رمضان في الإمارات
في الظروف الحالية الحفاظ على سلامة الجميع واتباع الإرشادات الوقائية أهم من التزاور والإفطار الجماعي
يبقى لشهر رمضان المبارك بدولة الإمارات عاداته وتقاليده وطقوسه وذكرياته في الكثير من جوانب الحياة التي يعيشها الجميع في رمضان اليوم ، ولكن في ظل هذه الأوضاع يجب اتباع إرشادات الوقاية من فيروس كورونا الصادرة من الجهات الصحية في الدولة، وذلك حرصاً على سلامة الجميع ، فبعض ذكريات الشهر الفضيل أيام الطفولة كان الجار يتبادل الطعام مع جاره وهذا نوع من التراحم بين الناس إذ كانوا يأخذون الطعام من عند بعضهم البعض بكل أريحية وود، حيث كانت العادات الرمضانية في الإمارات، متوارثه جيل بعد جيل ولم تزل حتى يومنا هذا ولكن يطرأ عليها تغيير بسيط مع مرور الزمن وتداخل الثقافات ، فكما كان الأمر سابقاً تبدأ الاستعدادات قبل أيام من الشهر الفضيل بتحضير مستلزماته، وتجهيز المجالس لاجتماع العائلة والجيران، ثم شراء وتجهيز «المير»، وهي عادة إماراتية أصيلة، وتقديم بعض الهدايا والأطعمة للأهل والأصحاب لذا فإن المجتمع الإماراتي من أكثر المجتمعات تمسكاً بعاداته وتقاليده، وأكثر حرصاً على الحفاظ على تراثه وهويته الوطنية، وهو ما يظهر جلياً فيما يخص تلك العادات المرتبطة بشهر رمضان.
ويكشف الكاتب الصحفي سعد المهري عن أهم المظاهر الرمضانية بأنها لا تزال عادة التزاور بين الأهل والجيران، من أبرز العادات الباقية كما تنتشر في الإمارات موائد الإفطار الجماعي، حيث يجتمع الأهل أو الحي في مكان واحد للإفطار، فتأتي النساء جالبات ما صنعن من وجبات، حسب المقدرة، ويتشارك الجميع في تناول الأرز والهريس والثريد والعصيدة واللقيمات، ومن الحلويات الخبيصة وشرب القهوة
كما كانت وجبة الإفطار بسيطة خفيفة وكذلك السحور، فيتناول الصائمون التمر والقهوة واللبن، ويذهب الرجال إلى المساجد وكل واحد منهم يحمل طبقاً أو مجموعة أطباق وبعد انقضاء الصلاة يجتمع المصلون في رواق المسجد الخارجي، صغاراً وكباراً، ليناولوا شيئاً قليلاً من المائدة العامرة، ويدعوا كل من يمر بهم أياً كانت جنسيته ليشاركهم مائدة الخير والبركة هذا وقد كان المفارقات النارية” الشلق” تنير الأحياء السكنية نوع من البهجة ومن العادات الأسرية المهمة توجه جميع الأسر من الأب حتى اصغر طفل والتواجد بالمساجد للعبادة و قيام الليل حيث كان الآباء يشجعون الابناء على الصيام وقراءة القرآن الكريم وتحفيزنا على محاولات ختمه مراراً وتكراراً مقابل جائزة معنوية أو نقدية نوع من التشجيع، كما كانت هناك ألعاب الأطفال الشعبية، مثل “عمبر” والهول “ ومن ضمن الذكريات التوجه بعد اداء صلاة القيام لشراء المثلجات من احد بيوت الفريج والتي كانت تحضر بمشروب الفيمتو ويضع في اكياس أو أكواب من البلاستيك وتضع في الثلاجة وبعدها تباع بعد تجمدها. شاركت الإعلامية ميرا علي ذكرياتها في رمضان قائلة في أعوام مضت من شهر رمضان لم تكن سوى مساحات لرسم ملامح شخصيتي ، وما تلتها فهي التي شكلتني كما ترونها أو عرفتموها ، فرمضان يعني الألفة والحميمية بكل تجلياتها ، رمضان هي حكاية أول ليلة شاركت فيها جولات النساء في الحارة وهن يتزاورن في الفريج ، بينما نحن الأطفال حينها نلتقي في شوق تترجمه ألاعيبنا البريئة إذ ذاك قبل ظهور ألاعيب هذا الوقت ، رمضان يعني نفحات ارتسمت ملامحها على الأطباق المتنوعة من بيت لآخر ، وكم من طبق يشهد لي بأني تناقلتها ما بين البيوت على مدى أشهر رمضان الصبا ، وكم من طبق شاركت في إعداده بعد أن عرفت طريقي الى المطبخ ، لازلنا على الرغم من أي شيء ومن كل شيء متعلقين بهذا الشهر الفضيل ، ولازالت ملامحنا متوائمة في ذكراه بكل ما فيه من عادات وتقاليد وروحانيات تهمس في قلوبنا بالصفاء والرحمة وتمدنا بالمغفرة والمحبة والألفة.