لم يقترب أي طرف من نقطة الانهيار
لهذا، لا حلّ للأزمة الأوكرانية على المدى القصير...!
-- لا أحد يعرف عدد القتلى، لكن معطيات تكشف أن مستوى الموت والدمار من الجانبين مرتفع جدا
-- هذه المرحلة من الحرب هي سباق لمعرفة الجانب الذي سيسقط أولاً
-- من المستحيل معرفة إلى متى سيستمر الصراع والأدهى العثور على من سيكون قادرًا على وقفه
-- ربما تنتهي هذه الحرب إذا نفد الوقود من القوات الروســية أو تثبط عزيمــة المقاومــة الأوكرانيــة
أصبح أكبر صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية حربًا دون هوادة. روسيا تدمر المدن الأوكرانية بالصواريخ والمدفعية؛ أوكرانيا تسحق الدبابات الروسية وخطوط الإمداد بأسلحة وطائرات مسيّرة أصغر. ربما يكون هناك عشرات الآلاف من القتلى على كلا الجانبين. لكن هذا لا يعني إطلاقا أن القتال على وشك التوقف. على العكس من ذلك، فإن الركام وسفك الدماء سيتكاثر بلا شك في الأيام والأسابيع المقبلة.
هذه هي الحقيقة المرّة: لدى كل من القادة والمقاتلين من الجانبين سبب للاعتقاد بأنه إذا استمروا في الصمود، فسينهار الموجودون على الجانب الآخر -وبالتالي قد يفوزون ببعض التنازلات الاضافية ويتباهون بنوع من الانتصار عندما يجثو الاثنان على الأرض، وقد نزفا حد الذبول، لينتهي بهما المطاف الى التفاوض على شروط السلام.
صراع لزج
لكل طرف على الأرجح نقطة انهيار. يقول الأوكرانيون لأنفسهم إن القوات الروسية، التي تجد قطاعات منها نفسها معزولة وبدون موارد كافية، ستجد نفسها في النهاية بدون غذاء وبدون ذخيرة ومعدات، ولن يكون بإمكانها مواصلة القتال. في المقابل، فإن الروس على قناعة بأن المقاومة الأوكرانية سيصيبها الوهن في الاخير، وأنّ المدن ستسقط، وأنّ حكومة كييف المحاصرة ستستسلم.
في الجملة، هذه المرحلة من الحرب، هي سباق لمعرفة الجانب الذي سيسقط أولاً. ويعتقد الجنرالات الأوكرانيون أن إمدادات القوات الروسية قد تنفد بحلول نهاية الأسبوع. ومن المفترض أن يساعد تسليم أسلحة جديدة إلى أوكرانيا -منها 800 مليون دولار من الأسلحة الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي -في استعادة المقاومة لزخمها لبعض الوقت.
ومع ذلك، فإن التدفقات الهائلة للاجئين، والمذابح الوحشية للمدنيين، والقصف المتواصل، واحتمال وصول قوات جديدة من شرق روسيا نحو منطقة الحرب، سيكون لها تأثير أيضًا على المواطنين الأوكرانيين.
لا أحد يعرف عدد القتلى، مدنيين أو جنود، حتى الآن. الاثنين 21 مارس، في صحيفة كومسومولسكايا برافدا بموسكو، قرأنا أن وزير الدفاع الروسي أكد مقتل 9861 جنديًا روسيًا وجرح 16153 جنديًا خلال الأسابيع الثلاثة من هذا الصراع الدائر. بالمقارنة، فقدت روسيا 15 ألف جندي خلال حربها التي استمرت عشر سنوات في أفغانستان.
ومع ذلك، سارعت الصحيفة إلى نشر تكذيب والادعاء بأن هذه كانت معلومة خاطئة تم تحميلها على الموقع بواسطة أحد القراصنة -وهو تفسير أثار فقط المزيد من الأسئلة (على سبيل المثال، إذا كانت هناك حقّا قرصنة، فهل المعلومات التي تم تقديمها صحيحة، أو هل كانت معلومة مضللة تهدف إلى إضعاف معنويات القراء الروس؟). تزعم الحكومة الأوكرانية مقتل 15 ألف روسي، في حين تتحدث المخابرات الأمريكية عن مقتل حوالي 7 آلاف شخص... لا أحد يعرف حقًا.
وفي الحالتين، وبغض النظر عن الأرقام الدقيقة، فإن سيلا من البيانات التي تم التحقق منها –صور ومقاطع فيديو بالايفون وصور أقمار صناعية وما إلى ذلك –تكشف بوضوح تام أن مستوى الموت والدمار من الجانبين قد وصل إلى مستوى مذهل.
