رئيس الدولة يؤكد إخلاص أبناء الوطن وتفانيهم جيلاً بعد جيل في خدمته
المرحلة التالية من الحرب تبدو أكثر تعقيدًا
قد تكون معركة دونباس كارثة أخرى لروسيا...؟
	• يرسل الغرب للوحدات الأوكرانية أسلحة ثقيلة أيضًا
• إن احتمال حدوث مأزق دائم له جانب إيجابي: فقد يجبر كلا الجانبين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات
• إذا انتهت هذه الحرب يومًا ما، فسيتعين على اتفاقية السلام أن تنظم مصير دونباس بطريقة أو بأخرى
• إحدى المزايا التي يبدو أنها تعمل لصالح روسيا بوضوح، التضاريس المفتوحة، يمكن أن تنقلب ضدها أيضًا
	
جنود متعبون، تضاريس موحلة، وخصوم مسلحون جيدًا: قد تكون المرحلة التالية من الحرب أكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا لقوات بوتين.
بعد تعرضه لسلسلة من الانتكاسات أثناء غزو أوكرانيا، وبعد التراجع عن محاولة الاستيلاء على كييف، وخسارة ما يقرب من 20 ألف جندي في هذه العملية، يقوم الجيش الروسي بمراجعة نسخته، والسعي إلى تحقيق هدف أقل طموحًا: الاستيلاء على دونباس، في شرق أوكرانيا.
	
بعد ثمانية أسابيع من الحرب، فإن السؤال الحاسم هو ما إذا كان الروس قد تعلموا أي درس من هذه المرحلة الأولى الكارثية، وما إذا كانت تضاريس هذه الحملة الحربية الجديدة -الحقول المفتوحة على الجانب الآخر من حدودهم -ستعطيهم ميزة وافضلية في المعركة.
في الحالتين، من المرجح أن تكون هذه المرحلة الجديدة من الصراع أكثر دموية من الأولى -ستتخذ شكل حرب استنزاف، مع معارك دبابات ضد دبابات، لم يسبق لها مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. هذا الأسبوع، باشر الطرفان المرحلة التحضيرية، وكانا يطلقان قذائف مدفعية على مواقعهما على أمل كسر قدرة بعضهما على التحمّل، وتقويض معنويات بعضهما البعض قبل بدء القتال الساحق.
	
ثغرة
منذ أسابيع، تصطف كتائب الدبابات الروسية على طول حوالي 500 كيلومتر من الحدود مع أوكرانيا بهدف، بمجرد بدء القتال وبأقصى سرعة، اختراق الدفاعات، ثم محاصرة الجنود الأوكرانيين من جميع الجهات.
هذا التكتيك فعّال في الاتجاهين: سيحاول الأوكرانيون فتح ثغرة في خط الهجوم ثم تطويق الجنود الروس، وفي نفس الحركة قطع خطوط الإمداد (وهو أمر عملي للغاية، حيث يعتمد هؤلاء في الشرق على السكك الحديدية وقد أثبت الأوكرانيون أنهم يعرفون جيدًا كيفية تفجيرها).
يتجاوز الرهان منطقة دونباس، وهي منطقة صناعية غنية بالفحم وتضم حوالي 6 بالمائة من سكان أوكرانيا. ويواصل الروس تكثيف الضغط في جميع أنحاء أوكرانيا، ويقصفون أهدافًا مدنية وعسكرية في كييف ولفيف ومدن أخرى في الغرب، ويحاصرون ماريوبول في الجنوب الشرقي. وإذا فاز بوتين في دونباس، فقد ينعش ذلك طموحه المهجور للسيطرة على بقية البلاد، أو على الأقل الإطاحة بالرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف.
	
لكن، إذا وجد بوتين نفسه في مواجهة احتمال الفشل في دونباس، فيمكنه، في نوبة من العنف بهدف صدم زيلينسكي وحلفائه الغربيين، شن هجوم كيميائي أو نووي تكتيكي ليدفعهم الى وقف الحرب قبل أن ينفجر الجحيم الكامل حقًا (تسمي العقيدة العسكرية الروسية هذه الحيلة بـ "التصعيد بغرض التهدئة"). وهذا هو السبب الرئيسي وراء امتناع الرئيس جو بايدن وبعض القادة الأوروبيين عن ممارسة المزيد من الضغط على بوتين أو التدخل المباشر في الحرب.
	
