رئيس الدولة ونائباه يعزون خادم الحرمين بوفاة نوف بنت سعود وهيفاء بنت تركي
فايننشال تايمز: الحرب الأوكرانية ستطول
دعا الكاتب السياسي في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية جدعون راكمان إلى ضرورة التحلي بالتواضع عند إطلاق التوقعات بشأن مسار غزو أوكرانيا. فقد توقع معظم الخبراء العسكريين انتصاراً روسياً سريعاً قبل اندلاع الحرب ليتبين لاحقاً أن ذلك خطأ. وسيكون هنالك المزيد من المفاجآت. ثمة ثلاثة سيناريوهات في أوكرانيا تبدو مرجحة الآن. الأول، وهو الأكثر مأساة واحتمالاً، استمرار الحرب لأشهر عدة. السيناريو الثاني واحتماله 30% ربما، هو التوصل إلى تسوية سلمية. السيناريو الثالث ويساوي ربما 10% يكمن في اندلاع نوع من الاضطراب السياسي في روسيا يشمل إطاحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وبروز نهج جديد تجاه أوكرانيا.
السيناريو الأول
يفترض سيناريو الحرب الطويلة والطاحنة أن لا روسيا ولا أوكرانيا قادرتان على تحقيق انتصار كامل ولا هما مستعدتان للاعتراف بالهزيمة. يقاتل بوتين لإنقاذ حياته السياسية ويقاتل الأوكرانيون لإنقاذ بلادهم. بعد شهر تقريباً على النزاع، فشلت روسيا في السيطرة على أي مدينة كبيرة في أوكرانيا وقد تكبدت خسائر ثقيلة في الأرواح والتجهيزات. قد يكون الروس على مشارف الاستيلاء على ميناء ماريوبول الاستراتيجي، لكن فقط من خلال تدميره على طريق تحقيق ذلك. أضاف راكمان أن ازدياد وحشية التكتيكات الروسية التي تظهر بشكل كامل في ماريوبول هو دليل إلى المستقبل. بينما يصبحون أكثر يأساً، قد يصبح الروس أكثر عنفاً. وثمة مؤشرات تنذر بالسوء إلى أن الكرملين يدرس استخدام الأسلحة الكيميائية التي المستخدمة في سوريا. لكن كييف تضم ستة أضعاف عدد السكان الذين يقطنون ماريوبول.
ازدياد المخاطر
إن محاصرة العاصمة الأوكرانية وقصفها حتى تستسلم قبل السيطرة عليها بنجاح تبدو أكبر من قدرات الجيش الروسي. حتى السيطرة على أوديسا التي ستسمح لروسيا بالسيطرة عملياً على الشاطئ الأوكراني قد تستغرق أشهراً وتشمل تدمير ميناء المدينة الذي يشكل مقار القوات البحرية الأوكرانية. بالإضافة إلى التسبب بخسائر رهيبة، ستزيد الحرب المطولة من مخاطر التصعيد باطراد. سيتصاعد الضغط على القادة الغربيين للتدخل مع ازدياد الأعمال الوحشية سوءاً.
وفقـــاً لراكمان، من المرجح أن تواصل الحكومات الأوروبية والأمريكية مقاومة الضغط.
لكن تكثيف المساعدة العسكرية إلى أوكرانيـــــا قد يجعل الخط الفاصل بين التدخل وعدم التدخل ضبابياً مما يزيد مخاطر الاصطدام المباشر بين روسيا والغرب. إن الخسائر الفادحة للطرفين، الآن وفي المستقبل، يجب أن تزيد آفاق التوصل إلى سلام متفاوض عليه.
السيناريو الثاني
لقد كان الروس والأوكرانيون يتحدثون إلى بعضهم البعض منذ بداية النزاع تقريباً. يبدو أن الأوكرانيين قبلوا بأنهم لن ينضموا إلى الناتو وسيصبحون دولة محايدة عوضاً عن ذلك. كان هذا أحد أبرز مطالب روسيا وقد يسمح لبوتين بادعاء نوع من الانتصار. وهنالك مسائل أخرى تبقى بدون حل. ما من توافق على وضع القرم التي تحتلها روسيا ووضعي دونيتسك ولوغانسك اللتين اعترفت روسيا بهما كدولتين مستقلتين. قد تتضمن تسوية سلمية نوعاً من المقايضة الخلاقة التي تقبل بالوضع الراهن الحالي من دون إعلان ذلك بشكل قانوني. حتى لو تمت الموافقة على هذه المسائل، تبقى قضايا أخرى صعبة جداً.
تريد أوكرانيا بشكل مفهوم نوعاً من الضمانات الأمنية الدولية. لكن إذا كان سيتحقق ذلك عبر عضوية أطلسية بتسمية أخرى، فقد لا تقبل روسيا بها ولا حتى حكومات حلف شمال الأطلسي نفسها. يمكن أن تطالب روسيا برفع العقوبات الغربية كشرط لسحب قواتها. لكن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي سيكونان مترددين في إنهاء وضع روسيا المنبوذ، طالما أن بوتين باق في السلطة. الافتراض الحالي في واشنطن هو أن الروس لا يفاوضون على الأرجح بنية حسنة. حتى إعلان وقف إطلاق النار سيتم التعامل معه بريبة بما أن روسيا ستستخدمه لإعادة تنظيم نفسها عسكرياً. لكن إذا كان بوتين لا يزال ملتزماً بالحرب فقد يرتكب خطأ كارثياً آخر.
السيناريو الثالث
وفقاً لراكمان، سيزداد الضغط على الاقتصاد والجيش الروسي في الأشهر المقبلة. يعتقد بعض المحللين العسكريين أن الجيش الروسي سيواجه نقصاً في الذخيرة والقوات. ثمة نقص في المتاجر والأسعار ترتفع. تستمر مظاهر المعارضة العامة في روسيا بالرغم من المخاطر التي يواجهها المحتجون. لجأ بوتين نفسه إلى إصدار إدانات غاضبة للخونة والطوابير الخامسة. وذكرت تقارير أن بعض كبار المسؤولين في الاستخبارات
وضعوا قيد الإقامة الجبرية.
لكن ترجمة كل هذا الغموض والذعر عبر انقلاب فعال ضد بوتين أمر صعب للغاية. الرئيس الروسي حذر جداً في ما يخص أمنه إلى درجة أنه لا يرغب حتى بالسماح لأقرب مساعديه بالوقوف قربه. تم تطهير الأصوات المعترضة داخل الكرملين منذ فترة طويلة. سيكون هنالك خلاف وقلق في النظام الروسي لكن تحويل ذلك إلى مؤامرة فعالة لعزل بوتين قد لا يكون ممكناً.
ويلخص راكمان تحليله بإعادة سرد الخيارات الثلاثة: حرب مطولة؛ تسوية سلمية؛ أو انقلاب في روسيا. “توقعوا الأول، اعملوا للثاني وتمنوا الثالث».