القطيعة السياسية بين بكين وتايبيه تتعمّق

كوفيد-19 يثير شهية الصين الشيوعية لتايوان...!

كوفيد-19 يثير شهية الصين الشيوعية لتايوان...!

-- مع ظهور الوباء، أصبح ارتداء الكمامة إلزاميًا في تايوان وتم  تنظيم  فحص مكثف لـ 23 مليون نسمة
-- التباين السياسي لم يمنع نمو العلاقات الصناعية والتجارية للجزيرة القومية مع الصين الشيوعية
-- تساي إنغ وين ذات ميول انفصالية، ويتبنى حزبها مفاهيم كثيرة تناقض رؤية بكين «لصين واحدة»
-- لم تسجّل الجزيرة سوى 440 حالة إيجابية لـ كوفيد-19 وسبع وفيات بسبب المرض
-- مشروع بيع الأسلحة لتايوان يشعل فتيل العلاقات الصينية الفرنسية
-- تتمسك بكين بموقف ثابت: «هناك صين واحدة فقط في العالم »..« وتايوان جزء غير قابل للتصرف من الصين»


   كل شيء يخص تايوان، يملك موهبة إثارة غضب قادة الصين الشعبية. وقد اظهر ذلك مرة أخرى رئيس الوزراء الصيني لي كه تشيانغ في 22 مايو خلال خطابه الافتتاحي في الدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني.
فعلى عكس التصريحات الرسمية التي صدرت في بكين طيلة عشرين عاما حول هذا الموضوع، فإنه لم يتمنى “إعادة توحيد سلمية” لتايوان مع الصين القارية، ولم يتحدث الا عن “إعادة التوحيد”، دون أن ينطق بعبارة “سلمية».
  وهذا يشير إلى أن بكين يمكن أن تنوي فرض إعادة التوحيد بالقوة.

 ويود النظام الشيوعي أن تقبل الجزيرة القومية مبدأ إعادة التجميع بين تايوان والصين بموجب مبدأ “دولة واحدة ونظامان”. هذا المبدأ ساري المفعول في هونغ كونغ منذ عام 1997، حيث لا يبدو أنه يمنع بسط القبضة المتزايدة لسلطة بكين، التي هي وراء الاحتجاجات العارمة التي جرت في النصف الثاني من 2019 -، وفي 15 مايو رد المجلس الشعبي الوطني في بكين بتقديم قانون “الأمن القومي” الذي يحظر في المستعمرة البريطانية السابقة “الخيانة والانفصال والفتنة (والتخريب)».
   إن رغبة بكين في السيطرة على تايوان، الجزيرة التي يُنظر إليها على أنها متمردة، زاد في تأجيجها نجاح هذه الاخيرة، الذي لا جدال فيه، في الحد من فيروس كورونا.

في مطلع يناير، عندما بدأت سلطات الصين القارية في الاعتراف بوجود وباء في ووهان، أصبح ارتداء الكمامة إلزاميًا في تايوان وتم تنظيم فحص مكثف لـ 23 مليون نسمة.
 وفي المجموع، لم تسجّل سوى 440 حالة إيجابية لـ كوفيد-19 وسبع وفيات بسبب المرض.
   وقد لاحظت العديد من المؤسسات الصحية في جميع أنحاء العالم إدارة سلطات تايبيه لازمة فيروس كورونا، واعتبرت تجربتها ومقاربتها مثالية. ورحب وزير الصحة التايواني رسميا بالنتائج التي تم الحصول عليها في الجزيرة.

غير مرغوب بها في
منظمة الصحة العالمية
   ومع ذلك، لم تستعد تايوان المكان الذي تريده في منظمة الصحة العالمية. من عام 2009 إلى عام 2017، كان مسؤولو الصحة في البلاد يتمتعون بمحرد دور مراقب في منظمة الصحة العالمية، حيث فقدوا مقعدهم بسبب إصرار جمهورية الصين الشعبية. ومع ذلك، فإنهم يؤكدون أنهم حاولوا عبثًا، منذ 31 ديسمبر، تحذير منظمة الصحة العالمية من ظهور فيروس مع خطر انتقال العدوى من شخص لآخر في ووهان.
   انعقدت الجمعية العامة للصحة العالمية يومي 18 و19 مايو. وطلبت العديد من الدول، منها الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وألمانيا، دعوة تايوان للحضور. وحتى الولايات المتحدة تدخلت، رغم اعلان دونالد ترامب تعليق المساهمة الأمريكية لمنظمة الصحة العالمية التي يعتبرها قريبة جدًا من النظام الصيني. وفي 12 مارس، صوت مجلس الشيوخ الأمريكي بالإجماع على نص لصالح استعادة تايوان وضع مراقب. وفي 6 مايو خاطب وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو قادة المؤسسة بالعبارات التالية: “أدعوكم إلى دعوة تايوان، لأنكم تمتلكون السلطة، كما فعل أسلافكم في عدة مناسبات. «

   وخلال هذا الاجتماع، حيث طلب المشاركون “تقييماً مستقلاً” للرد الدولي على وباء كوفيد-19، رفض المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس دعوة تايوان. ربما لم يرغب في التسبب في صدام مع الصين الشعبية. ففي المؤسسات الدولية، تتمسك بكين بموقف ثابت يذكر في كثير من الأحيان: “هناك صين واحدة فقط في العالم “...”وتايوان جزء غير قابل للتصرف من الصين.»
   وفي 22 مايو، تتنزّل المواقف التي ذكّر بها لي كه تشيانغ امام المؤتمر الشعبي الوطني، ضمن نفس المنطق والسياق. وقد أوضح رئيس الوزراء، أن الصين “ستعارض بشدة وتثبط أي نشاط انفصالي يهدف إلى استقلال تايوان”. وأصر: “سنشجع سكان الجزيرة على الانضمام إلينا في معارضة استقلال تايوان وتعزيز إعادة توحيد الصين”. الكثير من الجمل التي يبدو أنها في تناقض تام مع الموقف الحالي للمواطنين التايوانيين.

مناورة بكين مفيدة لتايوان
   تساي إنغ وين، رئيسة جمهورية تايوان المنتخبة لأول مرة في يناير 2016، ذات ميول انفصالية. ولئن كان حزبها، الحزب التقدمي الديمقراطي، لا يطالب بالاستقلال رسميًا، فإنه ينوي إدارة الجزيرة بشكل مستقل. وهذا يعني إبقاء الصين الشعبية بعيدة، والإصرار على فكرة أن تايوان، بحكم الواقع، دولة ذات سيادة... مفاهيم كثيرة تناقض رؤية بكين “لصين واحدة».
  تقلصت شعبية تساي إنغ وين بسبب الصعوبات الاقتصادية في تايوان، الا انها ارتفعت بشكل ملحوظ العام الماضي عندما رأى الشعب أن حملة القمع ضد الاحتجاجات في هونغ كونغ تكتسب حجما كبيرا، لدرجة أنه في يناير 2020، أعيد انتخاب تساي إنغ وين لولاية ثانية بأكثر من 57 بالمئة من الأصوات.
  وفي إشارة إلى عدم احاطتها واستيعابها للأمور الانتخابية، اعتقدت بكين أنها تضغط على انتخابات يناير بتعليق إمكانية زيارة السياح الصينيين إلى تايوان اعتبارًا من صيف 2019. وكانت الفكرة، هي التأثير على التصويت من خلال التسبب في عجز في الموارد السياحية. لكن هذه المناورة لم تمنع بالمرّة إعادة انتخاب الرئيسة. بالإضافة إلى ذلك، حالت دون وصول الصينيين المصابين بكوفيد-19 إلى تايوان.

