اعتُقل 24 عراقياً يحملون 1200 بطاقة مصرفية في الشهرين الماضيين

كيف يحاول العراقيون الالتفاف على القيود لسحب الدولار؟

كيف يحاول العراقيون الالتفاف على القيود لسحب الدولار؟

في الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة فيه وقف التدفق غير القانوني للدولار إلى إيران، يجد تجار الأموال المحليون في العراق طرقاً جديدة للحصول على العملة الخضراء، رغم ندرة المعروض المحلي. حسب تقرير لـ “وول ستريت جورنال”، فإنهم يسافرون إلى البلدان المجاورة مع أكوام من البطاقات المصرفية لسحب العملة الصعبة.
 
تكتيك جديد
اعتُقل 24 عراقياً يحملون نحو 1200 بطاقة مصرفية، بأكثر من 5 ملايين دولار في الشهرين الماضيين في المطارات والمعابر الحدودية أثناء محاولتهم مغادرة البلاد، حسب المتحدث باسم هيئة المنافذ الحدودية علاء الدين القيسي. واحتجزت السلطات يوم الجمعة مسافراً عراقياً آخر حاول تهريب 300 بطاقة مصرفية داخل علب سجائر في مطار النجف وسط العراق. وأضاف القيسي “هذا الاستخدام لبطاقات الائتمان في تهريب الدولارات، تكتيك جديد بدأ عندما شرعت الحكومة في اتخاذ إجراءات صارمة”. وفي حالة أخرى، اعتقل شخص في مطار بغداد بعدما سلمه موظف حقيبة بـ 300 بطاقة مصرفية عقب خضوعه للفحص الأمني، على حد قول القيسي.
 
 نقطة التحول
طيلة سنوات، كان العراق اقتصاداً قائماً على السيولة النقدية، ويعتمد بشكل كبير على المعاملات بالدولار الأمريكي، ما جعله مصدراً مهماً للدولارات غير الشرعية لإيران المجاورة، ودول شرق أوسطية أخرى خاضعة للعقوبات الغربية.
في نوفمبر (تشرين الثاني) بدأت وزارة الخزانة الأمريكية والبنك المركزي العراقي فرض ضوابط أكثر صرامة على المعاملات الدولية بالدولار من قبل البنوك العراقية، في محاولة للحد من غسل الأموال والتهريب، وفق الصحيفة نفسها في تقرير سابق.
دفعت جهود الولايات المتحدة لتقييد تدفق الدولارات إلى خارج العراق، قيمة العملة الأمريكية إلى الارتفاع مقابل الدينار العراقي في السوق الرمادية، ما أدى إلى زيادة الطلب على الدولار. وبيع الدولار مقابل 1750 ديناراً في محلات الصرافة في فبراير (شباط) بزيادة 20% عن سعر الصرف الرسمي، 1460 ديناراً في ذلك الوقت.
 
يمكن للعراقيين العاديين الحصول على الدولارات من محلات الصرافة بسعر السوق. ويُسمح للبنوك العراقية بإصدار بطاقات نقدية للمودعين تصل إلى 10 آلاف دولار بسعر الصرف الرسمي ويمكن استخدامها في الخارج لسحب النقود.
بدأ تجار العملة في الأشهر الماضية التقدم بطلب للحصول على عشرات البطاقات المصرفية، ومنحها للمسافرين الذين سافروا إلى الدول المجاورة لسحب الدولارات، حسب تجار ومسؤولين عراقيين. خلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت السلطات إنها احتجزت عراقياً كان يحاول تهريب 128 بطاقة مصرفية عبر الحدود البرية إلى إيران.
 
