فتوى خامنئي ضد الأسلحة النووية... هكذا سقطت ورقة التين
رأى الكاتب السياسي في شبكة بلومبيرغ بوبي غوش أن “الفتوى” التي أصدرها المرشد الإيراني علي خامنئي بتحريم استخدام السلاح النووي أصبحت بالية مع تقادم الزمن. ومع ذلك، لم يتوقف المسؤولون الإيرانيون عن استخدامها حين تناسبهم. أصدر خامنئي الفتوى في 2003، وبرزت مجدداً في الأسبوع الماضي مع وزير الاستخبارات الإيراني محمود علوي الذي قال إن إيران ستطور سلاحاً نووياً إذا واصلت واشنطن والدول الغربية فرض الضغط الاقتصادي والسياسي على النظام. وفي حديث إلى التلفزيون الرسمي فسر علوي موقفه مشيراً إلى أن “المرشد الأعلى قال بوضوح في فتواه حول إنتاج الأسلحة النووية، إنه مناهض للشريعة الإسلامية ولن تسعىإيران إلى تحقيقه، وهي تعتبره محرماً. لكن إذا دفعوا إيران إلى ذلك الاتجاه، لن يكون الخطأ، خطأ إيران بل خطأ الذين دفعوا إيران” إلى ذلك.
خدمة التخلص من الوهم
يرى الكاتب أن هذه واحدة من أحدث محاولات طهران للضغط على إدارة بايدن لترفع العقوبات التي فرضها عليها الرئيس السابق دونالد ترامب. أتت هذه المحاولة وسط تكهنات بالفترة التي تفصل إيران عن إنتاج سلاح نووي، أسابيع، أو أشهر أو عامين، حسب اختلاف المتكهنين. وأبدت إدارة بايدن قلقها، عن حق، من تصريحات علوي الذي يشكل تعليقه تصعيداً بارزاً في خطاب طهران حول برنامجها النووي، الذي ربما أسدى خدمة للأمريكيين بالتخلص من الوهم القائل إن برنامج إيران النووي كان محكوماً بمرسوم ديني.
أهمية لا تستحقها
حتى الآن، قال النظام إنه لن يسعى ولا يستطيع السعي إلى الأسلحة النووية لأن خامنئي وصفها بغير إسلامية. وبدورهم، ارتاح المسؤولون الأمريكيون لفتوى خامنئي قائلين إنها أظهرت الموقف الإيراني الحقيقي من الأسلحة النووية. وذكرها الرئيس السابق باراك أوباما، ووزير خارجيته جون كيري، على طريق التوصل إلى الاتفاق النووي. وأعلن مسؤولون في تلك الإدارة أمام إعلاميين أن الفتوى ستسمح لحكومة الرئيس حسن روحاني بإقناع المتشددين بالاتفاق النووي. ولكن فريق أوباما أولى الفتوى أهمية أكثر مما تستحق. لقد كانت دوماً سياسية أكثر من دينية وهي مصممة لتوفير غطاء لأي مسار نووي ملائم لطهران في أي وقت.
ورقة تين
أضاف غوش ان خامنئي لم يصدر المرسوم إلا بعدما ضُبط برنامجه السري للأسلحة النووية في 2002، والذي طُور بمساعدة روسية. ورسم الاجتياح الأمريكي للعراق في 2003 صورة في أذهان الإيرانيين عن مخاطر سعي إيران لأسلحة الدمار الشامل. وعوض الاعتراف بتراجعه بسبب الخوف، استخدم خامنئي الفتوى ورقة تين تبريراً لتعليق البرنامج، بمفعول رجعي. ومنذ ذلك الحين، استعمل المسؤولون الإيرانيون الفتوى لتبديد الشكوك الغربية بعد إعادة إحياء البرنامج.
تغيير المواقف وفقاً للمصالح
للمرشدَي إيران سجل في الاستدارة 180 درجة حول ما هو إسلامي أو غير إسلامي. أحياناً، كانت الاستدارة إيجابية، بحسب غوش. فالمرشد الأول، الخميني أسقط اعتراضه على حق النساء في التصويت بعد ثورة 1979.
أحياناً أخرى، أدى تغيير المواقف إلى مأساة. غالباً ما غضب الخميني من أسلحة الدمار الشامل خاصةً الأسلحة الكيميائية التي قتلت الآلاف من الإيرانيين في الحرب العراقية الإيرانية. ولكن إيران واصلت تطوير إمكاناتها الكيميائية العسكرية حتى بعدما وقعت معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية في 1997.
للتخلي عن السذاجة
وكما تُبين الأمثلة السابقة، بإمكان خامنئي استبدال فتوى تحريم الأسلحة النووية. وإذا لم تمنع الاعتبارات الدينية إيران من السعي إلى الترسانة النووية قبل 2003، فإنها لا تمنعها اليوم ولن تمنعها في المستقبل، فقضية الأسلحة النووية عند إيران خاضعة، كما سلوكها، لمدى قدرتها على تحمل الضغط الدولي. وتوحي تصريحات علوي بأن النظام يختبر منطقاً جديداً في سياسته النووية، واشنطن وحلفاؤها “يجبروننا” على بناء القنبلة النووية.
يرى غوش أن هذا التبرير مثير للسخرية، وأيضاً الفكرة التي تقول إن إيران امتنعت عن امتلاك هذه القنبلة بهدي من الإسلام. ودعا إدارة بايدن إلى التخلي عن سذاجة إدارة أوباما وهي في طور استعدادها للتفاوض مع إيران. ويمكن لفريق بايدن أن يكون ممتناً، لأن وزير الاستخبارات الإيراني أسقط أخيراً فتوى ورقة التين.