النصر المطلق ضرب من الخيال

كيف يمكن تمهيد الطريق للدبلوماسية في أوكرانيا؟

كيف يمكن تمهيد الطريق للدبلوماسية في أوكرانيا؟


رغم عدم وجود أرضية مشتركة بين أوكرانيا وداعميها الغربيين من جهة وروسيا من جهة آخرى، يبدو أن جميع اللاعبين الرئيسيين متفقون على قضية واحدة، وهي أن الحرب في أوكرانيا ستنتهي بالمفاوضات.
وكما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للمذيع المحافظ تاكر كارلسون في مقابلة أُجريت معه مؤخراً: «نحن على استعداد للتفاوض».
ورد متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، على الرغم من التشكيك في صدق بوتين، في بيان قائلاً: «نحن والرئيس زيلينسكي قلنا عدة مرات أننا نعتقد أن هذه الحرب ستنتهي من خلال المفاوضات».
وأوضح صامويل تشاراب، أحد كبار العلماء السياسيين في مؤسسة راند البحثية الأمريكية، وجيريمي شابيرو، مدير الأبحاث في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، في مقال مشترك بموقع مجلة «فورين أفيرز» أن غياب النتائج الحاسمة في ساحة المعركة على مدى العامين الماضيين جعل مسألة النصر المطلق لأحد الطرفين يبدو وكأنه ضرب من الخيال.  وعلى الرغم من غياب بديل عملي للمحادثات النهائية، لا توجد علامة على أن الأطراف المتحاربة ستبدأ المفاوضات في أي وقت قريب.
ويعتقد الجانبان أن التوصل إلى اتفاق مقبول أمر مستحيل في الوقت الحالي، ويخشى كل طرف أن لا يُقدّم الجانب الآخر أي تنازلات أو يستخدم أي توقف للراحة والتعافي للدخول في جولة تالية من القتال.
لكن من الصعب في خضم الحرب معرفة ما إذا كان الخصم مستعداً حقاً لإنهاء القتال أو التحدث بشكل ساخر عن السلام، لا لشيء، إلا لتعزيز أهداف الحرب.
لذا، يرى الكاتبان أنه قد حان الوقت للبدء في بناء قنوات دبلوماسية. وإذا لم يبدأ أي من الطرفين هذه العملية، فمن المرجح أن تظل الأطراف المتحاربة عالقة حيث هي اليوم، تقاتل بشراسة على بوصات من الأرض، بتكلفة فادحة للأرواح البشرية والاستقرار الإقليمي، لسنوات قادمة.

اقتراح لم يتم اختباره
وأضاف الكاتبان أن انعدام الثقة المتبادل يجعل من الصعب اتخاذ الخطوة الأولى نحو طاولة المفاوضات.
يتبادل الغرب وموسكو الاتهامات ويصف الآخر بالكذب والخداع، ومع ذلك فإن انعدام الثقة المتبادل بين المتحاربين يشكل سمة من سمات كل حرب تاريخياً، لكن المفاوضات أنهت تلك الحروب.
ولو كانت الثقة شرطاً أساسياً للتواصل، لما دخل المتحاربون في مفاوضات أبداً. ويمكن للأطراف، بل وينبغي لها، أن تبدأ المحادثات على الرغم من عدم الثقة المتبادلة بينها. 
ولكن في الحالة قيد المناقشة، يتفاقم انعدام الثقة بفعل الافتراضات السائدة حول النوايا المتطرف،.و تعتقد كييف أن موسكو لا تزال تسعى إلى تنصيب حكومة عميلة في أوكرانيا، بينما ترى روسيا، كما أشار بوتين مؤخراً، أن الغرب عازم على استخدام أوكرانيا كأداة لضمان «الهزيمة الاستراتيجية» لروسيا. ونتيجة لذلك، يبدو أن كلا الجانبين مستسلمان لحتمية اندلاع حرب طويلة ومدمرة للغاية يدعي كل منهما أنه لا يريدها.
ومن الممكن أن يكون كل جانب على حق بشأن الأهداف القصوى للآخر، لكن لا يمكن لأي من الطرفين معرفة ذلك على وجه اليقين دون التحدث، وفي غياب قناة اتصال، فإن أي اقتراح حول النوايا الحقيقية للطرف الآخر هو اقتراح لم يتم اختباره، برأي الكاتبَين.

الخطوات الأولى
وبالنسبة لحلفاء كييف، فإن المناورة الافتتاحية تتلخص في البدء في الحديث عن المفاوضات فيما بينهم. وسيحتاج البعض إلى الإقناع، والبعض الآخر مقتنع بالفعل ويحتاج ببساطة إلى إشارة إلى أن الدبلوماسية لم تعد من المحرمات.
وقال المسؤولون الأمريكيون مراراً وتكراراً إنهم يتوقعون أن تنتهي الحرب بتسوية عن طريق التفاوض، لكنهم لم يبلغوا الحلفاء الآخرين بما يعنيه ذلك عملياً، ولم يوجهوا استراتيجية إنهاء الحرب بشكل واضح حول نتيجة يتم التفاوض عليها. وفي نهاية المطاف، يجب أن تبدأ مناقشة دبلوماسية الصراع في اجتماعات مجلس شمال الأطلسي ومجموعة السبع، فضلاً عن الارتباطات الثنائية بين الحلفاء على أعلى المستويات. وبالتوازي مع المناقشات داخل التحالف، يجب طرح هذه القضية على الطاولة في المداولات بين الحلفاء وأوكرانيا.
وتخشى كييف بشكل مبرر أن يؤدي التحرك نحو المفاوضات إلى إنهاء المساعدات العسكرية.
ومع بدء المحادثات مع كييف، يجب على الحلفاء مواصلة المساعدة الأمنية أو حتى زيادتها.

إرسال إشارات
وتابع الكاتبان: من السابق لأوانه البدء بمحادثات حقيقية مع موسكو. وحتى اليوم، يستطيع الغرب استخدام إشارات في الخطابات والتصريحات للتعبير عن نيته في التوصل إلى نهاية نهائية للحرب عن طريق التفاوض.
وسيشكل التعديل الخطابي للمسؤولين الغربيين في البيانات العامة إشارة متواضعة ولكنها مهمة، على سبيل المثال، يمكن للمسؤولين أن يعيدوا التأكيد على انفتاحهم على «تخفيف العقوبات المشروطة».
يرى الباحثان أنه ينبغي على الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضاً النظر في «تعيين ممثلين خاصين لدبلوماسية الصراع»، بما يشير إلى أن الولايات المتحدة وأوروبا مستعدتان للمشاركة في مفاوضات نهائية مع الطرف الآخر.
وخلص الكاتبان إلى أن هذه الجهود المقترحة وتوجيه الإشارات إلى موسكو، لن تمثل تغييراً في السياسة، لكنها ستكون البداية فقط في عملية طويلة من التحرك نحو المحادثات النهائية التي لن تكون سهلة أو قصيرة، لكن البديل عن ذلك هو حرب طاحنة لا نهاية لها.

 

Daftar Situs Ladangtoto Link Gampang Menang Malam ini Slot Gacor Starlight Princess Slot