افتراق سياسي
 أكثر منه اقتصادي
  لم تكن القطيعة السياسية بين بكين وتايبيه بهذا العمق دائمًا. بالتأكيد، في السنوات 1946-1949، دارت حرب أهلية عنيفة بين ماو تسي تونغ الزعيم الشيوعي، وتشانغ كاي تشاك الزعيم القومي. انتصر الأول، ولجأ الثاني إلى جزيرة تايوان.
   طيلة ما يقارب الأربعين عامًا، قامت الصين ماو بمضايقة الجزيرة المتمردة عن طريق إرسال عدد من القنابل. حتى اليوم، توجد متاجر في كينمن، وهي أقرب جزيرة تايوانية إلى البر الرئيسي، حيث يمكنك شراء جميع أنواع السكاكين المصنوعة من بقايا المتفجرات التي ألقيت في ذلك الوقت بواسطة مدافع الصين الشيوعية.   انحسر الصراع بين الطرفين منذ تسعينات القرن الماضي، ثم انطلقت الصين الشعبية بقوة في التنمية الاقتصادية، وسمحت باستثمار تايواني مباشر على أراضيها. وبينما كانت تترسخ في تايوان، حياة سياسية ديمقراطية حقيقية، انتخابات رئاسية وبرلمانية وكذلك صحافة حرة، نمت العلاقات الصناعية والتجارية للجزيرة القومية مع الصين الشيوعية.

  عام 2010، تم توقيع اتفاقية إطارية للتعاون اقتصادي واسعة النطاق بين بكين وتايبيه. كانت بكين تنوي، على المدى الطويل، أن تنظّم مع الجزيرة القومية تقاربًا سياسيًا مماثلًا لما تم إنشاؤه في نهاية القرن الماضي مع هونغ كونغ وماكاو. وفي تايوان، كان الحرص بشكل خاص على إزالة جميع أنواع العوائق أمام التبادل الاقتصادي مع الصين الشيوعية. تم إنشاء العديد من الرحلات الجوية على وجه الخصوص بين الجزيرة والبر الرئيسي، وبالتالي تفادي عبور سكان الصين وتايوان بشكل رئيسي عبر هونغ كونغ.

لا مكان لصينين على
 الساحة الدولية
  على الجانب التايواني، نجح المسار الذي بدأ عام 2009 طالما كان حزب الكومينتانغ في السلطة، مدعومًا بأغلبية مريحة في البرلمان. لكن التصلب التدريجي لنظام بكين، الذي يتعارض مع أي تحرك نحو الليبرالية السياسية، أدى إلى خيبة أمل في تايوان. وهذا يساعد على تفسير أنه عام 2016، كما هو الحال عام 2019، كان للأفكار الانفصالية لـ تساي إنغ وين قاعدة انتخابية قوية. ومنذئذ، توترت علاقات تايبيه مع بكين. لم تقابل تساي إنغ ون ابدا شي جين بينغ.

  في السنوات الأخيرة، سعت بكين جاهدة لمنع وجود تايوان على الساحة الدولية. فقط تسع دول في العالم -منها الفاتيكان -لا تزال تقيم علاقات دبلوماسية مع تايبيه. وهو ما يمنعها من الحصول عليها مع بكين. وعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، قطعت سبع دول -منها بوركينا فاسو والسلفادور وبنما والجمهورية الدومينيكية -بدورها العلاقات الدبلوماسية مع الصين القومية لكي يتم الاعتراف بها من قبل الصين الشيوعية. عام 2019، فعل اثنان من أرخبيل المحيط الهادئ، وجزر سليمان وكيريباتي الشيء نفسه.
   واعتبرت الرئيسة تساي إنغ وين، إن كيريباتي ارتكبت “خطأ”، مضيفة أن الأرخبيل “تخلى عن صديق مخلص، واختار أن يكون قطعة شطرنج صينية”. وكان وزير الخارجية التايواني جوزيف وو قد أوضح قبل بضعة أشهر أن السلفادور، مثل بنما، تطلب تمويلًا ضخمًا لتطوير البنية التحتية للموانئ. واعتبرت تايوان أن المشاريع المقترحة غير متناسبة اقتصاديًا، الا ان بكين عرضت على الفور تمويلها.

