قيادي كردي: إلقاء سلاح «العمال الكردستاني» يعيد ترتيب مستقبل الفصائل العراقية

قيادي كردي: إلقاء سلاح «العمال الكردستاني» يعيد ترتيب مستقبل الفصائل العراقية


أكد عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، محمد زنكنة، أن قرار حزب العمال الكردستاني إلقاء السلاح والتحوّل إلى العمل السياسي المدني يمثل «أحد أخطر التحوّلات التي تشهدها المنطقة منذ عقود»، لافتاً إلى أن الحزب لم يعد قادراً على مواصلة النضال المسلح في ظل تغير المعادلات الإقليمية والدولية.
وأوضح زنكنة في حوار مع «إرم نيوز»، أن انسحاب الحزب من المشهد المسلح قد يفتح الباب أمام ترتيبات أمنية وسياسية جديدة، تشمل مناطق النزاع الحدودي، وسنجار، وربما تتقاطع أيضاً مع مستقبل الفصائل المسلحة في العراق، في حال توافرت الإرادة السياسية.
وتالياً نص الحوار:
كيف ننظر بشمولية إلى إلقاء حزب العمال سلاحه، وهل يأتي ضمن تحولات تشهدها المنطقة بشكل عام؟
تأتي خطوة إلقاء السلاح بعد الرسالة التي أعلن عنها زعيم حزب العمال ومؤسسه عبد الله أوجلان، وطلبه حل الحزب والتحول إلى حزب سياسي، وإنهاء النضال العسكري والتحول إلى النضال السياسي والمدني، كأحد أهم وأخطر الأحداث والقرارات المتخذة منذ بدء المواجهات العسكرية بين تركيا وحزب العمال في ثمانينيات القرن العشرين.
وخلال العقود الأربعة الماضية، تغيرت المعطيات وكثرت التراكمات، وشهدت تلك الفترة العديد من الأخطاء الكبيرة وتقلبات كان من الممكن تداركها وعدم الانجرار إليها، لكن الظرف الدولي ووجود إنكار واضح للوجود الكردي والقتل الممنهج والأحكام العرفية التي كانت تبيح قتل أي كردي لمجرد التحدث بلغته، خلقت هذه الظروف.
وعلى الرغم من ذلك، لم يكن حزب العمال على مستوى المسؤولية؛ إذ كان يريد التحكم بأجزاء كردستان الأربعة تحت شعار دولة كردستان الكبرى، ليتغير الشعار إلى الكونفدرالية العالمية، وليتقلص إلى شعار أخوة الشعوب ونظام الإدارات الذاتية.
التخبط السياسي وعدم تواؤم الشعارات مع المتغيرات، ووجود زعيم الحزب في السجن منذ ما يقارب 3 عقود، وضعف الدعم الإقليمي لهذا الحزب، بسقوط نظام الأسد وتنامي النفوذ الإيراني، والتغيير في السياسة التركية، ووجود آفاق للانفتاح، وعدم جدوى الحل العسكري، واتباع سياسات جديدة للمنطقة بوجود خطط وخرائط جديدة، هذه المعطيات تضع الدول صاحبة النفوذ (الدول العظمى) أمام خيارات جديدة لتوائم مصالحها في المنطقة، بوجود لاعبين جدد ووجوه جديدة وأنظمة مختلفة.
هل الاستجابة بالنسبة لحزب العمال تأتي إدراكاً لهذه المتغيرات ومن ثم التعاطي مع الواقع والتفاعل معه؟
لا يوجد طريق آخر أمام الطرفين غير الجلوس إلى طاولة الحوار؛ تركيا أنفقت مليارات الدولارات على حروب لإبادة حزب العمال ولم تحقق هذا الهدف، ولم تتمكن من القضاء على حزب العمال ولا إبادة الشعب الكردي في تركيا.
ومن جانب آخر، لم يحقق حزب العمال ما كان يسعى إليه، وبقي أسيراً بيد هذا النظام وذاك، وتحول إلى جبهة مضادة لتطلعات الكثير من الأحزاب الكردستانية وخصوصاً في إقليم كردستان العراق.
وبعد هذه العقود من القرارات المتقلبة وعدم تحقيق أية نتيجة، كان من الضروري أن يعي الجانبان، وخصوصاً العمال، بأن الواقع الحالي يفرض عليهم التعامل والتعاطي معه، والبدء بالمطالبة بالاعتراف بالهوية الكردية ووجود هذا الشعب وإنهاء سياسة الإنكار المتبعة منذ أكثر من مئة عام.
لماذا وجدت العملية صدى كبيراً لدى العراقيين، والبعض تحدث بتفاؤل عن إمكانية أن الفصائل المسلحة تنخرط هي الأخرى في مثل هذا المسار؟
هناك امتعاض شديد من تصرفات بعض الميليشيات غير المنتظمة في المنظومة الدفاعية العراقية، والمحسوبة إما على الحشد الشعبي، أو التي تورط الحشد في أفعالها التي لا تتفق مع الدستور والقانون.
والتفاؤل يأتي هنا أملاً من أن تتخذ الحكومة العراقية المسار ذاته، وتتجرأ على تصفية الميليشيات وتطهير المنظومة الدفاعية منها، وإبعاد كل أشكال التسليح غير القانوني، وتخليص العراق من مساوئ هذه المجاميع الفوضوية، وهنا يكمن التفاؤل.
ترتيبات ما بعد العمال الكردستاني.. أين سيذهب العناصر والقادة؟ وهل يمكن احتواؤهم في كردستان؟
الخيارات كثيرة، ومن الممكن أن يكون هناك اتفاق دولي حول هذا الموضوع، من الممكن أن يبقى المقاتلون في مواضعهم، ولكن دون أي تسليح، وهذا الموضوع قد يزرع شكوكاً كثيرة لدى المقاتلين خوفاً من هجمات قد تُشن ضدهم، أو اختراقات بسبب اتفاقات مبطنة.
ومن الممكن أيضاً أن يعود البعض منهم إلى تركيا، وذلك بعد إجراءات صعبة قد تتخذها الدولة لتتأكد من سلامة ملفاتهم، بالنظر إلى أن حزب العمال ما زال في قائمة الإرهاب في القانون التركي، أو من الممكن أن يلجؤوا إلى بعض الدول الأوروبية كلاجئين.
إذن، الخيارات كثيرة ومتنوعة، أما احتواؤهم في كردستان، فهذا أيضاً يجب أن يكون بشروط تتعلق بالسلطات السيادية للحكومة الاتحادية وسلطات حكومة الإقليم، وما تمليه القوانين على جميع الأطراف في هذا الإطار.
كيف سينعكس ما حصل على أمن المناطق الحدودية ووضع سكانها المعيشي؟
المئات من القرى في حدود إدارة زاخو المستقلة، وقضاء حاج عمران في محافظة أربيل، وأطراف محافظة السليمانية، باتت معزولة تماماً عن الحياة بسبب تواجد قوات حزب العمال وسيطرتهم الكاملة عليها.
تواجدهم في هذه المناطق التي تمتلك العديد من المقومات الاقتصادية، والتي تؤهلها لتنفيذ المئات من المشاريع المهمة التي ستقوي البنية التحتية الاقتصادية في إقليم كردستان، هذه المناطق أُخلي بعضها تماماً من سكانها بسبب المواجهات بين حزب العمال والجيش التركي، هذا بالإضافة إلى آلاف الألغام المزروعة تحت الأرض من قبل الجانبين، فضلاً عن الآلاف الأخرى من الألغام من مخلفات الحرب العراقية الإيرانية.
انسحاب مقاتلي حزب العمال، وابتعاد الجيش التركي منها بعد بطلان الحجة، سيقوي اقتصاد الإقليم ويعيد الحياة إلى المئات من القرى المهجورة.