ثلثا أراضيها خارج السيطرة:
لماذا لا يزال الجيش الفرنسي في جمهورية مالي...؟
-- ليس لدى فرنسا توجّه لمغادرة الساحل على الفور، وتعتبر أن وجودها لا يزال ضروريًا لمنطقة الساحل
-- قد لا تبلغ فرقة العمل تاكوبا، كامل إمكاناتها العملياتية في أوائــل عــام 2021 كمـا هـو مخطط من قبـل الإليزيــه
-- تتمثل الاستراتيجية الرسمية الفرنسية في اكتساب الدول الشريكة القدرة على ضمان أمنها بشكل مستقل
-- في انتظار تطوير قوة عسكرية محلية فعالة، فإنه محكوم على فرنسا الاضطلاع بمعظم العمليات في المنطقة
قُتل ثلاثة جنود فرنسيين في عملية برخان في مالي في وقت تسعى فرنسا إلى ايجاد مخرج لتدخلها في منطقة الساحل... رغبة تتعارض مع الحقائق على الأرض. «بمجرد أن أتمكن من الحد من مستوى مشاركة جيوشي، سأفعل ذلك”، قال الجنرال فرانسوا لوكوانتر، رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، لصحيفة لوموند مؤخرًا.
ويرفع مقتل ثلاثة جنود فرنسيين الاثنين 28 ديسمبر، فيما يسمى بمنطقة “الحدود الثلاثة” في مالي، حصيلة قتلى التدخل الفرنسي في منطقة الساحل إلى 47 قتيلاً في عمليتي سيرفال (2013) وبرخان (2014) بينما تسعى الحكومة الفرنسية ظاهريًا إلى فك الارتباط بمنطقة الساحل.
«لا نعتزم البقاء إلى الأبد”، اعترفت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ في يونيو الماضي. لكن “ليس لدينا توجّه لمغادرة الساحل على الفور، لأن وجودنا ما زال ضروريًا لمنطقة الساحل”. يستمر الوضع الأمني مثيرا للقلق في منطقة يقوضها العنف والصراعات بين المجتمعات المحلية وعدم الاستقرار السياسي.
على المستوى العسكري البحت، فإن نتائج عملية برخان، التي حشدت ما مجموعه 5100 رجل وامرأة، ليست سيئة على الإطلاق. عام 2020 وجه الجيش الفرنسي ضربات خطيرة وموجعة للجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، قُتل أمير القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال، بالرصاص في يونيو، تلاه باه أغ موسى، رئيس جماعة دعم الإسلام والمسلمين، “المنتسبة أيضًا للقاعدة”، في نوفمبر.
انتقال بطيء وصعب
لكن بالنسبة للجنرال لوكوانتر، هذا غير كاف. “ما نطلبه من الجندي هو أن يصبح مستوى العنف منخفضًا قدر الإمكان، بحيث يمكن تنفيذ الحلول السياسية دون الوقوع نهائيا في محظور الحرب الأهلية”، قال لفرانس إنفو في ديسمبر 2019. فبالنسبة لرئيس الأركان، “إذا لم يتم استكمال هذا الجهاز بعملية سياسية بالشراكة بين حكومات البلدان، الذين جئنا لمساعدتها والمجتمع الدولي بأسره، سيكون عملنا عديم الفائدة «.