عندما تثير فرنسا
غضب بكين
  حاليا، بخصوص الاتصالات الدولية لتايوان، يثير موضوع قارب الثلاثين عامًا احتجاجات قوية من بكين. وهنا، فرنسا هي المستهدف. في أبريل، أعلنت البحرية التايوانية عن طلبية مع الشركة الفرنسية “دي سي أي-ديسكو”، -التابعة لوزارة الدفاع -لتحديث منظومة الإطلاق المموه “ديغيه” التي زودت بها فرقاطاتها لافايات سبق ان باعتها فرنسا لتايوان عام 1991. ويستمر العقد، الذي تبلغ قيمته 24.6 مليون يورو، حتى عام 2023. وكان من الممكن أن يظل كل هذا سريًا، لكن سلطات تايبيه، على عكس ذلك، أبلغت الصحافة التايوانية.
  يوم 12 مايو، تحدث المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، عن “مخاوف حقيقية” وأعلن: “نحث مرة أخرى الجانب الفرنسي على احترام مبدأ صين واحدة وإلغاء مشروع بيع الأسلحة لتايوان لتجنب الإضرار بالعلاقات الصينية الفرنسية “. على هذا، ردت وزارة الدفاع الفرنسية في اليوم التالي بدعوة الصين للتركيز على جائحة فيروس كورونا. ولا شك ان الوزير لو دريان يعرف بشكل خاص ملف الفرقاطات التي تم بيعها عام 1991 لتايوان: لقد تم بناؤها في أحواض بناء السفن في لوريان، وهي مدينة ساحلية كان لودريان يتولى منصب عمدتها في ذلك الحين.

   بيع الشركات الفرنسية لهذه القوارب العسكرية -بالتحديد ست سفن خلسة -أثار غضب بكين. بالإضافة إلى ذلك، شملت صفقة السلاح هذه التي تبلغ قيمتها 16.4 مليار فرنك (2.5 مليار يورو) تكلفة إضافية بقيمة 3 مليارات فرنك، مخصصة للمسؤولين التايوانيين، وربما ايضا عمولات لشخصيات وأحزاب سياسية فرنسية.
  في ذلك الوقت، تمكن كلود مارتن، السفير الفرنسي لدى الصين، من متابعة رد فعل بكين على بيع المعدات العسكرية عن كثب. تم تعيينه عام 1990 وفي كتاب ذاكرة، “الدبلوماسية ليست مأدبة عشاء”، يروي إنه ادرك بسرعة أن مهمته تتمثل في محاولة الحد من غضب بكين.   وكان رولاند دوماس، وزير الخارجية آنذاك، قد حذره: “سنفعل أشياء لن يحبها الصينيون. علينا أن نشرح لهم ذلك “. حاول كلود مارتن، دون أن ينجح، إصلاح الضرر الدبلوماسي الناجم عن تأكيد بيع معدات عسكرية لتايوان بعد أن نفت باريس رغبتها في ذلك. وسيزيد بيع ستين ميراج للجزيرة القومية عام 1992 من حدة غضب بكين. لكن من الغريب أن هذه الصفقة لم تثر الكثير من الضجيج مثل صفقة الفرقاطات، رغم انه تم شراء نقدا ستين طائرة مقاتلة فرنسية مصحوبة بألف صاروخ، وكلها بمبلغ خمسة مليارات دولار.

  في التسعينات، كانت الصين بعيدة عن ان تكون القوة العالمية الثانية التي أصبحت عليها. وفي بعض الأحيان تتغير مواقفها. في 24 مايو، في إطار اجتماع المؤتمر الشعبي الوطني، وبعد أن اعتبر إن الولايات المتحدة والصين “على شفا حرب باردة جديدة”، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، ان بكين مستعدة للتعاون الدولي لتحديد مصدر كوفيد-19.
  لفتة للتقدم على مستوى الاحداث الجارية، تتناقض مع الحفاظ على الحزم الكلي فيما يتعلق بتايوان.
 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot
https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/sv388/ https://ejournal.unperba.ac.id/pages/uploads/ladangtoto/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/scatter-hitam/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/assets/blog/sv388/ https://poltekkespangkalpinang.ac.id/public/uploads/depo-5k/ https://smpn9prob.sch.id/content/luckybet89/