افتقار روسيا للقدرة على تصنيع قذائف قنص عالية الجودة

كيف وصلت الذخائر الأمريكية إلى البنادق الروسية؟

كيف وصلت الذخائر الأمريكية إلى البنادق الروسية؟

في مقطع فيديو مدته 60 ثانية تم نشره على تلغرام، يظهر قناص مقنّع يضع شارة مرتزقة فاغنر يشيد ببندقية Orsis T-5000 الروسية الصنع، ويقول لمراسل من قناة Zvezda التلفزيونية التي تديرها وزارة الدفاع الروسية “المعدات جيدة».
يسحب القناص مشبك السلاح ويقول: “فيه ذخيرة غربية ويعمل بشكل جيد جداً. وفي العراء، يمكنه ضرب العدو على مسافة تصل إلى 1500 متر».
ماذا عن الذخيرة الغربية؟
تشير ملفات حصلت عليها “بوليتيكو” إلى أن شركة “برومتكنولوجيا” وشركة روسية أخرى تُدعى “تيتيس” استحوذتا على مئات الآلاف من الطلقات التي صنعتها شركة هورنادي، وهي شركة أمريكية تضع علامات تجارية لبضائعها على أنها”دقيقة، قاتلة وجديرة بالثقة».
أسست الشركة  عام 1949، وهي تلخّص فلسفتها بجملة “عشر رصاصات من ثقب واحد».
وتشير “بوليتيكو” إلى هذه المعلومات تؤكد مجموعة متزايدة من الأدلة على أن إمدادات المعدات العسكرية الفتاكة وغير الفتاكة لا تزال تصل إلى روسيا، رغم فرض الغرب عقوبات غير مسبوقة رداً على غزو الرئيس فلاديمير بوتين لأوكرانيا العام الماضي.
 
السوق السوداء
وأظهرت الحرب، بحسب خبراء الدفاع، افتقار روسيا للقدرة على تصنيع قذائف قنص عالية الجودة، الأمر الذي يعزز السوق السوداء المزدهرة للذخيرة الغربية. 
وتتوافر المعلومات المتعلقة بشراء هذه المعدات على مرأى من الجميع، إذ يمكن أي شخص قادر على الوصول إلى شبكة الإنترنت الروسي العثور على تفاصيل الصفقات، بما فيها أسماء المستوردين والموردين وأوصاف المنتجات.
ونفى ستيف هورنادي، الرئيس التنفيذي للشركة العائلية التي يقع مقرها في غراند آيلاند، بنبراسكا بيع ذخيرة لروسيا في زمن الحرب.
 
 يفغيني بريغوجين
وعندما سئل رئيس فاغنر يفغيني بريغوجين عن الذخيرة التي تستخدمها قواته، أخبر بوليتيكو أن لديهم “كمية هائلة من الذخيرة الخاصة بحلف شمال الأطلسي متبقية من الجيش الأوكراني”. 
وطلب في رسالة صوتية ساخرة أرسلها إلى صحفي في “بوليتيكو”،  المساعدة في شراء طائرات مقاتلة من طراز F-35 وبنادق قنص ومدافع رشاشة وقاذفات قنابل أمريكية الصنع.
ومن جهته، قال هورنادي في مكالمة هاتفية قصيرة: “منذ اللحظة الأولى لغزو روسيا لأوكرانيا، أوقفنا المبيعات».
ورفض في البداية تقديم مزيد من التفاصيل، ولكن عندما طُلب منه مراجعة الأدلة،  أصر على إرسالها عن طريق الفاكس أو البريد السريع لأنه لم يستخدم البريد الإلكتروني. 
واستجاب في النهاية بعدما أرسلت “بوليتيكو “طلبات مكتوبة للتعليق مع الوثائق الداعمة عن طريق البريد.
وأجاب “نحن بشكل قاطع لا نصدر أي شيء إلى روسيا ولم يكن لدينا تصريح تصدير لروسيا منذ 2014.. نحن لا ندعم أي بيع لمنتجنا إلى أي روسي وإذا تمكنا من معرفة كيفية حصولهم على منتجاتنا... سنتخذ جميع الخطوات المتاحة لإيقافه».
 