ضبط الكمان
من المستحيل معرفة إلى متى قد يستمر هذا، وأكثر من ذلك، العثور على من سيكون قادرًا على إيقافه. لا يوجد كيان متفوق يمكنه التدخل وإجبارهما على التفاوض ووضع وقف لإطلاق النار ثم فرض اتفاق سياسي أو التوسط فيه. لقد تم إنشاء الأمم المتحدة للقيام بهذا النوع من الأشياء، ولكن حتى لو كان لديها ما يكفي من قوات حفظ السلام (وهو ليس كذلك)، فإن روسيا هي أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وبالتالي لا يمكن أن تلعب دور طرف ثالث محايد.
كما لا توجد دولة قوية ومؤثرة بما يكفي لتلعب هذا الدور كما فعل الرئيس جيمي كارتر، على سبيل المثال، في ترتيب محادثات القادة المصريين والإسرائيليين في كامب ديفيد عام 1978. ربما إذا فرض الرئيس بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ معًا اتفاقا على روسيا فلاديمير بوتين وأوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، سيأتي شيء ما -ولكن قبل ذلك، سيتعين على بايدن وشي ضبط كمانهما، ومن الواضح أننا بعيدون جدًا.
في غضون ذلك، لا أحد من الجانبين مستعد للاستسلام. قال زيلينسكي إنه منفتح على فكرة المحادثات المباشرة مع بوتين. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وضع بوتين خطة سلام من أربع نقاط، لكنها لم تكن جادة. فقد طالب أوكرانيا بالتخلي عن جميع خطط الانضمام إلى الناتو، والاعتراف بأن شبه جزيرة القرم روسيّة، ونزع السلاح، واستئصال النازية.
وسبق ان عرض زيلينسكي التخلي عن حلمه بالانضمام إلى حلف الناتو (تنازل لا يستهان به)؛ ويمكن أن تكون القرم موضوع مفاوضات واقعية؛ لكن مطالب بوتين الأخرى لا يمكن الدفاع عنها على الإطلاق. فقد يعني نزع السلاح سحب جميع الأسلحة التي قدمها الغرب، والتي ربما كانت نقطة نقاش مهمة قابلة للتناول قبل غزو بوتين، لكنها غير واردة الآن. وبما أن بوتين يدّعي أن كييف يديرها نازيون، فإن نزع النازية يعني انسحاب زيلينسكي وحكومته -وهذا أيضًا ليس خيارًا.
ربما تنتهي هذه الحرب إذا نفد الوقود من القوات الروسية أو تثبط عزيمة المقاومة الأوكرانية. لكن في الوقت الحالي، يبدو أن المعسكرين متورطان في معركة طويلة وعنيفة وشاقة.
-- هذه المرحلة من الحرب هي سباق لمعرفة الجانب الذي سيسقط أولاً
-- من المستحيل معرفة إلى متى سيستمر الصراع والأدهى العثور على من سيكون قادرًا على وقفه
-- ربما تنتهي هذه الحرب إذا نفد الوقود من القوات الروســية أو تثبط عزيمــة المقاومــة الأوكرانيــة
أصبح أكبر صراع أوروبي منذ الحرب العالمية الثانية حربًا دون هوادة. روسيا تدمر المدن الأوكرانية بالصواريخ والمدفعية؛ أوكرانيا تسحق الدبابات الروسية وخطوط الإمداد بأسلحة وطائرات مسيّرة أصغر. ربما يكون هناك عشرات الآلاف من القتلى على كلا الجانبين. لكن هذا لا يعني إطلاقا أن القتال على وشك التوقف. على العكس من ذلك، فإن الركام وسفك الدماء سيتكاثر بلا شك في الأيام والأسابيع المقبلة.
هذه هي الحقيقة المرّة: لدى كل من القادة والمقاتلين من الجانبين سبب للاعتقاد بأنه إذا استمروا في الصمود، فسينهار الموجودون على الجانب الآخر -وبالتالي قد يفوزون ببعض التنازلات الاضافية ويتباهون بنوع من الانتصار عندما يجثو الاثنان على الأرض، وقد نزفا حد الذبول، لينتهي بهما المطاف الى التفاوض على شروط السلام.
صراع لزج
لكل طرف على الأرجح نقطة انهيار. يقول الأوكرانيون لأنفسهم إن القوات الروسية، التي تجد قطاعات منها نفسها معزولة وبدون موارد كافية، ستجد نفسها في النهاية بدون غذاء وبدون ذخيرة ومعدات، ولن يكون بإمكانها مواصلة القتال. في المقابل، فإن الروس على قناعة بأن المقاومة الأوكرانية سيصيبها الوهن في الاخير، وأنّ المدن ستسقط، وأنّ حكومة كييف المحاصرة ستستسلم.
في الجملة، هذه المرحلة من الحرب، هي سباق لمعرفة الجانب الذي سيسقط أولاً. ويعتقد الجنرالات الأوكرانيون أن إمدادات القوات الروسية قد تنفد بحلول نهاية الأسبوع. ومن المفترض أن يساعد تسليم أسلحة جديدة إلى أوكرانيا -منها 800 مليون دولار من الأسلحة الجديدة التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن الأسبوع الماضي -في استعادة المقاومة لزخمها لبعض الوقت.
ومع ذلك، فإن التدفقات الهائلة للاجئين، والمذابح الوحشية للمدنيين، والقصف المتواصل، واحتمال وصول قوات جديدة من شرق روسيا نحو منطقة الحرب، سيكون لها تأثير أيضًا على المواطنين الأوكرانيين.
لا أحد يعرف عدد القتلى، مدنيين أو جنود، حتى الآن. الاثنين 21 مارس، في صحيفة كومسومولسكايا برافدا بموسكو، قرأنا أن وزير الدفاع الروسي أكد مقتل 9861 جنديًا روسيًا وجرح 16153 جنديًا خلال الأسابيع الثلاثة من هذا الصراع الدائر. بالمقارنة، فقدت روسيا 15 ألف جندي خلال حربها التي استمرت عشر سنوات في أفغانستان.
ومع ذلك، سارعت الصحيفة إلى نشر تكذيب والادعاء بأن هذه كانت معلومة خاطئة تم تحميلها على الموقع بواسطة أحد القراصنة -وهو تفسير أثار فقط المزيد من الأسئلة (على سبيل المثال، إذا كانت هناك حقّا قرصنة، فهل المعلومات التي تم تقديمها صحيحة، أو هل كانت معلومة مضللة تهدف إلى إضعاف معنويات القراء الروس؟). تزعم الحكومة الأوكرانية مقتل 15 ألف روسي، في حين تتحدث المخابرات الأمريكية عن مقتل حوالي 7 آلاف شخص... لا أحد يعرف حقًا.
وفي الحالتين، وبغض النظر عن الأرقام الدقيقة، فإن سيلا من البيانات التي تم التحقق منها –صور ومقاطع فيديو بالايفون وصور أقمار صناعية وما إلى ذلك –تكشف بوضوح تام أن مستوى الموت والدمار من الجانبين قد وصل إلى مستوى مذهل.
ضبط الكمان
من المستحيل معرفة إلى متى قد يستمر هذا، وأكثر من ذلك، العثور على من سيكون قادرًا على إيقافه. لا يوجد كيان متفوق يمكنه التدخل وإجبارهما على التفاوض ووضع وقف لإطلاق النار ثم فرض اتفاق سياسي أو التوسط فيه. لقد تم إنشاء الأمم المتحدة للقيام بهذا النوع من الأشياء، ولكن حتى لو كان لديها ما يكفي من قوات حفظ السلام (وهو ليس كذلك)، فإن روسيا هي أحد الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، وبالتالي لا يمكن أن تلعب دور طرف ثالث محايد.
كما لا توجد دولة قوية ومؤثرة بما يكفي لتلعب هذا الدور كما فعل الرئيس جيمي كارتر، على سبيل المثال، في ترتيب محادثات القادة المصريين والإسرائيليين في كامب ديفيد عام 1978. ربما إذا فرض الرئيس بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ معًا اتفاقا على روسيا فلاديمير بوتين وأوكرانيا فولوديمير زيلينسكي، سيأتي شيء ما -ولكن قبل ذلك، سيتعين على بايدن وشي ضبط كمانهما، ومن الواضح أننا بعيدون جدًا.
في غضون ذلك، لا أحد من الجانبين مستعد للاستسلام. قال زيلينسكي إنه منفتح على فكرة المحادثات المباشرة مع بوتين. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، وضع بوتين خطة سلام من أربع نقاط، لكنها لم تكن جادة. فقد طالب أوكرانيا بالتخلي عن جميع خطط الانضمام إلى الناتو، والاعتراف بأن شبه جزيرة القرم روسيّة، ونزع السلاح، واستئصال النازية.
وسبق ان عرض زيلينسكي التخلي عن حلمه بالانضمام إلى حلف الناتو (تنازل لا يستهان به)؛ ويمكن أن تكون القرم موضوع مفاوضات واقعية؛ لكن مطالب بوتين الأخرى لا يمكن الدفاع عنها على الإطلاق. فقد يعني نزع السلاح سحب جميع الأسلحة التي قدمها الغرب، والتي ربما كانت نقطة نقاش مهمة قابلة للتناول قبل غزو بوتين، لكنها غير واردة الآن. وبما أن بوتين يدّعي أن كييف يديرها نازيون، فإن نزع النازية يعني انسحاب زيلينسكي وحكومته -وهذا أيضًا ليس خيارًا.
ربما تنتهي هذه الحرب إذا نفد الوقود من القوات الروسية أو تثبط عزيمة المقاومة الأوكرانية. لكن في الوقت الحالي، يبدو أن المعسكرين متورطان في معركة طويلة وعنيفة وشاقة.