محمد بن راشد: سر نجاحنا خدمة الناس وتسهيل حياتهم والتواصل معهم
لماذا تعد الأرض الكوكب الوحيد الذي تشتعل فيه النار؟
استخدم البشر القدماء النار لطهي الطعام، وللرؤية في الظلام، ولدرء المخاطر (مثل الحيوانات المفترسة).
وتكشف الأدلة التاريخية أن البشر بدأوا استخدام النار لأول مرة منذ حوالي 1.5 مليون سنة، ومن المحتمل أن يكون هذا أحد الاكتشافات القديمة القليلة التي لا تزال على القدر نفسه من الأهمية حتى اليوم. كما أن الأرض هي الكوكب الوحيد الذي يتمتع ببيئة مناسبة لحدوث الحرائق.
ما الذي يجعل الأرض الكوكب الوحيد الذي تشتعل فيه النار؟
لا يوجد كوكب آخر في الكون به نار، ولا حتى الشمس، كما يعتقد الكثير من الناس.
تبدو الشمس وكأنها كرة متوهجة من النار. ومع ذلك، فإن ما نراه ليس نارا فعلية، بل تفاعل ذري ينتج كميات هائلة من الضوء والحرارة، ما يعطي الشمس مظهرها الناري.
ويوجد في كوكب الزهرة وآيو (أحد أقمار كوكب المشتري) براكين نشطة، لكن الحمم البركانية التي تندلع من تلك البراكين لا تكون مصحوبة بالنار.
وأوضح الخبراء أن الحريق ينجم عن ثلاثة عوامل: الأكسجين الجزيئي (O2) والحرارة والوقود.
وهناك كواكب، (الزهرة) داخل نظامنا الشمسي تحتوي على كميات ضئيلة من الأكسجين في غلافها الجوي، وبعضها لديه حرارة (عطارد) إلى جانب الأكسجين.
ولكن الأكسجين الموجود في غلافها الجوي ليس متاحا بسهولة للاحتراق. وبالإضافة إلى ذلك، تفتقر جميع هذه الكواكب إلى الوقود اللازم لإشعال النار، والذي يأتي على الأرض من المواد العضوية المتحللة.
وتحتوي الأرض على المكونات الثلاثة بالنسب الصحيحة مع درجة الحرارة والضغط المناسبين، ما يجعلها الكوكب الوحيد القادر على إنتاج النار.
تأثير النار على الإنسانية
يعتقد بعض الخبراء أن تفاعل الإنسان مع النار هو المؤشر الأول للذكاء البشري.
وربما ساهمت الحرائق بشكل كبير في زيادة عدد سكان البشر الأوائل عن طريق تقليل عدد الوفيات الناجمة عن الطقس البارد والحيوانات المفترسة والتسمم الغذائي (من الأطعمة غير المطبوخة التي تحتوي على مسببات الأمراض).
واعتقد العالم تشارلز داروين أن النار واللغة هما أهم اكتشافات البشرية.
وتقول كاثرين ماكدونالد، عالمة الآثار من جامعة Leiden، في دراستها التي تركز على النار: "لطالما كان يُنظر إلى النار على أنها واحدة من الابتكارات التكنولوجية البشرية الأساسية الكامنة وراء النجاح التطوري البشري، بما في ذلك توزيعنا على نطاق واسع وتوجيه التكيفات اللاحقة".
النار والمستقبل
حتى لو تجاهلت دور النار في تطور النباتات والحيوانات، فإن العديد من العوامل الأخرى المرتبطة بوجود واستمرار الحياة على الأرض تتأثر بالنار، مثل الأكسجين الذي يشكل زهاء 21% من الغلاف الجوي للأرض وهو ضروري لبقاء معظم أشكال الحياة.
ومع ذلك، إذا قفز تركيز الأكسجين إلى 30 أو 40%، فقد تختفي الغابات من الوجود، وكذلك جميع أشكال الحياة التي تعتمد عليها. ويؤدي الكثير منه إلى تسمم الأكسجين لدى البشر والحيوانات (ما يسبب خللا في الجهاز التنفسي)، والإجهاد الفسيولوجي في النباتات، وزيادة تواتر حرائق الغابات.
وتشير الدراسات إلى أن الأكسجين الجوي يتم تنظيمه عن طريق النار.
وأوضح الباحثون أن "ارتفاع وتيرة الحرائق وكثافتها ينظمان الأكسجين في الغلاف الجوي عن طريق تثبيط نمو النباتات وإنتاج الكتلة الحيوية على الأرض، ما يعني أن هناك كمية أقل من المواد العضوية المتاحة لدفن الكربون على الأرض وعن طريق النقل إلى المحيط".
ولكن، علينا أن ندرك أن النار، التي تنظم العديد من جوانب بيئة الأرض، يمكن أيضا أن تحوّل كل شيء إلى رماد وتسبب اختلالا هائلا في حال عدم السيطرة على أزمة تغير المناخ.