مصدر للدولارات 
رغم أن قيمة تهريب العملات عبر البطاقة المصرفية صغيرة نسبياً بالمقارنة مع ما يتدفق عبر الاقتصاد الكلي، فإنها تظهر حجم الطلب على العملة الخضراء في العراق. ولتزويد العراق بالدولارات، تسلم الطائرات منصات تحميل من العملة الأمريكية إلى بغداد كل بضعة أشهر. لكن كميات أكبر بكثير تتدفق إلكترونياً عبر معاملات البنوك العراقية الخاصة والتي تعالج من الحسابات الرسمية للعراق مع بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك حيث تودع عائدات مبيعات النفط.
ويسمح النظام للمستوردين العراقيين بتحويل ديناراتهم إلى دولارات للدفع للموردين في الخارج . لكن المسؤولين الأمريكيين والعراقيين يقولون إنه على مدى أكثر من عقد من الزمن، أصبح أيضاً مصدراً مربحاً للدولارات للميليشيات القوية في العراق والسياسيين الفاسدين، ولإيران.
 
القواعد الجديدة
بموجب القواعد القديمة، لم يكن على أصحاب الحسابات العراقية الإفصاح عمن يرسلون الأموال إليه إلا بعد تحويل الدولارات فعلاً. في نوفمبر -تشرين الثاني، خضعت البنوك العراقية لنظام التراسل المالي العالمي سويفت، والذي يطلب معلومات مفصلة عن المستفيد من التحويلات بالدولار.
بعد دخول الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ، حظر 80% أو أكثر من التحويلات البرقية اليومية بالدولار في العراق، والتي كان مجموعها في السابق أكثر من 250 مليون دولار يومياً، بسبب قلة المعلومات عن وجهات الأموال أو أخطاء أخرى، وفق مسؤولين أمريكيين وعراقيين، وبيانات حكومية عراقية رسمية.
ظهر استخدام بطاقات نقدية متعددة في الأشهر الماضية للالتفاف على القيود على نقل الدولارات إلى خارج العراق، رغم احتمال ألا يتضمن ذلك سوى جزءاً بسيط من الدولارات التي تحول إلكترونياً من البنوك.
 
ورداً على ذلك، قيــــــــد البنك المركزي العراقي في الشـــــــهر الماضي السحب بالبطاقــــــات المصرفية بما لا يزيد عن 250 دولاراً يومياً لكل بطاقة، ما يجعل سحب القيمة الكاملة للبطاقات أكثر استهلاكاً للوقت.
وقال محافظ البنك المركزي العراقي علي محسن العلاق: “كلما زاد الاختلاف بين سعر الصرف الرسمي والسوق، تجد بعض الأطراف فرص مراجحة مربحة”. وأضاف أن التحرك لوضع حدود للسحب عبر البطاقات سينهي هذه الفرص.
 
من جهته، قال أستاذ العلاقات الاقتصادية الدولية في الجامعة العراقية عبد الرحمن المشهداني إن تحرك البنك المركزي نجح في تقليص التدفق عبر هذا المسار، لكنه لم يمنعه بشكل كامل. وتابع “لا يزال التجار يفعلون ذلك.لا تزال الأموال تذهب إلى الخارج».
وقال المشهداني إنه في أحد المخططات، اشترى تجار العملات تذاكر طيران بالجملة للحصول على الدولارات. يسمح للعراقيين بتحويل الدنانير إلى الدولار في البنوك الخاصة ومحلات الصرافة لنفقات السفر طالما أنهم يقدمون تذكرة طائرة تظهر أنهم يخططون للسفر إلى الخارج.
 
رفع البنك المركزي العراقي المبلغ الذي يمكن أن يحصل عليه العراقيون مقابل نفقات السفر من 5  إلى 7 آلاف دولار في فبراير (شباط) لكنه خفضه في مارس (آذار) إلى ألفي دولار فقط، لخنق فورة شراء التذاكر.
 
يوم الأربعاء الماضي، انتقد رئيس الوزراء العراقي محمد السوداني القطاع المصرفي العراقي ووصفه بضعيف قائلاًً إن زيادة التدقيق في تدفقات الدولار من قبل السلطات الأمريكية والعراقية منذ الخريف الماضي، تسببت في اضطرابات اقتصادية. لكنه دافع عن قواعد سويفت الجديدة، قائلاً إنها ساعدت في وقف المعاملات الاحتيالية.