دعتهم إلى أن يتعلموا منها وعنها:

كوفيد-19، درس اليونان لبقية دول أوروبا...!

كوفيد-19، درس اليونان لبقية دول أوروبا...!

-- من تلميذ سيئ في الاتحاد الأوروبي، تُكتشف اليونان اليوم كمثال في إدارة الأزمة الصحية
-- سمح اختيار شخصية محترفة في مجال الصحة بإزالــة أي طبيعــة ســياسـية في إدارة الأزمة
-- عشرات الآلاف من اللاجئين، في ظروف غير إنسانية، لا يتمتعون بترف التباعد الاجتماعي
-- الارتياح لتجنب مأساة صحية لا يخفي القلق من انبلاج فترة حرجة جديدة، اقتصاديًا واجتماعيًا
-- من خلال رؤية معاناة جيرانهم، أدرك اليونانيون حقيقة الوضع بسرعة أكبر من دول شمال أوروبا

 
   «عندما ينتهي كل شيء، ربما لن نتذكرها فقط على أنها لحظة سيئة، ولكن مثل اليوم الذي قلنا فيه لأنفسنا: “انظر كيف يمكننا أن نكون جيدين، وحينها ربما يتعين على الجميع أن يتعلموا عنا، ومنا نحن اليونانيين «.
   هـــــذه هـــي الكلمـــات التـــــي أنهــــت مقطــــع الفيديــــو الــــذي بثتـــه الحمايــــة المدنيــــة اليونــــانية في 8 أبريــــل، على خــــط المواجهــــــة في المعركـــة ضـــد كوفيد-19، تكريما لعمــــــال وعامـــــلات البلــد، مقطع اختتم بلمسة من العزّة والكبرياء.
   الرسالة موجهة إلى الأمة اليونانية وكذلك إلى أوروبا: بعد سنوات من تصنيفها كتلميذ سيئ في الاتحاد الأوروبي، يتم اكتشاف اليونان اليوم، كنموذج في الإدارة للأزمة الصحية.
استجابة سريعة
   رغم توصيات منظمة الصحة العالمية، لم تجرِ الدولة اليونانية عددا كبيرا من الاختبارات لسكانها، وتعطي نتائــــج خطـــأ فيما يتعلق بواقع عدد الأشخاص المصابين، لكن بعض المؤشرات لا تضلل.


   وإذا لم يتم تجاهل عامل الحظ -منطقة البلقان بأكملها معافاة نسبيًا -يجب أن يُنسب هذا السجل الضعيف إلى استجابة سريعة وفعالة من حكومة المحافظين بزعامة كيرياكوس ميتسوتاكيس.
   فمن خلال اتخاذ إجراءات سريعة ومبكرة، منع رئيس الوزراء اليوناني الفيروس من الانتشار في جميع أنحاء البلاد، وتقويض النظام الصحي المهتزّ أصلا طيلة عقد من التقشف.
   ويدرك المجتمع بأسره، والطبقة السياسية بدرجة أولى، فقر قطاع أضعفه تقليص الميزانية ورحيل ما يقارب 20 ألف طبيب إلى الخارج منذ عام 2010.

حكومة حازمة
   ضحك كثيرون عندما ألغت السلطات كرنفال باتراس، وهو الأهم في البلاد، في نهاية فبراير. ثم تحدى رواد المهرجان الحظر المفروض على التجمّعات، ساخرين من الإفراط في الحذر. ومع ذلك، أظهرت حكومة المحافظين سلطة وحزما ولم تنحرف عن مسار عملها.
   بداية من 10 مارس، ورغم أن اليونان لم تسجل اي وفيات وأقل من 100 حالة محددة لـ كوفيد-19، تم إغلاق المدارس. وتبعتها المتاجر والمتاحف والمواقع الأثرية والمسارح والمطاعم والشواطئ وجميع الأماكن المناسبة للتجمعات العامة في 14 مارس.    تقرر الإبقاء على احتفال الشعلة الأولمبية، وهو حدث رمزي للغاية وحمّال امل، في 12 مارس في أولمبيا، ولكن تم تنظيمه خلف أبواب مغلقة، ودون حضور الجمهور للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاثين عامًا.
   في 15 مارس، تم قطع الاتصالات مع إسبانيا وإيطاليا، وسرعان ما تم وضع المناطق الأكثر تضررا من الوباء في شمال البلاد في الحجر الصحي الصارم، لوقف انتشار الفيروس. وتعميم الحجر في 23 مارس.
   حتى الكنيسة الأرثوذكسية القوية، اضطرت إلى اتباع إجراءات تقييدية. في بلد متديّن بشكل خاص ويمارس شعائره، حيث لا يوجد فصل بين الكنيسة والدولة، تُمنع الجماهير من حضور الصلاة، وتم إغلاق أبواب المباني الدينية بسرعة لتجنب تحولها إلى بؤر عدوى.
   ومن المقرر أن يكون اليوم الأحد 19 أبريل، عيد الفصح الأرثوذكسي، أكبر عطلة وطنية، وموعد التنقل وإعادة تجمّع للسكان اليونانيين، وسيكون الاختبار الأخير والمنعرج الذي لا ينبغي تفويته للحفاظ على هذا الزخم.