لذلك، فإن الاستراتيجية الرسمية الفرنسية هي “أن تكتسب الدول الشريكة القدرة على ضمان أمنها بشكل مستقل”. عام 2017، راهنت فرنسا على إنشاء تحالف عسكري إقليمي، القوة المشتركة لمجموعة الساحل الخمس، التي تضم 5000 جندي من بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، والتي يجب أن تتولى في النهاية المسؤولية من برخان. إلا أن هذا الجهاز لم يقنع بعد، ويعاني من نقص في المعدات والتدريب وفقًا لتقرير أممي نُشر في نوفمبر 2019، والذي دعا إلى “زيادة دعم” المجتمع الدولي حيث تواجه باريس أكبر الصعوبات في الحصول عليه. كما أن الكفاءة، يعيقها سوء الإدارة أو حتى الفساد من قبل السلطات المحلية. في الوقت نفسه ، تجد فرقة العمل تاكوبا، وهي مجموعة من القوات الأوروبية تهدف إلى تنفيذ عمليات خاصة ضد الجماعات الإرهابية وتم إطلاقها في مارس الماضي، صعوبة في الانطلاق، وقد لا تبلغ كامل إمكاناتها وقدراتها العملياتية في أوائل عام 2021 كما هو مخطط من قبل الإليزيه.
عدم الاستقرار
الأمني والسياسي
إن تقييم حصاد تعزيز برخان بإرسال 600 جندي إضافي في فبراير الماضي سيتم في 13 يناير، خلال الذكرى الأولى لقمة باو، بهدف بدء انسحاب القوات الفرنسية. ولكن في انتظار تطوير قوة عسكرية محلية فعالة بما فيه الكفاية، فإنه محكوم على فرنسا الاضطلاع بمعظم العمليات في المنطقة لأن العدو لا ينسحب.
قُتل أكثر من 175 جنديًا ماليًا على أيدي الجماعات الإرهابية عام 2020، وسبق ان سقط أكثر من 200 منهم في القتال العام 2019. في أكتوبر الماضي، قُتل 12 مدنياً وسط البلاد حيث تتزايد الهجمات. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجازر طائفية، حيث تم اغتيال 160 مدنياً على سبيل المثال في مارس 2019 في أوغوساغو بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو. توتّر تفاقم بسبب تصرفات الجيش المالي، الذي اتهمته الأمم المتحدة مؤخرًا بارتكاب جرائم حرب. ورغم الانتصارات العسكرية التي حققتها عملية برخان، لا يزال ثلثا أراضي مالي يفلتان من سيطرة السلطة المركزية، بينما أطاح الجيش بالرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا في 18 أغسطس، ولم تعد السلطة بعد إلى المجتمع المدني.
حان وقت المفاوضات؟
وبما أن الحل السياسي طال انتظاره، هل يجب أن تتفاوض فرنسا مع العدو؟ السؤال خطير وجدي جدا. دول الساحل تفعل ذلك، وعلانية أكثر فأكثر. وقد جاء إطلاق سراح الرهينة الفرنسية صوفي بترونين في أكتوبر الماضي نتيجة مناقشات بين الحكومة المالية وجماعة دعم الإسلام والمسلمين. وفي مقابلة وسائل إعلام فرنسية في 3 ديسمبر، قال مختار أواني، رئيس الوزراء الانتقالي لمالي، إنه يفكر في إجراء محادثات مع إياد أغ غالي، رئيس جماعة دعم الإسلام والمسلمين، وأمادو كوفا، قائد كاتيبا ماسينا “المنتسبة الى جماعة دعم الإسلام والمسلمين”، مشيرًا إلى أن “الحوار مع الإرهابيين إرادة الماليين». وأعلنت فرنسا بشدة معارضتها لمثل هذه المبادرة، مشيرة إلى أن الجماعات الإرهابية لم توقع على اتفاقات السلام في الجزائر عام 2015، وهي الأساس لمناقشة حل الصراع في مالي. لكن في مواجهة الحقائق على الأرض، تطور موقف باريس بشأن هذه القضية في الأشهر الأخيرة.