لذلك من الضروري أن نسأل، حتى في هذه المرحلة، عن المعسكر الذي سيدخل هذه المرحلة الجديدة من الحرب بأفضل الفرص لكسبها. الجغرافيا من عدة زوايا مواتية للروس. فحقيقة أن الأرض واضحة ومفتوحة، ستمنح الجنود الأوكرانيين أماكن أقل لنصب الكمائن لمحاصرة أرتال الدبابات الروسية، كما فعلوا أمام كييف.
	
كما أن قرب المنطقة من روسيا يعني أيضًا أن خطوط الإمداد أقصر -فقد عطلها الأوكرانيون بسهولة خلال المعارك المبكرة، مما حرم الجنود الروس من الطعام والوقود والذخيرة. تتمتع روسيا أيضًا بأفضلية كونها المعتدية في هذا الغزو، ويتم إعادة نشر الجنود الروس الذين خاضوا المعارك الأولى في دونباس، وبالتالي تعزيز الاسبقية العددية التي تتمتع بها روسيا اصلا من حيث عدد المقاتلين والقوة النارية.
	
ليس بهذه البساطة
ومع ذلك، قد لا تكون هذه المزايا حاسمة.
بايدن وبعض القادة الأوروبيين بصدد مدّ الوحدات الاوكرانية ليس فقط بصواريخ إضافية مضادة للدبابات والطائرات، ولكن أيضًا "أسلحة ثقيلة" -دبابات وعربات قتال مدرعة ومدفعية وطائرات هليكوبتر، ومن المتوقع وصول العديد منها في الأيام المقبلة. خلال المرحلة الأولى من الحرب، لم يجرؤ هؤلاء القادة على توفير هذه الأسلحة الفتاكة والأكثر قدرة على الحركة والأطول مدى، خوفًا من أن يرى فلاديمير بوتين في هذه الشحنات تصعيدًا استفزازيًا لانخراط الناتو في الحرب، ويرد بشن هجمات كيميائية أو نووية.
ومع ذلك، خوفًا من التعزيزات العسكرية التي أرسلتها روسيا والقصف المتواصل، قام بايدن ونظرائه بمراجعة معاييرهم الخاصة بالمخاطر المقبولة، ويبذلون جهودًا إضافية لتحسين قدرة الجيش الأوكراني، ليس فقط لتنظيم هجمات حرب العصابات ضد القوات الروسية، ولكن أيضًا لشن حرب تقليدية.
عامل آخر يجب أن يؤجج تشاؤم القيادة الروسية: مستوى إنهاك الجنود. وهذا ما يفسر سبب عدم بدء الهجوم في دونباس بالكامل. العديد من الكتائب الروسية -بعضها أُعيد نشرها إثر حملات فاشلة في شمال وغرب أوكرانيا، وبعضها تم حشدها مؤخرًا من قواعد روسية بعيدة – خسرت الكثير من الرجال والدبابات والأسلحة الأخرى لتشكيل وحدات قتالية متماسكة، وسيستغرق الأمر بضعة أسابيع، ربما أكثر من ذلك بكثير، لسد الفجوات.
وقد غرد الخبير العسكري مايكل كوفمان، الذي أثبتت تحليلاته للحرب أن صواب رؤيتها تفوق المتوسط ، يوم الأربعاء (20 أبريل): "بشكل عام، أعتقد أن الجيش الروسي قد خسر بشكل كبير من حيث الفعالية القتالية بالنظر إلى خسائره الكبيرة. "..." لقد جمعوا ما في وسعهم مما تبقى "..." لإرسال تعزيزات لن تكون قادرة على تعويض خسائرهم".
	
