تحت رعاية رئيس الدولة.. خالد بن محمد بن زايد يشهد حفل تخريج جامعة خليفة لعام 2025
ما بعد خط النهاية: رحلة أحمد الحارثي في لومان — فخر يتجسد وشغف لا ينطفئ
فيما تتجه أنظار العالم نهاية هذا الأسبوع في 14 و15 يونيو نحو حلبة لا سارت، يعود البطل العُماني أحمد الحارثي للمشاركة للمرة الثالثة في سباق لومان الأسطوري 24 ساعة، حيث سيقود هذا العام سيارة BMW M4 GT3 ضمن فريق WRT. فبعدما سبق له أن اعتلى منصة التتويج في لومان ونال بعدها دعماً من BMW عُمان وBMW الشرق الأوسط والشركاء المحليين، يواصل أحمد الحارثي رفع راية سلطنة عُمان عالياً في مجال رياضة السيارات العالمية. وفي هذه المناسبة، أجرت معه مجموعة BMW الشرق الأوسط مقابلة قبيل موعد انطلاق سباق هذا العام، وتحدثت معه عن استعداداته للفعالية وعن شغفه واعتزازه الوطني.
"أحمد، هذه هي مشاركتك الثالثة في سباق لومان. ما الذي يمثله هذا الحدث بالنسبة لك على المستوى الشخصي، وكيف تصف شعورك بتمثيل سلطنة عُمان في واحد من أبرز سباقات رياضة السيارات العالمية؟"
بكل صراحة، أشعر بسعادة غامرة وتأثر كبير لعودتي إلى لومان للمرة الثالثة. هذا السباق يحمل مكانة خاصة جداً في قلبي، وقد تابعته منذ طفولتي بشغف كبير. لومان ليس مجرد سباق، بل هو تجربة متكاملة تجمع بين التحدي، والقدرة، والشغف الحقيقي بالقيادة. أن أكون جزءاً من هذا الحدث العالمي وأن أُمثل سلطنة عُمان، ودول مجلس التعاون الخليجي، والعالم العربي هو مصدر فخر عظيم لي. إنها فرصة لا تُقدّر بثمن لأن أرفع اسم بلدي في واحدة من أعظم ساحات رياضة السيارات في العالم، وأتطلع بكل حماس لخوض هذه التجربة من جديد.
"منذ اعتلائك منصة التتويج في أول مشاركة لك في لومان عام 2023، كيف عملت على تطوير نفسك كسائق من النواحي التقنية والبدنية والذهنية، خصوصاً وأنت الآن تخوض السباق ضمن فئة LMGT3 عالية التنافسية مع BMW؟"
لا شكّ في أنني قطعت شوطاً طويلاً منذ ذلك السباق الأول. كانت انطلاقتي في لومان تجربة استثنائية، واعتلائي منصة التتويج في أول سباق 24 ساعة أشارك فيه كان لحظة لا تُنسى وما زلت أشعر بالقشعريرة كلما تذكّرت تلك اللحظات. السباق كان مليئاً بالمشاعر والتحديات، وأشعر أن تلك التجربة شكّلت أساساً لما أقدّمه اليوم.
في 2024، خضت أول سباق لي مع BMW هنا في لومان، وكانت انطلاقتنا واعدة، لكن الظروف الجوية أثّرت علينا كثيراً. نشعر أن هناك شيئاً لم ننجزه بعد، وهذا الإحساس بالمسؤولية يدفعنا للعمل بتركيز أكبر وشغف أقوى.
من الناحية الشخصية، أشعر أنني أنضج كسائق مع كل سباق أخوضه، وخاصة في سباقات التحمل. ورغم أنني شاركت في العديد من سباقات الـ24 ساعة، يبقى سباق لومان مختلفاً، فهو يضعك أمام تحديات لا تشبه غيرها. من حيث اللياقة البدنية، أنا في أفضل حالاتي، لكن الجانب الذهني هو الأصعب. الحلبة تتطلّب تركيزاً عالياً لأن السرعات فيها تبقى عالية جداً لفترات طويلة، ومع وجود سيارات Hypercar فائقة الأداء تشاركنا المسار، يصبح الحفاظ على التركيز والاستجابة السريعة أمراً حاسماً.
