في يوم المرأة الإماراتية .. قراءة في التجربة والواقع

في يوم المرأة الإماراتية .. قراءة في التجربة والواقع


عقدت ندوة الثقافة والعلوم بمناسبة يوم المرأة الإماراتية ندوة بعنوان "في يوم المرأة الإماراتية.. قراءة في التجربة والواقع" شارك فيها د. منى البحر مستشار معالي رئيس دائرة تنمية المجتمع في أبوظبي والمخرجة السينمائية نجوم الغانم، بحضور بلال البدور رئيس مجلس الإدارة وعلي الشريف وجمال الخياط أعضاء مجلس الإدارة ود. حصة لوتاه ود. منى البحر ونخبة من المهتمين.
أدارت الندوة الكاتبة عائشة سلطان عضو مجلس الإدارة مؤكدة أن الأمم والمجتمعات تحتفي بمختلف الأيام والمناسبات الاجتماعية والدينية، ليتجاوز الضجيج الإعلامي والخطب المتكررة، فالاحتفاء من الأمور المحمودة التي تعارفت عليها كل الثقافات والمجتمعات الإنسانية باعتباره طريقة متحضرة لتذكر العطايا والنعم والإنجازات والشعور بالامتنان تجاه من سبقنا.

وأشارت عائشة أن الإمارات تحتفي في يوم 28 أغسطس من كل عام بيوم المرأة الإماراتية، فشكرا لمن وضع لبنة هذا البناء الذي نحتمي به ونتمتع بخيراته.
وتساءلت في يوم المرأة الإماراتية ماذا عسانا نفعل أو نقول للاحتفاء، وأكدت علينا استذكار تضحيات الأمهات والجدات والعمات والخالات والأخوات والجارات والصديقات اللواتي عبرن في حياتنا وتركن أعظم الأثر وأجمل الذكريات، وأن نحاول أن نترسم خطا من رحل منهن ونقبل جبين من لازلن بينا ونقول لهم بكل صدق هذا العالم جميل وعظيم ورحيم ومتماسك لأنك سيدته وجوهرته.

وتقدمت بالشكر لأم الإمارات سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك وسمو الشيخة هند المكتوم حرم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ولكل امرأة إماراتية أعطت وقدمت وبذلت ولم تدخر وسعاً في سبيل رفعة وتقدم شأن النساء الإماراتيات وكل نساء العالم.
وذكرت أن الجميع يقف بإعجاب واحترام متأمل مسيرة خمسين عاماً مضت من الإنجازات والعمل المستمر ولسنوات كثيرة آتية، سيظل فيها الجميع مرفوع الرأس فخراً لأنهم أبناء المرأة الإماراتية الحكيمة المكافحة البسيطة الصبورة الثابتة والقابضة بحق ووعي على ثوابتها وهويتها بلا ضجيج ولا مزايدات.

ووجهت تساؤلاتها حول المنجز المختلف للمرأة الإمارتية الذي جعلها تحظى بهذا الاحتفاء؟ وما هي الرسالة الضمنية التي تبعثها الإمارات للعالم عبر هذا اليوم؟
ورأت عائشة إن إطلاق الاتحاد النسائي العام لموسوعة المرأة عام 2018، أكدت فيه الشيخة فاطمة على أمرين: تحقيق المرأة الإماراتية للعديد من المنجزات والمكاسب بدعم كبير على جميع المستويات، وأن قضايا المرأة تحظى دائما باهتمام المجتمع. فما هي أهم ما يمكن اعتباره قضايا وتحديات لا تزال أمام المرأة الإمارتية، وهل تختلف قضاياها عن قضايا المرأة في أي مكان في العالم؟
وأضافت منذ أكثر من 50 عاما، وفي سنوات البدايات، كان التعليم والعمل والوعي بالحقوق والواجبات، وتأسيس فكرة المواطنة، من أهم التحديات في تلك الفترة، اليوم في إطار النظرة للمستقبل ما التحديات التي تقف في وجه المرأة؟ كيف اختلفت تحديات الامس عن تحيات اليوم والغد؟
وختمت تساؤلاتها قائلة نتفق ان الأسرة الإماراتية مسؤولية المرأة الأولى، لكن في ظل مأزق الهوية الذي تواجهه دول الخليج باعتبارها مجتمعات استقطاب للعمالة والاستثمار والثقافات، حيث يعيش فيها عشرات الجنسيات، مما خلق تحدي ثقافي تواجهه الأسرة في المجتمع. كيف يمكن تحقيق معادلة الحفاظ على هوية المجتمع وتحقيق الانفتاح وقبول الآخر دون أن نفقد هويتنا؟ أم أن إدخال الهويات تأسيسا لما يسمى الانسان العالمي هو تحد عالمي لا يخص مجتمعات الخليج وحدها؟

