رمضان في الجزائر
قراءة البوقالات في السمر وشربة الفريك مع المقروط والزلابية بالأفطار
استقبلت بلد المليون شهيد رمضان هذا العام بشئ من التأمل والحذر وكثير من التدابير الاحترازية بسبب فيروس كورونا وبالرغم من كل هذا إلا أن الشعب أبى ألا يتمتع بالشهر ويمارس طقوسه من داخل المنازل بكل وعي واحترام لحزمة القرارات للحد من انتشار العدوى ما أسهم في انحسار الاحتفال التام كما كان في السابق
يذكر عبد العزيز نصيب إعلامي جزائري أن رمضان في الجزائر خلال سنوات مضت تحضر معه جلسات السمر، وما يصاحبها من جلسات الشاي وتناول الحلويات ويحلو التنزه في سهرات الليل الطويلة إلى ما قبل السحور، كما أن هناك أشكال أخرى من قضاء أوقات ليل رمضان يبدأ النشاط فيه من بعد صلاة التراويح، بلقاء العائلات على كؤوس الشاي والشاربات " مشروب العصير التقليدي" والقهوة والحلويات المختلفة سيما المقروط و الزلابية والقطايف وقلب اللوز والفول السوداني ، ثم تتصدر امرأة مسنة في الجلسة العائلية لتقوم بقراءة (البوقالات ) وهي عبارة عن أقوال سجعية تتضمن بشارات تكون مدعاة للتفاؤل والمستقبل السعيد وتجاوز حالة الضنك (بسم الله نويت وعلى النبي صليت خليت قلبي يعاني وصبرت ورفدت يدي للعلالي، وقلت يا رب لي راه في قلبي اكتبه لي في الدنيا حلالي) وفي عينة أخرى " بسم الله نويت وعلى النبي صليت وهاذي البوقالة ليك، أنت لي شفتي وفتلك ربي و زين سعدك ويعلي مقامك و ربي يرزقك ما هو في قلبك ويرزق كل وحدة متمنية برنوس الستر لي ما ينبلى ما يخسر قولوا إن شاء الله "
و هكذا تستمر قراءة البوقالات على هذا النحو طيلة السهرة، في الخارج يلتقي الكبار في المقاهي أو في بعض المسارح أو حفلات الإنشاد الديني و حفلات المديح، فيما يفضل آخرون الزيارات العائلية والتواصل وصلة الأرحام، لتلتقي أكثر من عائلة على إفطار جماعي في إحدى البيوت تمضي الليلة حتى السحور مع بعضها، فيما ينشغل الأطفال في الخروج مع الآباء لشراء حلويات تقليدية أو زيارة الملاهي أو اقتناء بعض الألبسة، كان هذا في رمضان الماضي وغيره من الشهور في وقت سابق، غير أنه و مع الوافد الوبائي المستجد قد طرأ ما لم يكن في الحسبان، لاسيما مع ضرورة التباعد الاجتماعي و وجوب التزام الحجر المنزلي ، يكتفي هنا الآباء باقتناء اللوازم الضرورية والعودة إلى البيت
ويشير عبد العزيز نصيب يخرج الأب واضعا كمامته على وجهه متزودا بقفازات طبية و مناديل صحية لا تغادر سيارته، يمضي حيث يقتني ما هو ضروري وملح ثم يعود إلى البيت حيث يبقي نعله في المكان المخصص ويبدأ بمزاولة يومياته في زمن الكورونا
ويضيف عبد العزيز نصيب بأن أغلب الجزائريين تعايشوا مع الواقع الجديد، وأصبح لزاما أن يعوض التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي والهواتف الذكية لقاءات الخارج، و تؤدي الكتب والروايات والمجلات والجرائد دورا كبيرا في قضاء فراغ رمضان، أما الأبناء فيلجأون غالبا إلى بعض أشكال اللعب الإلكتروني أو الكلمات المتقاطعة، فيما تنصرف ربات البيوت إلى جوانب من الإبداع المنزلي الذي يتبلور في شكل ألوان من الأطباق الرمضانية التي تحفز الأطفال لتناولها وهم برفقة الآباء أثناء الإفطار
كما يمثل طبق شربة الفريك تلك الوجبة الأكثر حضورا في إفطار أغلب الجزائريين فيما تفضل أقاليم أخرى من البلاد طبق الحريرة الذي يعوض شربة الفريك ثم تأتي أطباق و مأكولات تلحق بها كما هو الشأن بالنسبة للبوراك والمطلوع اللذان يلازمان طبق الشربة طيلة أيام رمضان، ثم تلحق الأطباق الموالية أو ما يسمى عند البعض بالطجين؛ كطجين الزيتون وغيره، ويشكل الطجين الحلو المكون من الدراق المجفف و الزبيب واللحم في مرق حلو المذاق طبقا ضروريا لأغلب الجزائريين، فضلا عن تنوع المأكولات والمشروبات التي يعود بعضها إلى الفترة الأندلسية كما هو الشأن بالنسبة لبعض الحلويات أو أطباق أرز البقية
ويواصل الإعلامي عبد العزيز نصيب قائلا لقد تأثر الجزائر بوباء كورونا بشكل العام برمضان ما جعل الناس تتكيف مع واقع لم تعهده من قبل، لذلك تنوعت رؤية فئات المجتمع الجزائري للفيروس حسب المتطلبات والأولويات، فمن الجزائريين من يتابع ما يجري في العالم بخصوص اكتشاف العلاج وزوال الغمة، وفي نفس الوقت عكف طلاب العلم على مواصلة التعليم عن بعد ، بقصد تحصيل المواد المطلوبة في ظل تعذر الحضور إلى مقاعد الدراسة في مختلف المؤسسات التعليمية وعلى الوجه الأخر يواصل القطاع الصحي دوره في التصدي لانتشار الفيروس بكل حزم وتفاني في العمل