كيف أظهرت الانتخابات الأمريكية استمرار الشرخ الثقافي نفسه؟

كيف أظهرت الانتخابات الأمريكية استمرار الشرخ الثقافي نفسه؟


اكتنف الغموض عملية الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة بالتزامن مع استمرار الانقسامات الحزبية القديمة الجديدة بين الجمهوريين والديموقراطيينن على مقاربة نتائج هذه الانتخابات ومسبباتها.
السباق الانتخابي الأخير ارتبط أكثر بالمسائل والمواقف الثقافية: هل ينبغي على البلاد أن تقلق أكثر على الصحة العامة أم على الصحة الاقتصادية؟وفي هذا الإطار، تطرقت صحيفة “ذا وول ستريت جورنال” الأمريكية إلى كيفية خروج البلاد منقسمة من هذا الاستحقاق، بالأشكال المتعددة نفسها التي كانت منقسمة عليها قبله.
   
فكرة آيلة إلى السقوط
لم تكن النتيجة المحددة للسباق الرئاسي قد صدرت أواخر ليل الثلاثاء بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة. ورغم ذلك، كانت أمور كثيرة واضحة. أي توقع أن يكون المشهد السياسي مختلفاً إلى حد كبير بعد سنة من الجدال المرير بدا فكرة آيلة إلى السقوط. عوض ذلك، فإن الانقسامات نفسها التي تظهّرت خلال السنوات الأخيرة لا تزال موجودة، وفي بعض الحالات، بدت وكأنها توسعت.

اختلاف جندري وطبقي
الفرق بين الرجال والنساء في تصويت الثلاثاء كان ضخماً، جذب المرشح الديموقراطي جو بايدن أصوات 58% من النساء و49% فقط من الرجال وفقاً لاستطلاع رأي وطني موسع لوكالة أسوشييتد برس لصالح وول ستريت جورنال ومؤسسات إخبارية أخرى.
من جهته، فاز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأصوات 61% من الرجال البيض المنتمين للطبقة العاملة، بينما فاز بايدن بحوالي 62% من أصوات النساء البيض اللواتي يتمتعن بإجازة جامعية.
وحقق الرئيس بعض الخروقات في مجتمع الرجال الأمريكيين من أصل أفريقي، من أصول لاتينيه في ولاية فلوريدا، لكن الناخبين الملونين يواصلون تشكيل كتلة انتخابية ديموقراطية بشكل كبير. وظلت المساحات الشاسعة من المقاطعات الريفية والبلدات الصغيرة التي اصطبغت باللون الأحمر الجمهوري في 2016 وأوصلت ترامب إلى البيت الأبيض ظلت على توجهها السياسي نفسه. وفي المقابل، بقيت المقاطعات الحضرية التي أصبحت معقل الحزب الديموقراطي المعاصر، زرقاء.

أين ظهرت التغيرات؟
ظهر أكبر تيار في الأعوام الأربعة الماضية، بين نساء الضواحي اللواتي ابتعدن عن الرئيس، لكنّ الأخير استطاع تعويض ذلك، على الأقل إلى حد معين، بعد تأييد ناخبين جدد بين الرجال البيض المنتمين إلى الطبقة العاملة.
تخلُص الصحيفة نفسها إلى أن الحملة الرئاسية الأكثر مرارة في الذاكرة الأمريكية، والتي دارت على خلفية انتشار جائحة كورونا، وصيف متوتر عرقياً، لم تغير على ما يبدو الأطر الجوهرية للجسم السياسي الأمريكي.
وتضيف أنه بالتأكيد برزت بعض التغييرات في الهوامش، لكن نسبة الاقتراع الكبيرة التي ظهرت خلال السنة الحالية أكدت تعميق هذه الانقسامات بحدة أعظم.
يصعب تقديم جواب على السؤال عن إمكانية ممارسة الموجودين في الكونغرس والبيت الأبيض، الحكم بفاعلية.
 لقد كانت هنالك العديد من المسائل المهمة التي حضرت على طاولة النقاش الرئاسي في 2020، نسبة الضرائب، والحاجة الملحة لمواجهة التغير المناخي، ونظام الرعاية الصحية، ونية الولايات المتحدة استقبال المزيد من اللاجئين.
لكن في الصميم، ترى الصحيفة أن السباق الانتخابي الأخير ارتبط أكثر بالمسائل والمواقف الثقافية، هل على البلاد القلق أكثر على الصحة العامة أم على الصحة الاقتصادية؟
 هل على صيف من الاضطرابات الاجتماعية أن يترك الأمريكيين قلقين أكثر من عنصرية نظامية، أو من انهيار القانون والنظام؟
وهل التنوع الأمريكي المتزايد هو قوة يجب على البلاد أن تتمتع بها، أم هو عقبة يجدر تخطيها؟
للوهلة الأولى، لا يبدو أن الانتخابات أظهرت إجماعاً على أي من تلك الأسئلة، وعوض ذلك، يَظهر أن النقاش حولها مقدر له أن يدوم.