وعن تجربتها ومسيرتها ذكرت د. منى البحر أنها تعلمت ضمن جيل كامل من خريجات وخريجي المدارس الحكومية، وتدرجت في مسارات التعليم حتى التخرج من جامعة الإمارات تخصص علم اجتماع وأنثروبولوجي، ثم التحقت بجامعة القاهرة لدراسة الماجستير في تخصص علم الاجتماع وتحديد حول الأسرة وجنوح الأحداث، ثم انتقلت لبريطانيا في اكستر لدراسة الدكتوراه وعادت للتدريس في جامعة الإمارات ثم تحولت لدراسة الخدمة الاجتماعية وذهبت لأمريكا في جامعة أوهايو الحكومية لاستكمال دراستها في مجال الخدمة الاجتماعية، وكان وجودها في نظام دراسي منفتح ومنظومة قيم مختلفة مثل تحدي كبير، إلا أن تجربتها الدراسية وتدرجها ساهم في تخطي حالة الغربة، وأكسبتها التجربة اكتشاف الذات وإثبات الوجود وجعلها أكثر شغفاً بالمعرفة وتأسستا لديها الأطر الفكرية المجتمعية التي ساهمت في مسيرتها العملية. وفي الغربة التقت بالعديد من بنات الإمارات وكان هذا الوجود نوع من الدعم لتخطي المرحلة. وكانت الأسرة في البداية غير مرحبة بموضوع السفر ولكن لوجود بعض من بنات الإمارات سواء في مصر أو بريطانيا أو أمريكا ساهم في تشجيعهم على سفرها لإكمال دراستها خارج الدولة.

وبعد العودة عملت وتدرجت في العمل الأكاديمي بجامعة الإمارات، ثم عملت مستشاراً في مؤسسة الإمارات عند تأسيسها في أبوظبي، ثم عدت للجامعة مرة أخرى، وانتدبت في دبي للعمل في مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال، وبعدها عينت في عضوية المجلس الوطني الاتحادي وتلك التجربة علمتني الكثير في مجال تخصصي وفي قوانين المرأة، والدبلوماسية البرلمانية، وبعدها أصبحت مدير تنفيذي في مركز الجليلة، ثم عدت مرة أخرى للجامعة، وأخيراً انتدبت مستشاراً في دائرة تنمية المجتمعي في أبوظبي وعدت للكتابة في مجال المقال أو البحث العلمي.

وعن تخصيص يوم للمرأة الإماراتية رأت د. منى البحر أن المرأة الإماراتية حرقت المراحل سواء في التمكين السياسي أو التعليمي أو الاقتصادي وحصدت الكثير في قترة بسيطة مقارنة بمجتمعات أخرى، وكثير من البرلمانات العربيات لم يصل فيها عدد النساء المنتسبات لها مثل ما تشهده الإمارات، وبالتالي تستحق المرأة الإماراتية التكريم. وهو رسالة ضمنية من القيادة بتأييد المرأة، والمرأة الإماراتية محظوظة بوجود قيادة رشيدة تؤمن بحقوق المرأة.
وحول أهم القضايا التي تقف أمام المرأة الإماراتية أكدت البحر أن هناك تحد يتعلق بدور المرأة وعلاقتها بالأسرة، فتمكين المرأة مصطلح يحمل الكثير من الأمور، ولكنه تستخدم أحيانا في غير محله فالتمكين منح الشخص الأدوات التي تساعده في خطواته المستقبلية، ولكن البعض اتخذها بمعنى الاستقواء ما ترتب عليه في كثير من الأحيان انهيار بعض الأسر، فلم تعد هناك منافسة لدى الكثيرات من منطلق الشراكة ولكن أصبح هناك صراع في كثير من الأوقات.

وأصبح هناك جيل مختلف يطالب بقدر أكبر من الحقوق، ورفض لمنظومة الأسرة ودور المرأة كزوجة وأم، وارتفعت نسب الطلاق وتدنت نسب الخصوبة. وبذلك انتقلت المرأة من أسر العادات والموروث إلى أسر السوق، وبدون ما تشعر أصبحت قيمتها متمثلة فيما تتقاضاه من راتب وليس ما تقدمه لأسرتها. لذلك يجب أن نضع أمام اعيننا أهمية تعزيز دور الأم والأب والأسرة ككل.
وأكدت على أهمية الحفاظ على الهوية وأن وجود الآخر يؤكد هويتك ويؤكد تمسكك بها ولكن الأسرة هي من يحافظ على الثوابت، وأن الإمارات مجتمع مفتوح منذ القدم حتى في زمن الغوص والترحال كان هناك تجاوب وتفاعل مع الآخر، لأنك لا تعرف نفسك إلا بعد معرفة الآخر، فجميع الحضارات قامت عبر التلاقح السياسي والاجتماعي والاقتصادي.

وعن تجربتها ذكرت نجوم الغانم أن البدايات كانت صعبة حيث نشأت في أسرة بسيطة ولكنها تربت في بيت جدتها وأخوات والدتها وكانوا متعلمين واعتبروها مشروعهم الثقافي الخاص، وأضافت أنها خاضت مجال العمر منذ سن 17 في جريدة الفجر وبعد إكمالها للثانوية العامة عينت في الجريدة لسنتين ثم انتقلت للعمل صحفية في جريدة الاتحاد، وكان حلمها دراسة الفنون الجميلة ولن الوالد رفض فكرة السفر خارج الدولة، وتزوجت وبعد الزواج والإنجاب هيئت لها فرصة السفر وإكمال دراستها والعمل معاً.

وأكدت أن الحصول على بعثة دراسية كان بمثابة مكافأة لها من المرحوم خلفان الرومي رئيس تحرير جريدة الاتحاد في ذلك الوقت، والذي ساعدها كثيراً في مجالها الوظيفي والدراسي، ودرست في أمريكا في جامعة أوهايو لغة ثم درست في مجال الإعلام المرئي والذي ساعدها في مجال هوايتها وشغفها بالفنون والمسرح والسينما، وقد أنتجت بعض المشروعات السينمائية القصيرة في تلك الفترة، كما درست الماجستير في استراليا، وبعدها عادت للإمارات واستمرت في عملها ولكنها قررت التوقف عن العمل في مجال الصحافة والتفرغ لمجال التدريب والعطاء في مؤسسة الإمارات للإعلام.

ولكن مع العائلة والمسؤوليات كان عليها التقاعد والتفرغ للأسرة وإكمال شغفها الفني والإبداعي وصناعة السينما. وأشارت نجوم الغانم إلى أن أم الإمارات الشيخة فاطمة هي من وجهت لتكريم المرأة في ذلك اليوم لما بذلته المرأة الإماراتية من جهد وعطاء، وتذكرت أول وزيرة إماراتية الشيخة لبنى القاسمي وتوليها وزارة الاقتصاد والتجارة وهي وزارة غير نمطية، وأن غالبية الوزيرات يحملن حقائب وزارية مهمة وصعبة وأثبتن نجاحهن فيها. وأكدت نجوم الغانم أن تمكين المرأة من قبل المؤسسة الحكومية المقصود به عمل إيجابي، ولكن الإشكالية في المجتمع، هناك فجوة بين المفهوم والتطبيق، فدور الأسرة أساسي ويجب أن يتكامل ولكننا في زمن تحديات وانفتاح لا يمكن التراجع عنه، وأن على الأسرة التمسك بالثوابت والحفاظ على الهوية الوطنية في ظل هذا الانفتاح، خاصة وأن هناك جيل جديد منفتح بلغة وعادات مختلفة ما يمثل تحد أمام غالبية المجتمعات. وفي الختام أكدت عائشة سلطان أن الجيل السابق رغم ما عاناه في البدايات من ظروف مجتمعية وحياتية إلا أنهن حافظن على ثوابتهن وهويتهن واستوعبن حقيقة الواقع المعاش، في ظل الكفاح الحقيقي الذي عايشته. وأشارت أن الاحتفال بيوم المرأة في 28 أغسطس يتوافق مع يوم تأسيس الاتحاد النسائي ويمثل رسالة ضمنية لدعم المرأة اللا متناهي من القيادة الرشيدة.