيطًا غير رسمي، أن ينجح حيث فشلت أدوات الدبلوماسية التقليدية.
ورأى مراقبون أن الرئيس ترامب يثق كثيرًا بكوشنر، الذي راكم خبرة تفاوضية مهمة خلال الولاية الأولى، خاصة في الشرق الأوسط، ما يجعله لاعبًا مركزيًا في المسارات الحساسة التي تتطلب مرونة عالية وابتعادًا عن البروتوكولات الدبلوماسية الرسمية.
وذهب بعض المحللين إلى أن غياب روبيو عن الوفد الروسي لم يكن تهميشًا لدوره، بل جاء ضمن توزيع إستراتيجي للأدوار، خاصة أن روبيو لا يزال يواصل التنسيق مع الحلفاء الأوروبيين، حيث تكون الشرعية المؤسسية مطلوبة، ويتولّى كوشنر والمبعوث الخاص للرئيس الأمريكي ستيف ويتكوف، التواصل مع موسكو بالنهج البراغماتي الذي يفضله ترامب.
خلال اجتماعات فلوريدا، في شهر تشرين الثاني-نوفمبر وكانون الأول-ديسمبر الجاري، أظهرت المفاوضات أن كوشنر ومعه روبيو توليا الجزء الأكبر من النقاشات، وغياب دور ويتكوف تقريبًا عن الحديث، أظهر الثقة الكبيرة التي يوليها ترامب لصهره في قيادة الملفات الحساسة.
ورغم نجاح كوشنر في لعب دور محوري في الملفات السابقة، فإن هذا التوجه يفتح عدة تحديات، فقد يؤدي الاعتماد على وسطاء غير رسميين إلى فقدان ثقة الحلفاء الأوروبيين، أو خلق توتر داخل الدبلوماسية الأمريكية التقليدية، خاصة إذا ظهرت أي تعارضات بين مصالح الأعمال والسياسة الرسمية.
قائمة رغبات روسية
وقال الباحث في العلاقات الدولية والمتخصص في الشؤون الأمريكية الدكتور فادي حيلاني، إن هناك عدة عوامل سياسية وإستراتيجية تفسر غياب وزير الخارجية الأمريكي عن الوفد المفاوض في موسكو، مقابل حضور كل من جاريد كوشنر وستيف ويتكوف.
وأشار لـ»إرم نيوز» إلى أن المسار الدبلوماسي الحالي يركّز على صفقة تفاوضية أكثر من كونه خطوة دبلوماسية تقليدية، موضحًا أن المرحلة الأولى من هذا المسار وُضعت داخل الدائرة الضيقة للرئيس دونالد ترامب.
وأضاف الدكتور حيلاني أن صياغة هذه الصفقة فرضت وجود كوشنر إلى جانب ويتكوف، في حين لم يكن الوزير روبيو ضمن الوفد رغم اطلاعه الكامل على مجريات المفاوضات، مؤكدًا أن الجانب الأمريكي المفاوض في ملف حرب غزة يحظى بثقة الرئيس الأمر الذي يعزز حضور كوشنر تحديدًا في مسارات التفاوض الحساسة.
ولفت إلى أن القنوات الرسمية التي تعنى بتنسيق الخطط تعتمد على شخصيات، مثل كوشنر وويتكوف، لكونهما قادمين من عالم الأعمال، وهو ما يدعم النهج البراغماتي في التفاوض بدلاً من الأساليب البيروقراطية التقليدية المعروفة في الدبلوماسية الأمريكية.
وأوضح الدكتور حيلاني، أن هناك عوامل أخرى تبرر وجود كوشنر في الواجهة بدلاً من وزير الخارجية، رغم اطلاع روبيو الكامل على تفاصيل المحادثات كونه جزءًا من الدائرة الضيقة للرئيس. وذكر أن بعض الدوائر داخل المؤسسات الأمريكية ترى أن المفاوضات الحالية تتضمن «قائمة رغبات روسية»، ما يجعل غياب وزارة الخارجية أمرًا مقصودًا لمنح المفاوضات طابعًا غير تقليدي وتجنّب واشنطن تبعات الدبلوماسية الرسمية في حال فشلها.
وتابع الدكتور حيلاني أن «هناك رغبة لدى إدارة ترامب في توزيع الأدوار، بحيث يتولى روبيو الشق المرتبط بالحلفاء الأوروبيين حيث تكون الشرعية المؤسسية مطلوبة، ويمسك كوشنر وويتكوف بقنوات التواصل مع روسيا، حيث تُفضل البراغماتية على البروتوكول الأمريكي التقليدي».
مواقف سابقة
من جانبه، أكد الدبلوماسي السابق والخبير في الشؤون الأمريكية، مسعود معلوف، أنه لا يرى تهميشًا لدور روبيو، خاصة أن الأخير شارك في اجتماعات جمعت الولايات المتحدة بأوكرانيا في جنيف وفلوريدا، وكان له دور بارز أحيانًا يفوق دور ويتكوف.
وأضاف لـ»إرم نيوز»، أن عدم إرسال روبيو إلى روسيا لا يعود لتهميشه، بل لمواقف روبيو القديمة «كصقر» معارض لروسيا قبل توليه الوزارة، والتي ربما كان يخشى ترامب أن يُذكّر بها الروس خلال المفاوضات.