كما أعلنت الرئاسة الفرنسية مؤخرًا أنها لم تعد تعارض المفاوضات بين شركائها في الساحل وبعض الجماعات الإرهابية مع ذلك رفضت رفضًا قاطعًا التفاوض مع قادة القاعدة أو داعش. “مع الإرهابيين، نحن لا نناقش... نحن نقاتل”، حسم إيمانويل ماكرون في مجلة جون افريك في نوفمبر... إلى متى وأي مدى؟
-- قد لا تبلغ فرقة العمل تاكوبا، كامل إمكاناتها العملياتية في أوائــل عــام 2021 كمـا هـو مخطط من قبـل الإليزيــه
-- تتمثل الاستراتيجية الرسمية الفرنسية في اكتساب الدول الشريكة القدرة على ضمان أمنها بشكل مستقل
-- في انتظار تطوير قوة عسكرية محلية فعالة، فإنه محكوم على فرنسا الاضطلاع بمعظم العمليات في المنطقة
قُتل ثلاثة جنود فرنسيين في عملية برخان في مالي في وقت تسعى فرنسا إلى ايجاد مخرج لتدخلها في منطقة الساحل... رغبة تتعارض مع الحقائق على الأرض. «بمجرد أن أتمكن من الحد من مستوى مشاركة جيوشي، سأفعل ذلك”، قال الجنرال فرانسوا لوكوانتر، رئيس أركان القوات المسلحة الفرنسية، لصحيفة لوموند مؤخرًا.
ويرفع مقتل ثلاثة جنود فرنسيين الاثنين 28 ديسمبر، فيما يسمى بمنطقة “الحدود الثلاثة” في مالي، حصيلة قتلى التدخل الفرنسي في منطقة الساحل إلى 47 قتيلاً في عمليتي سيرفال (2013) وبرخان (2014) بينما تسعى الحكومة الفرنسية ظاهريًا إلى فك الارتباط بمنطقة الساحل.
«لا نعتزم البقاء إلى الأبد”، اعترفت وزيرة الدفاع فلورنس بارلي، أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس الشيوخ في يونيو الماضي. لكن “ليس لدينا توجّه لمغادرة الساحل على الفور، لأن وجودنا ما زال ضروريًا لمنطقة الساحل”. يستمر الوضع الأمني مثيرا للقلق في منطقة يقوضها العنف والصراعات بين المجتمعات المحلية وعدم الاستقرار السياسي.
على المستوى العسكري البحت، فإن نتائج عملية برخان، التي حشدت ما مجموعه 5100 رجل وامرأة، ليست سيئة على الإطلاق. عام 2020 وجه الجيش الفرنسي ضربات خطيرة وموجعة للجماعات الإرهابية. على سبيل المثال، قُتل أمير القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، عبد المالك دروكدال، بالرصاص في يونيو، تلاه باه أغ موسى، رئيس جماعة دعم الإسلام والمسلمين، “المنتسبة أيضًا للقاعدة”، في نوفمبر.
انتقال بطيء وصعب
لكن بالنسبة للجنرال لوكوانتر، هذا غير كاف. “ما نطلبه من الجندي هو أن يصبح مستوى العنف منخفضًا قدر الإمكان، بحيث يمكن تنفيذ الحلول السياسية دون الوقوع نهائيا في محظور الحرب الأهلية”، قال لفرانس إنفو في ديسمبر 2019. فبالنسبة لرئيس الأركان، “إذا لم يتم استكمال هذا الجهاز بعملية سياسية بالشراكة بين حكومات البلدان، الذين جئنا لمساعدتها والمجتمع الدولي بأسره، سيكون عملنا عديم الفائدة «.
لذلك، فإن الاستراتيجية الرسمية الفرنسية هي “أن تكتسب الدول الشريكة القدرة على ضمان أمنها بشكل مستقل”. عام 2017، راهنت فرنسا على إنشاء تحالف عسكري إقليمي، القوة المشتركة لمجموعة الساحل الخمس، التي تضم 5000 جندي من بوركينا فاسو ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد، والتي يجب أن تتولى في النهاية المسؤولية من برخان. إلا أن هذا الجهاز لم يقنع بعد، ويعاني من نقص في المعدات والتدريب وفقًا لتقرير أممي نُشر في نوفمبر 2019، والذي دعا إلى “زيادة دعم” المجتمع الدولي حيث تواجه باريس أكبر الصعوبات في الحصول عليه. كما أن الكفاءة، يعيقها سوء الإدارة أو حتى الفساد من قبل السلطات المحلية. في الوقت نفسه ، تجد فرقة العمل تاكوبا، وهي مجموعة من القوات الأوروبية تهدف إلى تنفيذ عمليات خاصة ضد الجماعات الإرهابية وتم إطلاقها في مارس الماضي، صعوبة في الانطلاق، وقد لا تبلغ كامل إمكاناتها وقدراتها العملياتية في أوائل عام 2021 كما هو مخطط من قبل الإليزيه.