حالة أزمة دائمة
   بعيدًا عن الصورة الخيالية والنمطية لشعوب الجنوب الجامحة وغير المنضبطة والمتمردة، احترمت الأغلبية اليونانية إلى حد كبير تدابير الحجر الصحي. ورغم عدم الثقة الحقيقي بالسلطة السياسية، والذي تفاقم بسبب الوعود المتكررة وعشر سنوات من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، فإن المواطنين يتبعون تعليمات السلطات وياتزمون بها.
   لم يصطدم سوتيريوس تسيودراس، مدير الأمراض المعدية، الذي أصبح صوت المعلومات حول كوفيد-19 في اليونان، بأي معارضة او احتجاج. ويستمع السكان يوميًا لتحديثات وتوصيات خبير الأمراض المعدية في جامعة هارفارد، ويمنحوه الثقة الكاملة.
   أن “اختيار تكنوقراط جاد، عالم معروف بنبرة هادئة لتجسيد الموقف كان هو الخيار الصحيح”، يعتقد جورج باغولاتوس، المدير العام للمؤسسة الهيلينية للسياسة الخارجية والأوروبية. لقد سمحت شخصيته، كمحترف في مجال الصحة، بإزالة أي طبيعة سياسية في إدارة الأزمة”، وبالتالي تقليل الخلافات الحزبية وتفضيل تطبيق التدابير الاحترازية.
   «إن حالة الأزمة الدائمة منذ عشر سنوات قد “أعدت” بطريقة ما الشعب اليوناني، لفهم الحاجة الملحة للوضع وإدراك حقيقة الأزمة”، يضيف الاختصاصي-كشكل من المرونة في موقف شعب اعتاد على ان يعيش تراجيديات كثيرة، ليخاطر بتدهور وضع مجتمع لا يزال أعرجا.     كما لعب الواقع الإيطالي الرهيب دورًا في الخيال اليوناني، “نفس الوجه، نفس العرق”، يكرر باستمتاع الإغريق للإيطاليين، ليقولوا التشابه والقرب بين البلدين.
   قمن خلال رؤية جيرانهم وهم يعانون، أصبح الشعب اليوناني على دراية بالوضع بسرعة أكبر بكثير من دول شمال أوروبا.

انذار خطر في المخيمات
   ومع ذلك، لا ينبغي للمؤشرات الجيدة أن تنسينا حقيقة التفاوت بين مختلف الفئات الاجتماعية في البلد. عشرات الآلاف من اللاجئين المحاصرين في اليونان، غالبًا في مخيمات ذات ظروف غير إنسانية، لا يتمتعون بترف التباعد الاجتماعي.
   ويعاني المهاجرون داخل الخيام والأكواخ المؤقتة من نقص في النظافة الصحية، ولا يمكنهم تطبيق التدابير الوقائية. فندرة المراحيض وقذارتها، ونقص المياه والصابون، وعدم كفاية المراكز الطبية ... تضاعف مخاطر العدوى في المخيمات.
   في الأسابيع الأخيرة، تضاعفت الدعوات لإخلائهم. وأطلقت الجمعيات والمنظمات غير الحكومية والأطباء الأوروبيون والمجتمع المدني صيحات الفزع، وتحدثت السلطات نفسها عن “قنبلة موقوتة».
   في الوقت الحالي، الإجابة الوحيدة المقدمة هي تقييدية. انغلقت المخيمات على نفسها، وتم الحد من تنقّل المنفيين، وتقليص أنشطة المنظمات غير الحكومية إلى الحد الأدنى، وزاد الشعور بالإقصاء والتهميش لدى هؤلاء الناس الضعفاء.
   لقد سجّلت العديد من حالات كوفيد-19 في مخيمين للاجئين، وتم وضع المرضى في الحجر الصحي الصارم، ولكن داخل المخيمات، لم يتم تصميم مساحة لعزل الأشخاص المصابين.

معركة من أجل السياحة
   إن الارتياح بتجنب -في الوقت الحالي -مأساة صحية، لا يخفي القلق من رؤية انبلاج فترة حرجة جديدة، اقتصاديًا واجتماعيًا.
   إن السياحة، التي تمثل 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي والحيوي لاقتصاد البلاد، تشعر من الان بعواقب الوباء وقيود السفر.
   «سوف نتأثر سياحياً واقتصادياً واجتماعياً، يحذر يانيس ريتسوس رئيس اتحاد السياحة اليونانية، الذي يتوقع “الكثير من حالات التسريح من العمل” في هذا القطاع.
   ويقول: “أكثر من 90 بالمائة من السياحة هي سياحة دولية”. ويعود القلق بشكل خاص إلى حقيقة أن الأسواق الرئيسية للسياحة اليونانية هي أيضًا الأكثر تأثرًا بالوباء: إنجلترا وفرنسا وإيطاليا والولايات المتحدة.
   ومن الصعب أن نتخيل أن هؤلاء الحرفاء المحتملين لديهم الإمكانية والرغبة في السفر هذا الصيف. لست متأكدًا أيضًا من أن اليونان تريد استقبال السياح من أكثر المناطق إصابة.
  «يجب إذن أن نلتفت إلى البلدان التي تحقق أداءً جيدًا في الجانب الصحي: إسرائيل وقبرص ولبنان والدول العربية والبلقان”، يقول يانيس ريتسوس.
   ولتحقيق ذلك، يعتمد على الحملات الرقمية التي أطلقتها وزارة السياحة والترويج للعلامة التجارية اليونانية –علامة بلد ذا جاذبية سياحية لا تتغيّر وصورة متجددة.
  «هذه معركة مشتركة من أجل السياحة اليونانية”، يشير المتخصص. معركة سيكون جيدا الانتصار فيها، امام خطر رؤية الأمة تغرق في أزمة أخرى... هل حان الوقت لليونان لتعيد التفكير في ارتهانها للسياحة؟

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot