كورونا.. ذريعة أردوغان لقمع الحريات

كورونا.. ذريعة أردوغان لقمع الحريات


تفترض الاستجابات لوباء كوفيد-19، وخاصة تقييد الحريات المدنية نتيجة الإغلاقات وما يرافقها من متاعب اقتصادية، إجراء تقييمات للتداعيات التي ستتركها على العلاقات الدولية في فترة ما بعد الوباء.
وتشمل تلك التقييمات مرحلة جديدة من الانعزالية القومية وصولاً إلى إعادة تنشيط مؤسسات متعددة الأطراف والاستعداد لمحاربة وباء محتمل آخر، فضلاً عن مكافحة تغير المناخ، والتأسيس لنمو اقتصادي مستدام، وإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري.
لكن برأي إدوارد ستافورد، ديبلوماسي أمريكي سابق، عمل في تركيا والعراق ودول عدة أخرى علينا النظر لما بعد التوقعات الجامحة والتركيز على النتائج الأكثر احتمالاً استناداً لتوجهات بتنا نراها بالفعل من خلال الاستجابة للوباء.
وحول العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا بعد الوباء، أشار ستافورد، ضمن موقع “أحوال” التركي، إلى أن سياسة ترامب “أمريكا أولاً” ليست دعوة للعزلة، بل هي دعوة لمسؤولين وشركات أمريكية لوضع مصالح الولايات المتحدة قبل كل ما عداها. وقد اتبع أردوغان النهج ذاته، لكن بالأفعال وليس بالكلمات.

توسع هائل
وحسب الكاتب، استغل أردوغان شركات تركية بدعم من الدولة لتوسيع القوة الناعمة لبلاده. وكان التوسع الهائل للشبكة الدولية للخطوط الجوية التركية، وتقديم المساعدات الإنسانية إلى الصومال ولمناطق أخرى، أو إنشاء شركات عمرانية أو هندسية عبر الشرق الأوسط وفي مناطق أخرى، من أدوات سياسة “تركيا أولاً».
واستخدمت تركيا حتى عامي 2013 و2014 شبكة مدارس “حزمة” التي أسسها الداعية الإسلامي فتح الله غولن لتوسيع القوة الناعمة التركية، ولكن ذلك الترتيب انتهى قبل سنوات.
ومع فيروس كورونا، سارع معظم الدول لتبني سياسة “بلدي أولاً”، وأقفلت حدودها، بداية للرحلات الآتية من الصين، ثم أمام الجميع، بمت فيهم حاملو الإقامات القانونية، وأعادت مواطنيها من الحجر في الخارج إلى الحجر الصحي داخل أراضيها، وألغت عقود التجهيزات الطبية لكي تحتفظ بها للاستخدام المحلي، وصارت تعتمد على بياناتها وأبحاثها الذاتية عوض اللجوء إلى منظمة الصحة العالمية أو سواها من المنظمات المتعددة الأطراف. ومع أنه كانت هناك مؤشرات إيجابية نتيجة تبادل للمعلومات وبعض المساعدات مع دول مجاورة، وضعت قيادة كل دولة  صحة وسلامة مواطنيها قبل أي شيء آخر.

لا خيار
ووفقاً للكاتب، لم يكن ثمة خيار آخر أمام هؤلاء القادة. ولم تلق عولمة ما بعد الحرب الباردة ترحيباً من عدد من القادة، وخاصة المحافظين منهم أو أصحاب الأفكار التقليدية.
لكن، حسب كاتب المقال، يكمن الجانب الأكثر سلبية لهذا التركيز على المصالح القومية، في استخدام الأزمة لتقويض الحريات المدنية بحجة محاربة الفيروس وإنقاد الأرواح.
لكن حالة الاتحاد الأوروبي تبدو توضيحية، لأن دوله الأعضاء تظل ذات سيادة كاملة، وذلك  خلافاً للنظام الفيدرالي الأمريكي للسيادة المشتركة على مستوى الدولة والمستوى الوطني للحكومة. وفيما تخلت تلك الدول عن سيادتها في بعض الأمور لصالح المفوضية الأوروبية، أعاد الوباء إحياء التركيز على مصالح الشعب على حساب المفوضية.
ولكن ذلك لا يشمل تركيا، وهو ما أكده رفض الاتحاد الأوروبي التعاون مع مساعي أنقرة لنقل لاجئين إلى دول الاتحاد عبر اليونان وبلغاريا، ويتوقع أن يتعزز هذا التوجه. كما ستتبدد رغبة ضئيلة من بعض العواصم الأوروبية لضم تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
ومع ابتعاد تركيا تدريجياً عن الاتحاد في ظل انكفاء دول نحو الداخل، ومع قلة أصدقائها في الشرق الأوسط، ستميل بحكم الضرورة نحو روسيا لنيل دعمها، مما يضيف مزيداً من توتر العلاقات مع الولايات المتحدة والناتو.
وفي الوقت نفسه، ستعزز تركيا هيمنتها على مواطنيها مستخدمة حجة إنقاذ أرواح أولئك المواطنين.
وعلى نفس المنوال، سيقضى على ما تبقى من استقلالية القضاء والصحافة والمجتمع المدني. وفيما بدأت حجة استئصال مدبري الانقلاب تتطلب احتواء الحريات المدنية تفقد زخمها، جاء الوباء ليسمح لأردوغان بمواصلة احتواء الحريات المدنية بحجة إنقاذ الأتراك من خطر كورونا.
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot