سلطة هؤلاء المتشددين ستكبر

فورين أفيرز: احتجاجات إيران جعلت النظام أكثر عدوانية في الإقليم

فورين أفيرز: احتجاجات إيران جعلت النظام أكثر عدوانية في الإقليم


رأى الخبير الإيراني الأمريكي ولي نصر أن النظام الإيراني زاد من تشدده بعد الاحتجاجات التي خرجت في إيران عقب وفاة الشابة الكردية مهسا أميني خلال احتجازها في مركز للشرطة في طهران.

في الأشهر الخمسة الأخيرة، هزت موجة من التظاهرات إيران. وطالبت الشابات بإنهاء إلزامية إرتداء الحجاب، وانضم إليهن طلاب وعمال ومهنيون، مطالبين بالحقوق الفردية، والإصلاح السياسي-وحتى وضع حد لنظام الجمهورية الإسلامية بحد ذاته. وشكلت هذه التظاهرات التهديد الأكبر للحكومة الإيرانية منذ 1979، مما عزز التكهنات بأن حكم رجال الدين قد يواجه في نهاية المطاف مصير نظام الشاه.وفي الوقت الحاضر،
استعاد النظام اليد العليا، بفضل القمع العنيف الذي مارسته قوى الأمن ونظراً إلى غياب القيادة والتنسيق في صفوف المحتجين. لكن الغضب الشعبي لا يزال يتصاعد، بينما تجعل الظروف الإقتصادية الصعبة اندلاع المزيد من الإضطرابات أمراً لا يمكن تفاديه.

ويقول نصر في مقاله بمجلة “فورين أفيرز” إن موقف النظام محفوف بالمخاطر، بحيث أن الكثيرين ممن يعتبرون من الدائرة الداخلية قد خالفوا الخط الذي تسير عليه الحكومة. وانتقد عدد من آيات الله في النجف وقم ومسؤولون حكوميون سابقون، وحتى ضباط كبار من الحرس الثوري، رد فعل الحكومة على الإحتجاجات ونددوا بالكيفية التي عززت بها مجموعة صغيرة من المتشددين المحيطين بالرئيس إبراهيم رئيسي، من سلطتها.

ووجهت وسائل إعلام تحظى بشعبية لدى المتشددين ومقربة من الحرس الثوري الإيراني، سهام النقد علناً إلى رئيسي على خلفية إدارته السيئة للاقتصاد. وندد مؤيدون للنظام بمن فيهم الرئيسان السابقان محمد خاتمي وحسن روحاني ورئيس مجلس الشورى السابق علي لاريجاني، برد فعل قاس من الحكومة على الاحتجاجات، ودعوا إلى تغيير ذي معنى إذا ما أرادت الجمهورية الإسلامية تجاوز العاصفة.لكن لا دليل على أن المرشد الأعلى علي خامنئي يصغي إليهم.

ومنذ بدء الأزمة أحكم المتشددون قبضتهم على السلطة. وهؤلاء لا يريدون الإنخراط مع الغرب ولا يرغبون في العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015. وفي الداخل، هم يفضلون العزلة وتشديد السيطرة على الدوائر الإجتماعية والسياسية. وفي الخارج، يفضلون سياسات إقليمية عدوانية وزيادة التعاون مع روسيا. وبعيداً عن الاحتجاجات، بات النظام الذي يخرج من المرحلة الأولى من الإضطرابات، أكثر عناداً ومن المحتمل أن يكون أكثر عدوانية في الإقليم.ويؤكد الكاتب أن خامنئي مصمم على الحفاظ على النظام الذي يحكمه منذ أكثر من ثلاثة عقود. هو الآن في الـ83 وهناك شائعات تقول إنه مريض.

 ومن شأن تسوية مع المعارضين في هذه المرحلة أن تضر بإرثه وتعطي رد فعل عكسياً. وهو شاهد عن قرب، كيف أن التكيف مع الإحتجاجات، أدى إلى انهيار نظام الشاه في 1979.وعوض الرضوخ للمتظاهرين أو الإستماع إلى نصائح المنتقدين، لجأ خامنئي إلى العنف والقمع.

ومنذ سبتمبر(أيلول)، قتل المئات من المحتجين وتعرض كثيرون منهم لتشوهات بسبب القمع الذي مارسته قوى الأمن. وهناك آلاف المحتجين والمعارضين في السجون الآن، وتم إعدام أربعة منهم بعد محاكمات صورية، ويواجه المزيد منهم عقوبة الإعدام. ولجأ النظام إلى أنظمة مراقبة متطورة، وتهديد العائلات والموظفين والشركات التي يملكها المحتجون، فضلاً عن الحملات الدعائية والضغط الاقتصادي لتهدئة الاضطرابات.وردت إيران على عزلتها الدولية المتزايدة، بالاقتراب أكثر من روسيا. ولطالما اعتبر خامنئي والحرس الثوري أن الكرملين هو حليف حيوي. ويتشارك خامنئي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين الرأي السلبي نفسه حيال الغرب. والأداء العسكري الضعيف لروسيا في أوكرانيا يجعل من موسكو قيمة استراتيجة أثمن، لأنه طالما كان الكرملين في حاجة إلى إيران، فإنه من غير المحتمل أن يدير الظهر لطهران.

إن قرار إيران تزويد روسيا بالمسيرات قد عمق الغضب الغربي حيال الجمهورية الإسلامية، والذي بدوره جعل طهران أقرب إلى موسكو. وفي هذه الحلقة المفرغة، سيكون الرابح المتشددين الذين أيدوا دوماً علاقات أفضل بين إيران وروسيا والانفصال عن الغرب. وكلما اتجهت إيران أكثر إلى الفلك الروسي، فإن سلطة هؤلاء المتشددين ستكبر، وتزداد احتمالات انتصارهم في معركة الخلافة التي تلوح في الأفق.