الأوساط السياسية تخشى الانتقام من بعض الشركات

لماذا ينفق قادة الأعمال مبالغ طائلة لـلجنة «تنصيب ترامب»؟

لماذا ينفق قادة الأعمال مبالغ طائلة لـلجنة «تنصيب ترامب»؟


تستعد شركات كبرى ومديرون تنفيذيون للتبرع بمبالغ ضخمة لصالح لجنة تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، في خطوة تهدف إلى بناء علاقات قوية معه قبل توليه منصبه رسمياً.
هذه التبرعات تأتي في وقت حساس يسعى فيه ترامب إلى إعادة هيكلة السياسة الاقتصادية الأميركية بما يخدم بعض الصناعات،  مما يخلق فرصة استراتيجية للشركات لتعزيز مصالحها في ظل الإدارة القادمة.
في هذا السياق، يشير تقرير لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية،  إلى تعهد مجموعة من كبار المديرين التنفيذيين والشركات بالتبرع بملايين الدولارات لـ «لجنة تنصيب ترامب».
بعض التبرعات المخطط لها تشمل مليون دولار من كل من شركة أمازون التابعة لجيف بيزوس، علاوة على الرئيس التنفيذي لشركة OpenAI سام ألتمان، وتبرع من الشركة الأم لفيسبوك Meta، بقيادة مارك زوكربيرغ.
كذلك تشمل التبرعات الأخرى مليوني دولار من Robinhood Markets، ومليون دولار من كل من Uber ورئيسها التنفيذي دارا خسرو شاهي، بينما شركة فورد يقترن تبرعها بمبلغ مليون دولار بأسطول من المركبات.
 كذلك  مدير صندوق التحوط كين جريفين قال أيضاً إنه يخطط للتبرع بمليون دولار للجنة. بالإضافة إلى تبرعات أخرى من قادة التمويل قيد الإعداد .
تعهدت هذه الشركات بالتبرع في وقت يسعى فيه ترامب إلى إعادة هيكلة السياسة الاقتصادية الأميركية بشكل قد يعود بفوائد كبيرة على بعض الصناعات المفضلة لديه مثل الوقود الأحفوري. كما أظهر ترامب اهتماماً شخصياً بالاجتماعات المباشرة والإشادة العلنية من كبار المديرين التنفيذيين للشركات الكبرى.
لجان التنصيب تعد فرصة فريدة للقاء الرئيس المنتخب وتأمين علاقــــات جيدة مع الإدارة القادمة، حيث يمكن للشركات التبرع دون أي حدود على المبالغ، مما يجعل هذه التبرعات فرصة استراتيجية للشركات لتوطيد علاقتها بالبيت الأبيض.
شهدت لجنة تنصيب ترامب لعام 2017 جمع أكثر من 107 مليون دولار، وهو الرقم الأعلى في تاريخ التنصيب الرئاسي الأميركي.
ويبدو أن حفل تنصيب ترامب للمرة الثانية في طريقه إلى تحطيم هذا الرقم القياسي، حيث تجاوزت المساهمات التي تم التعهد بها بالفعل هدف جمع التبرعات البالغ 150 مليون دولار، حسبما ذكرت شبكة «إيه بي سي نيوز».
بالمقارنة، جمعت لجنة تنصيب الرئيس جو بايدن حوالي 62 مليون دولار. وتشير هذه الأرقام إلى تأثير العلاقات مع ترامب على تعزيز التمويل السياسي.
 تلتزم بعض الشركات الكبرى مثل أمازون وفيسبوك بدعم تنصيب ترامب بعد أن كانت قد تجنبته في انتخابات 2017 بسبب خلافات سابقة بين ترامب وبعض قادة التكنولوجيا، مثل بيزوس وزوكربيرغ.
واليوم، يبدو أن هذه الشركات تأمل في تقليص القيود التنظيمية، وهو ما قد يسهم في تسهيل عملياتها التجارية. في هذا السياق، على سبيل المثال تحدث بيزوس عن تفاؤله بشأن تقليص القوانين في حال فوز ترامب بولاية ثانية.
وتشير الأوساط السياسية إلى أن بعض الشركات تشعر بالقلق من الانتقام في حال لم تدعم تنصيب ترامب، وبالتالي تدفع الأموال لتأمين علاقات جيدة مع الإدارة القادمة.
كما أن هناك تزايدًا في عدد المديرين التنفيذيين الذين يزورون منتجع مار إيه لاغو في فلوريدا، الذي يعد مقرًا غير رسمي لفريق ترامب الانتقالي، سعياً لتأثير أكبر على الحكومة القادمة.

مصالح 
من جانبه، يؤكد رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets، جو يرق، أهمية العلاقة بين الشركات والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، خاصة في ظل الأدوار المؤثرة التي يلعبها رؤساء الشركات الكبرى مثل إيلون ماسك.
يشير يرق إلى أن: العلاقة بين ترامب وبعض الرؤساء التنفيذيين شهدت توترات في الماضي، مثل ما حدث مع مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة ميتا، وهي العلاقة التي تحسنت أخيراً.
الآن، مع بروز دور الرئيس التنفيذي لشركة تسلا إيلون ماسك وتأثيره في المشهد السياسي، فإن الشركات تتجه نحو التقرب من الرئيس ترامب، خاصة أن سياساته التشريعية يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على مصالحها.
الرؤساء التنفيذيون، سواء كانوا داعمين أو معارضين لترامب سابقاً، يدركون الآن أهمية إظهار حسن النية والتواصل الإيجابي معه. وذلك بهدف الحصول على دعمه في التشريعات والسياسات التي تؤثر على القطاعات التي يعملون فيها، وضمان عدم اتخاذ مواقف عدائية تجاه شركاتهم.
يضيف يرق: «من الضروري أن تكون العلاقة بين الشركات والرئيس إيجابية؛ فترامب لديه نفوذ قوي مع مجلسي الشيوخ والنواب الجمهوري، وهو داعم لأي تشريعات تخدم الاقتصاد والشركات.. كما أن الشركات تسعى لتجنب أي صدام معه، خاصة أنه شخصية هجومية في بعض الأحيان، والتودد إليه أمر بالغ الأهمية لضمان استقرار المصالح المشتركة».
ويختتم رئيس قسم الأسواق العالمية في شركة Cedra Markets حديثه بالتأكيد على أن الشركات يجب أن تضع مصلحتها أولاً من خلال بناء علاقة إيجابية ومستدامة مع الإدارة الأميركية الجديدة، لضمان تحقيق أهدافها ودعم تطورها.