فايننشال تايمز: هل يدفع أردوغان اسطنبول إلى الإفلاس؟

فايننشال تايمز: هل يدفع أردوغان اسطنبول إلى الإفلاس؟


في مواجهة قطع المصارف الرسمية التركية التمويل عن بلدية اسطنبول، لجأ رئيسها أكرم إمام أوغلو إلى الأسواق المالية الدولية، مما حدا بالمدينة إلى بيع أول سندات دولية باليورو بوند هذا الأسبوع.
بينما توفر المدينة، التي تشكل 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، عوائد ضخمة من الضرائب، فإن هذه العوائد تجمعها الحكومة المركزية وتعيد توزيعها، مما يترك المدينة عرضة لضغط الحكومةوعن هذا التطور، كتبت لورا بيتل وفونجا غولر في صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، أن إمام أوغلو، الذي يدير أكبر مدينة تركية ويعتبر الشخصية الأكثر جاذبية في حزب الشعب الجمهوري المعارض، كان راضياً عن الطلب القوي على الإصدار الأول لاسطنبول، والذي جمع 580 مليون دولار لتمويل بناء أربعة خطوط مترو.

العودة إلى الأسواق العالمية
وبعد الإصدار الناجح، قال إمام أوغلو للصحيفة البريطانية: “لقد كانت تجربة إيجابية بالنسبة إلينا...إننا مسرورون جداً حيال نجاحنا وسط الظروف العالمية الحالية”. وأضاف أن المدينة تأمل في العودة إلى الأسواق العالمية العام المقبل، بهدف جمع تمويل لاستثمارات في المواصلات والمياه والتخلص من النفايات، وكذلك تعزيز استعدادات المدينة للزلازل التي تقع على فالق أرضي خطير.
وقال الكاتبان إنه سبق للبلدية أن سعت إلى الحصول على موافقة الحكومة لجمع 60 مليون يورو إضافية لتمويل خطي مترو وخط للتراموي، وتخطط لإصدار المزيد من السندات الدولية العام المقبل. وفاز إمام أوغلو (50 سنة) العام الماضي في الانتخابات المحلية، التي أنهت 25 عاماً من سيطرة الرئيس رجب طيب أردوغان على المدينة.

إفلاس اسطنبول
وأضاف الكاتبان أن المخاطرة الكبيرة تكمن في العلاقة بين أردوغان وإمام أوغلو وما إذا كان الرئيس التركي يريد دفع اسطنبول إلى الإفلاس. وفي دلالة على الأهمية السياسة والاقتصادية لبلدية المدينة، التي بلغت موازنتها هذه السنة 3.3 مليارات دولار، ضغط أردوغان من أجل إعادة الانتخابات التي جرت في 19 مارس (آذار) من العام الماضي، والتي فازت فيها المعارضة بفارق ضئيل. وأدت الخطوة إلى مفعول عكسي، عندما حقق إمام أوغلو فوزاً ساحقاً.

عرقلة جهود إمام أوغلو
ومنذ تسلمه منصبه قبل 18 شهراً، اشتكى إمام أوغلو من محاولات متكررة لعرقلة جهوده في إدارة المدينة. وقد رفضت المصارف الرسمية إقراض البلدية المال- وهي خطوة قال عنها رئيس البلدية “إنها لا تزال مستمرة للأسف”، مضيفاً: “من الواضح أن ذلك قرار سياسي».
 وفي مارس -آذار من هذه السنة، عمد إمام أوغلو ورئيس بلدية أنقرة إلى الإعلان عن حملات لجمع تبرعات لدعم أشخاص تضرروا من وباء كورونا، لكن الحكومة المركزية اعتبرت هذه الخطوة غير قانونية. وقال إمام أوغلو إن 6.5 ملايين ليرة تركية تم جمعها من تبرعات شعبية لا تزال مجمدة في حسابات بمصارف الدولة و”هذا خطأ يتعين أن يؤنبهم ضميرهم بسببه». وبحسب إمام أوغلو، فإن مجلس إدارة الرساميل ووزارة الخزانة والمال فاجأتا بعض المستثمرين الأجانب بمنحهم الإذن للبلدية لإصدار سندات دولية لمدة خمسة أعوام، والتي تتضمن عائداً بنسبة 6.6 في المئة و”آمل في أن يعني ذلك أن العلاقات تتحسن. إن إعطاءهم الموافقة كان الأمر الصحيح الذي فعلوه، والأمر الطبيعي. نحن ممتنون لهم».

حملة إعلانية ضد المشروع
ولفت الكاتبان إلى أن العلاقات مع أردوغان نفسه تبقى متوترة. وإمام اوغلو، الذي تفترض استطلاعات الرأي أنه يشكل خطراً جدياً على الرئيس في حال ترشح ضده في الانتخابات الوطنية، هو منتقد صريح لطموح أردوغان شق قناة غرب اسطنبول. وفتحت وزارة الداخلية في وقت سابق من هذا الشهر تحقيقاً بعدما أطلق إمام اوغلو حملة إعلانية ضد المشروع. وبينما يفكر المستثمرون الأجانب في ما إذا كان يجب أن يشاركوا في إصدار السندات الأربعاء، فإن البعض يتساءل ما إذا كان الرئيس يسعى إلى حرمان اسطنبول من المداخيل.

ضغط الحكومة
وأوضح الكاتبان أنه بينما توفر المدينة، التي تشكل 30 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، عوائد ضخمة من الضرائب، فإن هذه العوائد تجمعها الحكومة المركزية وتعيد توزيعها، مما يترك المدينة عرضة لضغط الحكومة.
وقال أحد الممولين الذي يتخذ لندن مقراً له إن “المخاطرة الأساسية تكمن في علاقة أردوغان-إمام أوغلو، وما إذا كان أردوغان يريد دفع اسطنبول إلى الإفلاس”. لكن إمام أوغلو استبعد هذا الاحتمال.