الحرب تسببت بأضرار لسياستها تجاه واشنطن

لماذا تنفي كوريا الشمالية دعم موسكو عسكرياً؟

لماذا تنفي كوريا الشمالية دعم موسكو عسكرياً؟


يرى الباحث في شؤون شرق آسيا، خانغ  شو، أنه في حال قرر التاريخ إعادة نفسه، ستكون الحرب الكورية مهيأة لإعادة إحيائها؛ ليس في شبه الجزيرة الكورية، بل في أوروبا الشرقية.
ويكتب في موقع “معهد لوي” أن كوريا الجنوبية تخضع لضغط متزايد من حلف شمال الأطلسي لمد أوكرانيا بالأسلحة بعدما قبلت على ما يبدو بتصدير ذخائر إلى الولايات المتحدة حيث ستجد طريقها إلى أوكرانيا. تقوم سياسة كوريا الجنوبية الطويلة المدى على عدم إرسال أسلحة بشكل مباشر إلى دولة منخرطة بشكل نشط في حرب.
 في غضون ذلك، تقول تقارير إن كوريا الشمالية كانت تنتج ذخائر مدفعية لروسيا مقابل إرسال الأخيرة نفطاً وغازاً ودقيقاً إليها. يبدو أن صور الأقمار الاصطناعية تؤكد حصول هذه التبادلات.

نفيها المتكرر مفاجئ
إن اتفاق أسلحة بقيمة مئات الملايين من الدولارات مع روسيا سيساعد في تعزيز الاقتصاد الكوري الشمالي المنهك من الجائحة. وتجند بيونغ يانغ أفراداً من شركاتها في روسيا للعمل في مشاريع إعادة بناء في شرق أوكرانيا.
حسب الكاتب، ليس مفاجئاً أن كوريا الشمالية ترسل مساعدات عسكرية إلى روسيا، لكن الملحوظ هو نفيها المتكرر لهذه الأنشطة.
في نوفمبر (تشرين الثاني)، رد جيش كوريا الشمالية ببيان على ما وصفها بالخطوات الأمريكية لـ”تشويه صورة جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية في الساحة الدولية عبر استحضار ‘قرار عقوبات‘ غير شرعي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ضد جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية».
وفي ينايــــــر، حــــذرت بيونـــــغ يانغ مجدداً واشنطن من أن “محاولة تشويه صـــورة جمهورية كوريا الشعبية الديموقراطية من خلال اختـــــــلاق أمر غير موجـود هو استفزاز خطير لا يمكن السماح به قط، ولا يمكن إلا أن يطلق ذلك رد فعلها”.
ويعد النفي جديراً أكثر بالملاحظة وفق الكاتب لأن شقيقة الزعيم الكوري الشمالي كيم يو-جونغ أكدت علناً أن كوريا الشمالية “ستقف دائماً في الخندق نفسه، مع جيش وشعب روسيا».
هي أصلاً منبوذة...
فلماذا تنفي؟
ثمة احتمال يمكن أن يفسر مواصلة كوريا الشمالية نفيها دعم روسيا عسكرياً بالرغم من أنها دولة منبوذة دولياً وليس لديها تقريباً ما تخسره. مثل جارتها الجنوبية، كانت كوريا الشمالية مترددة تجاه جرها نحو مستنقع روسي في أوكرانيا. برهنت الحرب أنها عبء إضافي على بيئة جيوسياسية مضطربة أصلاً. كوريا الشمالية منشغلة في التعامل مع لائحة طويلة من المشاكل مثل الاقتصاد المنكمش والمسار غير القابل للتنبؤ بالنسبة إلى الجائحة والتوترات المتصاعدة مع الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية. وكدولة تستهلك عادة قسماً كبيراً من اهتمامات واشنطن الخارجية، استنفدت الحرب في أوكرانيا ما تبقى من طاقة لدى واشنطن للتعامل مع الدولة المنعزلة. وبعكس الاستفزازات السابقة، لم تجذب اختباراتها الصاروخية الأخيرة الكثير من الانتباه الأمريكي.

أضرار بسياسة
«القوة مقابل القوة»
أضاف الكاتب أن حرب روسيا تسبب أيضاً أضراراً جانبية لسياسة كوريا الشمالية الخاصة تجاه الولايات المتحدة. في الماضي، كان بإمكان كوريا الشمالية التحول ببساطة من المواجهة إلى الانفتاح بشكل مستقل عن لاعبين آخرين، لكن الآن، إن سياسة “القوة مقابل القوة” الخاصة بها لا يمكن فصلها عن حرب روسيا.  من المرجح أن تفهم كوريا الشمالية أنه طالما تواصل شحن إمدادات عسكرية إلى روسيا، تبقى فرص إعادة إحياء الحوار مع الولايات المتحدة منخفضة. يفسر ذلك سبب مواصلة بيونغ يانغ نفي أنها ترسل أسلحة إلى روسيا.

آخر ما تريده كوريا الشمالية
إلى جانب ذلك، إن اتفاق بيونغ يانغ الأساسي مع روسيا يمنع الكوريين الشماليين من المشاركة في الحرب، على افتراض تفادي أن ينظر إليهم كمزودي أماكن الصراع بالمرتزقة. آخر ما تريده بيونغ يانغ هو دخول قواتها في صراع مع قوات الناتو على الخطوط الأمامية وتعريض أي فرصة للتفاوض مع الولايات المتحدة للخطر. يظهر تأخر كوريا الشمالية بنشر عمال في شرق أوكرانيا خوفاً على أمنهم مدى رغبتها بتفادي تورط عمالها مباشرة في القتال.

كيف تنظر إلى موسكو؟
مع ذلك، تابع الكاتب بقوله: لا تستطيع كوريا الشمالية تجاهل روسيا كأحـــد داعميهــــا الأساسيين، كما هي الحال بالنسبة إلى علاقة كوريـــــا الجنوبيــــة مع الولايات المتحدة. موسـكو هي خيار بديل لكوريا الشمالية من أجل الحد من النفوذ الصيني حيال عزلة البلاد السياسية والاقتصادية. وتعتمد كوريا الشمالية بشكل متزايد على دعم روسي في حال حدوث السيناريو البعيد المتمثل باستئناف الحرب مع كوريا الجنوبية.
 من خلال إرسال إمدادات عسكرية بشكل سري إلى روسيا كمحاولة لتفادي الإضرار بالعلاقات مع الولايات المتحدة، تجري كوريا الشمالية ببساطة تحوطاً وهي لا تتطلع إلى مكاسب كبيرة من الحرب في أوكرانيا.
 يبدو دعم كوريا الشمالية لروسيا بصيص أمل أكثر من كونه شراكة مقصودة. إذا كان هذا ما هو الأمر عليه، فثمة أمل بألا تعمد كوريا الشمالية إلى إنهاء حوارها بالكامل مع الولايات المتحدة بالرغم من خطابها الحربي.
 إن نهاية للحرب في أوكرانيا قد تعزز بطريقة ما فرصة انفراجة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة.