فايننشال تايمز: إقالة حاكم المصرف المركزي التركي تؤكد استبداد أردوغان
تطرقت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية إلى قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إقالة حاكم البنك المركزي ناجي إقبال، معتبرة أنها خطوة تعكس استبداد الرئيس التركي، وتحذر من مخاطر أزمة نقدية جديدة. عندما رفعت تركيا أسعار الفائدة أكثر من توقعات السوق في الأسبوع الماضي، رحب المستثمرون بالخطوة، ورأو فيها دليلاً آخر على أن حاكم البنك المركزي راغب وقادر على انتهاج سياسة مالية تقليدية. ولكن بعد ذلك بيومين، أُعفي إقبال من منصبه ليصبح ثالث حاكم يقال من منصبه، في أقل من عامين.
وأدى القرار الصادم، الذي أُعلن في ساعات مبكرة من السبت، إلى إثارة قلق المستثمرين، الذين علقوا الآمال على تعيين إقبال، وهو اقتصادي صديق للسوق قبل أربعة أشهر، واعتبروا أنه كان يعني أن أردوغان بات مستعداً لمنح البنك المركزي درجة من الإدارة الذاتية.
والآن، يحذر المحللون من مخاطر أزمة نقدية جديدة في وقت دقيق بالنسبة للأسواق الناشئة، ويخشون عودة أردوغان، الذي طالما هاجم أسعار الفائدة المرتفعة “أم كل الشرور” إلى سياساته القديمة. وقال رئيس مركز أبحاث ديون الأسواق الناشئة في شركة كولومبيا ثريدنيدل إنفستمنت إدوارد الحسيني: “انخرط المستثمرون في هلوسة، عندما اعتقدوا أن أردوغان سيتخذ خطوة إلى الوراء...هذا القرار يكسر دائرة التوقعات. وطالما بقي أردوغان في الخلفية، لا أحداً سيعتقد أن هذا الحل سيدوم”. وأضاف أن إعفاء إقبال “يحول في الواقع دون المساس بالأصول التركية لبعض الوقت». وصرح حاكم البنك المركزي الجديد شهاب كافجي أوغلو في بيان، أنه سيستمر في استخدام أدوات السياسة النقدية “بطريقة فاعلة نحو الهدف الأساسي المتمثل في خفض التضخم».
وقال إن لجنة السياسة النقدية ستجتمع في الموعد المقرر في 15 أبريل (نيسان)، مفترضاً أنه لن تكون هناك اجتماعات استثنائية للجنة. لكن كافجي أوغلو، البروفسور المصرفي المعروف على نطاق ضيق، يشارك أردوغان نظرته غير التقليدية القائمة على أن أسعار الفائدة المرتفعة، تُسبب التضخم.
ولطالما أصر أردوغان على بقاء تكاليف الاقتراض منخفضة للمساعدة في دفع الاقتصاد البالغ حجمه 730 مليار دولار. وضغط الرئيس التركي على الحكام المتعاقبين للبنك المركزي للحفاظ على أسعار الفائدة كما هي، حتى في الوقت الذي انخفضت فيه قيمة العملة، وتدنت فيه الإحتياطات بالعملة الأجنبية.
وتفيد التقديرات بأن البنك المركزي أنفق 100 مليار دولار خلال تدخلات لإبطاء انحدار الليرة الذي بدأ في 2018.
ولكن العملة فقدت 30% من قيمتها مقابل الدولار، ما غذى المخاوف من ارتفاع التضخم إلى أكثر من 10%.
وبدا أن الرئيس ميال إلى الحاجة للتغيير. وعمد إلى تعيين إقبال، وزير المالية السابق المحترم، حاكماً للبنك المركزي، بعد استقالة بيرات ألبيرق، صهره ووزير المالية، الذي تعرض لانتقادات واسعة بسبب إدارته للاقتصاد.
وغداة إقالة إقبال، لمحت صحيفة “يني شفق” على صفحتها الأولى إلى أنه “أدار أذناً صماء” للصعوبات التي يعانيها الأتراك، لخدمة “مجموعات ضغط رفع أسعار الفائدة».
وحذرت الصحيفة من أن أي تحرك في حسابات الأتراك بالعملات الأجنبية، التي تشكل أكثر من نصف الودائع في البنوك، قد يتسبب في إثارة غضب الرأي العام. ومعلوم أن الأتراك، عمدوا إلى تحويل مدخراتهم إلى الدولار، واليورو، والذهب لمكافحة التضخم، وتقلب سعر الليرة وانخفاض الفائدة على الودائع.
واعتبر بولنت غولتكين، حاكم البنك المركزي التركي السابق، الذي يدرس في جامعة بنسلفانيا، أن إقالة إقبال هي مثال آخر على استبداد أردوغان.