يُنظر إليه على أنه رمز النجاح:

لهذا نمت شعبية ترامب بين الناخبين اللاتينوس...!

لهذا نمت شعبية ترامب بين الناخبين اللاتينوس...!

-- يمكن للناخبين اللاتينوس إحداث الفارق في الولايات المتأرجحة
-- ترامب: «تصويت اللاتينوس للجمهوريين هو تصويت للحلم الأمريكي»
-- تظهر استطلاعات الرأي أن حوالي 30 بالمائة من الناخبين اللاتينوس يستعدون للتصويت له
-- اتهام الحزب الجمهوري وناخبيه بالعنصرية، استراتيجية لا تنجح حتى مع الناخبين من أصل إسباني
-- تفسر المحافظة الدينية ومعارضة الإجهاض تجاوب بعض اللاتينوس مع ترامب، خاصة بين المسيحيين الإنجيليين


   قال الرئيس دونالد ترامب خلال تجمع انتخابي أخيرًا مع الناخبـين اللاتينوس في فينيكس بولايــــة أريزونـا، “جــاء العديـد من الأمريكيين من أصـل إسـباني إلى هنــــا لملاحقة الحلــم الأمريكي، والتصويت للجمهوريين في نوفمبر، هو تصويت للحلم الأمريكي «.
   تكررت أسطورة رجل الأعمال الصغير الذي نجح بمفرده دون مساعدة الحكومة عدة مرات خلال هذا الحدث.
 إنها إحدى رسائل حملة ترامب المفضلة بين ذوي الأصــــــول الإســــبانية، وهي فاعلــــــــة بشــــكل جيد مع الرجال اللاتينوس الذين تقـــــــل أعمارهـــــم عن 45 عامــــــًا، والذيـــــن يدعمون ترامب بنسبة 35 بالمائــــة، مقابل 22 بالمائــــــة عام 2016.

   ورغم خطابه العنصري، وسياسات إدارته المناهضـــــة للهجــــرة، تظهـــر اســـتطلاعات الرأي أن حوالـــــي 30 بالمائـــــة مـن الناخبين من أصـــل إســـباني يســـتعدون للتصويـت لـــــــه، وهـــــو رقــــــم أعلــــى قليـــلاً من عــــــام 2016، عنـدمـــا صـوت 25 بالمائـــــة منهــــم للرئيـس الحالـــــي.

خطاب عنصري لا يصدم
   الصحفيون الذين يتواصلون مع المجموعات الإسبانية المتنوعة (حوالي 13 بالمائة من الناخبين الأمريكيين) في جميع أنحاء البلاد، يسمعون بانتظام هذه المعزوفة عن ترامب، الذي يُنظر إليه على أنه رمز نجاح يطمح إليه معجبوه. ورغم فوضى إدارة أزمة كوفيد -19، والتدابير الضريبية التي تفيد الأغنياء، وتشتيت العائلات المهاجرة، إلا أن صورة ترامب لا تزال تجسيدًا لحلم أمريكي ما. من جهة اخرى، تفسر المحافظة الدينية ومعارضة الإجهاض أيضًا تجاوب بعض اللاتينوس مع ترامب، خاصة بين المسيحيين الإنجيليين.
    ويؤكد إيان هاني لوبيز، أستاذ القانون بجامعة بيركلي في كاليفورنيا، والمؤلف المشارك لدراسة حديثة حول التصويت اللاتيني، أن هؤلاء الناخبين في المعدل أكثر تقبلاً لبعض الخطاب المتفائل حول الجهود الفردية كوسيلة للتقدم. كما يفسر لماذا لا يؤدي خطاب الرئيس العنصري إلى إثارة اشمئزاز المزيد من اللاتينوس.

   «يستخدم ترامب لغة مصممة لإثارة مخاوف تتعلق بالعنصرية، لكنه لا يستدعي العرق  بشكل مباشر”، يشرح الأستاذ. وبالتالي يمكن للرئيس أن يستخدم كلمات مثل “سري” و”غزو” و “غير شرعي” و “عصابات” و “مغتصبين” لتوجيه ناخبيه البيض ضد المهاجرين، لكنه يفعل ذلك بطريقة غير مباشرة، بما يسمح لبعض اللاتينوس ان يروا أنفسهم فيها.  
   هذا الخطاب يثير أزمة لمن له مكانه في هذا البلد ومن لا مكان له. الهدف هو إثارة الخوف بين البيض، ولكنه فاعل أيضًا مع بعض اللاتينوس. والمهاجرون الجدد، الذين يتحدثون الإسبانية في بيوتهم، يسمعون هذا النوع من الكلام ويقولون لأنفسهم: ‘أنا لست كذلك، أنا لست من “المهاجرين” السيئين، سأكون ناجحًا>».

الشعور بالانتماء
   بعد أربع سنوات من السياسة الترامبية، كان يمكن تصوّر أن مستوى دعم الناخبين اللاتينوس لمنافسه الديمقراطي، جو بايدن، سيقترب من مستوى الدعم الذي يتمتع به بين السكان الأمريكيين من أصل أفريقي (حوالي 83 بالمائة). لكن الحال ليس كذلك، رغم أن حوالي 63 بالمائة من ذوي الأصول الإسبانية يؤيدون المرشح الديمقراطي.
   لفهم هذا الجسم الانتخابي، سأل إيان هاني لوبيز وتوري جافيتو (من جمعية الطريق للفوز) أكثر من ألف شخص لاتينوس حول رسالة سياسية ترامبية تدين “الهجرة غير الشرعية من البلدان التي تغمرها المخدرات والعصابات”، وتدافع عن” التمويل الكامل للشرطة حتى لا تتعرض مجتمعاتنا للتهديد من قبل الأشخاص الذين يرفضون اتباع قوانيننا”. وجد حوالي 60 بالمائة من البيض هذه الرسالة مقنعة، ولكن من المدهش أن نسبة الموافقة كانت أعلى بين أصيلي أمريكا اللاتينية.

