رمضان في العراق

فرقة موسيقية بدلاً من المسحراتي والمقلوبة والدليمية مع الكبة والعدس على المائدة

فرقة موسيقية بدلاً من المسحراتي والمقلوبة والدليمية مع الكبة والعدس على المائدة


ظننت للحظة أن الكتب التى صنع منها التتار جسرا ليعبروا النهر بخيولهم قد طمس من خلفه تاريخ أمة وحضارة راسخة بقواعدها في عمق الزمن وسعدت حين أدركت أن العراق أمة مثقفة تمسكت بعاداتها وتقاليدها وتناقل ما كان في أمهات الكتب عبر الأجبال لنقف اليوم ونذكر أهم مظاهر رمضان في بلد كان شعار شعبه الصمود ومحاولة العودة للحياة الطبيعية ولكن حل فيروس كورونا ليعيد البهجة لأدراجها ويحرم الكبير والصغير من رسم الضحكة الصافية على الوجوه
يروي غيث الناصري معد برامج في تلفزيون الفجيرة قائلا لا يختلف العراق بكل مدنه وقراه، عن البلدان الإسلامية في استقبال شهر رمضان الفضيل، لكن الشعب العراقي الذي بدا يستعيد روتين يومه بعد أن تخلص من تبعات الفترة العصيبة التي مره بها حيث ما زال وثيق الصلة بعاداته وتقاليده العريقة الممتدة إلى آلاف السنين، كيف لا؟، وهو من أصل الحضارة ، تتجدد مظاهر استقبال رمضان، من خلال ازدحام الأسواق وتردد أرباب البيوت عليها، لابتياع حاجاتهم، وما يميز العراقيين انهم يستعدون لرمضان، حيث يعتبر ( سوق الشورجة )، محجاَ لجميع الناس، فهو مكان يوفر كافة مستلزمات الحياة اليومية، ولذلك يعتبر العراقيون السوق، مكاناَ مناسباَ يوفر احتياجاتهم بأسعار معقولة، طقوس لا بد منها لا تغفل العائلات العراقية، مسألة التنوع في الوجبات على مائدتي الإفطار والسحور، فيمكن بسهولة شديدة ملاحظة، وجود أكثر من نوع طعام على نفس المائدة، ولا يستغنى يومياَ عن وجود شوربة حساء العدس واللبن البارد والتمر والبرياني والمقلوبة ومرقة الباميا والدليمية والدولمة والكبة الحلبية بشكل دائم ومن بين العادات الرمضانية والطقوس التي لا يتم تجاهلها، تبادل الأكلات بين الأهل والجيران، حيث تقوم كل عائلة بإرسال طبق معين من الأكلات إلى جيرانها، والشيء المميز في العراق أن غالبية الناس يلتزمون بشعائر شهر رمضان من صيام وصلاة وقراءة للقرآن، أما المساجد فتمتلئ بالمصلين من مختلف الفئات العمرية الذين يؤدون صلاة التراويح، ألعاب الصغار والكبار بعد الانتهاء من صلاة التراويح، يستثمر الناس الأجواء المعتدلة ليلا، فينطلق الأطفال في الطرقات وهم يتغنون بالنشيد البغدادي المعروف ( ماجينا يا ماجينا حل الكيس وأعطينا ) ، أما الشباب فإنهم يذهبون إلى لعبة المحيبس المعروفة في العراق التي تستمر حتى الفجر، حيث تنتشر هذه اللعبة التراثية في الشارع العراقي الشعبي بشكل لافت للنظر، فيما تسمى ذات اللعبة بالصينية في مناطق شمال العراق تحديداً كردستان العراق، ودوش رمضاني قد تفاجئ وأنت تسير في شوارع المدن العراقية، انتشار «دوش» مكشوف في معظم الأسواق خاصة في «المناطق الشعبية»، بهدف مساعدة الصائمين على الاغتسال السريع في الشارع العام تخلّصاً من الحر الشديد، لا سيما أن درجات الحرارة تتجاوز 44 درجة مئوية في بعض الأيام ، اجتماع الأسرة أهم ما يميز رمضان والوجبات الشعبية والدسمة التي كانت تزيّن مائدة العائلة العراقية تقاليد لا تزال سارية في جنوب العراق وشماله الكردي في إقليم كردستان، أما في بغداد، فالعائلات تميل إلى الإفطار خارج المنازل، وأدرجت المطاعم طقوساً خاصة بالإفطار شبيهة إلى حد كبير بطريقة الإفطار في المنازل، إذ تبدأ بتوزيع التمر واللبن والحساء على الموائد، وتفتح قاعة خاصة للصائمين ليؤدّوا الصلاة بعد وجبتهم الخفيفة، ويستمتعوا لاحقاً بإفطار دسم
ويضيف غيث الناصري أما أكثر ما يلفت الانتباه هو المسحراتي والتطور الذي أصاب مهنة المسحراتي، في بعض المدن العراقية، حيث بدل المسحراتية طريقتهم في إيقاظ الصائمين وقت السحور، إذ بدلا من الضرب على الطبل، بدلوا نمط موسيقاهم، وصاروا يعزفون نغمات راقصة تشبه إلى حد كبير إيقاعات حفلات الزفاف، وبدلاً من أن ينفرد طبال بالموضوع، صارت الفرق الموسيقية المكونة من أربعة أو خمسة أشخاص تزور الأحياء السكنية
لكن مظاهر الاحتفال برمضان في أزمة كورونا تختلف عن السنوات السابقة، حيت أتى شهر رمضان مع تأخر صرف رواتب الموظفين وفقدان الكثير من العراقيين وظائفهم وأعمالهم، وارتفاع أسعار مختلف السلع الغذائية ، أدى إلى اتخاذ تدابير تقشفية، مثل التسوق يوماً بيوم لإعداد الفطور بدلاَ من الإنفاق بشكل مسبق لمؤونة الشهر كاملة ، حيث يرون أن هذا سوف يساعدهم في توفير الاحتياجات الأساسية فقط لحين التعافي من الأزمة ، الافتقاد إلى الزيارات العائلية بسبب فرض حزمة من التدابير الاحترازية  و أيضاَ المحلات التجارية في السنوات السابقة كانت تعمل من وقت الفطور حتى فجر اليوم التالي، لأن الزبائن اعتادوا على الخروج للزيارات والتسوق بعد الفطور، لكن الأمر تغيّر بعد كورونا، بسبب استئناف ساعات حظر التجوّل بعد السابعة مساءً حتى السادسة فجراً، ما سيدفع أصحاب المحلات لفتحها نهاراً وإغلاقها قبل بدء الحظر، رغم ذلك ما زال الشعب العراقي متمسك في أحياء العديد من المظاهر التراثية و هم ملتزمون في المنزل