مستنقع
إحدى المزايا التي يبدو أنها تعمل لصالح روسيا بوضوح، التضاريس المفتوحة، يمكن أن تنقلب ضدها أيضًا. الأرض موحلة، مما قد يجبر الدبابات الروسية على التحرك في صفوف على الطرق، حيث ستكون بعد ذلك عرضة لنيران الصواريخ والطائرات بدون طيار المضادة للدبابات، أو البقاء في الحقول حيث قد تتعرض لخطر التعثر في الوحل.
وقد أخبرني جنرال بالجيش الأمريكي من فئة أربع نجوم طلب عدم الكشف عن هويته عبر البريد الإلكتروني، أن هذه الحقائق، إضافة إلى عدم الكفاءة التي أظهرها الروس حتى الآن، "يجب أن تدفعنا للتفكير في إمكانية تحقيق تقدم كبير" ضد الدفاعات الأوكرانية.
إن احتمال حدوث مأزق دائم له جانب إيجابي: فقد يجبر كلا الجانبين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وتابع، في نفس الوقت "على الأوكرانيين أن يوقفوا الروس في كل وقت" لأنه حتى لو فشل هؤلاء في اختراق الدفاعات الأوكرانية، ا يزال بإمكانهم "التقدم عبر خطوط الجبهة".
وإذا اتضح أن هذا التوقع صحيح، فقد تتحول الحرب إلى معركة طويلة عنيفة ودموية، ولن تأتي نتيجتها من انتصار استراتيجي عظيم ينتصر فيه أحد المعسكرين، بل من المعسكر الذي سيتحمّل الضربة لفترة أطول قليلاً من الآخر.
	
كل شيء من أجل دونباس
برر بعض المسؤولين الروس انسحابهم العسكري من كييف بالقول إن هدف بوتين الحقيقي منذ البداية كان الاستيلاء على منطقة دونباس. هذا هو المكان الذي بدأت فيه الحرب -وهذا هو المكان الذي تتقاتل فيه روسيا وأوكرانيا منذ عام 2014 في صراع أودى بحياة أكثر من 14 ألف شخص، من بينهم 500 روسي.
وحتى فبراير الماضي، كانت هذه الحرب تدور رحاها بين الجيش الأوكراني، المدعوم في ذلك الوقت قليلًا من الغرب، وبين الميليشيات الانفصالية المستفيدة من أسلحة ومساعدة القوات الخاصة الروسية. وقبل الغزو مباشرة، اعترف بوتين رسميًا بمنطقي دونباس (دونيتسك ولوهانسك) على أنهما "جمهوريتان شعبيتان" مستقلتان.
	
وبرر علنًا الغزو بأنه خطوة ضرورية لحماية الناطقين بالروسية في تلك الجمهوريات من "الإبادة الجماعية" من قبل أوكرانيا. بالكاد ذكر هو ومستشاروه غزو أجزاء أخرى من أوكرانيا، حتى الخسائر الفادحة في صفوف الروس، والتي تشير بعض التقديرات الى مقتل 20 ألف جندي، لم يعد من الممكن التستر عليها حتى من قبل وسائل الإعلام الروسية الخاضعة للرقابة. بعد وقت قصير من بدء هذه الحرب الأولى، شكل الجنود من كلا الجانبين خط ترسيم، مع سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على الجزء الشرقي من المنطقة، وسيطرة القوات الأوكرانية على النصف الغربي (والذي يتوافق تقريبًا مع المناطق التي يسكنها الروس والأوكرانيون الاصليون، على التوالي). هذه الخطوط بالكاد تغيّرت على مدى السنوات الثماني التي تلت.
	
عام 2015، وقّع الجانبان على اتفاقيات مينسك، التي دعت إلى وقف إطلاق النار، وحسمت مصير دونباس في صيغ غامضة، وهي اتفاقيات لم يتم تنفيذها أبدًا. ومع ذلك، في الأسابيع التي سبقت غزو بوتين لأوكرانيا في فبراير، أثار المسؤولون الأمريكيون والروس إمكانية إحياء اتفاقيات مينسك في محاولة لإيجاد حل.
إذا انتهت هذه الحرب يومًا ما، فسيتعين على اتفاقية السلام أن تنظم مصير دونباس بطريقة أو بأخرى. ونتيجة معركة دونباس، إذا كانت هناك نتيجة واضحة، يمكن أن تمهد الطريق لاتفاقية أوسع أو تجعل من الصعب الوصول إليها.
                                   