كل عام نعود فيه إلى لومان، نشعر بأننا أكثر خبرة وأقوى من العام الذي قبله. الهدف دائماً هو الاستفادة من كل تجربة، والتعلّم من كل لفة وكل منعطف فالتطور في هذا النوع من السباقات لا يتوقف أبداً.
"أحمد، ما أول ما يخطر لك عندما تجلس خلف مقود سيارتك الـBMW M4 LMGT3، وخاصةً في لومان؟"
سؤال صعب. ما يخطر ببالي أولاً هو شعور الامتنان العميق لكوني أتشارك الحلبة مع أسماء كبيرة ولامعة في عالم رياضة السيارات. في مثل هذه اللحظات، تعود بي الذاكرة إلى بداياتي، وتغمرني مشاعر مختلطة بين الفخر والتأمل.
الحماس الذي أشعر به عند الانطلاق بسرعات عالية لا يوصف. إنها لحظات استثنائية وتحديات فريدة لا تشبه أي شيء آخر. الأصوات، المشاهد، وحتى الأجواء التي تحيط بك في لومان، كلها مختلفة تماماً عن أي حلبة أخرى في العالم.
لدي عادات خاصة أحرص على ممارستها في عطلات نهاية الأسبوع الخاصة بالسباقات، وهي تمنحني نوعاً من الاتّزان والتركيز، ولا يختلف الأمر هنا، بل ربما يزداد عمقاً في هذا السياق الاستثنائي.
هذا سباق الـ24 ساعة الثالث بالنسبة إليّ، لكنني سبق أن شاركت في سباق "الطريق إلى لومان" عامي 2017 و2019، وكنت محظوظاً باعتلاء منصة التتويج ثلاث مرات من أصل أربع. أشعر بأنّني كنت محظوظاً جداً في هذا السباق، وآمل أن أواصل نجاحاتي عام 2025.
"سباقات التحمّل هي بلا شك رياضة جماعية بامتياز. كيف تصف مستوى التناغم والتفاهم بينك وبين زملائك في فريق WRT قبل انطلاق سباق هذا العام، وبخاصة مع أسماء بارزة مثل فالنتينو روسي وكلفن فان دير لينده؟"
لقد طرحت نقطة محورية بالفعل: العمل الجماعي. في سباقات التحمّل، لا يمكن تحقيق الفوز أو الوصول إلى نتائج مميزة خلال عطلة نهاية الأسبوع من دون تعاون وانسجام تام بين جميع أفراد الفريق. فالأمر لا يقتصر على السائقين الثلاثة فقط، بل يشمل الطاقم الفني، وفِرَق الهندسة، وكل من يساهم في دعم الفريق.
النجاح يتطلب أن نعمل كمنظومة واحدة متناغمة. وما يميّز فريق WRT حقاً هو هذا الانسجام العميق بين أفراده وهو ما يمنحنا ميزة حقيقية بالمقارنة مع العديد من الفرق الأخرى على الحلبة.
نمضي وقتاً طويلاً معاً، وهذا القرب يبني بيننا علاقة أشبه بعائلة بعيداً عن الوطن. ما يربطنا لا يقتصر على رؤية أحدنا الآخر في سيارة السباق، بل يكمن في ما يجري خلف الكواليس حيث تنشأ الثقة الحقيقية وروح الفريق.
هذا الانسجام يمنحنا القدرة على العمل بكفاءة أكبر. فسباقات التحمّل، رغم ما تبدو عليه من سرعة، هي في جوهرها رحلة طويلة تتطلب تعاوناً أكثر من الاعتماد على السائق الأسرع فقط. النجاح لا يأتي من الأداء الفردي، بل من فريق متكامل يعرف كيف يوزّع الجهد ويعمل بانسجام. نحن نكمل بعضنا البعض، وبدلاً من التركيز على بروز سائق واحد، نركّز على جعل السيارة بأكملها تنافسية وسريعة قدر الإمكان.
