ليبيا.. هل تنصاع «قوى الأمر الواقع» في طرابلس للترتيبات الأمنية والقانونية؟

ليبيا.. هل تنصاع «قوى الأمر الواقع» في طرابلس للترتيبات الأمنية والقانونية؟


لا تزال قدرة المجلس الرئاسي الليبي على استعادة النظام في العاصمة طرابلس موضع تشكيك، نظرا للواقع الميداني الذي تحكمه «قوى الأمر الواقع»، التي تمتلك السلاح خارج أجهزة الدولة، وتنازع الصلاحيات مع حكومة الوحدة المؤقتة.
وكشفت مصادر أمنية لـ»إرم نيوز» عن سحب مجموعات مسلحة، بما فيها جهاز الأمن العام، وقوة الردع، وقوات أخرى، تمركزاتها من قرب خطوط التماس، وعودتها إلى مقراتها الرئيسة مساء الخميس، بناءً على قرار من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي يمنع بموجبه أي مظاهر مسلحة، مع تكليف مديرية أمن طرابلس والشرطة العسكرية بالانتشار لفرض الأمن.
وفرضت اشتباكات طرابلس قبل أسابيع، منذ مقتل رئيس جهاز دعم الاستقرار عبد الغني الككلي، رسم ما يسمى بـ»خطوط التماس» بين مناطق نفوذ القوتين المتمركزتين غربي المدينة وشرقيها وجنوبها، من طرف لجنة فض النزاع، لمنع تجدد المواجهات بين عناصر مسلحة من «قوة الردع» و»اللواء 444».
وباتت حاليا دوريات إدارة إنفاذ القانون بالإدارة العامة للعمليات الأمنية موجودة في مناطق التماس بالعاصمة طرابلس على مدار الساعة، تنفيذا للتعليمات الصادرة وفقا لترتيبات وقف إطلاق النار، بهدف المحافظة على الأمن وحماية الممتلكات العامة والخاصة.
ويتبع اللواءان «444 قتال» و»111 مجحفل» لوزارة الدفاع بحكومة الوحدة، وقوة الأمن العام تابعة لوزارة الداخلية، أما جهاز دعم الاستقرار السابق وجهاز الردع فيتبعان المجلس الرئاسي.
ورغم ذلك، يُنظر إلى الوضع الأمني على أنه شديد الهشاشة، في ظل عدم التزام بعض الميليشيات القوية به، وإصرارها على تحريك قواتها، وعدم انسجام قرارات رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة مع تدابير المنفي، حيث يواصل الاعتماد على بعض التشكيلات المسلحة في معارك استعادة النفوذ، مثل اتفاق مصراتة، الذي أتاح له تخندق قادة عسكريين إلى جا
ونصّ قرار المنفي على منع تحرك الألوية والتشكيلات العسكرية داخل المدينة «تحت أي ذريعة كانت»، مؤكدا أن ضبط الأمن وفرض النظام سيكونان من اختصاص مديرية أمن طرابلس والشرطة العسكرية فقط.
وبدأ المنفي اتخاذ إجراءات أكثر صرامة للحد من الانفلات الأمني، وقد عقد الاجتماع الأول من نوعه في طرابلس مع «اللجنة المؤقتة للترتيبات الأمنية والعسكرية» المُشكّلة بقرار رئاسي.
وسبق ذلك اجتماع بين مدير أمن طرابلس ولجنة الترتيبات الأمنية، وخلص إلى تولّي المديرية إعداد خطة أمنية لتأمين العاصمة، عقب إنهاء اللجنة عملية الإشراف على انسحاب جميع المظاهر المسلحة وعودة الآليات العسكرية إلى مقراتها.
وأكد الخبير العسكري الليبي، عادل عبد الكافي، في تصريح لـ»إرم نيوز»، أن الوضع في طرابلس ذاهب إلى التهدئة، عقب إصدار عدة قرارات من المجلس الرئاسي؛ لأنه جزء أصيل من حل هذه الإشكالية، حيث أرجع ما تعانيه المدينة من فوضى أمنية إلى المجلس السابق برئاسة فايز السراج، الذي منح الشرعية لبعض التشكيلات المسلحة لتكون تابعة للمجلس الرئاسي؛ ما أثار تداخل الصلاحيات مع الحكومة وفاقم الأوضاع الأمنية.
ولفت عبد الكافي إلى وجود ترتيبات أمنية وقانونية لنزع فتيل الأزمة، وإعادة جميع الأسلحة والمقاتلين إلى مقراتهم، ومحاكمة كل من ارتكب جرائم، وإخلاء سبيل كل من تم القبض عليهم ولم يُعرضوا على النيابة أو يُقدموا للقضاء الليبي.
وتزامنا مع ذلك، أعلن مكتب النائب العام تحريك دعوى جنائية ضد عدد من عناصر جهازي الأمن المركزي ودعم الاستقرار، إلى جانب وحدات أمنية مرتبطة بهما، بعد الانتهاء من التحقيقات في 121 واقعة، ضمن اختصاص لجنة التحقيق المعنية بالانتهاكات.
وقد أثبتت التحقيقات وقوع جرائم قتل وتعذيب وخطف واحتجاز تعسفي، ثبتت مسؤولية 141 متهما عن وقوعها، وصدرت بحقهم مذكرات اعتقال، في حين جرى تجديد أوامر توقيف سابقة بحق آخرين لا يزالون مطلوبين للتحقيق منذ سنوات.