														
							• إن احتمال حدوث مأزق دائم له جانب إيجابي: فقد يجبر كلا الجانبين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات
• إذا انتهت هذه الحرب يومًا ما، فسيتعين على اتفاقية السلام أن تنظم مصير دونباس بطريقة أو بأخرى
• إحدى المزايا التي يبدو أنها تعمل لصالح روسيا بوضوح، التضاريس المفتوحة، يمكن أن تنقلب ضدها أيضًا
جنود متعبون، تضاريس موحلة، وخصوم مسلحون جيدًا: قد تكون المرحلة التالية من الحرب أكثر تعقيدًا مما كان متوقعًا لقوات بوتين.
بعد تعرضه لسلسلة من الانتكاسات أثناء غزو أوكرانيا، وبعد التراجع عن محاولة الاستيلاء على كييف، وخسارة ما يقرب من 20 ألف جندي في هذه العملية، يقوم الجيش الروسي بمراجعة نسخته، والسعي إلى تحقيق هدف أقل طموحًا: الاستيلاء على دونباس، في شرق أوكرانيا.
بعد ثمانية أسابيع من الحرب، فإن السؤال الحاسم هو ما إذا كان الروس قد تعلموا أي درس من هذه المرحلة الأولى الكارثية، وما إذا كانت تضاريس هذه الحملة الحربية الجديدة -الحقول المفتوحة على الجانب الآخر من حدودهم -ستعطيهم ميزة وافضلية في المعركة.
في الحالتين، من المرجح أن تكون هذه المرحلة الجديدة من الصراع أكثر دموية من الأولى -ستتخذ شكل حرب استنزاف، مع معارك دبابات ضد دبابات، لم يسبق لها مثيل في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. هذا الأسبوع، باشر الطرفان المرحلة التحضيرية، وكانا يطلقان قذائف مدفعية على مواقعهما على أمل كسر قدرة بعضهما على التحمّل، وتقويض معنويات بعضهما البعض قبل بدء القتال الساحق.
ثغرة
منذ أسابيع، تصطف كتائب الدبابات الروسية على طول حوالي 500 كيلومتر من الحدود مع أوكرانيا بهدف، بمجرد بدء القتال وبأقصى سرعة، اختراق الدفاعات، ثم محاصرة الجنود الأوكرانيين من جميع الجهات.
هذا التكتيك فعّال في الاتجاهين: سيحاول الأوكرانيون فتح ثغرة في خط الهجوم ثم تطويق الجنود الروس، وفي نفس الحركة قطع خطوط الإمداد (وهو أمر عملي للغاية، حيث يعتمد هؤلاء في الشرق على السكك الحديدية وقد أثبت الأوكرانيون أنهم يعرفون جيدًا كيفية تفجيرها).
يتجاوز الرهان منطقة دونباس، وهي منطقة صناعية غنية بالفحم وتضم حوالي 6 بالمائة من سكان أوكرانيا. ويواصل الروس تكثيف الضغط في جميع أنحاء أوكرانيا، ويقصفون أهدافًا مدنية وعسكرية في كييف ولفيف ومدن أخرى في الغرب، ويحاصرون ماريوبول في الجنوب الشرقي. وإذا فاز بوتين في دونباس، فقد ينعش ذلك طموحه المهجور للسيطرة على بقية البلاد، أو على الأقل الإطاحة بالرئيس فولوديمير زيلينسكي في كييف.
لكن، إذا وجد بوتين نفسه في مواجهة احتمال الفشل في دونباس، فيمكنه، في نوبة من العنف بهدف صدم زيلينسكي وحلفائه الغربيين، شن هجوم كيميائي أو نووي تكتيكي ليدفعهم الى وقف الحرب قبل أن ينفجر الجحيم الكامل حقًا (تسمي العقيدة العسكرية الروسية هذه الحيلة بـ "التصعيد بغرض التهدئة"). وهذا هو السبب الرئيسي وراء امتناع الرئيس جو بايدن وبعض القادة الأوروبيين عن ممارسة المزيد من الضغط على بوتين أو التدخل المباشر في الحرب.