عدم الاستقرار
الأمني والسياسي
إن تقييم حصاد تعزيز برخان بإرسال 600 جندي إضافي في فبراير الماضي سيتم في 13 يناير، خلال الذكرى الأولى لقمة باو، بهدف بدء انسحاب القوات الفرنسية. ولكن في انتظار تطوير قوة عسكرية محلية فعالة بما فيه الكفاية، فإنه محكوم على فرنسا الاضطلاع بمعظم العمليات في المنطقة لأن العدو لا ينسحب.
قُتل أكثر من 175 جنديًا ماليًا على أيدي الجماعات الإرهابية عام 2020، وسبق ان سقط أكثر من 200 منهم في القتال العام 2019. في أكتوبر الماضي، قُتل 12 مدنياً وسط البلاد حيث تتزايد الهجمات. بالإضافة إلى ذلك، هناك مجازر طائفية، حيث تم اغتيال 160 مدنياً على سبيل المثال في مارس 2019 في أوغوساغو بالقرب من الحدود مع بوركينا فاسو. توتّر تفاقم بسبب تصرفات الجيش المالي، الذي اتهمته الأمم المتحدة مؤخرًا بارتكاب جرائم حرب. ورغم الانتصارات العسكرية التي حققتها عملية برخان، لا يزال ثلثا أراضي مالي يفلتان من سيطرة السلطة المركزية، بينما أطاح الجيش بالرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا في 18 أغسطس، ولم تعد السلطة بعد إلى المجتمع المدني.
حان وقت المفاوضات؟
وبما أن الحل السياسي طال انتظاره، هل يجب أن تتفاوض فرنسا مع العدو؟ السؤال خطير وجدي جدا. دول الساحل تفعل ذلك، وعلانية أكثر فأكثر. وقد جاء إطلاق سراح الرهينة الفرنسية صوفي بترونين في أكتوبر الماضي نتيجة مناقشات بين الحكومة المالية وجماعة دعم الإسلام والمسلمين. وفي مقابلة وسائل إعلام فرنسية في 3 ديسمبر، قال مختار أواني، رئيس الوزراء الانتقالي لمالي، إنه يفكر في إجراء محادثات مع إياد أغ غالي، رئيس جماعة دعم الإسلام والمسلمين، وأمادو كوفا، قائد كاتيبا ماسينا “المنتسبة الى جماعة دعم الإسلام والمسلمين”، مشيرًا إلى أن “الحوار مع الإرهابيين إرادة الماليين». وأعلنت فرنسا بشدة معارضتها لمثل هذه المبادرة، مشيرة إلى أن الجماعات الإرهابية لم توقع على اتفاقات السلام في الجزائر عام 2015، وهي الأساس لمناقشة حل الصراع في مالي. لكن في مواجهة الحقائق على الأرض، تطور موقف باريس بشأن هذه القضية في الأشهر الأخيرة.
كما أعلنت الرئاسة الفرنسية مؤخرًا أنها لم تعد تعارض المفاوضات بين شركائها في الساحل وبعض الجماعات الإرهابية مع ذلك رفضت رفضًا قاطعًا التفاوض مع قادة القاعدة أو داعش. “مع الإرهابيين، نحن لا نناقش... نحن نقاتل”، حسم إيمانويل ماكرون في مجلة جون افريك في نوفمبر... إلى متى وأي مدى؟