في أوكرانيا، المناطق الرمادية لمحاكمات «العملاء»

في أوكرانيا، المناطق الرمادية لمحاكمات «العملاء»

تتزايد الدعاوى القضائية في جميع أنحاء أوكرانيا، حيث ينتقد المدافعون عن حقوق الإنسان التشريعات الغامضة والمطبقة بشكل غير متساو.
 كما هو الحال في العديد من المناطق الأخرى في أوكرانيا، تشهد قاعات المحكمة في منطقة خاركيف منذ عدة أشهر رجالاً ونساءً متهمين بالتعاون مع المحتل الروسي بشكل شبه يومي. داخل محكمة مقاطعة أوردجونيكيدزيفسكي العادية للغاية، عُقدت جلسة استماع لمحاكمة بتهمة «الخيانة العظمى» في 7 نوفمبر في الساعة 10:30 صباحًا.
 
وفي اليوم التالي، الساعة 11 صباحًا، كان الأمر يتعلق بمسألة « العمالة «مرة أخرى ، ثم في 13 نوفمبر، ومرة أخرى في 14 نوفمبر... نفس الجريمة، وحالات مختلفة. تعمل الآلة القضائية بأقصى سرعة في أوكرانيا، في حين أثار احتلال أجزاء كاملة من الأراضي الأوكرانية السؤال الشائك المتمثل في الرد الذي يجب اتخاذه في مواجهة عشرات الآلاف من السكان الذين تعاملوا، بدرجات متفاوتة للغاية، مع الوجود الروسي. في منطقة خاركيف، التي بقي جزء كبير منها تحت سيطرة موسكو لأكثر من ستة أشهر، بالف تم  بالفعل فتح أكثر من 1500 تحقيق في أعمال العمالة»، كما قال سيرهي بولبينوف، رئيس وزارة الدفاع، لصحيفة «لاكروا».  وتغطي هذه التهم حقائق متنوعة للغاية.

ويضيف: «لا يمكننا أن نضع الجميع في الحقيبة نفسها «. من يخرج إلى الشوارع وينادي لدعم بوتين،  يقترف جريمة، لكن مسؤوليته منخفضة. وأولئك الذين يقدمون معلومات تسمح للعدو بتنفيذ ضربات تقتل بعد ذلك المدنيين... هؤلاء في نظري مسؤولون مثل الجندي الذي أطلق صاروخا. « لكن انتشار هذه المحاكمات يثير القلق لدى بعض المدافعين عن حقوق الإنسان. 
وفي تقرير نُشر في 30 أكتوبر ، انتقدت المنظمة غير الحكومية الأوكرانية «زمينا» هذا التشريع. ويرتبط هذا الأمر بالإرهاق في تطبيق القانون و»التحيز الاتهامي» لجزء من النظام القضائي، ويؤدي في بعض الأحيان إلى أحكام غير متناسبة مع التهم الموجهة  و الى تقلب في تطبيق القانون.
 
«نحن ندرك جيدًا أن هذه الملاحقات القضائية في قضايا العمالة هي مسألة عدالة، وأن هذا ينشأ بناءً على طلب من المجتمع الأوكراني»، تشرح ألينا لونوفا، إحدى مؤلفي التقرير، لصحيفة «لاكروا». لكن ما نلاحظه عمليا لا يحقق العدالة. « استناداً إلى تحليل المنظمة غير الحكومية لـ 788 حكماً، استناداً إلى المادة 111-1 من قانون العقوبات الأوكراني التي تحدد وتدين «الأنشطة التعاونية»، يثير التقرير سلسلة من المشاكل: الغياب شبه الكامل لأحكام البراءة، والاستخدام المنهجي للاحتجاز السابق للمحاكمة، أو حتى الضغوط التي يتعرض لها محامو الدفاع، والتي يتم وصفها أحيانًا بـ «دعم»  العملاء .وتشعر زمينا بالقلق بشكل خاص إزاء فقرة فضفاضة للغاية تحظر أي «نشاط اقتصادي يتم بالتعاون مع الدولة المعتدية»، دون تحديد ما يشكل على وجه التحديد «النشاط الاقتصادي» أو «التعاون».
 
وهكذا استُخدمت الفقرة للحكم على رجل بالسجن لمدة أربع سنوات ومصادرة جميع ممتلكاته لأنه عمل كحارس أمن لصيدلية في بالاكليا، وهي بلدة في منطقة خاركيف التي احتلتها القوات الروسية آنذاك. ويشير مؤلفو التقرير إلى أن «هناك سببًا للشك في الضرر الذي تسببه هذه الأنشطة للسكان المحليين أو للأمن القومي لأوكرانيا». وفي نظرهم فإن القضية تتجاوز تعطش المجتمع الأوكراني إلى العدالة. ويمنع الغموض التشريعي والقضائي السكان الذين ما زالوا يعيشون في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الروسي من معرفة الأفعال التي قد تؤدي لاحقاً إلى الملاحقة القضائية. يكفي الإضرار، على المدى الطويل، بإعادة إدماج هؤلاء السكان. وتعتقد ألينا لونوفا أن «آليات أخرى غير المسؤولية الجنائية لإدارة هذه القضية ضرورية» مُضيفة « نحن بحاجة إلى مبادرات التطهير والعفو والوساطة على مستوى المجتمع. وليس ألى  مجرد رد قضائي”.