فورين بوليسي: لهذه الأسباب يستمر الصراع بين الهند وباكستان

فورين بوليسي: لهذه الأسباب يستمر الصراع بين الهند وباكستان


يستمر الخلاف بين الهند وباكستان منذ 1947 بعد استقلالهما عن التاج البريطاني، وكانت آخر أزمة بين نيودلهي وإسلام أباد منذ 3 أعوام، في أعقاب هجوم إرهابي في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية، تلاه هجوم هندي جوي على باكستان.
وأكدت الأزمة تدهور العلاقات بين الهند وباكستان بشكلٍ كبير في العقد الماضي، خاصة بعد انتخاب رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في 2014.

وفي هذا الإطار، عزا سوميت جانجولي، كاتب عمود في مجلة “فورين بوليسي” وزميل زائر في معهد هوفر بجامعة ستانفورد الأمريكية، في تحليل بالمجلة الأمريكية، التدهو في العلاقات إلى استمرار باكستان في التعامل مع المنظمات الإرهابية المناهضة للهند، وهو عنصر غير معلن في استراتيجيتها للأمن القومي.

وأفضى قرار الهند في 2019 إلغاء وضع الحكم الذاتي لولاية جامو وكشمير المُتنَازع عليها إلى تقويض العلاقات الثنائية من جانب واحد.
ويعتبر كل تطور إيجابي في العلاقة بين البلدين، مثل اللفتات الإنسانية الهندية في أعقاب الفيضانات المدمرة التي اجتاحت باكستان في العام الجاري، مجرد تجميل لصورة البلدين إلى حد كبير.

ويتبنى كتاب جديد للباحث الهندي سوريندر موهان نهجاً متعددَ المستويات للعلاقة بين الهند وباكستان، ويتفادى التفسيرات البالية، بما فيها القائمة على الأوضاع الواقعية، التي تؤكد القوة المادية.

ويرى الكاتب في كتابه “التنافس المُعقد: آليات الصراع بين الهند وباكستان” أن سبب العداء بين البلدين خليط فريدٍ من العوامل، بدأ بعد صدمة تقسيم الهند. وتفاقمت حدة التوترات بين البلدين بسبب الإيديولوجيات، والحدود المشتركة، والأراضي المتنازع عليها.
ويُقرُّ موهان بأن الهند وباكستان تبنتا سياسات القوة أو التهديد باستخدام القوة لتسوية خلافاتهما الثنائية بوصفهما دولتين مستقلتين. وأصبحت التداعيات البشعة لتقسيم الهند، الذي ترتب عليه مقتل أكثر من مليون شخص وتشريد 10 ملايين آخرين، متشابكة بشكل وثيق مع السياسة الداخلية في الهند وباكستان.

ولأن وضع كشمير لا يزال مُعلقاً، ركز القادة السياسيون على النزاع الإقليمي. واكتسبت باكستان قدرات عسكرية جديدة من الولايات المتحدة شجعتها على شن حرب على الهند في 1965. وخلال هذه الفترة، عمّق التنافس بين البلدين على إقليم كشمير، وتدخل القوى الأجنبية، الأزمة والهوة بينهما.
وبعد حرب 1971، ساهمَ الدور العسكري المهيمن للهند في شبه القارة الهندية في الاستقرار الإقليمي الهش، إذ لم يفكر أي نظام باكستاني في استفزاز الهند لما يقرب من عقدين، إلى حد كبير بسبب التفاوت في القوة بين البلدين.

وأوضح موهان أن محاولات الهند التدخل في السياسة الداخلية  في كشمير ساهمت في اشتعال تمرد في الجزء من كشمير الخاضع لإدارتها في 1989، وهي الصدمة التي أتاحت لباكستان فرصة عظيمة.

ولا سبب يدعو للاعتقاد أن من شأن تعيين قائد الجيش الباكستاني الجديد، رئيس المخابرات السابق عاصم منير، أن يُلطّف العلاقة المشحونة بين البلدين. ولا يقدم موهان نهجاً جديداً للتنافس بين الهند وباكستان أو للحد من التوترات التي تفسر السياسة الداخلية المشحونة في الدولتين.
وأخيراً، فإن الجانب المعيب الوحيد في كتاب “التنافس المُعقد”، وفق الكاتب، أنه يخفق في التصدي لقضيتين متصلتين، ولا تزالان تؤديان دوراً حاسما في التوترات بين الهند وباكستان.

ويلمح موهان إلى الأدبيات المناسبة، وأبرزها دراسة مايا تيودور، لكنه لا يعالج بقدرٍ وافٍ الضعف المبدئي للمؤسسات السياسية المدنية في باكستان. فقد أدت سمات تلك المؤسسات الهزيلة وعجزها عن الحفاظ على النظام منذ البداية إلى الإشكالية الثانية، أي العلاقة البيروقراطية العسكرية الاستبدادية التي تجلّت في غياب مؤسسات مدنية قوية.

وظل التحالف بين الجيش والبيروقراطية النخبوية، الذي أُقيم في أواخر الخمسينيات، ثابتاً في السياسة الداخلية الباكستانية. وحتى بعد أن فقد الجيش الباكستاني مصداقيته أخلاقياً بسبب دوره البشع في حرب 1971، فإنه تمكن من إعادة حشد صفوفه، واستعادة دوره المركزي في السياسة الداخلية.
والأهم من ذلك أن المؤسسة العسكرية الباكستانية بالغت باستمرار في التهديد الأمني المُتمثل في الهند،  لتعزيز مصالحها الخاصة إلى حد كبير.