فورين بوليسي: يجب محاسبة إيران عن هجمات وكلائها
تواصل المجموعات المتحالفة مع طهران هجماتها على جنود أمريكيين وآخرين من التحالف الدولي، بما في ذلك هجوم في 3 مارس (آذار) شمل إطلاق 10 صواريخ على الأقل على قاعدة تؤوي جنوداً ومدنيين، ووقع الهجوم الأحدث الاثنين. يأتي ذلك في سياق سلسلة من الهجمات التي تشنها الميليشيات المدعومة من إيران ضد الجنود الأمريكيين منذ تسلم الرئيس جو بايدن مهام منصبه، وبينها هجوم استهدف في 15 فبراير(شباط) أربيل عاصمة منطقة كردستان ذات الحكم الذاتي، مما أسفر عن مقتل متعاقد مدني وجرح عشرة آخرين.
وكتب الباحث رانجا علاء الدين في مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية يقول، أن هجوم أربيل شكل تصعيداً أساسياً، وكان الهجوم الأخطر من مجموعات متحالفة مع إيران، نذ تولي بايدن الرئاسة إدارة بايدن، مما دفع بعد عشرة أيام إلى اتخاذ قرار أمريكي بضرب المجموعات المسؤولة عن الهجوم في سوريا. وإحدى النقاط المحورية في النقاش الدائر حول الهجمات الصاروخية وأشكال أخرى من الاعتداءات التي ترتكبها المجموعات المتحالفة مع إيران، هي ما إذا كان في الإمكان نسب الهجمات إلى النظام الإيراني، بما سيؤدي إلى تشكيل محتمل لملامح الانخراط الأمريكي مع إيران حول البرنامج النووي والردود الانتقامية المحتملة (عسكرية وغير عسكرية) ضد طهران ومصالحها في المنطقة. وطالما اتبعت إيران مساراً يقوم على إنشاء مجموعات واستخدامها لمهاجمة خصومها، وهي تعتمد على وكلائها للتقليل من مشاركتها في المجازر التي ترتكب، ومن أجل إيجاد درجة معقولة من الإنكار.
وعلى رغم أن الحكومة الأمريكية قد تجد صعوبة في العثور على علاقة دقيقة تربط النظام الإيراني بهذه الهجمات، فإن تورط إيران في العقود الأربعة الماضية في تأسيس وتعبئة وإدارة الوكلاء، يدلل على أنها تعتمد على هذه الهجمات لتشكيل بيئة جيوسياسية ملائمة لها، ويشير إلى أن النظام الإيراني ضالع مباشرة في تحمل المسؤولية.
ويلفت الباحث إلى أن إسناد المسؤولية مهم، لأنه يسمح للحكومات وللمحاكم المحلية والدولية بمحاسبة المرتكبين، ويتيح فرصاً للحكومات التي تقع ضحية هذه الهجمات كي تطلب دعماً من دول أخرى- يمنع أو يردع حصول مزيد من الهجمات. وفي حالة الحرب بالوكالة، فإن إسناد المسؤولية يصبح معقداً بسبب تورط لاعبين لا يحملون صفة الدولة، ممن يميلون إلى العمل خارج إطار مؤسسات الدولة ويتفلتون من القانون والمؤسسات. وهذه هي بالضبط تعقيدات وتشوهات الحرب بالوكالة التي تعتمد عليها الدول الراعية للمجموعات المسلحة للهروب من أية ردود فعل إنتقامية ولحرمان الضحايا من العدالة.
وتركز إدارة بايدن على الجهود الديبلوماسية للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي يقلل من احتمال لجوء واشنطن إلى إسناد المسؤولية المباشرة عن الهجمات الصاروخية إلى النظام الإيراني. وكان لافتاً على نحوٍ خاص أنه عقب هجوم أربيل، تركت الولايات المتحدة عملية كشف هوية الفاعلين للحكومة الإقليمية في كردستان وبغداد، الأمر الذي ألقى العبء على حليفين ضعيفين قد يقعان في مرمى نيران هذه الجماعات المتحالفة مع إيران، في حال أتيا على ذكر النظام الإيراني علناً أو رسمياً. ونظراً إلى العلاقة العملانية والإيديولوجية بين الحرس الثوري الإيراني وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله ومنظمة بدر وكتائب سيد الشهداء إلى جانب مجموعات أخرى أقل أهمية، من غير المعقول أن تنفذ هذه المجموعات عمليات بشكل مستقل. أما الهجمات على الجنود الأمريكيين والحلفاء، فإنه من غير المعقول أن تنفذ دون موافقة مسبقة أو تنسيق مسبق مع طهران.
ويخلص الكاتب إلى أن طهران مسؤولة مباشرة عن العنف الذي يرتكبه وكلاؤها ويجب محاسبتها.