لذلك من الضروري أن نسأل، حتى في هذه المرحلة، عن المعسكر الذي سيدخل هذه المرحلة الجديدة من الحرب بأفضل الفرص لكسبها. الجغرافيا من عدة زوايا مواتية للروس. فحقيقة أن الأرض واضحة ومفتوحة، ستمنح الجنود الأوكرانيين أماكن أقل لنصب الكمائن لمحاصرة أرتال الدبابات الروسية، كما فعلوا أمام كييف.
كما أن قرب المنطقة من روسيا يعني أيضًا أن خطوط الإمداد أقصر -فقد عطلها الأوكرانيون بسهولة خلال المعارك المبكرة، مما حرم الجنود الروس من الطعام والوقود والذخيرة. تتمتع روسيا أيضًا بأفضلية كونها المعتدية في هذا الغزو، ويتم إعادة نشر الجنود الروس الذين خاضوا المعارك الأولى في دونباس، وبالتالي تعزيز الاسبقية العددية التي تتمتع بها روسيا اصلا من حيث عدد المقاتلين والقوة النارية.
ليس بهذه البساطة
ومع ذلك، قد لا تكون هذه المزايا حاسمة.
بايدن وبعض القادة الأوروبيين بصدد مدّ الوحدات الاوكرانية ليس فقط بصواريخ إضافية مضادة للدبابات والطائرات، ولكن أيضًا "أسلحة ثقيلة" -دبابات وعربات قتال مدرعة ومدفعية وطائرات هليكوبتر، ومن المتوقع وصول العديد منها في الأيام المقبلة. خلال المرحلة الأولى من الحرب، لم يجرؤ هؤلاء القادة على توفير هذه الأسلحة الفتاكة والأكثر قدرة على الحركة والأطول مدى، خوفًا من أن يرى فلاديمير بوتين في هذه الشحنات تصعيدًا استفزازيًا لانخراط الناتو في الحرب، ويرد بشن هجمات كيميائية أو نووية.
ومع ذلك، خوفًا من التعزيزات العسكرية التي أرسلتها روسيا والقصف المتواصل، قام بايدن ونظرائه بمراجعة معاييرهم الخاصة بالمخاطر المقبولة، ويبذلون جهودًا إضافية لتحسين قدرة الجيش الأوكراني، ليس فقط لتنظيم هجمات حرب العصابات ضد القوات الروسية، ولكن أيضًا لشن حرب تقليدية.
عامل آخر يجب أن يؤجج تشاؤم القيادة الروسية: مستوى إنهاك الجنود. وهذا ما يفسر سبب عدم بدء الهجوم في دونباس بالكامل. العديد من الكتائب الروسية -بعضها أُعيد نشرها إثر حملات فاشلة في شمال وغرب أوكرانيا، وبعضها تم حشدها مؤخرًا من قواعد روسية بعيدة – خسرت الكثير من الرجال والدبابات والأسلحة الأخرى لتشكيل وحدات قتالية متماسكة، وسيستغرق الأمر بضعة أسابيع، ربما أكثر من ذلك بكثير، لسد الفجوات.
وقد غرد الخبير العسكري مايكل كوفمان، الذي أثبتت تحليلاته للحرب أن صواب رؤيتها تفوق المتوسط ، يوم الأربعاء (20 أبريل): "بشكل عام، أعتقد أن الجيش الروسي قد خسر بشكل كبير من حيث الفعالية القتالية بالنظر إلى خسائره الكبيرة. "..." لقد جمعوا ما في وسعهم مما تبقى "..." لإرسال تعزيزات لن تكون قادرة على تعويض خسائرهم".
مستنقع
إحدى المزايا التي يبدو أنها تعمل لصالح روسيا بوضوح، التضاريس المفتوحة، يمكن أن تنقلب ضدها أيضًا. الأرض موحلة، مما قد يجبر الدبابات الروسية على التحرك في صفوف على الطرق، حيث ستكون بعد ذلك عرضة لنيران الصواريخ والطائرات بدون طيار المضادة للدبابات، أو البقاء في الحقول حيث قد تتعرض لخطر التعثر في الوحل.
