يصوّر نفسه على أنه الوحيد الذي يمكنه أن يقول لا لأمريكا
فايننشال تايمز: بنيامين نتانياهو يلعب بالنار
قبل أيام فقط من خلافه العلني مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، طلب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الدعم من ثاني أكبر قوة ضغط مؤيدة للدولة العبرية في واشنطن، وهي اللوبي الإسرائيلي.
وكتب مراسل صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية في تل أبيب ميهول سريفاستافا، أنه في خطاب مقتضب، لكنه هادف، أمام اللجنة الأمريكية-الإسرائيلية للشؤون العامة، رفض نتانياهو كل توبيخ صدر عن بايدن، على غرار أن الجيش الإسرائيلي قتل الكثير من المدنيين في محاولته القضاء على حماس، وأن نتانياهو يلحق الضرر بإسرائيل من خلال رفضه قيام دولة فلسطينية، وعليه القبول بأن تحكم الفلسطينية المعتدلة والعلمانية، قطاع غزة.
وقال نتانياهو: "لا يمكنك القول إنك تدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ومن ثم تعارضها عندما تمارس هذا الحق"، في إشارة إلى المطالب المتكررة لبايدن بإرجاء الهجوم المخطط له على رفح في الطرف الجنوبي من غزة.
4 رؤساء
نجح نتانياهو في استمالة ومجادلة 4 رؤساء أمريكيين، وحظي بدعم الحزب الجمهوري- والمسيحيين الإنجيليين الذين يؤلفون قاعدته، وحصد فوائد تحالف عسكري ودبلوماسي دائم، أكثر من أية دولة أخرى.
ومنذ الهجوم المدمر لحماس في 7 أكتوبر (تشرين الأول) على إسرائيل، دعم الجسر الجوي الذي يحمل الأسلحة الأمريكية الحملة العسكرية الإسرائيلية على غزة، بينما حمى الدبلوماسيون الأمريكيون إسرائيل في مجلس الأمن، ودافع المحامون الأمريكيون عنها أمام محكمة العدل الدولية.
وتمنح الولايات المتحدة إسرائيل مساعدة سنوية بـ3.4 مليارات دولار، أي ما يوازي في العادة ربع موازنتها العسكرية، بينما تنتظر مساعدة بقيمة 15 مليار دولار، مصادقة الكونغرس. وبالنسبة لبايدن، فإن العلاقة مع إسرائيل، هي تحالف ثابت وفريد من نوعه، ليس في أيام الحرب فقط، وإنما طوال 5 عقود من عمله السياسي، الذي بدأ "بالاجتماع الأهم في حياته" عام 1973 مع رئيسة الوزراء الإسرائيلية حينها غولدا مائير.
لكن الآن، وفي وقت تحتاج إسرائيل إلى الدعم الأمريكي أكثر من أي وقت مضى- مع تصميمها على دفع حرب غزة نحو رفح، والتصعيد اليومي الذي قد يبلغ الانفجار الشامل مع حزب الله في لبنان- اختار نتانياهو أن يعارض البيت الأبيض، مما يعرض للخطر المساعدة الأمريكية.
مستويات من النفوذ
وفي نزاعه مع بايدن، يراهن نتانياهو على مستويات أخرى من التأثير- من السيناتور المقربين واللوبي المؤيد لإسرائيل، إلى الدور المحوري في الجغرافيا السياسية الإقليمية- من أجل الحفاظ على قدرته على البقاء في منصبه، إنها مقامرة لجأ إليها في الماضي، لكنها لم تكن محفوفة بالمخاطر كما هو الحال الآن، بحسب الصحيفة.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت إن "نتانياهو يلعب لعبة خطرة يمكن أن تكلف إسرائيل كثيراً.. إذا ما قرر بايدن معاقبة نتانياهو، سينتهي الأمر بإلحاق الضرر بإسرائيل".
واصطدم زعماء إسرائيليون من قبل مع البيت الأبيض: رونالد ريغان اتهم مناحيم بيغن بارتكاب "هولوكوست" بقصفه بيروت في 1982، وجورج بوش الأب علق ضمانات قروض لإسرائيل بعشرة مليارات دولار من أجل إرغام إسحق شامير على تأخير بناء المستوطنات والانخراط في محادثات السلام مع الفلسطينيين عام 1991. لكن ما من أحد يتمتع بجرأة نتانياهو، مصوراً نفسه أمام قاعدته اليمينية على أنه الإسرائيلي الوحيد الذي يمكنه أن يقول لا لأمريكا.
تقرير الاستخبارات
وأتى الخلاف بين نتانياهو وبايدن في الأسبوع ذاته الذي أصدر فيه مجمع الاستخبارات الأمريكي تقريره السنوي، الذي تحدى فيه دعائم استراتيجيته السياسية.
وخلص التقرير إلى أن لا دور أو علم لإيران بهجوم حماس في 7 أكتوبر(تشرين الأول)، وبأن إلحاق الهزيمة الكاملة بحماس قد يستغرق سنوات، وبأن قبضة نتانياهو نفسه على السلطة قد تكون معرضة للخطر.
وحذر السفير الإسرائيلي السابق لدى الولايات المتحدة مايكل أورين من "أن هذه هي الأزمة الأكبر في العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية".
وأضاف أنه بينما يستبعد بايدن تعليق تزويد إسرائيل بقذائق القبة الحديدية التي تحمي المدن الإسرائيلية من صواريخ حماس وحزب الله، فإنه ليس من الواضح ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل تزويد إسرائيل بأسلحة هجومية تستخدمها على نطاق واسع في غزة.