الولايات المتحدة:

لهذا تعتبر إدانة الشرطة بجرائم القتل نادرة للغاية...!

لهذا تعتبر إدانة الشرطة بجرائم القتل نادرة للغاية...!

-- تتم محاكمة 2 % فقط من ضباط الشرطة المتورطين في عمليات إطلاق نار قاتلة

خلال الأسبوع الماضي، كان ديريك شوفين، ضابط شرطة مينيابوليس السابق المسؤول عن وفاة جورج فلويد، الذي هز الولايات المتحدة في مارس 2020، يردّ عن أفعاله امام المحكمة الامريكية. ومثل هذه المحاكمات نادرة في الولايات المتحدة، وأقل منها الإدانات.
 للتذكير بالوقائع: ديريك شوفين، ضابط شرطة أبيض، 45 عامًا، ركع على رقبة جورج فلويد، رجل أمريكي أسود، 46 عامًا، واستمر في الضغط لأكثر من تسع دقائق رغم توسّل الرجل وشهود عيان في مكان الحادث مما ادى الى مقتل جورج فلويد.

قليل من المحاكمات...
 قليل من الإدانات
فيليب ماثيو ستينسون، خبير في العدالة الجنائية يدرّس في جامعة عامة في ولاية أوهايو، يحصي منذ سنوات عديدة، بيانات حول الإدانات القضائية لقوات الشرطة الأمريكية، يؤكد أنه في حوادث إطلاق النار بتهمة القتل أو القتل غير العمد، يتم إلقاء القبض على تسعة ضباط شرطة فقط في المعدّل سنويًا، بينما يُقتل حوالي ألف شخص برصاص الشرطة كل عام في الولايات المتحدة. وفي المتوسط ، يقف من 1 إلى 2 بالمائة فقط من ضباط الشرطة امام المحكمة. وإذا كان استخدام القوة في معظم الأوقات مبررًا، يقول ستينسون، فإن “هذا المعدل يبدو منخفضا للغاية».
ومنذ وفاة مايكل براون في فيرجسون في أغسطس 2014، نمت حركة “حياة السود مهمة”، وصار صوتها مسموعا أكثر. وهكذا، منذ عام 2015، تمت مقاضاة ما معدّله 13 ضابط شرطة كل عام ضد 5 بين 2005 و2014.
ومن أصل 139 ضابط شرطة اعتقلوا منذ 2005، أدين 44 معظمهم بتهم أقل من القتل. وأدين سبعة منهم فقط بالقتل، وحُكم عليهم بالسجن لمدد تتراوح بين 81 شهرًا إلى السجن المؤبد. أما الـ 37 الباقون فقد أدينوا بالقتل غير العمد أو سوء السلوك -وأحيانًا دون أي حكم بالسجن.

لماذا؟
التفسيرات كثيرة الى درجة أن هذه المقالة لا تستطيع ذكرها كلها. ويمكن العثور على بعض الإجابات في ثقافة الشرطة، وأخرى في الثقة النسبية التي يتمتع بها السكان في الشرطة، وأخيراً، في القانون الأمريكي الذي يمنح ضباط الشرطة حرية واسعة في استخدام القوة.
جيرمان لوبيز، صحفي في مجلة فوكس، يشرح مدى تعقيد قيام المدعي العام بجمع أدلة كافية لتبرير المحاكمة، اذ يقوم ضباط الشرطة بحماية بعضهم البعض، وهذا ما يسمى “جدار الصمت الأزرق”، في إشارة إلى لون زي الشرطة.
الحاضرون من ضباط الشرطة عند القتل، شهود متميزون على الحادثة، غالبًا ما يكونون أقل ميلًا للكلام. عام 2018، استنكر المدعي العام مايك فريمان ذلك أثناء محاكمة ضابط الشرطة قاتل جوستين دامون:
 “لقـــــد كنت محظوظًا بما يكفي للقيـــام بهذه المهمة طيلة 18 عامًـــــــا، ويمكنني أن أخبـــــــرك أنني لم أر الكثير من ضبــــــــاط الشــــرطة من قبل، غيــــــــر مشتبه بهم، يرفضون القيام بواجب الإدلاء بشهادتهم».
ويعمل المدعون ضرورة مع الشرطة كجزء من عملهم اليومي، ويحدث أن يتجنبوا مقاضاتهم خوفًا من إضعاف علاقتهم بقوات الامن. ويذكر أيضًا أنه يتم انتخاب المدعين العامين الأمريكيين.
في حال المحاكمة، لا بد أيضًا من إقناع المجتمع المدني، ممثلا في المحلفين، الذين لا يميلون كثيرًا إلى التسليم بجريمة الشرطة. وعلى المدعي العام على وجه الخصوص أن يثبت جرم المتهم بما يتجاوز كل “شك معقول».

ويضع ستينسون الأمر على هذا النحو:
“المحلفون مترددون جدًا في التشكيك في قرار تم اتخاذه على الفور في سياق حياة أو موت من قبل ضابط أمام شخص يحتمل أن يكون عنيفًا”. في السياق الأمريكي، فإن الخوف من أن المشتبه به يحمل سلاحًا هو أكثر حضوراً بسبب التعديل الثاني للدستور الذي يسمح بحمل السلاح في معظم الولايات.
وبالمثل، فإن قانون الولايات المتحدة فيما يتعلق باستخدام القوة، يسمح للضباط باستخدام القوة إذا كانوا يرون “مجرد تهديد” -حتى لو تبين أن التهديد لا شيء.
 لذلك يجب على المحلف أن يفكر فيما إذا كان ضابط الشرطة قد تصرف بشكل معقول في مواجهة التهديد المتصور.
ولتغيير نسبة الإدانة، سيكون من الضروري تغيير العقليات وثقافة الشرطة، وهما عنصران يتطلبان استثمارًا مكثفًا، وبالتأكيد الكثير من الوقت.