وقد أخبرني جنرال بالجيش الأمريكي من فئة أربع نجوم طلب عدم الكشف عن هويته عبر البريد الإلكتروني، أن هذه الحقائق، إضافة إلى عدم الكفاءة التي أظهرها الروس حتى الآن، "يجب أن تدفعنا للتفكير في إمكانية تحقيق تقدم كبير" ضد الدفاعات الأوكرانية.
إن احتمال حدوث مأزق دائم له جانب إيجابي: فقد يجبر كلا الجانبين على الجلوس إلى طاولة المفاوضات.
وتابع، في نفس الوقت "على الأوكرانيين أن يوقفوا الروس في كل وقت" لأنه حتى لو فشل هؤلاء في اختراق الدفاعات الأوكرانية، ا يزال بإمكانهم "التقدم عبر خطوط الجبهة".
وإذا اتضح أن هذا التوقع صحيح، فقد تتحول الحرب إلى معركة طويلة عنيفة ودموية، ولن تأتي نتيجتها من انتصار استراتيجي عظيم ينتصر فيه أحد المعسكرين، بل من المعسكر الذي سيتحمّل الضربة لفترة أطول قليلاً من الآخر.
كل شيء من أجل دونباس
برر بعض المسؤولين الروس انسحابهم العسكري من كييف بالقول إن هدف بوتين الحقيقي منذ البداية كان الاستيلاء على منطقة دونباس. هذا هو المكان الذي بدأت فيه الحرب -وهذا هو المكان الذي تتقاتل فيه روسيا وأوكرانيا منذ عام 2014 في صراع أودى بحياة أكثر من 14 ألف شخص، من بينهم 500 روسي.
وحتى فبراير الماضي، كانت هذه الحرب تدور رحاها بين الجيش الأوكراني، المدعوم في ذلك الوقت قليلًا من الغرب، وبين الميليشيات الانفصالية المستفيدة من أسلحة ومساعدة القوات الخاصة الروسية. وقبل الغزو مباشرة، اعترف بوتين رسميًا بمنطقي دونباس (دونيتسك ولوهانسك) على أنهما "جمهوريتان شعبيتان" مستقلتان.
وبرر علنًا الغزو بأنه خطوة ضرورية لحماية الناطقين بالروسية في تلك الجمهوريات من "الإبادة الجماعية" من قبل أوكرانيا. بالكاد ذكر هو ومستشاروه غزو أجزاء أخرى من أوكرانيا، حتى الخسائر الفادحة في صفوف الروس، والتي تشير بعض التقديرات الى مقتل 20 ألف جندي، لم يعد من الممكن التستر عليها حتى من قبل وسائل الإعلام الروسية الخاضعة للرقابة. بعد وقت قصير من بدء هذه الحرب الأولى، شكل الجنود من كلا الجانبين خط ترسيم، مع سيطرة الانفصاليين الموالين لروسيا على الجزء الشرقي من المنطقة، وسيطرة القوات الأوكرانية على النصف الغربي (والذي يتوافق تقريبًا مع المناطق التي يسكنها الروس والأوكرانيون الاصليون، على التوالي). هذه الخطوط بالكاد تغيّرت على مدى السنوات الثماني التي تلت.
عام 2015، وقّع الجانبان على اتفاقيات مينسك، التي دعت إلى وقف إطلاق النار، وحسمت مصير دونباس في صيغ غامضة، وهي اتفاقيات لم يتم تنفيذها أبدًا. ومع ذلك، في الأسابيع التي سبقت غزو بوتين لأوكرانيا في فبراير، أثار المسؤولون الأمريكيون والروس إمكانية إحياء اتفاقيات مينسك في محاولة لإيجاد حل.
إذا انتهت هذه الحرب يومًا ما، فسيتعين على اتفاقية السلام أن تنظم مصير دونباس بطريقة أو بأخرى. ونتيجة معركة دونباس، إذا كانت هناك نتيجة واضحة، يمكن أن تمهد الطريق لاتفاقية أوسع أو تجعل من الصعب الوصول إليها.