   يمكن تفسير هذا التناقض جزئيًا من خلال حقيقة أن العديد من ذوي الأصول الإسبانية يعتبرون أنفسهم من البيض. بينما في وسائل الإعلام غالبًا ما يُشار ضمنيًا إلى أنهم من ضحايا العنصرية (“الأشخاص الملونون” هو المصطلح المستخدم في الولايات المتحدة)، وهذا التصنيف في الحقيقة غامض.
  ومن بين الذين استطلع آراؤهم إيان هاني لوبيز وزملاؤه، عرّف 25 بالمائة أنفسهم بأنهم “أشخاص ملونون”، بينما يعتبر 32 بالمائة أنفسهم من البيض، و28 بالمائة يعارضون أي تسمية عرقية. الا ان التأييد لرسالة ترامب كان أقوى بكثير بين ذوي الأصول الإسبانية الذين لم يروا أنفسهم “ملونين».

   وتجدر الإشارة إلى أنه في الإحصاء الرسمي في الولايات المتحدة، فإن “لاتينوس” ليست فئة عرقية. الفئات الخمس هي السود والبيض والآسيوي والأمريكيون الأصليون وهاواي - البولينيزية. ويُعتبر اللاتينوس أصلًا اثنيا، وقد يكون هناك لاتينوس سود أو بيض أو آسيويين، وهكذا يختار اصحاب البشرة الفاتحة تعريف أنفسهم على أنهم “أصحاب بشرة ملونة” أم لا.
    على أرض الواقع، يرتبط الالتزام السياسي الديمقراطي للمجموعة الأمريكية اللاتينية ارتباطًا دقيقًا بالشعور بالانتماء إلى أقلية عرقية تعاني من التمييز. على سبيل المثال، في ولاية أريزونا، بدأ العديد من الشباب من أصل مكسيكي في التعبئة السياسية على اليسار بعد تمرير قانون عام 2010 يشجع الشرطة على تنفيذ التنميط العرقي.

   لكن في نفس الولاية، بين الشباب اللاتينوس الذين تقل أعمارهم عن 45 عامًا، قال حوالي 40 بالمائة إنهم يفكرون في التصويت لترامب. ويمكن ملاحظة أن العديد من الرجال اللاتينوس يعملون في الشرطة ووكالات الهجرة ومراقبة الحدود، وهي مؤسسات يميل أعضاؤها إلى التصويت لليمين. أما بالنسبة للنساء من أصول اسبانية، الخريجات والحاصلات على دبلوم، فإنهن يملن إلى تفضيل بايدن.
   الوضع مختلف في ولاية فلوريدا، وهي ولاية حاسمة بالنسبة للانتخابات الرئاسية، حيث يصوت السكان الكوبيون الأمريكيون بنسبة 58 بالمائة للجمهوريين، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن هذا المجتمع، الذي هرب من شيوعية فيدل كاسترو، يجد نفسه في الخطاب الجمهوري المناهض للاشتراكية. ويتهم إعلان مؤيد لترامب تم بثه باللغة الإسبانية في الإذاعة جو بايدن بأنه صديق للأنظمة الاشتراكية في كوبا وفنزويلا وينتهي بهذه الكلمات: “لا نريد الاشتراكية هنا!»

   غالبًا ما تحسم الانتخابات الرئاسية الأمريكية بعشرات الآلاف من الأصوات في بعض الولايات الحاسمة، ويمكن للناخبين اللاتينوس إحداث الفارق في مثل هذه “الولايات المتأرجحة” مثل بنسلفانيا، حيث يعيش العديد من سكان بورتوريكو. وقد انتقلوا اليها مؤخرًا بعد فرارهم من إعصار ماريا.

توحيد الناخبين الأمريكيين
   ولزيادة تصويت اللاتينوس لصالح الديمقراطيين، يعتقد إيان هاني لوبيز أن أفضل استراتيجية ليست شجب عنصرية ترامب، بل رسالة توحد الناخبين البيض وغير البيض ضد التفاوت الطبقي.
   وحسب رايه، منذ الستينات، ظل الحزب الجمهوري يتلاعب بالمخاوف العرقية للناخبين لتقسيم الطبقة العاملة -البيض ضد السود واللاتينوس -ثم تنفيذ سياسات تتعارض مع المصالح الاقتصادية لغالبية السكان. ومع ذلك، كان رد الديمقراطيين في كثير من الأحيان هو اتهام الحزب الجمهوري وناخبيه بالعنصرية، وهي استراتيجية لا تنجح، حتى مع الناخبين من أصل إسباني.
   «يجب التوقف عن الحديث عن القضايا العرقية على أنها صراع بين البيض والملونين، يوصي إيان هاني لوبيز، والبدء في الحديث عن هذه الديناميكيات العرقية كسلاح يستخدمه الأثرياء للتقسيم والغزو».