لوموند: السياسة الأوروبية لاسترضاء أردوغان... ستكلف غالياً

لوموند: السياسة الأوروبية لاسترضاء أردوغان... ستكلف غالياً


تعليقاً على اجتماع الاتحاد الأوروبي الافتراضي حول تركيا، قالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن بروكسل تُثير استياء الشعب التركي، بدفاعها عن “أجندة أكثر إيجابية” مع أنقرة، حتى لو كانت تعني إهمال القيم.
وأضافت الصحيفة أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يفرض، بداية من ضواحي المدن الأوروبية إلى ليبيا، وشمال العراق، سياساته القسرية والمتطرفة منذ أشهر، ويطعن النظام الدولي، دون أن يقدر أحد  على إيقافه حتى أصبحت تركيا مصدر قلق حقيقي لشركائها الأوروبيين.

العقوبات أم التهدئة
وينقسم القادة الأوروبيون حول الاستراتيجية التي يجب تبنيها، مع هذا الحليف الإشكالي. وحتى الآن، أيّدت بعض الدول الأعضاء، مثل فرنسا، واليونان، وقبرص، فرض العقوبات على تركيا، بينما اعتمدت  أخرى، مثل ألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، على مبادرات دبلوماسية لتهدئة الحماسة القتالية لرجل تركيا الأول الذي أثارت سفنه النزاع طيلة الصيف الماضي في شرق البحر المتوسط.
و في جلسة المجلس الأوروبي السابقة في ديسمبر(كانون الأول) 2020، بُحث فرض عقوبات، خاصةً على المديرين التنفيذيين لشركة البترول التركية المسؤولة عن التنقيب عن الغاز في المياه اليونانية والقبرصية.
وأوضح دبلوماسي أوروبي أن “قائمة طويلة نسبياً من المسؤولين الأتراك المعرضين للعقوبات بدأت في الانتشار بمبادرة من ثلاث دول أعضاء، بينها فرنسا، لكن هذه القائمة في النهاية لم تلق موافقة كل الأطراف».

اللهجة البناءة
من الآن فصاعداً، يبدو أن الأفضلية هي لسياسة التهدئة، فلم يذكر جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، شيئاً آخر في خارطة الطريق التي كشف النقاب عنها في  22 مارس (آذار) الجاري، وهو يوصي بالتعاون بشكل أكبر في قضية الهجرة، ربما لإرضاء أنقرة بتقديم “الجزرة” التي يراهن عليها الأوروبيون، أي تحديث اتفاقية الاتحاد الجمركي لتعزيز التجارة مع القارة العجوز. يريد القادة الأوروبيون أن يؤمنوا بـ “اللهجة البناءة” التي اعتمدتها تركيا أخيراً، والتي أصبحت فجأة أكثر تعاطفاً مع الذين أهانتهم أنقرة بالأمس، عندما وصفت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بـ”النازية”، ونصحت الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بـ”العلاج». وأخيراً، لم يتوقّف أردوغان عن الرغبة في فتح “صفحة جديدة” مع أوروبا، وذهب إلى حد الوعد بإصلاحات لتحسين حقوق الانسان.

الاتجاه المعاكس
لا يهم إذا كانت التطورات الداخلية الأخيرة تسير في الاتجاه المعاكس، كما يتّضح من الحظر المخطط لحزب “الشعوب الديمقراطي” الموالي للأكراد، أو قوة المعارضة الثانية في البرلمان التركي، أو حتى الانسحاب من اتفاقية اسطنبول، المعاهدة الأوروبية التي يفترض أن تحمي النساء من العنف القائم على النوع الاجتماعي. إن الأجندة الإيجابية كلفة عالية، فقد تراجعت مسألة القيم، وأصبح على الأتراك الذين آمنوا بها من الشباب، والنساء، وممثلي الأقليات، والمدافعين عن حقوق الإنسان أن يتحملوها، أو أن يطلبوا اللجوء السياسي في أوروبا.
 تعهدات
لكن الأمر الأكثر أهمية، يوجد في مكان آخر، وفيما يتعلق بالتباهي التركي في شرق البحر المتوسط، وهي المسألة التي تشغل بال الزعماء الأوروبيين، قدّمت أنقرة تعهّدات، وهذا ما يهم. بادئ ذي بدء، أعيدت السفن التركية، التي أثارت اليونان وقبرص حول حقول الغاز، كما استُؤنفت المحادثات المباشرة بين أثينا وأنقرة المتوقفة منذ 2016. استقبلت أنجيلا ميركل هذا النهج التصالحي، وتردّدت في الدخول في صراع مع أردوغان مع استعدادها لترك منصبها.
وتتفوق الفكرة القائلة إن تركيا حليف استراتيجي أساسي، وحارس الحدود الأوروبية، والتي تدعمها بروكسل لاستبقاء 3.6 ملايين لاجئ سوري، على بقية النقاشات.

نهج تصالحي
ويعزز هذا النهج التصالحي أن الإدارة الأمريكية الجديدة، حثت بروكسل على الامتناع عن فرض عقوبات، في وقت تبدو فيه تركيا مستعدة لتقديم تنازلات.
ويعتزم الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي سيحضر اجتماع المجلس الأوروبي عن بعد، تعزيز العلاقة مع “الناتو” التي تضررت في عهد سلفه دونالد ترامب. وشدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين على أن دور تركيا في الحلف يصب في صالح أردوغان، ولكن “امتلاك أنظمة صواريخ روسية من طراز S-400 لا تتوافق مع دفاعات الناتو، والتنقيب عن الغاز تحت حراسة عسكرية في شرق البحر المتوسط، وإرسال معدات عسكرية، ومرتزقة سوريين إلى ليبيا، والقوقاز، يسيء لدور تركيا الحليف المهم”، حليف لا تستبعد الولايات المتحدة الاعتماد عليه، في مواجهة مقبلة محتملة مع إيران.