رئيس الدولة ورئيس أوزبكستان يبحثان علاقات البلدين وعدداً من القضايا الإقليمية والدولية
كيف يمكن لبايدن منع متشددي إيران من تقويض الاتفاق النووي؟
حتى الآن، اقتصد الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن في الكلام عن إيران. هذا ما لاحظه صاحب صاديقي في مقال نشره في موقع مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ليوضح أن الأمر اقتصر على مقال في صفحة الرأي للموقع الإلكتروني لشبكة “سي إن إن” الأمريكية للتلفزيون وعلى مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز».
وكجزء من استراتيجية الخطوة خطوة، قال بايدن إنه سيعود أولاً إلى الاتفاق النووي ومن ثم يعالج دواعي القلق الأخرى حيال نفوذ إيران الإقليمي وقدراتها الصاروخية. لكن كيف سترد الحكومة الإيرانية على مطلب الولايات المتحدة، بأن تكون القضايا الإقليمية والقدرات الصاروخية جزءاً من المفاوضات؟
ثمة مقاربتان مختلفتان في إيران حول التعامل مع مفاوضات شاملة مع الولايات المتحدة. لكن يوجد توافق واسع داخل المؤسسة الإيرانية حيال عدم تقديم طهران أية تنازلات تتعلق باستراتيجيتها للردع والدفاع.
وكلاء وصواريخ
وتقليدياً، استخدمت إيران استراتيجية الردع لتعزيز أمنها القومي والدفاع عن وحدة أراضيها في الأعوام الأخيرة. هذه الاستراتيجية قامت على شقين. الأول، يعتمد على تعزيز ودعم حلفاء إقليميين وحركات متشددة في لبنان والعراق وسوريا واليمن، وأماكن أخرى. والثاني، يعتمد على تعزيز قدراتها الصاروخية وحيازة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وباليستية على حد سواء.
وتوسعت هذه الاستراتيجية منذ الحربين اللتين قادتهما الولايات المتحدة على العراق وأفغانستان، مما أسفر عن انتشار آلاف الجنود الأمريكيين على الحدود الشرقية والغربية لإيران، الأمر الذي زاد من احتمالات توجيه ضربة وشيكة للأراضي الإيرانية. وطالما أشارت إيران إلى التهديدات الأمنية في محيطها، وإلى حقيقة أنها ليست جزءاً من أي إئتلاف عسكري إقليمي، كسببين يحملانها على تطوير قدراتها الصاروخية وتوسيع نفوذها في دول إسلامية بمنطقة الشرق الأوسط.
وعلى رغم هذا الإجماع العام حول استراتيجية الردع، فإن مقاربة الحكومة الإيرانية لدعوة بايدن إلى مفاوضات شاملة، تنقسم إلى معسكرين. المعسكر الأول يتألف من المحافظين، الذين حازوا على غالبية في انتخابات مجلس الشورى أوائل العام الجاري، ومن المتوقع أن يفوزوا بالانتخابات الرئاسية المقبلة. ومعلوم أن المحافظين يرفضون بقوة أن تتناول المفاوضات مع الولايات المتحدة قضايا غير نووية، وقد تعزز موقفهم عقب اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني أوائل 2020 وباغتيال العالم النووي البارز محسن فخري زاده، مؤخراً.
شل الردع النووي
وينظر المحافظون إلى هذه الاغتيالات على أنها محاولة من أعداء إيران لشل الردع الإيراني، وأنه حان الآن وقت ترميم هذا الردع، بدلاً من الدخول في مفاوضات. وقد عكس هذا الموقف، سعيد جليلي، العضو السابق في المجلس الأعلى للأمن القومي والمفاوض النووي السابق في ظل رئاسة محمود أحمدي نجاد، عندما انتقد بشدة قيام الرئيس حسن روحاني بمناقشة مسألة الصواريخ خلال مكالمة هاتفية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وقد دعا جليلي روحاني إلى رفض مثل هذه المباحثات، معتبراً أن المفاوضات غير النووية محظورة وغير مقبولة.
ويعتقد المحافظون أن أية مفاوضات تتناول الصواريخ والقضايا الإقليمية ستلحق ضرراً بالأمن القومي الإيراني. وقال رئيس مجلس الشوري المتشدد محمد باقر قاليباف مؤخراً إن “المفاوضات مع الولايات المتحدة مضرة وحرام».
وإبان رئاسة أحمدي نجاد، عندما كان المحافظون في السلطة، شهد العالم ستة أعوام من المفاوضات غير المثمرة بين إيران والغرب من عام 2008 إلى عام 2014، وهذا المسار يمكن أن يتكرر في حال فاز المحافظون بالرئاسة في الانتخابات المقبلة.
والمعسكر الآخر مؤلف من البراغماتيين والمعتدلين، الذين على رغم تشديدهم على ضرورة تعزيز استراتيجية الردع الإيراني، فإنهم لا يعتبرون المفاوضات غير النووية تهديداً للمصالح القومية. ومع ذلك، فإنهم لن يقبلوا أن يكون تنفيذ الاتفاق النووي، مشروطاً بمفاوضات حول النفوذ الإقليمي والصواريخ.
وتمة عقبات جدية عديدة أمام المفاوضات المتعلقة بالنفوذ الإقليمي والصواريخ، والحل سيعتمد على المقاربة التي سيتبناها فريق السياسة الخارجية في إدارة بايدن. ويعتبر مناخ عدم الثقة الذي أسفرت عنه سياسة “الضغط الأقصى” التي مارسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب واغتيال سليماني وفخري زاده، من العقبات الأساسية. ومن العقبات الأخرى، هي الفترة القصيرة المتبقية لروحاني في السلطة. وبعد أن يتسلم بايدن السلطة في 20 يناير 2021، سيكون أمام البلدين خمسة أشهر فقط، قبل أن تذهب إيران إلى الانتخابات الرئاسية، من أجل إحياء الاتفاق النووي والعمل على قضايا أخرى.
ومعلوم أن مجلس الشورى الإيراني تبنى توصية عقب اغتيال فخري زاده تمنح الدول الأوروبية والولايات المتحدة شهرين لرفع العقوبات، وإلا يتعين على الحكومة الإيرانية التخلي عن معظم التزاماتها الواردة في الاتفاق النووي. وقد أعربت حكومة روحاني عن معارضتها لتوصية المجلس، معتبرة أنها تلحق الضرر بالجهود الديبلوماسية. ومع ذلك، لا يمكن الحكومة عدم تنفيذ التوصية التي ستصير قانوناً ملزماً في فبراير -شباط.
وفي حال سريان قانون مجلس الشورى، فإن الاتفاق النووي، الذي قاوم أربعة أعوام من الضغط الهائل لترامب، قد يموت في الشهر الأول من رئاسة بايدن. ويمكن بايدن أن يرفع العقوبات التي علقت بموجب الاتفاق النووي بعدد من الأوامر التنفيذية، وبعد ذلك، كما قال روحاني، ستعود إيران إلى التزاماتها النووية.