"حظيت بدعم كبير من BMW عُمان طوال مسيرتك. ما مدى أهمية هذا الدعم المحلي في مساعدتك على المنافسة على أعلى المستويات في سباقات التحمّل؟"
منذ اللحظة التي أعلنا فيها عن شراكتي مع BMW، كان هناك الانسجام رائعاً بيننا. الدعم الذي أتلقاه منBMW، سواء على الحلبة أم خارجها، يحمل قيمة كبيرة بالنسبة لي. أشعر بالفخر لكوني سفيراً لهذه العلامة التجارية العريقة، التي كنت من محبّيها منذ الصغر. أن أحظى بدعم جهة مصنّعة من منطقتي، ومن بلدي في الشرق الأوسط، هو أمر أعتز به كثيراً.
واليوم، بعد أكثر من عام ونصف على انضمامي إلى عائلة BMW، أشعر وكأنني أصبحت أتكلم لغتها. من الرائع أن أشارك تجاربي مع عملاء BMW، وأعضاء نوادي M، ومحبي علامة M بشكل عام. الحديث لا يقتصر على السباقات، بل يمتد إلى مناقشة أداء السيارات، والعلاقة العاطفية التي تربطنا بها كسائقين ومشجعين على حد سواء. وأرى أن من المهم جداً لعشاق BMW M أن يخوضوا تجارب قيادة حقيقية في بيئة آمنة مثل حلبات السباق ليكتشفوا إمكانات سياراتهم بأمان ومتعة في الوقت نفسه.
"ما الرسالة التي تودّ توجيهها إلى الرياضيين العرب والعمانيين الشباب الذين يتابعون مسيرتك، وخاصةً أولئك الذين يحلمون بالتنافس دولياً؟"
الرسالة الأهمّ أنه لا طرقات مختصرة في رياضة السيارات. ونحن نرغب في رؤية المزيد من السائقين العرب يحققون النجاحات. لدينا أفضل حلبات السباق في العالم، وقد حان الوقت لتطوير هؤلاء السائقين بشكل صحيح من دون اللجوء إلى طرقات مختصرة. للوصول إلى لومان، يجب ارتقاء السلّم تدريجياً، وآمل أن يمهّد وجودي هنا الطريق لذلك.
أودّ أن أشجّع الجيل الشاب على الإيمان بقدرته على الوصول إلى هنا وتحقيق أحلامه. الأمر يتطلب وقتاً، وعلينا أن ندرك أن هذه الأمور لا يمكن تحقيقها بين ليلة وضحاها. الدرب صعب، ولكنه يستحق العناء.
"أنت مصدر إلهام لكثيرين. نعلم أنّ مسيرة الوصول إلى ما أنت عليه الآن لم تكن سهلة، ونحن نقدّر ذلك. نحن فخورون بك جداً ونتمنى لك التوفيق"
شكراً لكم! أنا أبذل قصارى جهدي. أودّ أن أنتهز هذه الفرصة لأشكر عائلتي على إيمانها بي ودعمها لي. يحتاج المرء إلى عائلة لدعمه في أحلامه ومساعدته على مواجهة الصعاب على مرّ السنين. كما أود أن أشكر كل من دعمني، بما في ذلك BMW عُمان، وBMW الشرق الأوسط، وكافة الرعاة والهيئات الحكومية. حتى أولئك الذين ربما لم يعودوا معنا الآن أدّوا دوراً مهماً في غرس بذور النجاح في هذه المسيرة، وأنا ممتنّ لكل هذا الدعم.
خلف أحمد الحارثي تقف أمة بكاملها تشاركه التطلّعات بمزيد من النجاح، حيث يستعدّ المتسابق الذي شارك إلى الآن مرتين في سباق لومان ليخطّ فصلاً جديداً في مسيرته المميزة في عالم السباقات. فسواء كنتم تشاهدون الحدث من المدرّجات أم مباشرةً من عُمان، يبقى أمر واحد أكيد، وهو أنّ الحارثي يتسابق من أجل هدف يتجاوز بأهميته اجتياز خط النهاية!