واشنطن
وتراقب واشنطن أيضاً “برومتكنولوجيا”؟. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي: “نحن نأخذ أي ادعاء بانتهاك العقوبات أو التهرب على محمل الجد ونلتزم بضمان تطبيق العقوبات بشكل كامل”، مضيفاً “اتخذنا خطوات لمحاسبة روسيا على حربها في أوكرانيا وفرضنا نظام عقوبات غير مسبوق لتعطيل قدرة روسيا على الحصول على الأموال والأسلحة التي تعزز آلة الحرب التي يقودها بوتين. ويشمل ذلك معاقبة شركات مثل برومتكنولوجيا».
وقالت المحللة الدفاعية ماريا شاجينا إن تصنيف الذخيرة العسكرية بأنها تستخدم للصيد أو للاستعمال الرياضي، كما ورد في الوثائق، يرقى إلى خدعة للتهرب من العقوبات “الذكية” الهادفة إلى منع الوسائل الحربية عن روسيا.
وهناك مشتر روسي آخر لذخيرة هورنادي هو شركة تدعى “تيتيس”، التي كشفت عن شحنتين منذ بدء الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في 24 فبراير (شباط) 2022. كان آخرها في أبريل (نيسان) لأكثر من 300 ألف “وحدة” تضم مجموعة واسعة من المنتجات.
المالكون الرئيسيون لشركة تيتيس، ألكسندر ليفاندوفسكي وسيرغي سينتشينكو الذين يمتلك كل منهم حصة تبلغ 41.1% - لهم صلات بالجيش الروسي.
وورد اسما الرجلين سابقاً كمساهمين في شركة أخرى تسمى “كامبو” وتمتلك وفقاً لملفاتها تراخيص لتصنيع الأسلحة والمعدات العسكرية، وقد قامت بأعمال مع وزارة الدفاع ومفرزة الطيران الخاصة التي تشغل طائرة بوتين الرئاسية.
وتضيف مجلة “بوليتيكو” أنها ليست ذخيرة الولايات المتحدة فقط هي التي تصل إلى جبهة القتال حول باخموت في شرق أوكرانيا، والتي استولى عليها أخيراً مرتزقة بريغوجين بعد معركة دامية استمرت لأشهر.
طريق البلقان
ويبدو أيضاً أن هناك ذخائر من الاتحاد الأوروبي الذي فرض ما لا يقل عن 10 جولات من العقوبات ضد روسيا في محاولة غير حاسمة حتى الآن، لحرمان الآلة القتالية الروسية من الذخيرة.
وقدمت “برومتكنولوجيا” أربعة تصاريح منذ أكتوبر (تشرين الأول) تغطي شحنات من 460 ألف وحدة توصف بأنها “خراطيش صيد Orsis» - معظمها من نوع .338 لابوا ماغنوم. وتحدد  التصاريح شركة سلوفينية تسمى “فاليريان” كمورد.
وأوضح دبلوماسي سلوفيني أن”فاليريان” لم تقدم قط طلبات للحصول على إذن لتصدير أسلحة أو ذخيرة إلى روسيا، إلا أنها شحنت “أجزاء فردية” إلى قيرغيزستان.
الدولة الواقعة في آسيا الوسطى هي إحدى الدول التي يفكر فيها الاتحاد الأوروبي، وهو يناقش الجولة الحادية عشرة من الإجراءات التي تستهدف دولًا ثالثة يشتبه في أنها تساعد روسيا في التهرب من العقوبات.
وقال دبلوماسي سلوفيني إن الدوائر المختصة في جمهورية سلوفينيا بدأت بالفعل الإجراءات المناسبة للتحقيق في المعولمات المتعلقة بالشركة، مضيفاً أنها ستتحقق من التحويل المحتمل للبضائع إلى الاتحاد الروسي.