رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس بوركينافاسو بذكرى استقلال بلاده
كيف حولت الجماعات المتشددة «مسيّرات التصوير» إلى سلاح في الساحل الأفريقي؟
أفادت تقارير أمنية غربية بأن عناصر ما تسمى «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي باتوا يعمدون إلى تعديل طائرات مُسيّرة مخصّصة أساساً للتصوير الفوتوغرافي، وتحويلها إلى منصّات هجومية تُستخدم في عملياتهم عبر دول الساحل الأفريقي.
وأوضحت التقارير أن هذه المسيّرات تُباع بأسعار تتراوح بين 80 و300 يورو، ويمكن الحصول عليها بسهولة عبر الإنترنت أو في أسواق مالي والنيجر وبوركينا فاسو.
وتُعد هذه الطائرات نماذج صينية صممت أساسًا لأغراض التصوير الفوتوغرافي وصناعة الفيديو، لكن التنظيم أعاد توظيفها عسكريًّا بعد إجراء تعديلات بسيطة عليها.
وأظهرت صور دعائية التقطتها مسيّرات تابعة للقاعدة لقطات لاستخدام الجماعة لهذه الطائرات المحمّلة بمتفجرات، في هجومها الأخير على معسكر بوليكيسي العسكري المالي.
وفي السياق نفسه، استخدم تنظيم داعش في الصحراء الكبرى مسيّرات انتحارية خلال هجومه على بلدة إكنيوان في النيجر في 25 مايو- أيار الماضي، معلناً مسؤوليته عن مقتل نحو 40 جندياً نيجرياً.
وتقول التقارير إن المسيَّرات، وفرت قوة جوية منخفضة التكلفة للجماعات شبه العسكرية والمتطرفين وحتى لجيوش إفريقية باحثة عن بديل للطائرات المقاتلة التي تكبدّها ملايين الدولارات، وهي الأسلحة الفتاكة الرخيصة التي تحولت إلى كابوس بالنسبة لحكومات المنطقة.
ولم تكن التنظيمات المتطرفة في إفريقيا وخصوصاً في منطقة الساحل، بعيدة عن التطور التكنولوجي في حروب الطائرات المسيّرة، فما كان يستخدم في السابق بشكل أساسي لمراقبة ورصد مناطق انتشار خصومهم من الجيوش والمواقع العسكرية، أصبح يُستعمل الآن لتنفيذ ضربات مُحددة، وتنسيق نيران المدفعية، وتقديم الدعم عن بُعد للمقاتلين في البر.
وقد أثار هذا التطور اهتمام العديد من الدول الإفريقية، التي تسارع هي الأخرى إلى دمج هذه التقنيات في أنظمتها الأمنية والدفاعية.
وتتحمل الطائرات التي تستخدمها الجماعات المتمردة أو المتشددة، الآن بعض المسؤولية عن الأزمة الأمنية والهجرة المزدوجة في هذه المنطقة من الصحراء الكبرى الإفريقية، وخاصة في مالي.
ففي منطقة الساحل، تتكشف أزمة إنسانية قاسية يُجبر سكان شمال وجنوب مالي على مغادرة قراهم هربًا من انعدام الاستقرار الأمني الذي عصف بالبلاد منذ عام 2012.
ورغم وعود الجيش الذي استولى على السلطة في البلاد خلال انقلاب في أغسطس 2020، لم يتحسن الوضع كثيرًا. وبينما بدأ الصراع بين الأطراف المختلفة باشتباكات برية، اتخذت الأزمة بعدًا جديدًا مع استخدام الطائرات المسيرة.
ويخلق تزايد حالات النزوح توترات بين الدول المجاورة التي يتعين عليها إدارة تدفق اللاجئين والجرحى وزيادة مراقبة حدودها في مواجهة المخاطر الأمنية في المناطق الحدودية، حيث يتقاسم السكان العديد من الروابط الأسرية والتجارية.
وأفادت الباحثة الإفريقية في جامعة دكار ديلينا نروكا بأن «الجماعات المسلحة الانفصالية والمتطرفة في المنطقة لم تتخلف عن الركب في توظيف التقنية الحديثة قدر المستطاع في تهديد كيانات الدول، فعلى مدى العامين الماضيين، دأبت هذه الجماعات على تجهيز نفسها بطائرات مسيرة، غالبًا ما تكون محلية الصنع، لشن هجمات على مواقع للجيش النظامي ومراقبة تحركات القوافل العسكرية».
وتكشف الباحثة في تصريح لـ»إرم نيوز»، عن العثور على أدلة على استخدام مسيّرات، غالبًا ما تكون طائرات استطلاع، مُجهزة بأنظمة هجومية مرتجلة.
ومن الصور الحديثة المتداولة مشاهدة مقاتل في جبهة تحرير أزواد المتمردة في مالي يُشغّل طائرة صغيرة من دون طيار في شمال البلاد، كانت مجهزة بألياف بصرية لتجنب تشويش الإشارات اللاسلكية، حتى لا يتم اكتشافها.
ومعروف عن هذه المسيّرات تعديلها بشكل بدائي من قبل المتمردين والمسلحين من جماعة دعم «الإسلام والمسلمين»، المتواجدين في العديد من بلدان الساحل، حيث يمكن الوصول إليها بسهولة في السوق بينما تمثل تهديدًا إضافيًّا للسكان المدنيين، الذين أصبحوا الآن عالقين في مرمى النيران.
ويُعقّد هذا التطور مهمة الجيوش المُنخرطة منذ سنوات في حرب ضد التشدد لم تُسفر عن نتائج ملموسة بعد. ووفقًا لتقرير صادر عن مركز سياسات الجنوب الجديد، سُجِّلت أكثر من 30 هجومًا مُؤكَّدًا منذ سبتمبر- أيلول 2023، 82% منها وقعت بين مارس- آذار ويونيو- حزيران 2025.
وبالنسبة للطائرات المسيرة التي يستخدمها خصوم القوات الحكومية في المنطقة، فهي أقل تطورًا من الناحية التكنولوجية، ويتم إعادة تصميم نماذج مدنية وتوجه عن استخدامها الأصلي.