فيزغلياد: أمريكا تدفع الاتحاد الأوروبي إلى حرب أهلية
حذّر رئيس أكاديمية السياسة الواقعية فلاديمير بروخفاتيلوف من أن الاتحاد الأوروبي سيكون على شفا حرب أهلية على المدى المتوسط، بعد أن بدات الولايات المتخدة بتخريب أوروبا من خلال دعمها لأوكرانيا لمواجهة الحرب الروسية.
وكتب بروخفاتيلوف، في صحيفة "فيزغلياد" الروسية، أن الولايات المتحدة وضعت مساراً أقصى لدعم أوكرانيا بالأسلحة والمعدات العسكرية، بهدف فرض حرب استنزاف على روسيا وإضعافها قدر الإمكان.
وأضاف أن أوكرانيا ومواطنيها سيكونون بمثابة مستهلك في هذا السياق. وفي إطار مفهوم البنتاغون للحرب متعدّدة المجالات ضد روسيا، يتم شن حرب معلومات وحرب عسكرية (قتالية). لكن حتى الآن، لم يُدرك الجميع الحرب السرية للولايات المتحدة ضد الاتحاد الأوروبي الذي يُعتبر منافساً حضارياً واقتصادياً خطيراً لأمريكا وبريطانيا العظمى التي انضمت إليهما.
الاتحاد الأوروبي مستعمرة لأمريكا
ونجح الأمريكيون في تحويل الاتحاد الأوروبي إلى مستعمرة خاصة بهم، مما أجبر أوروبا على التخلي عن النفط والغاز الروسي والتعلق بمصادر الطاقة الخارجية.
وتعمل الولايات المتحدة حاليًا على قطع إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق الآسيوية لصالح أوروبا. كما اتفقت مع الاتحاد الأوروبي على ضمان إمداد أوروبا بما لا يقل عن 15 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي المسال هذا العام لتحل محل الصادرات الروسية.
وقرّر الطرفان إنشاء مجموعة عمل مشتركة لتقليل اعتماد أوروبا على واردات الطاقة من روسيا. لكن الولايات المتحدة تفرض شرطاً صارماً على الاتحاد الأوروبي: "على أوروبا أن تدفع ثمن الوقود بكلفة إضافية من أجل مقاطعة طلب المستهلكين الآسيويين".
في 25 مارس (آذار)، قدمت ألمانيا، بضغط من الولايات المتحدة، خطة لوقف استيراد موارد الطاقة الروسية بشكل شبه كامل بحلول منتصف عام 2024. وبحلول الخريف، قد تخفض ألمانيا أيضاً وارداتها من الفحم الروسي.
"صدمة اقتصادية"
وعلى خلفية عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد صادرات الطاقة الروسية، تعيد روسيا بنجاح توجيه صادرات النفط والغاز من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى آسيا، وهو ما سيشكل في المستقبل القريب "صدمة اقتصادية" للعالم بأسره، وبشكل خاص، للعالم القديم.
ويعتبر سوق الغاز الأوروبي هو الفناء الخلفي لسوق الغاز الطبيعي المسال العالمي، ويعتمد بشكل كامل على الوضع في دول منطقة آسيا والمحيط الهادئ (APR)، نظرًا لأن السوق الآسيوية أكبر من الناحية المادية. وإذا انخفضت أسعار الغاز الطبيعي المسال في آسيا، تتبعها الأسعار في أوروبا، والعكس صحيح. وستؤدي إعادة توجيه تدفقات الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة إلى أوروبا إلى زيادة أسعار الغاز في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، وستتوجه شركات نقل الغاز الأمريكية إلى آسيا إذا لم يفِ الاتحاد الأوروبي بشرط الولايات المتحدة المذكور أعلاه- لدفع ثمن الغاز باستخدام نظير تكلفة إضافية.
ونتيجة لذلك، قال بروخفاتيلوف إن "الاتحاد الأوروبي، الذي أُجبر على التخلي عن الغاز الروسي، سيدفع تكاليف باهظة للكهرباء والتدفئة".
وبما أن الاقتصاد الأوروبي على وشك الانهيار، سيكون الرفض الكامل لناقلات الطاقة الروسية "كارثة حقيقية" للاتحاد الأوروبي.
وعلى خلفية الأزمة الاقتصادية المتنامية، تسللت صناديق الاستثمار الأمريكية العملاقة مثل "بلاك روك" (BlackRock) و "فانغارد" (Vanguard) إلى جميع الهياكل الصناعية والمالية الأوروبية المهمة. وإذا كان الجمهور الفرنسي لا يزال يسمح لنفسه بالتعبير عن استيائه من هذه الحقيقة المؤسفة، إلا أنه يصعب على الألمان الاعتراف بذلك.
جبهة الهجرة
وأضاف بروخفاتيلوف أن الولايات المتحدة فتحت الجبهة الثانية للحرب ضد العالم القديم، ألا وهي جبهة الهجرة. وتتغاضى الدول الأوروبية المؤيدة لأمريكا عن موجة أخرى من الهجرة غير المنضبطة. وفقدت الدول الأوروبية إرادتها ووكالتها فيلاما يتعلق بمصالحها المباشرة.
وعندما حصل التدفق الهائل للاجئين من سوريا على أوروبا عام 2017، رفض الاتحاد الأوروبي لفترة طويلة، تحت ضغط الرأي العام، قبول مئات الآلاف من المهاجرين من الشرق الأوسط. ومع ذلك، قامت شركة الاستشارات الأمريكية "ماكينزي" (McKinsey)، المرتبطة ارتباطاً وثيقاً بوكالة الاستخبارات المركزية، بدفع البيروقراطيين الأوروبيين وطوّرت اللوجيستيات لاستقبال وإيواء مليون مهاجر جديد في أوروبا.
"حرب أهلية"
ورأى بروخفاتيلوف أن الفوضى والاضطرابات في دول الاتحاد الأوروبي أصبحت مرجّحة أكثر من قبل على خلفية ملايين المهاجرين من أوكرانيا، الذين يتزايد عددهم بشكل كبير، مضيفاً أنه "إذا لم يتغير هذا الاتجاه التصاعدي، فقد يهاجر أكثر من 10 ملايين شخص من أوكرانيا بحلول الصيف".
وتواجه أوروبا كارثة إنسانية واسعة النطاق لن يساعد أي ضخّ مالي على وقفها، حيث أن أزمة الطاقة والأزمة الصناعية الناتجة عنها آخذة في الازدياد.
وختم أنه نظراً إلى أن الاتحاد الأوروبي يتبع خطى الولايات المتحدة بإخلاص، فإن الوضع الاقتصادي سيستمر في التدهور، حيث ستدفع أوروبا مقابل موارد الطاقة الأمريكية أكثر من الموارد الروسية. وبالتالي، على المدى المتوسط، سيكون الاتحاد الأوروبي على شفا حرب أهلية.